Wednesday, 17 December 2008

ديلي لـ«الحياة»: هزمنا «القاعدة» في العراق ... والجزائر «أفلست» فرعها المغاربي

«منسق مكافحة الإرهاب» الأميركي يعلن «انتصارات» ويقر بـ«إخفاقات» ... ويكشف عن «سيناريوات» لاحتمال انتقال قادة تنظيم بن لادن «من باكستان» إلى الصومال أو اليمن ... الجنرال ديلي لـ«الحياة»: هزمنا «القاعدة» في العراق ... والجزائر «أفلست» فرعها المغاربي
واشنطن - كميل الطويل الحياة - 17/12/08//
ما زال «الجنرال» الآتي من قيادة «العمليات الخاصة» في الجيش الأميركي عسكرياً في جوهره، على رغم ارتدائه بذلة مدنية وتوليه منصب «سفير». فالمهمة التي يتولاها الجنرال ديل ديلي في وزارة الخارجية الأميركية ليست «مدنية» بالمرة. ربما لم تعد «عسكرية» تماماً، لكنها «أمنية» بكل معنى الكلمة. إنها مهمة «منسّق مكافحة الإرهاب» في «مقر قيادة» الديبلوماسية الأميركية.يُقر «الجنرال ديلي» بنكسات تعرّضت لها سياسات بلاده على مدى السنوات الثماني الماضية من «حربها العالمية ضد الإرهاب». يستخدم أحياناً عبارة «اخفاقات»، لكنه يحاول في الإجمال الاستعاضة عنها بحديثه عن «تحديات» تواجهها إدارة جورج بوش، الرئيس المنتهية ولايته. لكن ديلي، في لقاء مطوّل مع «الحياة» في مكتبه في واشنطن، يقدّم شرحاً مفصلاً لحروب بلاده ضد «القاعدة» في معظم بقاع الأرض، ويخلص إلى أن تنظيم أسامة بن لادن مُني بهزائم لا تُحصى. «القاعدة في العراق»، كما يقول، «هُزمت» هزيمة لا غبار عليها. والأمر ذاته ينطبق على فرع «القاعدة» في السعودية التي قال إنها حققت «انتصارات» ضد هذا التنظيم ليس فقط على الصعيد الأمني من خلال «اختراق خلاياه» وتفكيكها، بل أيضاً في مجال «مكافحة التطرف الديني» وعملية نصح حاملي الفكر المتشدد لإقناعهم بالتخلي عنه. يقول ديلي إن فرع «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي يواجه بدوره «إفلاساً» نتيجة جهود السلطات الجزائرية لمكافحته.ويكشف منسق مكافحة الإرهاب الأميركي الذي يعمل مع طاقم من نحو 70 شخصاً وموازنة تُقدّر بـ 200 مليون دولار في السنة، أن بلاده أعدّت «سيناريوات» لاحتمال انتقال قادة تنظيم «القاعدة» إلى خارج «مناطق القبائل الباكستانية»، مشيراً إلى اليمن والصومال ومناطق في بلاد ما وراء الصحراء الكبرى في أفريقيا كأمكنة يُمكن أن ينتقل إليها قادة تنظيم بن لادن.وفي ما يأتي نص المقابلة مع السفير ديلي وفيها «تشريح» مفصّل لخريطة «الحرب ضد الإرهاب»:
> بعد ثماني سنوات من إعلانكم «الحرب العالمية ضد الإرهاب»، ما هي أبرز نجاحاتكم وإخفاقاتكم؟
- أعتقد ان النجاحات كانت بالغة الوضوح، وأكثرها وضوحاً هو التراجع في (نسبة) عمليات الإرهاب. إذا وضعت العمليات القتالية في العراق وأفغانستان جانباً، فإنك ستجد أن العام 2007 شهد تراجعاً في عمليات مكافحة الإرهاب في إطار عالمي. وتحليلنا هذا، وهو تحليل موضوعي، دعمه مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) الجنرال مايك هايدن بعد شهور من إعلاننا نتائج هذا التحليل، مؤكداً بدوره حصول تراجع في (عمليات) الإرهاب. وإننا نعتقد أن عمليات مكافحة الإرهاب كانت ناجحة، كما أن الإرهاب نفسه يتراجع. هذا الشيء الجيد. لكن الشيء السيئ هو استمرار حصول عمليات إرهابية دراماتيكية تخطف أنظار العالم من خلال فرض نفسها على شبكات التلفزيون ووسائل الإعلام. وأفضل مثال على ذلك ما حصل في مومباي، وقبله في باجور (باكستان)، والهجمات في الجزائر وفي العراق، وحتى في بريطانيا. لذلك فإن الكفاح ضد الإرهاب ليس كله نجاحات، فهناك إخفاقات أحياناً، لكن إجمالاً كنا ناجحين جداً.
> ولكن بعد مرور ثماني سنوات على «الحرب ضد الإرهاب»، ألا تعتبر أن استمرار الهجمات في أنحاء العالم يمثل فشلاً لهذه الحرب؟
- أعتقد ان النشاطات العالمية ضد الإرهاب كانت ناجحة. لقد ارتفعت درجة الوعي لدى الدول بمخاطر الإرهابيين. فعلى سبيل التذكير، الإرهاب ليس بالضرورة موجهاً ضد الولايات المتحدة. هناك دول عدة مستهدفة، وهذه صار لديها وعي بأنها قد تكون هدفاً، الأمر الذي زاد من نشاطها في مكافحة الإرهاب ورفع من قدراتها الاستخباراتية وقدرات وكالات الأمن ومكافحة الإرهاب لديها، كما دفعها إلى تبني تشريعات لمكافحة الإرهاب، والانضمام إلى جهد دولي لمكافحة تمويل الإرهاب. كذلك اتُخذت إجراءات عديدة في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) ساهمت في تأمين أفضل للحدود، وتنظيم افضل للإشراف على جوازات السفر، وتبادل أفضل للمعلومات بين دولتين. لذلك فإنني أعتقد أن هناك آليات كثيرة صارت متوافرة للدول، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، لتسمح بأن تكون الجهود العالمية ضد الإرهاب ناجحة.
> كيف تصف مستوى التعاون في مجال مكافحة الارهاب بين الولايات المتحدة والدول العربية؟
- أستطع القول إننا سعداء بمدى التعاون الذي نلقاه من الدول العربية في مجال مكافحة الإرهاب لأن العديد منها يعرف أن «القاعدة» تستهدفه. «القاعدة» في فلسفتها تعتبر أميركا «العدو البعيد»، في حين تعتبر أن «العدو القريب» هو الدول التي إما أن تكون متعاونة مع الولايات المتحدة وإما أن تكون رافضة للتفسير الذي تقدمه «القاعدة» للدين الإسلامي. وهناك دول عديدة على امتداد الشرق الأوسط وأفريقيا الشرقية والشمالية كلها تقع في إطار ما يعتبره إرهابيو القاعدة دولاً مرتدة ويهاجمونها. وبما أن هذه الدول تعرف انها هدف الآن لـ «القاعدة» فإن تعاونها ازداد إلى درجة كبيرة.
> لقد زرت ليبيا السنة الماضية - هل كنت متفاجئاً بالعدد الكبير لـ «الجهاديين الليبيين» الذي ذهبوا إلى العراق، بحسب ما كشفت «سجلات سنجار»؟
- كان ذلك مفاجئاً فعلاً. فهناك ما بين 150 إلى 160 شخصاً إرهابياً تركوا بلدهم ليبيا وذهبوا إلى العراق من خلال «قناة دمشق». نعم، فوجئنا بذلك، وفي الحقيقة فوجئنا أن معظمهم جاء من منطقة درنة في شرق ليبيا (التي جاء منها أكثر من 50 شخصاً من بين 122 وردت اسماؤهم في ملفات سنجار). ومنذ ذلك الوقت، اتخذت ليبيا إجراءات جيدة، وتابعت المعلومات التي قُدمت إليها. كانت لديهم (المسؤولين الليبيين) أسبابهم التي تدعوهم الى الاعتقاد بالسبب الذي دفع منطقة درنة أن تكون مصدر معظم الذين ذهبوا إلى العراق. وأحد تلك الأسباب هو أن درنة كانت تشكّل تحدياً لهم (الحكم الليبي) في كل حال، فقد حركوا قواتهم الى المنطقة في أوقات سابقة، عندما كانت درنة «منطقة ساخنة» لهم في الماضي (في إشارة على ما يبدو إلى المواجهات التي حصلت مع «الجهاديين» فيها في حقبة التسعينات). وأعتقد أن ليبيا تعرف أنها هدف أيضاً (لـ «القاعدة»)، وهي تقوم بأفضل ما يمكنها لتبادل المعلومات مع أكثر من جهة. فإذا كانت هناك معلومات عن شخص ما من دولة أخرى فإن الليبيين يتشاركون مع هذه الدولة في ما يعرفون عنه، والعكس صحيح.
> هل يمكنك أن تؤكد أو تنفي ضلوع عملاء أميركيين في تسليم قادة «الجماعة المقاتلة» إلى ليبيا عام 2004؟
- لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، ليس لأن الجواب سري لا يمكنني البوح به، لكنني لا أعرف تفاصيل القضية لأتكلم فيها.
> ما رأيك في الوثيقة التي أفيد أن قادة «الجماعة الإسلامية المقاتلة» في السجون الليبية وافقوا على إصدارها والتي تتضمن تأكيداً ان تنظيمهم ليس جزءاً من «القاعدة» ولا يسير في تكتيكات هذا التنظم؟
- هذه وثيقة قوية، ألا توافق على ذلك؟ إنها وثيقة قوية للدول التي تحارب «القاعدة»، إذ توضح أن هذا التنظيم لا يمكنه المحافظة حتى على الناس الذين انضموا إلى صفوفه في إطار تنظيم إقليمي لامركزي (في إشارة إلى إعلان الراحل أبو الليث الليبي انضمام «المقاتلة» إلى «القاعدة» السنة الماضية).
> هل أثّرت الخلافات الثنائية بين المغرب والجزائر على مستوى التعاون الذي تحصل عليه الولايات المتحدة من الدولتين؟
- علاقتنا الثنائية مع الجزائر وعلاقتنا الثنائية مع المغرب في مجال مكافحة الإرهاب تبقى على مستوى رفيع جداً. الجزائريون متعاونون جداً معنا، وكذلك المغاربة. أحياناً لا يكون مستوى التعاون بالقدر الذي نرغب فيه على الصعيد الثنائي بينهما، لكن هناك مجالات تعوّض عن المجالات التي لا يكون النجاح بقدر ما نتمناه.
> أسأل لأن الجزائريين يتهمون الأميركيين بتأييد «خصمهم» المغربي في قضية الصحراء...
- لم أر أثراً لذلك في مستوى التعاون من الجزائر بتاتاً. إننا نتعامل مع الدول بأكبر درجة من العدل والحياد، سواء في موضوع مكافحة الإرهاب أو غيره من القضايا.> ما هو تقويمك لوضع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»؟
- أنظر اليه بوصفه تنظيماً مفلساً حالياً. لا يمكن لـ «القاعدة» أن تحرّك أموالاً كافية إلى شركائها الإقليميين لإثارة اضطرابات. «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» صار في ظل ضغوط الحكومة الجزائرية تنظيماً يتراجع تأثيره باستمرار، وأحد الصعوبات التي يواجهها هي (فشله في) تحويل الأموال. فهناك اتفاقات واجراءات تمنعه من ذلك. كما أن هناك موضوعاً آخر يواجهه هذا التنظيم، فقد أيقن عناصر «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أن تنظيمهم استولى عليه رجال «القاعدة» (التنظيم الأم بقيادة بن لادن) للقيام بأهداف هذا التنظيم أكثر من الأهداف التي كانت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» تسعى إليها سابقاً. وبناء على ذلك، صار هذا التنظيم («القاعدة» في الجزائر) أقل رغبة الآن في القيام بذلك (العمليات التي تخدم فقط أهداف «القاعدة الأم»). كما أن تنظيم «الجماعة الإسلامية المقاتلة» هو خارج ليبيا وليس في داخلها، في حين أن تونس لم تشهد سوى عمل إرهابي استهدف سائحين أجنبيين خُطفا في الصحراء قبل فترة طويلة (في شباط/ فبراير الماضي، وأفرج عنهما الآن). إذن، أعتقد أن القاعدة فقدت كثيراً من تأثيرها وفقدت كثيراً من قدرتها على تحريك المجموعات الإقليمية في الوجهة التي تريدها. كانت هناك فورة في العمليات عندما تم الربط بين المجموعات الإقليمية و «القاعدة» (أي عند انضمام «الجماعة السلفية» الى «القاعدة» في كانون الثاني/يناير 2007)، لكن ذلك قلّ الآن. كذلك فإن استخدام المجموعات المحلية التي انضمت إلى «القاعدة» تكتيكات هذا التنيظم وأهدافه، أدى بها إلى أن تستخدم أساليب عمل «القاعدة» كالعمليات الانتحارية وقتل الأبرياء. والشعب الجزائري الذي لا يقبل بمثل هذا الإجرام، رفض «القاعدة» وفرعها المغاربي.
> هل أثر موقفكم المعارض لقادة الانقلاب العسكري في موريتانيا في تعاون نواكشوط معكم في «الحرب ضد الإرهاب»؟
- لقد قللنا أو أوقفنا كلياً في بعض الحالات النشاطات (المشتركة) مع موريتانيا لأن الحكومة (الحالية) تسلمت السلطة من حكومة منتخبة ديموقراطياً وفرضت عوض ذلك نظام حكم أوتوقراطياً. لقد خففنا بعض التعاون مع موريتانيا في مجال التنسيق في مكافحة الإرهاب.
سورية ولائحة «رعاة الإرهاب»
> ألا تلاحظون تغييراً في التصرفات السورية، ولماذا تصرّون على تصنيفها دولة راعية للإرهاب؟
- الولايات المتحدة تصنّف سورية دولة داعمة للإرهاب، إضافة إلى إيران وكوبا. وهناك دول أخرى لا تتعاون كلياً في مجال مكافحة الإرهاب بينها فنزولا واريتريا. لكن سورية تمثّل تحدياً فريداً كونها مجاورة لبلدين أساسيين: العراق ولبنان. ونحن نعتقد أنها تدعم «حزب الله» فعلاً، كما تدعم منظمات إرهابية أخرى، كما نعتقد انها دعمت «أبو الغادية» وشبكة المقاتلين الأجانب، ونعتقد أنها سهّلت حركة نحو ألف شخص بين 2006 و2007 مرّوا خلال دمشق وسورية إلى العراق.
> هل تعني أنها سهّلت ذلك عمداً؟
- نعم عمداً. بمعنى أنهم (أي السوريون) كانوا يعرفون ما الذي يجري ورفضوا وقفه. لذلك نعتقد أنها دولة راعية للإرهاب. هؤلاء الأشخاص الألف ذهبوا إلى العراق وأصبحوا مفجّرين انتحاريين وقتلوا مدنيين أبرياء وجنوداً من قوات التحالف وأميركيين. هذا سبب من الأسباب التي تجعلنا نضعهم على لوائح رعاة الإرهاب. هناك أسباب أخرى كانت في الأصل منها دعمهم لـ «حزب الله» في لبنان وفي جنوب لبنان ضد اسرائيل. «حزب الله» منظمة إرهابية وهم قدّموا الدعم لهذا الحزب. لكننا نعتقد أن الأمور بدأت تتغير نوعاً ما في الفترة الأخيرة في سورية. وأقول ذلك لأن المقاتلين الأجانب صاروا محاصرين في مناطق معينة (في العراق)، وربما هم محاصرون في سورية نفسها. وهؤلاء المقاتلون الأجانب لديهم القابلية لأن يستديروا إلى الخلف ويُظهروا عدم رضاهم على سورية لأنهم لا يستطيعون الدخول إلى العراق بالسرعة الكافية التي يريدونها، كما أن قوات التحالف تقتل مقاتلين أجانب في أنحاء مختلفة من العراق، لذلك أعتقد أن هناك قلقاً في أوساط المقاتلين الأجانب كونهم يشعرون بالإحباط.
> هل تعتقد إذن أن التفجير الأخير في دمشق كان «رسالة» من هؤلاء المقاتلين للحكم السوري؟
- ربما كان رسالة.
> وهل أنتم متأكدون أنكم قتلتم فعلاً «أبو الغادية» في الغارة الاخيرة التي قمتم بها على الحدود السورية مع العراق؟
- لسنا متأكدين من أننا قتلناه.
> وماذا عن قول الحكومة السورية إن مدنيين قُتلوا في الغارة؟
- إنها مزاعم، لكننا لسنا متأكدين مما حصل فعلاً.
> هل تنظيم «فتح الإسلام» ما زال يمثّل تهديداً للبنان وما هي معلوماتكم عنه؟
- كل منظمة إرهابية في لبنان تمثّل تهديداً للحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، سواء كانت «فتح الإسلام» أو «حزب الله» أو غيرهما. أرى كل هذه التنظيمات بوصفها عنصراً مهدداً للاستقرار للبنان. هناك برلمان (منتخب) في لبنان يضم تمثيلاً لحزب الله أكبرمما نتمناه، وهذا الأمر يمثل مشكلة وتحدياً للحكومة اللبنانية أن تتعاطى معه من أجل أن تستطيع هذه الأمة أن تقف مجدداً على قدميها اقتصادياً وسياسياً وفي المجتمع الدولي.
«هزيمة القاعدة» في العراق
> ما هو تقويمكم لقوة «القاعدة» في العراق حالياً، وهل تعتقد أنكم قادرون على إلحاق هزيمة بهذا التنظيم قبل انسحابكم من العراق (في 2011)؟
- إذا نظرت الى ما يقوم به الشعب العراقي تعرف أن القاعدة هُزمت فعلاً. ستعرف ذلك كما أعرفه أنا. في الأنبار وفي أجزاء من بغداد كما في أنحاء مختلفة من العراق فقدت «القاعدة» أي صدقية لها وهُزمت والناس صاروا يشون بعناصرها بسبب أساليبهم الدموية المتطرفة. لا يمكنني أن أقول إننا لن نهزمهم قبل أن ننسحب من العراق، فقد هزمناهم فعلاً. التمويل أُوقف، والقادة العراقيون يتلقون وشايات من الناس في كل الأوقات عن هؤلاء الأجانب في بلدهم الذين يُلحقون بهم الضرر. لذلك استطع القول أن القاعدة هُزمت. لكن هل تستطيع أن تعود؟ هذا احتمال (ممكن)، لذلك يجب أن نبقى متيقظين وعلى أهبة الاستعداد لمنعهم من العودة. وإذا غادرت الولايات المتحدة العراق، فإن التقنيات ووسائل جمع الاستخبارات يجب أن تُنقل إلى العراقين ليكملوا ما أصفه بأنه جهد فعال جداً لمكافحة الإرهاب. وإضافة إلى ذلك هناك حاجة لتنمية اقتصادية جيدة وتطور سياسي واجتماعي جيدين لكل الشعب العراقي من أجل إبقاء (المقاتلين) الأجانب بعيدين عن العراق.
> تتهمون إيران بلعب دور سيّئ في العراق كما في أفغانستان. ما هو هذا الدور وما هي أدلتكم؟
- إيران هي من يحرّك الطبخة. لها تأثير في أفغانستان شرقاً من خلال «طالبان»، وهذا أمر يمثّل لنا مشكلة، كما أنها تثير المشاكل أيضاً في العراق غرباً، وهذا الأمر يمثّل مشكلة لنا أيضاً. ولدى الإيرانيين أشخاص من «القاعدة» منذ هجمات 11 سبتمبر 2001. نعتقد ان (توقيفهم في إيران) أمر جيد، لكننا نريدهم أن يسلمونا إياهم ويدعونا نتعاطى مع قضيتهم. ونعتقد أن الإيرانيين لا يشعرون براحة إذا تركوا هؤلاء الناس يرحلون، لأن إيران نفسها لا تريد ان تصبح هي هدفاً أيضاً.
> هل تقصد أن إيران تخشى تسليمهم كي لا تصبح هي هدفاً لـ«القاعدة»، أم أنها تريد استخدامهم ورقة مساومة في يدها؟
- أي شيء من هذا الذي قلته. لقد قلت الأمرين الأساسيين: يعتقلونهم لأنهم لا يريدون أن يصبحوا هدفاً (لـ «القاعدة»)، وكي يستخدموهم ورقة في يدهم. لكن هناك أسباباً أخرى أيضاً.
> تبدو «القاعدة» مرتاحة في مناطق القبائل على الحدود الأفغانية - الباكستانية؟ ما هو تقويمكم لوضع التنظيم هناك؟
- «القاعدة» تراهن على حركة «طالبان»، وارتباطات هذه الحركة تمتد من أفغانستان إلى داخل باكستان. وأعتقد أن «القاعدة» استفادت من هذه العلاقة مع «طالبان». إذ بعدما طردناهم (عناصر «القاعدة») خارج أفغانستان، أبقوا على ارتباطاتهم مع «طالبان». ويجب أن ننظر إلى غرب باكستان بوصفه منطقة آمنة عملياً نظراً إلى تضاريس الأرض وطبيعتها، وبوصفه منطقة آمنة دينياً واجتماعياً بسبب قدرات هؤلاء الناس على استغلال المنطقة وعاداتها الاجتماعية والدينية لمصلحة «الضيف» أو «الزائر». كما أن حتى فترة قليلة مضت كان يمكن أن يُنظر إلى المنطقة بوصفها منطقة آمنة سياسياً أيضاً، لأن الحكومة الباكستانية لم تكن شديدة بما يكفي في سعيها الى طرد هؤلاء الأجانب خارج المنطقة. لقد حاولت الحكومة الباكستانية ذلك مرات عدة وأبرمت أكثر من اتفاق سلام لم يُنفّذ منها سوى الجزء البسيط لأن «طالبان» والمقاتلين الأجانب كانوا يخرقونها دائماًَ. لذلك قالت الحكومة الباكستانية الجديدة المنتخبة إنه ربما عليها ان تركّز جهداً عسكرياً أكبر في المنطقة، وأطلقت لهذا الغرض حملة في باجور أعتقد أنها كانت ناجحة قُتل فيها للأسف نحو مئة جندي وعدد مماثل من المدنيين وشُرّد قرابة عشرة آلاف، لكن ذلك أدى إلى فرض ضغوط على المقاتلين الأجانب في مناطق الإقليم الشمالي الغربي. وهذا الأمر يوجّه رسالة صحيحة إلى المقاتلين الأجانب (مفادها أن عليهم ترك المنطقة). وأعتقد أن الشعب الباكستاني يوافق الآن على الحقيقة التي تقول إن المطلوب «تنظيف» مناطق القبائل حيث تتمركز قيادة «القاعدة».
> هل تعتقد إذن أن قادة «القاعدة» موجودون هناك؟
- هذا ما نعتقده نحن مع غيرنا من أجهزة الاستخبارات. كذلك فإن هناك مؤشرات من جهات أخرى إلى أن قادة «القاعدة» يُحتمل، أو يُمكن، أن يكونوا يعيشون هناك.
> تقصد أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري في باكستان وليس أفغانستان؟
- (ربما كانا) في المنطقة غير المحددة المعالم بدقة حيث يمر «خط دوراند»، لكن هناك بعض الحماية المتوافرة لهما والتي يمكن أن يفقداها إذا دخلا (من مناطق القبائل الباكستانية) إلى أفغانستان.
> هل تقصد أن الحماية المتوافرة لهما في باكستان أكبر من تلك التي يمكن أن يحصلا عليها إذا دخلا أفغانستان؟
- نعم، بالتأكيد. لقد وضعنا سيناريوات عديدة حول الدول التي يمكن أن يذهب اليها قادة «القاعدة» إذا تركوا تلك المنطقة (على الحدود الأفغانية - الباكستانية). هناك مناطق خارجة عن إطار الحكم في الصومال، أو مناطق من الصعب الوصول اليها وإن كانت تقع في دول فيها حكومة مركزية في افريقيا. وهناك مناطق (في بلدان) ما وراء الصحراء الكبرى (الافريقية). لقد نظرنا إلى كل هذه المناطق (كاحتمال أن يلجأ اليها قادة «القاعدة»).
> ساعدتم في طرد الإسلاميين من السلطة في الصومال، لكنهم يبدون في طريقهم لاستعادتها؟
- يمثّل الوضع في الصومال تحدياً لنا. لسنا سعداء برؤية النمو المتدرج للمجموعة الإرهابية الناشطة هناك (حركة الشباب)، وندعم الحكومة الانتقالية الموقتة بكل طريقة ممكنة. ربما لا تتقدم هذه الحكومة بالدرجة التي نودها، لكننا نواصل دعمها.
«القاعدة في الخليج»
> ماذا عن وضع «القاعدة» في الخليج، وهل تعتقد أن السلطات السعودية هزمتها فعلاً؟
- أعتقد أن السعودية قامت بعمل جيد جداً بهزيمة «القاعدة» وجماعات متطرفة أخرى على صعيد المواجهة المباشرة. اخترق السعوديون الشبكات وحددوا من هم هؤلاء الأشخاص وتبادلوا النار معهم واعتقلوهم ووضعوهم في السجون. هذا الجانب من المواجهة كان ناجحاً جداً. لكن السعودية قامت بشيء آخر كان ناجحاً جداً. لقد حاولت أن تحدد السبب الذي يدعو مواطنين سعوديين يتمتعون بحياة جيدة كي يتحولوا إلى متشددين عنيفين. لذلك قامت ببرنامج لمكافحة التطرف كان ناجحاً في شكل كبير. كذلك أنشأت برنامجاً ليس لمكافحة التطرف بل لتغيير الأفكار (المناصحة) التي يتبناها الذين يحملون فكر التطرف، وكان برنامجاً ناجحاً أيضاً. لم يذهب السعوديون فقط إلى التعاطي مع الجانب المرئي من المواجهة مع «القاعدة»، بل إلى الجوانب غير المباشرة أيضاً لكي يحددوا سبب التطرف. ويمكنني أن أقول أن برنامج مكافحة الارهاب في المملكة العربية السعودية كان ناجحاً جداً. أما اليمن فوضعه أصعب. فهو دولة حدودها البرية والبحرية غير مضبوطة تماماً ويعاني مشاكل قبلية في الشمال والجنوب، وطبيعة الدولة صعبة يمنحها قابلية أن تصبح منطقة آمنة فعلياً (لـ«القاعدة») كتلك الموجودة في باكستان. والرئيس علي صالح يحاول جهده أن يحافظ على ولاء القبائل. لكن أحياناً لا تستطيع الحكومة المركزية أن تؤثر في كل المناطق دفعة واحدة. وأعتقد أن اليمن يمكن أن يكون عنصراً جاذباً لعناصر «القاعدة» أو المتشددين عموماً، كي تكون مناطقه إما منطقة انتقال (ترانزيت) أو منطقة تمركز إذا قرروا البقاء.

No comments: