Saturday 31 December 2016

البريطانيون رصدوا حشداً عراقياً «هائلاً» على حدود الكويت... لكنهم لم يتوقعوا الاجتياح http://www.alhayat.com/Articles/19347800

البريطانيون رصدوا حشداً عراقياً «هائلاً» على حدود الكويت... لكنهم لم يتوقعوا الاجتياح A+ a- Print Email تعليق (0) النسخة: الورقية - دولي السبت، ٣١ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) آخر تحديث: السبت، ٣١ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) لندن - كميل الطويل تناولت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرية في الأرشيف الوطني، أزمة الاجتياح العراقي للكويت في 2 آب (أغسطس) 1990، معيدة التذكير بواحدة من أشد الأزمات التي عصفت بالعالم العربي، وتحديداً بين دوله، في الحقبة الحديثة. وتعطي الوثائق، وهي عبارة عن تقارير ومحاضر سرية أعدتها الحكومة البريطانية وبعثاتها الديبلوماسية، صورة واضحة عن التطورات التي سبقت الاجتياح، شارحة خلفياته، بما في ذلك قضية الديون العراقية المستحقة للكويت والمطالب العراقية بأراض كويتية، وبالتحديد جزيرتي بوبيان ووربة. كما تتناول الوثائق الاتصالات التي أجراها البريطانيون من أجل معرفة مدى خطورة المواقف العراقية التي سبقت العدوان على الكويت. وكان واضحاً، من هذه الوثائق، أن البريطانيين شعروا بقلق كبير إزاء النيات العراقية، لكنهم لم يكونوا يعرفون ما يُعدّ له صدام حسين، كما أنهم كانوا يخشون التصرف بما يثير غضب العراقيين ويؤثر في علاقاتهم التجارية معهم وأيضاً على مصير السجين البريطاني، رجل الأعمال إيان ريختر، الذي كانت لندن تسعى منذ فترة إلى تأمين الإفراج عنه من سجنه في بغداد. ففي وثيقة مؤرخة في 30 تموز (يوليو) 1990، بعث سفير المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك (سير كريسبن تيكيل) مذكرة إلى وزارة الخارجية أبلغها فيها بأنه ناقش، بناء على طلبها، الأزمة العراقية - الكويتية مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وهم - إلى جانب بريطانيا - سفراء الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين وفرنسا. ولاحظ السفير، في برقيته، أن «حرارة» التهديدات العراقية للكويت تراجعت بعدما لبّى الكويتيون بعض المطالب العراقية، لا سيما في خصوص «تثبيت سعر جديد، ومرتفع، لنفط أوبك»، في إشارة إلى القضية التي أثارها العراقيون آنذاك في خصوص أن الإنتاج الكويتي من النفط يؤدي إلى تراجع سعره عالمياً، بينما العراق يريد رفع السعر كي يتمكن من سداد ديونه المتراكمة إلى الكويت وغيرها بعد خروجه من حرب منهكة دامت 8 سنوات مع إيران. وينقل السفير البريطاني، في البرقية ذاتها، عن توماس بيكرينغ، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إنه اتفق معه على أن هناك مشكلة أخرى «أكثر صعوبة» من قضية سعر برميل النفط وتتمثل في مطالبة العراقيين بجزيرتي بوبيان ووربة. وورد في البرقية أن بيكرينغ قال في الاجتماع إن صدام حسين أجرى محادثات مع سفيرة الولايات المتحدة في بغداد أبريل غلاسبي و «بدا أكثر ارتياحاً مما كان عليه منذ سنوات في خصوص شط العرب ووضع اتفاق الجزائر» الذي يحدد الحدود الملاحية مع إيران في هذا المجرى المائي بين البلدين. ومعروف أن كلاماً كثيراً قيل لاحقاً في شأن اجتماع صدام مع غلاسبي، وتحديداً ما قيل عن غضها الطرف عن تهديداته للكويت باعتبارها تدخل في إطار خلاف داخلي عربي - عربي. وهناك من فسّر موقفها آنذاك بأنه يعني أن الأميركيين لن يتدخلوا لمنع صدام من اجتياح الكويت. في الواقع، جاء اجتماع سفراء الدول الخمس الكبرى في نيويورك على وقع معلومات استخباراتية بريطانية عن حشود عراقية «هائلة» تتجه نحو الحدود الكويتية. وأشارت مذكرة وقّعها «كيلي» من البعثة البريطانية في بغداد (روبن كيلي، القنصل البريطاني العام)، بتاريخ 22 تموز (يوليو)، إلى أن ضباطاً يعملون في القسم الدفاعي في السفارة قاموا برحلة، ذهاباً وإياباً، بين بغداد والكويت، وأنهم شاهدوا وهم في طريق العودة إلى العاصمة العراقية (سلكوا طريق صفوان - الناصرية - الكوت) حشداً غير مسبوق لقوات الحرس الجمهوري وهي تزحف نحو حدود الكويت. وتضمن تقرير العسكريين البريطانيين، والواضح أنهم من أجهزة الاستخبارات، تسجيل أرقام العربات العسكرية التي شاهدوها (أكثر من 3000 آلية)، والإشارات التي يضعها الجنود على بذاتهم العسكرية (علامة قوات الحرس الجمهوري والعلامة الحمراء للقوات الخاصة المظلية)، وأنواع الآليات التي يتم الدفع بها، من دبابات وناقلات جند وشاحنات نقل وعربات لوحدات الهندسة، وكذلك مواقع المخيمات التي يتم نصبها لهذا الحشد (غرب الزبير). ولاحظ التقرير أن الأمن العراقي لم يحاول التحرش أو عرقلة عمل العسكريين البريطانيين خلال مراقبتهم تقدم القوات نحو حدود الكويت. وبما أن جولة هؤلاء كانت قد نالت إذناً مسبقاً من السلطات العراقية، فقد خلص التقرير البريطاني إلى أن بغداد تريد على الأرجح أن يُعرف أنها تحشد قواتها ضد الكويت. لكن التقرير يقول إن النيات العراقية «ليست واضحة» في خصوص الهدف النهائي من إرسال القوات. ما عجز تقرير كيلي من بغداد عن التنبؤ به سرعان ما كشفه صدام. فبعد 10 أيام فقط كانت القوات العراقية تعبر الحدود الكويتية، وتسيطر على كامل أراضي جارتها الصغيرة، ما اضطر القيادة الكويتية إلى الانتقال إلى السعودية التي وقفت بصلابة إلى جانب الكويتيين وضد العدوان العراقي. وتفيد الوثائق بالتفصيل الاتصالات التي باشرها البريطانيون مباشرة بعد الغزو، الذي قوبل بقرار فوري من مجلس الأمن يطالب العراقيين بانسحاب غير مشروط (القرار الرقم 660، حظي بتأييد 14 دولة باستثناء اليمن الذي لم يشارك في التصويت). أصدر مجلس الأمن خلال الشهور السبعة لاحتلال الكويت قراراً تلو الآخر بفرض عقوبات وحصار على العراق، لكنها لم تنجح في إقناع صدام بالانسحاب سلماً. وتوضح الوثائق البريطانية أن حكومة مارغريت ثاتشر كانت بالفعل تفكّر في بدء عمل عسكري، توقعاً لفشل العقوبات. وتكشف برقية من السفارة البريطانية في واشنطن (السفير سير أنتوني آكلاند)، بتاريخ 6 أيلول (سبتمبر) 1990، أن الجانب البريطاني بدأ اتصالات مع الأميركيين لمناقشة «الأسس القانونية للعمل العسكري» ضد صدام. وتوضح البرقية أن الأميركيين اتفقوا مع البريطانيين على أن الرسالة التي تلقوها من الحكومة الكويتية والتي تطالب بإجراءات اقتصادية ضد العراق لدفعه إلى الانسحاب «تحد مستقبلاً من حريتنا في بدء أي عمل (عسكري)». لكن الأميركيين جادلوا، في الوقت ذاته، بأن الرسالة الكويتية تنص على أن الهدف هو تطبيق القرار 660 الذي يطالب العراقيين بالانسحاب غير المشروط، وأن ذلك يمكن استخدامه - بالإضافة إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة - كمبرر يعطي «مشروعية لأي عمل عسكري أميركي» محتمل لتحرير الكويت. وتضيف الوثيقة أن الأميركيين جادلوا أيضاً بأن العمل العسكري يمكن اللجوء إليه «بمجرد إيماءة بالموافقة المسبقة من الكويتيين». لكن البريطانيين لم يريدوا، كما يبدو، حصول تدخل عسكري سوى بعد تأمين أكبر حشد دولي ضد العراق، وبالتحديد من خلال جذب الاتحاد السوفياتي إلى موقف مشترك مع الأميركيين. وتكشف الوثائق البريطانية أن ثاتشر سعت إلى التقريب بين الرئيسين جورج بوش وميخائيل غورباتشوف اللذين عقدا قمة في هلسنكي في مطلع أيلول (سبتمبر). ففي 6 أيلول تلقت ثاتشر من مستشارها للشؤون الخارجية تشارلز باول رسالة مصنّفة «سرية» تتناول المواضيع التي يفترض أن تثيرها في اتصال هاتفي مع بوش قبل اجتماعه مع غورباتشوف. وقال باول لثاتشر إن عليها أن تلفت نظر الرئيس الأميركي إلى أن «المشكلة الأساسية الوحيدة محل الخلاف هي هل هناك ضرورة للعودة إلى الأمم المتحدة من أجل نيل تفويض إضافي قبل استخدام العمل العسكري لطرد صدام حسين من الكويت». وأضاف أن عليها إبلاغ بوش بأن الرأي القانوني للبريطانيين يقول إن هناك حاجة إلى طلب رسالة جديدة من أمير الكويت تغطي مشروعية العمل العسكري لتحرير بلده. ويلفت باول نظر ثاتشر إلى أن الأميركيين يترددون في السير بهذا الخيار، ويدعوها إلى الطلب من بوش أن يشجع غورباتشوف «على سحب جميع المستشارين العسكريين الروس (من العراق). (لأن) وجودهم يعطي إشارة خاطئة: علينا أن نعزل صدام حسين في شكل كامل». واستبقت ثاتشر اتصالها ببوش برسالة إلى غورباتشوف قالت فيها: «إن تبعات العمل العراقي خطيرة جداً بالفعل. ليس هناك أي مبرر يمكن تصوّره كي تزحف دولة وتحتل أخرى فقط لأنها تطمع في ثرواتها ومصادرها». واعتبرت رئيسة الوزراء البريطانية «أن التصرف العراقي يوجد عالماً بلا قانون، وسيؤثر في ثقة كل الدول الصغيرة». وفي إشارة إلى ألمانيا النازية وسياسات هتلر التوسعية في أوروبا في ثلاثينات القرن الماضي، توجهت ثاتشر إلى غورباتشوف قائلة: «لدولتينا ذكريات مريرة في خصوص تبعات العجز عن التصدي لابتلاع دول صغيرة في الثلاثينات». وفي 6 أيلول أيضاً، كتب باول محضر اجتماع جمع ثاتشر ووزير خارجيتها دوغلاس هيرد لمناقشة أزمة الاجتياح العراقي للكويت. وجاء في المحضر: «قالت رئيسة الوزراء إنها متيقنة في شكل متزايد أن صدام حسين لن يخرج من الكويت سوى بعد رميه خارجها». وأضاف المحضر أن ثاتشر قالت إنها «وصلت إلى هذا الاقتناع نفسه في شأن الجنرال (الأرجنتيني) غالتييري في نزاع فوكلاند»، في إشارة إلى الحرب على هذه الجزر في العام 1982. في المقابل، لفت المحضر إلى أن «وزير الخارجية (هيرد) كان ميالاً أكثر لإعطاء فرصة للعقوبات كي تنجح، بشرط أن نقنع صدام حسين بأنه سيُضرب ضرباً شديداً إذا بقي» في الكويت. وبحسب المحضر ذاته، وافقت ثاتشر على ضرورة منح فرصة للعقوبات الدولية، لكنها قالت إن ذلك لا يجب أن يطول أكثر من 3 - 6 أشهر، وأنه يجب بدء التحضير للعمل العسكري تحسباً لفشل العقوبات. نقل المحضر عن ثاتشر: «إذا لم تنجح العقوبات وفشلت الولايات المتحدة والقوة المتعددة الجنسيات في القيام بعمل عسكري، فإنها تتوقع أن يوجّه الإسرائيليون ضربة (للعراق)».

Friday 30 December 2016

ALHAYAT - My story today (on the Iraqi invasion of Kuwait, 1990) http://www.alhayat.com/Articles/19333979

«الشاويش» علي صالح حاول «رشوة» مبارك لخدمة صدام النسخة: الورقية - دولي الجمعة، ٣٠ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) آخر تحديث: الجمعة، ٣٠ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) لندن - كميل الطويل أعادت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرية في الأرشيف الوطني اليوم الجمعة، نكء جروح كانت اندملت إلى حد كبير في العلاقات العربية– العربية، لا سيما على خلفية الانقسام الذي سببه الاجتياح العراقي للكويت في 2 آب (أغسطس) 1990، إذ تنقل الوثائق كمّاً ضخماً من الاتهامات التي كالها زعماء عرب بعضهم إلى بعض، بسبب وقوفهم إلى جانب الرئيس العراقي السابق صدام حسين أو إلى جانب معارضيه. ولعل أشد الاتهامات الواردة في المحاضر السرية البريطانية كانت تلك التي أطلقها الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي اتهم صدام بمحاولة رشوته بملايين الدولارات من أجل ضمان تأييد العراق. وإضافة إلى صدام، شن مبارك هجوماً لاذعاً على العاهل الأردني الراحل الملك حسين، واتهمه بالعمل لمصلحة صدام. وشن هجوماً مماثلاً ضد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي قال إنه جاء إلى مصر حاملاً 25 مليون دولار «رشوة» من صدام. ومعلوم أن مبارك كان أطلق مثل هذه الاتهامات علناً بُعيد الاجتياح العراقي للكويت، لكن كلامه هنا جاء في إطار أحاديث خاصة مع مسؤولين غربيين. وبحسب الوثائق البريطانية، استخدم مبارك في انتقاده علي صالح، وصْفَ «شاويش»، في إشارة إلى أن الرئيس اليمني السابق كان متدني الرتبة عندما التحق بالقوات المسلحة اليمنية قبل أن يصبح رئيساً في العام 1978. وتنقل الوثائق أيضاً عن مبارك قوله إن صدام مصاب بهوس أن يكون العراق «دولة عظمى إقليمية» مؤكداً انه لن يخرج من الكويت إلا بالقوة، كما تتحدث عن «اختلاف» في المواقف من العدوان العراقي على الكويت بين الملك حسين وولي عهده الأمير حسن، لافتة إلى أن مواقف الأخير كانت «ناضجة» وأقرب إلى مواقف دول الخليج وأكثر تفهماً للأوضاع الخطيرة التي سيواجهها الأردن نتيجة تداعيات الأزمة والظهور بمظهر المؤيد لصدام. وتنقل الوثائق في الوقت ذاته عن الملك حسين تأكيده أنه لا يقف إلى جانب صدام في اجتياح الكويت، بل يريد أن يكون في وضع يسمح له بلعب دور وساطة في الأزمة. وتكشف أن بريطانيا قالت في اتصالاتها آنذاك مع دول المنطقة، إنها لا تريد أن يسقط العرش الهاشمي، وإنها سعت إلى إقناع المستائين من موقف الأردن بمساعدته لئلا تهدد الأوضاع استقرار الحكم. وتنقل الوثائق أيضاً عن صالح أنه حاول أمام وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيرد، أن يبرر لصدام احتجازه رهائن غربيين لمنع حصول ضربات تستهدف العراق لإرغامه على الانسحاب من الكويت، قائلاً إن صدام لم يفعل أكثر مما فعله اليابانيون خلال الحرب العالمية الثانية، فرد عليه الوزير البريطاني بأن اليابانيين فعلوا ذلك حقاً لكن مصيرهم كان الاعتقال وحبل المشنقة. وفي الوثائق أيضاً، معلومات مفصلة عن الجهود التي قامت بها حكومة مارغريت ثاتشر لحشد التأييد الدولي ضد صدام، بما في ذلك الطلب من الأميركيين تحضير الأساس القانوني الذي يمكن اللجوء إليه لشن عمل عسكري يُرغم صدام على الخروج من الكويت. وتنقل المحاضر عن ثاتشر قولها إنها مقتنعة بأن صدام لن يترك الكويت إلا إذا تم «رميه خارجها»، في حين جادل وزيرها للخارجية (هيرد) بضرورة إعطاء فرصة للحصار الدولي الذي فرضته الأمم المتحدة، على أمل أن ينجح في دفع الرئيس العراقي إلى إعادة النظر، سلماً، في موقفه. وقالت ثاتشر إنه إذا عجز المجتمع الدولي عن إرغام صدام على ترك الكويت فإنها تعتقد أن الإسرائيليين سيوجهون إليه ضربة عسكرية. ومن ضمن الوثائق واحدة توضح أن عسكريين بريطانيين يُعتقد أنهم من الاستخبارات، رصدوا حشد العراق قواته قرب الحدود الكويتية في الشهر السابق للغزو، وتحدثوا عن مشاهدتهم قوافل تبدأ ولا تنتهي من قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وهي تتجه جنوباً نحو الكويت، من دون أن يتضح هل هذه الحشود هدفها إخافة الكويتيين فقط أم القيام بعمل عسكري ما. لم تمر أيام على التقرير الأمني البريطاني حتى كانت القوات العراقية تعبر الحدود الكويتية بعد منتصف الليل في 2 آب (أغسطس)، وتسيطر على العاصمة وبقية أرجاء الدولة، حيث اضطرت الحكومة الكويتية للجوء إلى المملكة العربية السعودية. لم يكتف صدام بما فعل، بل لجأ إلى إعلان ضم الكويت إلى العراق وجعلها «المحافظة 19». ولا تغطي الوثائق مرحلة التحرير الذي بدأ في كانون الثاني (يناير) 1991.

Sunday 25 December 2016

مقابلتي مع السلطة الخامسة - يسري فودة

https://twitter.com/dw_Sulta5/status/812017384663879680

مقالتي في الحياة اليوم

http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/19250992


النسخة: الورقية - دولي الأحد، ٢٥ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
بعد خمسة أيام، وتحديداً في 30 كانون الأول (ديسمبر)، تمر الذكرى العاشرة لإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. جاء إعدامه، آنذاك، تنفيذاً لحكم أصدره القضاء العراقي بعدما دانه بـ «مذبحة الدجيل» التي راح ضحيتها 148 شيعياً في العام 1982. ولو أتيح مزيد من الوقت قبل تعليقه على حبل المشنقة، لكان القضاء العراقي بالتأكيد قد دانه أيضاً بعشرات الحروب العبثية والمذابح واستخدام السلاح الكيماوي وانتهاكات أخرى لا تُحصى ضد شعبه وجيرانه على مدى سنوات عهده منذ 1979 وحتى إطاحته في العام 2003.
هل نال الرجل ما يستحق؟ سيقول كثيرون إنه نال أقل مما يستحق، لكن هناك أيضاً من لا يزال يؤمن أنه كان شخصاً وطنياً ويعتبر رحيله خسارة. سيجادل أصحاب هذا الرأي الأخير بأن صدام، على رغم أخطائه الكبيرة، منع ظهور الانقسام الطائفي الحاد الذي يشهده العراق حالياً بعد رحيله، سواء من خلال بروز الجماعات الشيعية المتشددة (وبعضها مرتبط صراحة بالاستخبارات الإيرانية ويعمل تحت إشرافها) وأيضاً الجماعات السنيّة المتشددة، كـ «داعش» وإخوته. وسيشير هؤلاء أيضاً إلى أن رحيل صدام كرّس «تفكك» العراق بعدما بات الكيان الخاص بالأكراد على شفا الاستقلال الكامل. سيردّ معارضو صدام، بلا شك، بالقول إن ديكتاتوريته هي التي انتجت كل هذه المصائب في العراق، وإن الانقسام الطائفي كان موجوداً وإن غير ظاهر علناً، بينما الأكراد ما كانوا ليسعوا إلى الانفصال لو قدّم لهم العراق ما يشجعهم على البقاء في إطاره.
لن يعجز طرفا الجدال عن إيجاد أدلة تبرهن صحة مواقفهم من الرئيس الراحل، سواء لجهة شيطنته وإثبات إجرامه أو لسبغه بثوب ملائكي يعكس مدى حبه وولائه لوطنه.
لكن الطرفين، على رغم تناقضهما، لا بد أن يتفقا على أن العراق اليوم يفتقد رجلاً قوياً، كصدام، يستطيع أن يفرض سلطة الدولة - بطشها، في الواقع - على أنحاء البلاد. كانت أجهزة الأمن العراقية في أيامه تحصي أنفاس المواطنين وتزرع الرعب في قلوبهم. كانت تقتل أو تسجن أي شخص يُشتم منه رائحة المعارضة. لكنها، في المقابل، نجحت وإلى حد كبير في فرض درجة كبيرة من الأمن والاستقرار الداخلي، الأمر الذي عجزت الحكومات العراقية المتعاقبة، منذ إطاحته في العام 2003، عن تحقيق ولو جزء يسير منه.
وهنا بيت القصيد. هل يفضّل العراقيون اليوم أمناً واستقراراً في ظل نظام سلطوي يديره حزب واحد، أم يفضّلون فوضى واقتتالاً أهلياً في ظل نظام تعددي الأحزاب؟ وما يُطلب من العراقيين أن يقرروا فيه هنا ليس حكراً عليهم. فمواطنو دول ما يُعرف بـ «الربيع العربي»، المجهض، يبدون حائرين، كالعراقيين، في التفضيل بين أنظمتهم السلطوية السابقة وبين وضعهم الحالي المزري. الليبيون، مثلاً، لا بد من أنهم يعيدون التفكير في ما إذا كان وضعهم في أيام حكم العقيد الراحل معمر القذافي أفضل، في بعض نواحيه على الأقل، من وضعهم حالياً في ظل ثلاث حكومات متنافسة وعشرات الميليشيات المتناحرة على السلطة. والمصريون لا بد من أنهم أيضاً يقارنون بين أيام الرئيس السابق حسني مبارك ووضعهم بعد «ثورة يناير» التي أطاحته من حكمه المديد. التونسيون يستذكرون أيام بن علي، بحلوها ومرّها، واليمنيون يترحّمون على أيام علي صالح. بعض السوريين، على الأقل، لا بد من أنه يحن إلى ما كان عليه بلدهم قبل انطلاق الثورة على الأسد وقمعه الدموي لها … سيل عربي لا يتوقف من المقارنات المحتملة.
عقارب الساعة، بالتأكيد، لا تعود إلى الوراء. لكن ما نشاهده اليوم في بلدان الربيع المنكوب يعكس، كما يبدو، رغبة ما في استيلاد نظام سلطوي جديد بديلاً للفوضى التي حلت بعد رحيل الأنظمة السلطوية السابقة. مصر عبدالفتاح السيسي ليست بعيدة من هذا الإطار، وكذلك ليبيا المشير خليفة حفتر. بعض اليمنيين يتمسك بعلي صالح بديلاً للفوضى والتفكك، ومؤيدو الأسد يروّجون لفكرة مماثلة.
هل «الرجل القوي» هو الخيار الأفضل للبلدان العربية، حتى ولو كان ديكتاتوراً سلطوياً؟ بعد الربيع العربي سيقول كثيرون إنهم يفضلون هذا الخيار بالطبع على الاقتتال الأهلي. لكن هذا الخيار، بالتأكيد، لا يجب أن يكون الوحيد والأبدي، وإلا لاستحق العرب ما يُقال عنهم من أنهم غير جاهزين للحكم الديموقراطي، كغيرهم من بلدان العالم المتحضّر!