Monday 30 January 2017

العودة المغربية المتأخرة إلى الاتحاد الأفريقي





النسخة: الورقية - دوليالأحد، ٢٩ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
بعد 33 سنة من الغياب، يستعد المغرب للعودة إلى الاتحاد الأفريقي خلال قمته في أديس أبابا (الإثنين والثلثاء). ماذا تعني هذه العودة؟ ولماذا الآن؟
بررت الرباط عام 1984 انسحابها من الاتحاد –منظمة الوحدة الافريقية آنذاك– بأن هذا التجمع الأفريقي قبل في عضويته «الجمهورية العربية الصحراوية» التي أنشأتها جبهة «بوليساريو». جادلت بخطأ الاعتراف لأن «جمهورية بوليساريو» ليست دولة مستقلة ذات سيادة كي يتم قبولها عضواً في المنظمة، بل هي جماعة تنادي بتأسيس دولة في الصحراء الغربية التي يعتبرها المغرب جزءاً من أراضيه. وبما أن «الجمهورية الصحراوية» ما زالت تتمتع بعضويتها في الاتحاد، فهناك من سيسارع إلى القول إن المغرب أخطأ في انسحابه قبل ثلاثة عقود ونيّف. سيجادل هؤلاء بأن اختيار المغرب سياسة المقعد الشاغر أضر به أكثر مما أفاده، إذ حرمه من شرح موقفه في صورة أفضل أمام الأفارقة، وعزز في المقابل صوت «بوليساريو» ومؤيديها.
هذا الأمر صحيح، وإن لم يقله المغاربة صراحة. لكن يجب فهم أن الخطوة المغربية جاءت آنذاك في ظل الحرب الباردة التي قسمت القارة السمراء إلى معسكرين، أحدهما اشتراكي الهوى يحظى بدعم الاتحاد السوفياتي، والآخر يميني مدعوم من الأميركيين وحلفائهم. وعلى رغم خسارة المغرب صوته أمام المنبر الأفريقي، إلا أنه أحسن استغلال الحرب الباردة لمصلحته عسكرياً من خلال إكماله بناء الجدار الرملي العازل بطول 2500 كلم والذي أمّن إلى حد كبير حدود ما يسميها الأقاليم الجنوبية وجعل وجود «بوليساريو» محصوراً في رقعة صغيرة في عمق الصحراء (بئر الحلو). ومع انتهاء المغاربة، عام 1987، من تشييد الجدار كان نزاع الصحراء قد انتهى عملياً من الناحية العسكرية، ولم يعد في استطاعة «بوليساريو» تغيير ميزان المعركة إلا إذا حصلت مواجهة مباشرة بين داعميها الجزائريين وبين الجيش المغربي، وهو أمر لا يريده الجاران المغاربيان اللذان ذاقا سابقاً طعم الحرب المرّ بينهما. وجاء وقف النار الذي أعلنته الأمم المتحدة، عام 1991، ليكرس عملياً انتهاء المواجهة العسكرية وانتقال نزاع الصحراء إلى الساحة الديبلوماسية.
وجاء ذلك مترافقاً مع نشوء الاتحاد المغاربي عام 1989 والذي شكّل فرصة ذهبية لحل قضية الصحراء من خلال تكتل إقليمي يضم المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا. لكن اندلاع أزمة الجزائر عام 1992 «فرمل» التسوية الصحراوية في الإطار المغاربي، وأعادها إلى النقطة الصفر قرار الجزائر إغلاق حدودها البرية مع المغرب عام 1994، وهو قرار ما زال سارياً.
لكن فشل إصلاح العلاقة المغربية– الجزائرية لم يعن أن انتهاء الحرب الباردة لم يترك تداعيات على المشهد الأفريقي كلاً في خصوص نزاع الصحراء، فقد تغيّرت أنظمة أفريقية عديدة خلال العقدين الماضيين، وسحب كثير من دول القارة السمراء اعترافه بـ «الجمهورية الصحراوية». وبعدما كانت «بوليساريو» تحظى باعتراف 84 دولة عضواً في الأمم المتحدة، سحبت 37 من هذه الدول اعترافها بالجبهة أو أعلنت «تجميد» هذا الاعتراف. وجاء تقلّص الاعتراف العالمي، بما فيه الأفريقي، بـ «بوليساريو» فيما كان المغرب يقود سياسة انفتاح لافتة تجاه دول القارة. وقاد الملك محمد السادس الذي تولى الحكم خلفاً لوالده الراحل الحسن الثاني عام 2000، سياسة الانفتاح الأفريقي، وقام بجولات عديدة أشرف خلالها على اتفاقات تجارية ومشاريع استثمارية ضخمة مع دول القارة.
وانطلاقاً من هذا الواقع (تراجع الاعتراف بـ «بوليساريو» والانفتاح المغربي على أفريقيا)، كان طبيعياً أن يسعى المغرب إلى استرجاع دوره الأفريقي كاملاً، بما في ذلك إسماع الأفارقة صوته مباشرة من خلال المنبر الذي أخلاه عام 1984. وتبدو هذه العودة موضع ترحيب واسع، في ظل إعلان الرباط أن 40 من دول الاتحاد الـ 53 تؤيد استرجاعها مقعدها الشاغر.
لا تعني هذه العودة أن «بوليساريو» فقدت جميع مناصريها، وعلى رأسهم الجزائر وجنوب افريقيا وأنغولا. لكن العودة المغربية هي الخطوة الصحيحة وإن تأخرت 33 عاماً!

Sunday 15 January 2017

دهاء البشير وورقة الإسلاميين


النسخة: الورقية - دوليالأحد، ١٥ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
لا يجب أن يختلف اثنان على أن الرئيس السوداني عمر البشير داهية في السياسة، فلولا هذا الدهاء لما كان حكم بلاده بلا منازع فعلي منذ «الانقلاب الأبيض» الذي أوصله إلى السلطة عام 1989، ولولا هذا الدهاء لما تمكّن من السفر من بلد إلى آخر وفي حقه مذكرة توقيف منذ العام 2009 من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التورط في جرائم ضد الإنسانية في دارفور. ولولا هذا الدهاء أيضاً لما كان تمكن من البقاء على رأس دولة فقدت نصفها تقريباً بانفصال الجنوب عام 2011.
قبل يومين، نال البشير إقراراً بدهائه هذا من الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، فقد كتب إلى الكونغرس طالباً رفع عقوبات عن السودان، معللاً ذلك بـ «تراجع ملحوظ في الأنشطة العسكرية» التي تقوم بها الحكومة «في بعض مناطق النزاع» (دارفور وكردفان)، وبتعاون الخرطوم مع واشنطن في التعامل مع «التهديد الإرهابي».
في الحقيقة، تلخّص هذه الجملة الأخيرة، إلى حد كبير، ماهية «السلاح السري» الذي ساعد البشير على مدى سنوات في إرغام خصومه على عدم قطع «شعرة معاوية» معه. بالطبع، ليس المقصود هنا أنه هو من يستخدم الإرهاب سلاحاً ضد خصومه، بل أنه يعرف كيف يستخدم ورقة الإرهاب وكيف يتخلص منها عندما تصبح عبئاً.
وقوة البشير، في هذا المجال، مرتبطة بخلفيته الإسلامية التي لا تنفصل عن خلفيته العسكرية. ولذلك، لم يكن غريباً على حكومته الإسلامية اللون والهوى، أن تستضيف في التسعينات طيفاً واسعاً ممن يوصفون بـ «الجهاديين». كان بينهم زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن وزعيم «الجهاد» أيمن الظواهري وغيرهما كثير. وكان السودانيون يعرفون بالطبع ما يقوم به ضيوفهم، لا سيما في مصر وليبيا والجزائر، لكنهم تركوهم يعملون… إلى أن طفح الكيل. تزايد الضغط على البشير بعد فشل محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، والتي نفذها إسلاميون انطلاقاً من الخرطوم. شعر أيضاً بأن مصريي «الجهاد» يتصرفون وكأنهم «دولة داخل الدولة» عندما قتلوا صبيين بتهمة التجسس، حتى من دون إبلاغ مستضيفيهم بذلك. وعندما شعر بأن الشكاوى من «الجهاديين» الليبيين والجزائريين وبقية «القاعديين» لم تعد تُحتمل، لم يجد البشير غضاضة في ترحيل ضيوفه المزعجين، وفتح قناة سرية مع الاستخبارات الأميركية.
لم يكن إبعاد بن لادن ورفاقه عام 1996، المرة الأولى التي يستخدم فيها البشير «ورقة» مكافحة الإرهاب. ففي العام 1994، أجرى مقايضة مع المخابرات الفرنسية وسلّمها الإرهابي العالمي كارلوس بعد مطاردة دامت 20 عاماً.
ساعد مثل هذه الصفقات البشير على إبقاء خطوطه مفتوحة مع خصومه حتى في أحلك أوقات نظامه. لكن ارتباطه الذي لم ينقطع بالإسلاميين كان يثير، بين الفينة والأخرى، مخاوف الخائفين منهم. وهو أصلاً لم يخف صلته بهؤلاء، لا سيما بعد «الربيع العربي». في 2011، رد البشير الصاع صاعين للعقيد معمر القذافي، الذي كان دعم محاولة فاشلة قادها متمردو دارفور لقلب نظامه وكادوا ينجحون، بعدما وصلوا إلى أم درمان، إحدى مدن الخرطوم الثلاث، عام 2008. مد الرئيس السوداني خصوم القذافي، بما في ذلك الإسلاميون، ضيوفه «المزعجون»، في التسعينات بجسر جوي ساعدهم في إطاحة العقيد وقتله. كما أعاد البشير تعزيز علاقته السابقة بالإسلاميين المصريين بعد وصول «الإخوان» الذي سدة الحكم.
هل اللعب بورقة الإرهاب ما زال يُجدي اليوم؟
قرار أوباما رفع بعض العقوبات عن السودان يوحي بأن ذلك ما زال مجدياً، وهو ما يعني أن الأجهزة السودانية لا بد أنها تعاونت مع الأميركيين في مجال الإرهاب. وإذا كان ذلك صحيحاً، فأغلب الظن أنه مرتبط تحديداً بنشاط «داعش» وخلاياه. كما أن تسليم تونس أخيراً قيادياً «داعشياً» مطلوباً يوحي بأن الخرطوم جادة فعلاً في تعاون ضد الإرهاب. وإذا كان التعاون ضد «داعش» لا يثير إشكالات، إلا أن التحدي الذي يواجهه البشير مرتبط بـ «الإخوان»، لا سيما المصريين. لكن علاقته الجيدة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومع الدول الخليجية المعارضة بشراسة لـ «الإخوان» (مثل الإمارات) أو المساندة القوية لها (مثل قطر)، توحي بأنه نجح بدهائه المعتاد، في إرضاء الإسلاميين وخصومهم!

Sunday 8 January 2017

الظواهري و«النصرة» و«بطة القاعدة»



http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/19486868



النسخة: الورقية - دوليالأحد، ٨ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
أدلى زعيم تنظيم «القاعدة»، الدكتور أيمن الظواهري، بسلسلة مواقف تستحق التوقف عندها في كلمته التي وجهها قبل أيام. لم يكن لافتاً فيها هجومه العنيف على إبراهيم البدري (أبو بكر البغدادي)، زعيم التنظيم الذي يُطلق على نفسه اسم «الدولة الإسلامية»، أو «داعش»، كما يُعرف على نطاق واسع، فمنذ افتراق طريق الرجلين على خلفية مرجعية «جبهة النصرة» في سورية، بين نهاية 2013 وبداية 2014، لم يقصّر قادة «القاعدة» و «داعش» في تبادل إطلاق النعوت اللاذعة في حق بعضهم البعض.
حاول الظواهري، في كلمته تفنيد ما اعتبره حملة افتراءات وكذب يشنها أنصار البغدادي على «القاعدة» لتشويه صورتها «الجهادية»، كما قال. وفي هذا المجال، نفى أنه يقبل أن يكون النصارى «شركاء» في الحكم في مصر، وكأن هذه تهمة تستحق النفي. نفى أيضاً «الزعم… أننا لا نكفّر الشيعة وننهى عن قتالهم». وهذه أيضاً تهمة لا بد أن يتم التبرؤ منها (طالب بقتل رجال الجيش والشرطة لأن غالبيتهم شيعة، عوض استهداف عموم أتباع هذا المذهب). وبعدما نفى قبوله الاحتكام إلى «الطاغوت» (الحكّام في الدول العربية أو المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة)، أو قبول معاهدات تسمح لـ «الكفّار» بالسيطرة على أراضي المسلمين، سجّل «تمايزه» عن «داعش» برفضه إيذاء «كل من تحرّم الشريعة العدوان عليهم»، في تلميح إلى المسيحيين في البلدان الإسلامية، ومؤكداً في المقابل رفضه أيضاً تفجير المساجد والحسينيات، وهو أسلوب اعتاد «داعش» تبنيه. لكن الظواهري لم يوضح هل يشمل موقفه هذا تفجير «داعش» الكنيسة القبطية في القاهرة أخيراً، ولا إذا كان يشمل ممارسات قام بها تنظيم «القاعدة» نفسه، مباشرة أو من خلال فروعه، مثل خطف صحافيين وغربيين (لمجرد أنهم غربيون) وحتى راهبات كما حصل في دير معلولة قرب دمشق قبل سنوات.
في أي حال، كل ما سبق من مواقف لا يبدو غريباً صدوره عن «القاعدة» وزعيمها. فكثير منها إنما هو تكرار لمواقف سابقة. لكن ما يستحق التوقف عنده هنا، قد يكون موقف الظواهري من أميركا، إذ دعا من سماهم «مجاهدي أمتنا» إلى جعل استهداف الأميركيين وحلفائهم «أولوية»… ولكن مع «مراعاة ظروف كل ساحة جهادية بما يحقق مصالح الجهاد».
وربما كان هذا بيت القصيد، فالواضح أن الظواهري يريد إعطاء ما يُعرف بـ «فروع القاعدة» حرية أن تنأى بنفسها، ولو موقتاً، عن استراتيجية التنظيم في استهداف «العدو البعيد»، المتمثل بالأميركيين (والغرب عموماً). والمقصود بكلامه هنا، كما يبدو جلياً، هو «جبهة النصرة» التي أعلنت في الصيف الماضي تغيير اسمها إلى «جبهة فتح الشام» وفك ارتباطها بـ «القاعدة». والظواهري، في كلمته، يبرر لـ «النصرة» خطوتها هذه بحجة أنها تندرج في إطار «مراعاة ظروف» الساحة السورية.
هل يتضمن هذا الموقف تناقضاً على أرض الواقع؟ فماذا يعني أن يقول الظواهري إن «القاعدة» تضع نُصب أعينها استهداف الأميركيين كـ «أولوية»، لكنها على رغم ذلك، تترك لفرعها السوري أن لا ينبري لهذه المهمة ذات «الأولوية» انطلاقاً من أن «ظرف» الساحة السورية لا يسمح بذلك، كون هذه الساحة، كما هو واضح، ليست «النصرة» وحدها من يتحكم بها. وبما أن تغيير «الأولوية» ناتج عن «الظرف» وليس الاقتناع بخطأ الهدف، فهل يتوقع الظواهري وقادة تنظيمه أن يصدّق الأميركيون وحلفاؤهم أن «النصرة- فتح الشام» لم تعد فرعاً سورياً لـ «القاعدة» ولم تعد تريد استهداف الغرب لمجرد أن «ظرفها» لا يسمح بذلك؟
قبل أيام، راج كلام على نطاق واسع في شأن «وحدة» سيُعلن عنها بين «النصرة- فتح الشام» وبين العديد من الجماعات «الجهادية» السورية، وهي خطوة تهدد في الواقع بتفكك عدد من هذه الجماعات نظراً إلى حجم المعارضات الداخلية فيها للاندماج مع «النصرة» في تشكيل واحد. وأحد حجج المعارضين لقيام مثل هذا التنظيم الموحد في سورية يندرج في إطار الخوف من أن يشمل التوصيف «الإرهابي» المطبّق عالمياً على «النصرة» بقية الفصائل المتوحدة معها، ولو كان الظواهري أباح لها حرية عدم السير في مهاجمة الأميركيين وحلفائهم.
في الإنكليزية قول مأثور يمكن أن يُترجم كالآتي: إذا كنت تسير كالبطة، وتقيق كالبطة، وتسبح كالبطة… فلا شك في أنك بطة. و «النصرة»، في أعين الأميركيين على الأقل، ستبقى على الأرجح «بطة القاعدة»... حتى لو مشت كالغزال وغرّدت كالعصفور!

Tuesday 3 January 2017

بريطانيا خشيت «صفقة» أميركية مع إيران... لا تشمل رهائنها في لبنان

http://www.alhayat.com/Articles/19398363

 

بريطانيا خشيت «صفقة» أميركية مع إيران... لا تشمل رهائنها في لبنان

النسخة: الورقية - دولي الثلاثاء، ٣ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث: الثلاثاء، ٣ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) لندن - كميل الطويل 
تناولت وثائق الحكومة البريطانية التي رُفعت عنها السرية قبل أيام في الأرشيف الوطني قضية الرهائن الغربيين الذين كانوا محتجزين لدى «حزب الله» في لبنان في نهاية ثمانينات القرن الماضي، مشيرة إلى الجهود التي بُذلت للإفراج عنهم. وعلى رغم أن الولايات المتحدة وبريطانيا حليفان وثيقان، تكشف الوثائق البريطانية بأن حكومة مارغريت ثاتشر كانت قلقة من أن الأميركيين في عهد الرئيس جورج بوش الأب كانوا يجرون صفقة سرية مع الإيرانيين (الرئيس هاشمي رفسنجاني) والسوريين (الرئيس حافظ الأسد) بهدف تأمين الإفراج فقط عن الرهائن الأميركيين المحتجزين في لبنان، لكن واشنطن طمأنت لندن بأنها تعمل من أجل الإفراج عن جميع الرهائن، بما في ذلك البريطانيون. وتشير الوثائق إلى أن استجواب أجهزة الأمن الأميركية لرهائن تم الإفراج عنهم قدّم معلومات عن أن بعض الرهائن محتجز في برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية وبعضهم ربما كان محتجزاً بالفعل في المقر السابق للسفارة الإيرانية في بيروت.

لبنان، سورية والرهائن
في مذكرة مرسلة من البعثة البريطانية في سانتياغو (تشيلي)، كتب السفير آلان وايت، في آذار (مارس) 1990، متحدثاً عن لقاء عقده سير جيفري هاو، نائب رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر، مع نائب الرئيس الأميركي دان كويل على هامش تنصيب الرئيس التشيلي الجديد. جاء في تقريره:
«ملخص
1- أكد نائب الرئيس كويل أن ليست هناك مفاوضات حالياً مع إيران وسورية في شأن الإفراج عن الرهائن.
التفاصيل:
2- خلال لقائه الثنائي مع كويل سأل سير ج. هاو عن تقارير تفيد أن الأميركيين يتفاوضون على الرهائن. (التقارير عن محادثات سايروس فانس في سورية واتصال رفسنجاني ببوش). قال كويل إن ليست هناك مفاوضات في شأن الرهائن. الأميركيون راغبون في تحسين العلاقات مع السوريين. هم بالطبع يريدون أن يتم الإفراج عن جميع الرهائن، لكنهم أوضحوا للأسد ورفسنجاني - اللذين يعتقد الأميركيون أنهما يفتشان عن طرق للمساعدة - أن مصير الرهائن ليس موضع تفاوض. يجب الإفراج عنهم.
التوقيع: وايت».
وفي 7 آذار 1990 بعثت السفارة الأميركية في واشنطن بمذكرة إلى وزارة الخارجية في شأن الرهائن، كتب فيها السفير أنتوني آكلاند:
«ملخص
1- نقل (المسؤول في الخارجية الأميركية) كيميت ضماناً شخصياً من (وزير الخارجية جيمس) بيكر بأن الولايات المتحدة ليست في أي مفاوضات في خصوص الرهائن، سواء كان ذلك في شكل مباشر أو غير مباشر. الولايات المتحدة تأخذ مصادر قلقنا في الحسبان وستخبرنا فوراً إذا كان هناك أي شيء يحصل له معنى جوهري.
التفاصيل
2- اتصل (روبرت) كيميت الليلة (بمسؤول رفيع في السفارة البريطانية في واشنطن)، بعدما كنا قد اتصلنا بمكتبه في وقت سابق اليوم. قال كيميت إنه نقل قلقنا إلى بيكر الذي طلب منه أن ينقل لك (أي وزير الخارجية البريطاني) الضمانات الآتية:
أ- الإدارة (الأميركية) تضع في تفكيرها طوال الوقت جميع الرهائن، سواء من خلال التصريحات العلنية أو من خلال اتصالاتها الخاصة مع أي شخص يمكنه أن يساعد. ليسوا يبحثون - أكرر ليسوا يبحثون - فقط عن رهائنهم.
ب- الولايات المتحدة ليست منخرطة في أي مفاوضات في شأن الرهائن، سواء مباشرة أو في شكل غير مباشر.
ت- بقدر ما هو متاح للإدارة أن تقوله، ليس هناك أساس للإشاعات الإعلامية الرائجة حالياً والتي تعتقد الإدارة أن وسائل الإعلام نفسها هي من يروّج لها.
3- قال كيميت إن ما كان يحاول أن يقوله فيتزووتر (مارلين فيتزووتر، الناطق باسم البيت الأبيض) في إطنابه الأسبوع الماضي هو أن هناك أشخاصاً من كل الأصناف يأتون إلى الإدارة عارضين معلومات عن الرهائن. لكن هذا عبارة عن قناة اتصال من طرف واحد.
4- اختتم كيميت بأنه في حال كان هناك أي شيء له معنى في الجوهر فالولايات المتحدة ستخبرنا فوراً.
التوقيع: أكلاند».

الإفراج عن رهينة أميركية
وتضمنت برقية سرية عاجلة من السفارة البريطانية في دمشق، بتاريخ 31 أيار (مايو) 1990، معلومات عن الإفراج عن الرهينة الأميركية فرانك ريد بما في ذلك استجوابه وكشفه أنه كان محتجزاً مع رهائن بريطانيين (مثل جون ماكارثي) ومن إيرلندا الجنوبية (برايان كينان).
جاء في برقية السفارة ما يأتي:
«الإفراج عن ريد
ملخص
1- كان ريد معتقلاً إلى جانب كينان وماكارثي إلى تاريخ 28 نيسان (أبريل). دينامية (الإفراج عنه) ما زالت غير واضحة، لكن سورية لعبت دوراً مهماً.
النص
2- نائب رئيس المفوضية (البريطانية) وأنا أُعطينا الرواية الآتية في شكل سري جداً من مسؤول في السفارة الأميركية كان جزءاً من فريق الاستجواب الأولي مع فرانك ريد الرهينة الأميركي الذي أفرج عنه في بيروت يوم 30 نيسان.
3- قال ريد لمسؤولي السفارة (الأميركية) في استجوابه الأولي في دمشق إنه كان محتجزاً منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1988 في مبنى قرب مسجد حي السلّم في برج البراجنة بضواحي بيروت الجنوبية. كان معصوب العينين معظم الوقت، ومقيداً إلى سريره. اشترك في الاحتجاز بهذا المبنى مع جون ماكارثي وبرايان كينان وتحدث مع كل منهما حتى تاريخ نقله من ذلك الموقع ليلة 29 نيسان. بحسب ريد، تعرض كل من كينان وماكارثي للضرب لكنهما ليسا في وضع بدني سيء. آخر مرة رأى فيها هذين الرهينتين البريطانيين كان في 28 نيسان. ترك صمود وصلابة كينان أثراً في نفس ريد. كينان كان مصراً على أنه لا يريد أي شيء يتعلق باتفاق على الرهائن إذا كانت الحكومة البريطانية جزءاً منه. فهو رجل إيرلندي من جمهورية إيرلندا وفخور بذلك.
4- كان كينان وماكارثي في ذلك الموقع عندما وصل إليه ريد في تشرين الأول 1988. كان ريد محتجزاً قبل ذلك في سجن تحت الأرض يصفه بأنه عبارة عن حفرة وهو يفترض أن موقعها في سهل البقاع. الحفرة شكّلت جزءاً من بيت-سجن كان ريد، بحسب ما يزعم، محتجزاً فيه في أوقات مختلفة مع الآتي ذكرهم: شخص كوري جنوبي، الأب جنكو ورجل فرنسي (جميعهم أفرج عنهم الآن)، و(توماس) ساذرلاند و(تيري) أندرسون (ما زالا محتجزين).
5- يقول ريد إنه في الإجمال تم نقله 16 مرة بين هذه الأماكن خلال فترة احتجازه التي دامت 3 سنوات و9 أشهر. وعلى رغم ذلك فهو خرج من هذه المعاناة بحالة ذهنية وبدنية جيدة على رغم أنه بدا شاحباً وفقد من وزنه. الذين استجوبوه لاحظوا ضعف صوته لكنه كان توّاقاً للكلام. على رغم ذلك فإن شهادته تضمنت بعض التضارب، كما أن مستجوبيه تفاجأوا بأنه رأى كل هذا العدد من الرهائن الأجانب على رغم أنه قضى معظم وقته معصوب العينين. كان يعتقد أنه آخر الرهائن الذين يفرج عنهم لكنه قال (في الوقت ذاته) إن تيري ويت ما زال محتجزاً (بحسب رأيه) في المبنى القديم للسفارة الإيرانية في بيروت. المستجوبون في فيسبادن (ألمانيا) سيكوّنون رأياً أكثر عمقاً في شأن مدى صدقيته.
6- أُفرج عن ريد من دون أن يحمل رسالة مكتوبة من خاطفيه، فقط رسالة شفوية غالباً ما تتكرر (فحواها) أن كل ما يريده الخاطفون هو أن يكون هناك أحد من الولايات المتحدة أو أي حكومة أجنبية أخرى مشاركة (في قضية الرهائن) للتحدث معهم.
7- ما زالت السفارة الأميركية غير متأكدة بالتحديد ما هي الدينامية التي يُعمل بها هنا. لكنها تعتقد أن الإفراج لا يمكن أن يكون قد حصل من دون التزام وضغط إيراني قوي على الخاطفين. على رغم ذلك، لعب السوريون دوراً أساسياً مسهّلاً في ترجمة الموقف الأميركي لطهران وفي إعطاء الإيرانيين غطاء ودعماً معنوياً. السفارة لا تعتقد أن الإفراج يمكن أن يكون حصل من دون سورية. ولكن ما زال من غير الواضح كم من الفضل يجب إعطاؤه لسورية لبدئها عملية (الإفراج عن الرهائن).
8- ريد هو الثاني من بين رهينتين قال السوريون في الأصل إنه سيتم الإفراج عنهما. السفارة غير متأكدة بعد ماذا سيحصل الآن. الإدارة الأميركية قالت بوضوح إنها تريد جميع - أكرر جميع - الرهائن أن يفرج عنهم. فقط بعد ذلك يمكن أن تتحسن العلاقات الأميركية - الإيرانية. السوريون أُبلغوا بأن الولايات المتحدة ترفض أن تستمع أو أن تستجيب لمطالب مضادة من إيران أو الخاطفين حتى يكون جميع الرهائن قد باتوا أحراراً. الاقتراح السوري هو أن الإفراج عن رهينتين يتطلب مبادرة مقابلة من واشنطن تم رفضه رفضاً صارماً.
تعليق:
9- إيران وسورية ستربحان من إنهاء قضية الرهائن إنهاء كاملاً. حتى هذه اللحظة وبمعزل عن الشكر من الرئيس بوش، لا يبدو أنهما ستحصلان على أي «مُحليّات» من واشنطن حتى يكون بقية الرهائن قد أفرج عنهم. يجب الانتظار لرؤية إذا كان الرئيس الإيراني (هاشمي) رفسنجاني قادراً أو راغباً في ممارسة السلطة الضرورية لتحقيق ذلك. ولذلك فإن من الصعب التنبؤ بكيف ستتطور دينامية الإفراج.
10- على رغم التناقض في الاستجواب الأوّلي لريد، يبدو أن 2 من بين الرهائن البريطانيين الخمسة (بما في ذلك كوليت) أحياء وفي أيدي مجموعة ربما تكون مستعدة لدرس الإفراج عنهما في شكل مبكر. خطط الطوارئ للتعاطي مع الإفراج عنهما من خلال دمشق جاهزة. نأمل بأننا ما زلنا قادرين على توفير طائرة خلال مهلة قصيرة لنقلهما، إذا تطلب الأمر ذلك.
…. التوقيع ديفيز».
رسالة إيرانية عبر عُمان
وفي برقية سرية من السفارة البريطانية في مسقط إلى وزارة الخارجية في لندن، بتاريخ 20 أيار (مايو) 1990، جاء ما يأتي:
«ملخص
1- قدّم وزير الخارجية العماني شرحاً عن اتصالاته مع إيران ورجاء رفسنجاني من الغرب أن يشجع الإفراج عن مزيد من الرهائن من خلال بادرة تجاه حزب الله.
التفاصيل
2- مثلما كان متوقعاً، دعاني يوسف بن علوي لزيارته مساء أمس (19 أيار) لكن رسالته الأساسية كانت عن الرهائن في لبنان.
3- قال إنه في لقائه مع رفسنجاني في طهران في 11 أيار، شرح له الأخير جهوده من أجل تحرير الرهائن في لبنان كبادرة تجاه الغرب. لقد حاول جهده ونجح في الإفراج عن رهينتين أميركيين، ولكن لم يكن هناك من رد على هذه المبادرة من الأميركيين. يشعر رفسنجاني الآن أنه لا يستطيع أن يقوم بأي شيء إضافي. يشعر حزب الله في لبنان بالغضب وبأنه تم خداعه. عُمان تريد أن تشجع رفسنجاني على مواصلة جهوده وبن علوي سأل ما هي البادرة التي يتوقعها. رد رفسنجاني بأن الولايات المتحدة يجب أن تمارس ضغطاً لحمل إسرائيل على الإفراج عن عدد من اللبنانيين الشيعة المعتقلين في إسرائيل. سأل عما إذا كانت عُمان قادرة على المساعدة في إقناع حلفاء الولايات المتحدة بالقيام بشيء من أجل إقناع حزب الله بأن مبادرتهم (الإفراج عن الرهينتين) لم تذهب هباء.
4- قال بن علوي إنه يأمل بأننا في بريطانيا وفي السوق الأوروبية المشتركة ككل يمكن أن نستمع إلى رجاء إيران. فهذه تبدو الطريقة الوحيدة للتقدم إلى الأمام في شأن بقية الرهائن. أشرت إلى جهود المطران جون براون من أجل تحديد مصير بعض الشيعة الذين يُعتقد أنهم قد خُطفوا. قال بن علوي إن هناك العديد من الآخرين (المحتجزين) لدى الإسرائيليين. من المهم جداً لوضع رفسنجاني وانفتاح إيران نحو الغرب أن يتم بذل مزيد من الجهود التي يمكن أن تُلبّي على الأقل رغبة حزب الله.
تعليق
5- بن علوي سيسافر في 22 أيار لحضور اللقاء التحضيري للقمة العربية ويرجح أن يحضر القمة بعد ذلك. سيبقى على تواصل مع الإيرانيين في شأن مسائل أخرى... وسيرحب بأي تعليقات يمكن أن نرد فيها (على ما يطلب).
التوقيع: كلارك».

Monday 2 January 2017

رفعت الأسد رأى فرصته في انفتاح على الغرب ... وبقي «نائب رئيس» في المنفى

رفعت الأسد رأى فرصته في انفتاح على الغرب ... وبقي «نائب رئيس» في المنفى

النسخة: الورقية - دوليالإثنين، ٢ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث: الإثنين، ٢ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)لندن - كميل الطويل 
تضمنت الوثائق الحكومية البريطانية التي رُفعت عنها السرية قبل أيام في الأرشيف الوطني، محضراً عن «نائب الرئيس السوري» رفعت الأسد الذي كان يحتفظ بهذا المنصب لكنه يعيش في المنفى بين إسبانيا وفرنسا. ويروي محضر للقاء جمعه بسياسي بريطاني أنه كان، في العام 1990، يأمل بأن يعود إلى سورية مستغلاً اضطرار أخيه الرئيس حافظ الأسد إلى الانفتاح على الغرب في إطار تأقلمه مع بدء انحسار نفوذ الاتحاد السوفياتي الذي كان لفترات طويلة حليفاً أساسياً لنظامه. وينقل المحضر عنه قوله «إنه لن يعود إلى دمشق ما لم تتم إعادة تنصيبه في منصبه القيادي السابق، ويُسمح له بأن يعود معه عدد من الضباط الذين تبعوه إلى المنفى». لم يستجب حافظ الأسد، كما يبدو، لمطالب شقيقه الذي كان جرّده منذ العام 1984 من قوّته العسكرية الأساسية (سرايا الدفاع) ونفاه إلى خارج سورية بمنصب «نائب الرئيس» حيث تبعه عدد من قادة الوحدات العسكرية الموالية له.
ما زال رفعت حتى اليوم يعيش في المنفى (خسر منصب «نائب الرئيس» عام 1998)، لكن المحضر البريطاني يعيد التذكير بحقبة الصراعات داخل أسرة الرئيس الأسد، مشيراً إلى علاقات رفعت بزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، في رد كما يبدو على محاولات الرئيس السوري شق المنظمة وقلبها ضد زعيمها.
في 3 نيسان (أبريل) 1990، تلقى وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيرد وتشارلز باول (السكرتير الخاص لرئيس الوزراء ماغريت ثاتشر) رسالة من النائب في البرلمان جوليان أمري تضمنت محضراً لاجتماع عقده مع «نائب الرئيس السوري» خلال عطلة نهاية الأسبوع (31 آذار - مارس - 1 نيسان) في إسبانيا. جاء في رسالة أمري: «ذهبت لرؤية رفعت الأسد خلال نهاية الأسبوع في البانوس، قرب ماربيا، حيث يملك عقاراً. كان يحاول منذ بعض الوقت أن يرتّب لقاء.
أرفق طيّه ملاحظات عن مناقشاتنا.
لا أعتقد بأن هناك الكثير الذي يمكننا أن نقوم به للتأثير في الوضع (السوري). في المقابل، إذا سُمح لرفعت بأن يعود، وفق شروطه، فهذا يمكن أن يخفف من تشدد النظام البعثي الحالي في دمشق وربما يُضعف المافيا المؤيدة للسوفيات التي ما زالت تحيط بحافظ. ربما علينا أن نشجّع الأميركيين، والمصريين والإسرائيليين المهتمين بأن يسألوا ما إذا كان سيساعد استدعاء الرئيس حافظ رفعت للعودة بوصف ذلك بادرة على تغيير التفكير أو السياسة في دمشق.
أرفق نسخة من هذه الرسالة إلى 10 داونينغ ستريت. جوليان أمري».
وأُرفقت رسالة النائب البريطاني إلى رئيسة الوزراء ووزير الخارجية بمحضر حمل عنوان «ملاحظات في شأن لقاء بين نائب الرئيس السوري رفعت الأسد والنائب جوليان أمري يوم السبت 31 آذار 1990 في البانوس قرب ماربيا من الساعة 8 مساء حتى منتصف الليل». وأضاف المحضر: «عقدت لقاء مع نائب الرئيس استمر ساعتين (محادثة مترجمة) تلاه عشاء. كان (رفعت) يطلب اللقاء منذ بعض الوقت. لم يكن لديه شيء جديد ليقوله. اعتقد بأنه ببساطة كان تواقاً لإبقاء خط الاتصال مفتوحاً.
بدأ رفعت بالحديث عن آماله الكبيرة بحصول تغيير أساسي في ســـياسة ســـورية في آب (أغسطس) العام الماضي. لقد أُجهضت تلك الآمال. في رأيه الوضع لم يتغيّر تغيّراً كبيراً منذ ذلك الوقت باستثناء التحسن في العلاقات بين سورية ومصر. يميل إلى الاعتقاد بأن هذا (التحسن إنما هو) حملة علاقات عامة من كل من القاهرة ودمشق».
وتابع المحضر ناقلاً عن رفعت: «في سورية نفسها الوضع يتدهور لأسباب عدة. الوضع الاقتصادي يسوء ولا يمكن تحسينه من دون الابتعاد عن (سياسة) التحكّم في السوق. لبنان يستهلك قدرات (سورية) ورجالها. عودة الأردن إلى الحكم البرلماني تطرح أسئلة محرجة في دمشق. التأييد السوفياتي يتراجع في شكل واضح. ما زالت موسكو ترسل السلاح لكنها قلّصت في شكل كبير الدعم المادي والمعنوي، وهذا أمر يصبح جلياً. الدعم السعودي يبدو أيضاً أنه في تراجع. ما زال هناك أمل بالدعم الأميركي».
وشرح المحضر ما يعنيه بالدعم الأميركي: «رفعت لا يعتقد بأن المبادرات الأخيرة للرئيس السابق (جيمي) كارتر تمت بناء على تعليمات من واشنطن. كان لكارتر دوماً علاقة شخصية جيّدة مع حافظ الأسد. هو، أي كارتر، يعتبر كامب ديفيد أكبر إنجازاته ويريد أن يستكملها بترتيب اتفاق بين سورية وإسرائيل. لا شك في أنه تشاور مع كل من مصر وإسرائيل بالإضافة إلى واشنطن قبل ذهابه إلى دمشق».
وتابع التقرير: «بالانتقال إلى وضعه الخاص، قال رفعت إنه أوضح (للرئيس الأسد الذي اعتقد بأنه ما زال على اتصال به) أنه لن يعود إلى دمشق ما لم يتم إعادة تنصيبه في منصبه القيادي السابق، ويسمح له بأن يجلب معه عدداً من الضباط الذين تبعوه إلى المنفى. إذا ما كان له أن يعود فإحدى أولى خطواته ستكون الدعوة إلى حوار فوري مع إسرائيل. في تقويمه، حافظ الأسد في وضع لا يختلف كثيراً عن وضع تشاوشيسكو (رئيس رومانيا السابق) وقادة آخرين مؤيدين للسوفيات في أوروبا الشرقية وإثيوبيا. ربما يريد الانعطاف وتبني اتجاه مؤيّد للغرب لكن ذلك سيكون صعباً عليه ويتطلب اقتناعاً من الدول الأخرى المعنية. هو، رفعت، إذا ما سُمح له بالعودة، وفق شروطه، سيكون في وضع أفضل لإقناع دول أخرى في المنطقة بأن تحوّل حافظ حقيقي. حتى الآن، لا يبدو أن هناك تغييراً في هذا الاتجاه من دمشق. في ظل هذا الوضع ليس أمامه (رفعت) من خيار سوى انتظار التطورات».
وتابع أمري: «حديثنا خلال العشاء كان أكثر عمومية (اللقاء الأول كان ببساطة عبر مترجم). رفعت يعرف السوفيات معرفة جيدة. يعتقد بأنهم لا بدّ أن يتراجعوا نحو عمقهم السلافي (الكلمة الأصلية كانت «السوفياتي» لكنها مصححة بخط اليد إلى «سلافي») حيث سيبقون قوة عسكرية لا يستهان بها. يفترض أنهم قد يُبقون أيضاً على علاقات مهمة مع تلك الأراضي «المستعمرة» التي سيكون عليهم تركها»، في إشارة إلى الدول المتحالفة معهم.
واختتم أمري محضره: «جاء إليّ رفعت بعد ظهر اليوم التالي لتوديعي. سألني عن علاقتي بياسر عرفات. عندما قلت له إنني لم أقابله قط، قال إنه سأل فقط لأنه اعتقد بأنني يمكن أن أطلب إرسال تحياتي له كونه سيأتي لرؤية رفعت في مساء اليوم ذاته. (فهمت أن حافظ يدعم جماعة فلسطينية منافسة لمنظمة التحرير الفلسطينية لذلك فإن منظمة التحرير تحاول خطب ود رفعت). جوليان أمري».

علي صالح للبريطانيين إحذروا القط ... النمر! (موضوعي عن اجتياح العراق للكويت 1990)

علي صالح للبريطانيين: إذا حُشِر القط في زاوية سيقاتل كالنمر!


حسني مبارك.
النسخة: الورقية - دولي الأحد، ١ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث: الأحد، ١ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) لندن - كميل الطويل 
تتضمن الوثائق البريطانية التي رُفعت عنها السرية في الأرشيف الوطني، مجموعة ضخمة من التقارير عن الانقسام الذي شهده العالم العربي على خلفية الاجتياح العراقي للكويت في 2 آب (أغسطس) 1990، وتحديداً بين أولئك الذين هبّوا للوقوف إلى جانب الكويت وحكومتها الشرعية وبين أولئك الذين ساندوا الرئيس العراقي صدام حسين أو اعتُبروا أنهم يقفون في صفّه على رغم إصرارهم على أنهم حياديون ويريدون لعب دور الوسيط لتأمين انسحاب العراق من الكويت.
وفيما تضامنت دول الخليج مع الكويتيين في محنتهم، اتخذ العاهل الأردني الملك حسين والرئيس اليمني علي عبدالله صالح، إضافة إلى زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، مواقف بدت كأنها مؤيدة للعراقيين. ومعلوم أن العراق كان آنذاك حليفاً للأردن واليمن في إطار مجلس التعاون العربي الذي ضم أيضاً مصر. لكن الرئيس حسني مبارك اتخذ موقفاً مختلفاً جذرياً عن حلفائه المفترضين في المجلس، إذ أعلن وقوفه الكامل مع الكويت ودول الخليج ومعارضته الشديدة لما قام به صدام.
وتتحدث حزمة من الوثائق السرية البريطانية عن لقاءات عقدها وزير الخارجية دوغلاس هيرد مع عدد من الزعماء العرب خلال جولة له في المنطقة دامت من 31 آب إلى 5 أيلول (سبتمبر) 1990. وفي هذا الإطار، تتحدث برقية للسفير البريطاني في عمّان سير أنتوني ريف عن محادثات هيرد مع الملك حسين وولي عهده الأمير حسن، ويقول: «ما زال الملك حسين ينوي العمل على «خفص التصعيد» والحل الوسط. ولي العهد أكثر وعياً لضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 660 في شكل كامل ومواجهة الكارثة الاقتصادية التي تلوح في الأفق». وأضافت برقية السفير: «صدمني الاختلاف في التعاطي بين ولي العهد و (وزير الخارجية مروان) قاسم من جهة، وبين الملك من جهة ثانية. انطباعي أن ولي العهد نضج خلال هذه الأزمة». وتابعت: «رأى (الأمير حسن) في مرحلة مبكرة حاجة الأردن كي يحدد موقعه بطريقة أكثر وضوحاً مما فعل الملك. بعكس أخيه، لا يخفي ولي العهد آراءه في خصوص صدام وهي تكاد تكون مطابقة تماماً لآرائنا. كما أن لديه فهماً أوضح لدرجة الكارثة الاقتصادية التي تنتظر (الأردن)، وللتبعات السياسية والاقتصادية للظهور بمظهر الداعم للعراق».
وتضيف البرقية متحدثة عن موقف العاهل الأردني: «الملك مستمر في السير بطريقه الخاص به. غير آبه كما يبدو بنزول مكانته لدى تلك الدول العربية التي يُحسب لها الحساب فعلاً وبالمواقف الانتقادية التي واجهها في أوروبا، يبدو مصمماً على المضي في الترويج لتسوية الحل الوسط». لكن التقرير يلفت إلى أن الوزير هيرد «أوضح بجلاء أن هذه المواقف لا يمكن بيعها للمجتمع الدولي (بما في ذلك الدول العربية) بل إنها تعزز الشكوك لدى دول الخليج العربية في أن الأردن يحاول إضعاف الضغوط على صدام». ورد الملك، وفق البرقية، بالقول أنه «ينوي التحدث بصراحة إلى بغداد. يبدو هدفه أن يقنع صدام بالتراجع عن ضم الكويت كخطوة تسبق الانسحاب». غير أن الوثيقة تضيف أن الملك «جادل بأن العودة إلى الوضع كما كان سائداً في السابق ببساطة ليست ممكنة. لا بد أن يحصل استفتاء من نوع ما في الكويت، ويجب ترتيب القضايا الأساسية، مثل توزيع الثروة بين من يملك ومن لا يملك».
وتضمنت وثيقة أخرى محضراً للقاء جمع هيرد بأمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح في السعودية، يوم 4 أيلول. وينقل المحضر عن أمير الكويت أنه شن هجوماً لاذعاً على الرئيس العراقي، وقال: «لن يقبل صدام حسين أبداً بالانسحاب من الكويت والسماح بعودة الحكومة الشرعية. لن يفعل ذلك إلا مرغماً». وبعدما شرح هيرد للشيخ جابر فحوى محادثات أجراها في صنعاء مع الرئيس اليمني، نقل المحضر عن أمير الكويت قوله: «إن اليمنيين الجنوبيين وكثيراً من القبائل الشمالية يختلفون مع الموقف الذي أخذه الرئيس صالح… يعتقد الأمير أنه حصل تغيير في النبرة في وسائل الإعلام اليمنية في الأيام القليلة الماضية، وأعرب عن أمله بأن يُصلحوا الطريق الذي يسيرون عليه».
وتناول المحضر قول هيرد لأمير الكويت أنه يريد أن يقول للأردنيين أنهم إذا «فصلوا أنفسهم عن العراق، فالدول العربية الأخرى ستساعدهم» لكن «الأمير أبدى صعوبة في فهم موقف الملك حسين» مشيراً إلى أن «الكويت ضخت كميات هائلة من الأموال في الاقتصاد الأردني». وتابع المحضر أن «الشعب الكويتي (الآن) موحد وراء التصميم على عدم مساعدة الأردن، وسيجد الأمير أن من الصعوبة بمكان ألا يستجيب لرغبات شعبه».
وتضمن محضر آخر تلقته وزارة الخارحية في لندن، بتاريخ 4 أيلول 1990، فحوى محادثات بين هيرد والرئيس اليمني في صنعاء. ووفق هذا المحضر، قال صالح أن «اليمن لم يوافق أبداً على خرق أراضي (الآخرين) بالقوة ويعارض ضم الكويت». وأضاف أن اليمنيين، في المقابل، «ضد وجود القوات الأجنبية في المنطقة. لا يؤيدون حظراً شاملاً ويحاولون أن يجدوا طريقة للخروج من الأزمة». وحمل علي صالح على «القوى الكبرى» وتحديداً المملكة المتحدة، على خلفية تصريحات رئيسة وزرائها مارغريت ثاتشر، مشدداً على أن «اليمن ليس طرفاً في المشكلة». ونقل المحضر عنه قوله لهيرد: «إن الحل السياسي ممكن بشرط استبعاد الخيار العسكري»، فرد الوزير البريطاني قائلاً أن «الانسحاب العراقي من الكويت يجب أن يتم أولاً»، فقال صالح أن الانسحاب العراقي يجب أن يتم بـ «التوازي» مع انسحاب القوات الأجنبية من المنطقة، مجادلاً بأنه «يجب أن يُمنح صدام حسين مخرجاً». ومشيراً إلى أن القط إذا حُشر في زاوية فإنه يقاتل كالنمر.
وتناول اللقاء، وفق المحضر، قضية «احتجاز صدام حسين المواطنين الأجانب» رهائن لديه لمنع الغرب من قصف العراق، ونقل عن صالح قوله: «إنه مستعد للمساعدة. إذا أمكن تقديم ضمانة للعراق بأنه لن يتعرض للهجوم» وإنه في هذه الحال يمكنه أن يذهب بنفسه إلى العراق لإخراج «جميع الأجانب». لكن هيرد رد بأن صدام، باحتجازه الرهائن، هو من يجعل العراق أقل أمناً، فرد عليه علي صالح أن الرئيس العراقي «لا يفعل أكثر مما فعل اليابانيون في الحرب العالمية الثانية»، فأجابه الوزير البريطاني بأن «هذا صحيح… لكنهم حوكموا وشُنقوا كمجرمي حرب».
وفي 3 أيلول 1990، كتبت البعثة البريطانية في جدة تقريراً عن محادثات هيرد مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل الذي أشاد بموقف بريطانيا من إدانة العدوان العراقي وقال أن «السعودية مصممة على أن الحل الوحيد هو انسحاب العراق غير المشروط وإعادة الحكومة الشرعية إلى الكويت». ورفض الأمير سعود الفيصل «المجادلة بأنه يجب إيجاد حل عربي. هذا الأمر جُرّب من قبل، قبل الاجتياح وبعده». وتابع، كما جاء في المحضر، أن «السعوديين خاب أملهم بأقلية من الدول العربية أراحت العراقيين». وبعدما نقل المحضر عن هيرد قوله أن بريطانيا لا تريد أن يخسر الملك حسين عرشه، نسب إلى الأمير سعود أن المملكة «ساعدت بثبات كلاً من الأردن واليمن. وليست لديها رغبة في أن يعاني أي منهما كنتيجة للعدوان العراقي. مجلس التعاون الخليجي سيفعل ما في إمكانه للمساعدة». وأردف المحضر أن السعودية ودولاً أخرى أبلغت الأردن واليمن، رداً على قولهما أنهما أخذا موقفهما الحالي كي يتمكنا من لعب دور أفضل في الوساطة، بأن «وقت التوسط قد فات» وأن لا مجال للقيام بأي شيء سوى إقناع العراق بالانسحاب من الكويت.
ونقل المحضر عن الأمير سعود أن «المملكة العربية السعودية لا تريد، بالطبع، أن يكون موقع الملك حسين مهدداً وليس هناك شك في أن السعودية ستساعده. لكن سياسته محفوفة بالمخاطر. إذا ربح العراق سيخسر الأردن - وإذا خسر العراق سيخسر الأردن أيضاً».
وتضمنت الوثائق البريطانية أيضاً كلاماً منسوباً إلى الرئيس حسني مبارك الذي اجتمع في 5 أيلول بوفد من البرلمانيين الأوروبيين في الاسكندرية. ووفق محضر اللقاء الذي أرسله السفير جيمس آدامز من القاهرة قال مبارك: «ليست لدى العراق نية للانسحاب من الكويت: صدام لديه طموح أن يكون قوة عظمى إقليمية». وزاد المحضر أن «مبارك قدّم سرداً طويلاً للأحداث التي تُظهر أن الملك حسين كان مجرد عميل لصدام حسين»، مضيفاً أن الرئيس المصري قال أنه قبل يومين من الاجتياح، اتصل صدام بمكتبه وسأل ما إذا كان الرئيس المصري «يقبل 50 مليون دولار هدية من أجل أن يُطعم شعبه». وتابع مبارك، وفق المحضر ذاته، أن 25 مليون دولار وصلت في اليوم ذاته وأنه اتصل بصدام طالباً منه أن يستعيدها، «لكن صدام أصر على أن يتركها قائلاً أنه سيكون لديهم الكثير من المال قريباً»، في إشارة كما يبدو إلى أن الرئيس العراقي كان يتوقع جني أموال ضخمة نتيجة اجتياحه الكويت وسيطرته على ثرواتها.
وشن مبارك، وفق ما جاء في المحضر، هجوماً لاذعاً على صدام قائلاً أن الرئيس العراقي «كذب عليّ»، إذ أرسل جنوده لاحتلال الكويت بعد فترة وجيزة من تأكيده له أن جيشه بعيد أكثر من 70 كلم من حدود الكويت وأن هدفه فقط «إخافة» الكويتيين. وروى الرئيس المصري، في هذا الإطار، اتصالاته مع صدام لإقناعه بالانسحاب، وكذلك مع الملك حسين. وأضاف المحضر: «اتصل مبارك بصدام وقال له أنه لو يهمس في أذن الملك حسين بأنه مستعد للانسحاب، فإنه (مبارك) سيرتب اجتماعاً لحفظ ماء الوجه لبعض القادة. لكن كان واضحاً أن الملك حسين كان يعمل فقط لمصلحة صدام وكان يحاول تحييد مصر».
وشن مبارك هجوماً مماثلاً على الرئيس اليمني صالح، إذ قال أن الأخير جاء إليه في الاسكندرية وسأله ما إذا كانت لديه أي ديون مترتبة لمصلحة الكويت، وعندما أجابه بأن لديه ودائع كويتية ضخمة في مصرف مصري، رد علي صالح قائلاً: «إن صدام يلغي كل الديون (الكويتية) المترتبة على مصر». ونقل المحضر عن مبارك أن «صالح جاء كي يرشوه»، مضيفاً: «لقد كذب صدام عليه، وفي شكل متكرر. كما فعل الملك حسين. أما بالنسبة إلى علي عبدالله صالح، فهو ليست لديه خبرة. لقد كان شاويشاً وهو الآن رئيس». ويضيف المحضر أن مبارك كان لاذعاً أيضاً في حق قادة منظمة التحرير الفلسطينية، قائلاً: «لقد تصرفوا بغباء، آملين بالحصول على أموال من صدام».
وفي الإطار ذاته، ينقل تقرير من السفارة البريطانية في مدريد (بتاريخ 5 أيلول) شرحاً قدمته وزارة الخارجية الإسبانية لمحادثات أجراها وزير الخارجية فرانسيسكو فرنانديز أوردونيز مع ياسر عرفات في الجزائر. وجاء في المحضر: «بينما كان في الجزائر، أجرى فرنانديز لقاء «مفعماً بالحيوية» مع عرفات الذي قال أن إحدى وسائل حفظ ماء الوجه المحتملة لصدام حسين هي أن يربط سياسياً بين الانسحاب العراقي وبين المشكلة الفلسطينية، مثلاً من خلال موافقته على عقد مؤتمر دولي ينظر في المسألتين». وجادل عرفات، وفق التقرير، بأن «الانسحاب العراقي يجب أن يأتي أولاً (قبل عقد المؤتمر الدولي)»، مضيفاً أن «الحل العسكري سيكون كارثياً: إذا هوجم، لن يخاف صدام أن يذهب بضربة ضخمة (بانغ)». ورد فرنانديز أوردونيز بالقول أن «على منظمة التحرير الفلسطينية أن تدرك أنها أضرّت بقضيتها من خلال وقوفها بهذا الوضوح إلى جانب العراق»، لكن عرفات كرر موقفه بأنه «لم يربح شيئاً لقاء كل جهوده للاستجابة للشروط الغربية من أجل تقدم عملية السلام»، ومشيراً إلى أن الشارع الفلسطيني يدعم صدام «في شكل كبير جداً».