Friday 25 January 2008

UK new counter-terror bill 2008 قانون مكافحة الارهاب الجديد في بريطانيا




http://www.daralhayat.com/world_news/europe/01-2008/Item-20080124-ad64d5b9-c0a8-10ed-01ae-81ab58bc9391/story.html


وزير الأمن ومكافحة الإرهاب لـ«الحياة»: حزب التحرير لن يُحظّر لكنه يبقى تحت المراقبة ... لندن تشدد قوانين مكافحة الإرهاب: تمديد الاعتقالات ومصادرة أملاك
لندن - كميل الطويل الحياة - 25/01/08//

قدّمت الحكومة البريطانية، أمس، إلى مجلس العموم مشروع قانون جديداً لمكافحة الإرهاب يرفع الفترة القصوى المسموح للشرطة باعتقال المشتبه في تورطهم في الإرهاب قبل توجيه تهم إليهم من 28 يوماً إلى 42 يوماً، في حالات استثنائية، ويزيد فترات السجن للمدانين بجرائم إرهابية، ويسمح للمرة الأولى بإعادة استنطاق موقوفين بعد أن تكون اتهامات بالإرهاب وُجّهت إليهم.

لكن لن يكون سهلاً، كما يبدو، لحكومة غوردون براون إقناع مجلس العموم، ثم مجلس اللوردات، بتبني «قانون مكافحة الإرهاب للعام 2008»، على رغم الغالبية التي يحظى بها حزب العمال الحاكم في البرلمان. إذ تدل المؤشرات إلى أن شريحة واسعة من نواب العمال سينضمون إلى زملائهم في حزبي المحافظين والديموقراطيين الأحرار في التصويت ضد القانون، علماً أن توني بلير تلقى هزيمته الوحيدة في تصويت في مجلس العموم عندما رفض النواب، عام 2005، طلبه تعديل قانون الإرهاب السابق للسماح باعتقال المشتبه فيهم لفترة تصل إلى 90 يوماً. وأعلن حزب الديموقراطيين الأحرار أنه سيتحالف مع المحافظين لهزيمة القانون الجديد في مجلس اللوردات إذا لم يتمكن النواب من وقفه في مجلس العموم. وأوردت صحيفة «الإندبندنت» أن 38 نائباً عمالياً يعارضون القانون الجديد، أي أكثر من العدد اللازم لإسقاطه (34 نائباً من العمال، إضافة الى نواب المعارضة).

وقالت وزيرة الداخلية جاكي سميث، في شرحها القانون الجديد، «إن أولوية الحكومة هي حماية مواطنينا. إننا نواجه تهديداً إرهابياً غير مسبوق في هذا البلد، لكننا مصممون على أن نقوم بأي إجراء ضروري لحماية الناس من أي هجوم في المستقبل». وأوضحت أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي سيبدأ النواب في مناقشته قبل التصويت على بنوده (8 أجزاء تحوي 92 مادة)، هو جزء فقط من «استراتيجية» واسعة النطاق للحكومة «لمنع الناس من أن يصيروا إرهابيين في المقام الأول من خلال مواجهة الأيديولوجية المتطرفة ودعم الجاليات في التخلّص من تأثيراتها».

وقبل طرح القانون الجديد أمام مجلس العموم، بدأت الوزيرة سميث لقاءات مع نواب حزب العمال المتشككين في محاولة لإقناعهم بالتصويت لمصلحته. ويتناول جزء كبير من مشروع القانون شروطاً صارمة للسماح بتمديد اعتقال المشتبه في تورطهم في الإرهاب أكثر من الفترة القصوى المسموح بها قانوناً وهي 28 يوماً. إذ يوضح أن فترة 28 يوماً لن تتغير سوى في حالات استثنائية جداً، وانه في مثل هذه الحالات ستمدد إلى فترة 42 يوماً، وستكون وزيرة الداخلية نفسها مضطرة إلى إبلاغ البرلمان بالرغبة في فترة اعتقال أطول - شرط تلقيها طلباً رسمياً من الشرطة والادعاء العام الملكي. وإذا رفض مجلس العموم أو مجلس اللوردات الطلب خلال فترة 30 يوماً من تقديمه، ستكون الشرطة مضطرة إلى الإفراج الفوري عن المشتبه فيهم.

وإضافة إلى تمديد فترة الاعتقال بلا تهمة من 28 يوماً إلى 42 يوماً (وفي حالات بالغة القصوى إلى 60 يوماً حداً أقصى)، يسمح القانون الجديد للشرطة بمصادرة وثائق بلغات أجنبية، مثلاً، خلال حملات دهم متعلقة بمكافحة الإرهاب، وأخذ عيّنات من بصمات الأشخاص الذين يأمر القضاء بتقييد حركتهم («كونترول أوردر»)، وإخضاع الموقوفين في قضايا إرهاب لعمليات استجواب جديدة بعد توجيه اتهامات اليهم (لم يكن مسموحاً في السابق استجواب موقوفين إذا ما وُجّهت إليهم اتهامات، في انتظار محاكمتهم)، والحصول على موافقة المدعي العام على كل المحاكمات في المملكة المتحدة إذا كانت الجرائم الإرهابية حصلت خارجها، وتشديد العقوبات على المدانين بالإرهاب (مثلاً إذا كانت التهمة التآمر للقتل)، ومصادرة أملاك الإرهابيين، والسماح بعقد جلسات سرية للمحاكم للبت في قضايا متعلقة بتجميد ممتلكات متهمين بالإرهاب، وتعديل تعريف الإرهاب ليشمل الإرهاب المدفوع بالعنصرية (إلى جانب الديني)، وتجريم نشر معلومات تتعلق بعناصر القوات المسلحة (ينظر القضاء حالياً في اتهامات ضد مجموعة يُزعم أنها خططت لخطف جندي مسلم وقطع رأسه وتصوير العملية في شريط فيديو وتوزيعه على غرار ما كان يحصل في العراق).

وأعلنت وزارة الداخلية أيضاً نيتها إقامة «وحدة استخبارات معززة جداً لمكافحة الإرهاب في جنوب انكلترا»، وزيادة موازنة الشرطة لمكافحة الإرهاب.

وقال وزير الدولة للأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة والشرطة توني ماكنولتي لـ «الحياة» إن القانون الجديد يتضمن أيضاً «تشديد» بعض جوانب قانون «تقييد الحركة» (كونترول أوردر) للمشتبه في تورطهم في الإرهاب. وقال إن حكومته ليست سعيدة أصلاً بهذا القانون المثير للجدل الذي يتطلب ارغام المشتبه فيهم على عدم مغادرة منازلهم لساعات طويلة كل يوم ومنعهم من اجراء اتصالات هاتفية أو التواصل عبر الانترنت. وأوضح أن الحكومة اضطرت الى استحداث الـ «كونترول أوردر» بعدما حكم مجلس اللوردات بعدم شرعية لجوئها الى سجن الأجانب المشتبه في تورطهم في الإرهاب في سجن بلمارش (جنوب شرقي لندن) لفترات غير محددة بسقف زمني ومن دون ابلاغهم بطبيعة المزاعم ضدهم. وتابع ان القضاء حكم مجدداً في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ضد بعض أوجه الـ «كونترول أوردر» (اعتبر القضاء فترة تقييد الحركة 18 ساعة في النهار طويلة جداً). لكن ماكنولتي أشار إلى أنه سيقدّم مشروع قانون جديداً في آذار (مارس) لتجديد صلاحية الـ «كونترول أوردر» فترة سنة أخرى.

وقال ماكنولتي لـ «الحياة» ان القانون الجديد لن يفرض حظراً على «حزب التحرير»،. وأضاف ان هذا الحزب «سيبقى تحت المراقبة» في المستقبل، لكن القوانين الحالية «للأسف» لا تسمح بحظره. وشدد على أن حكومة بلاده لن تتراجع عن سياستها «ترحيل المشتبه في تورطهم في الإرهاب»، مؤكداً السعي الى توقيع «مذكرات تفاهم» مع مزيد من الدول. وقال إن المحاكم تنظر الآن في قضية ترحيل «أبو قتادة» إلى الأردن، والأمر نفسه ينطبق على حالات أخرى لجزائريين وليبيين. وتعهد ألا تُرحّل حكومته أحداً من غير المرغوب فيهم على أرضها ما لم تحصل على «ضمانات كافية» بعدم اساءة معاملتهم.

وقالت شامي شاكراباتي من منظمة «ليبرتي» الحقوقية إن «الحكومة تخسر الجدل». كذلك انتقد تريفور فيليبس، رئيس «لجنة المساواة وحقوق الإنسان»، القانون الجديد لمكافحة الإرهاب، وقال إن بنوده «غير مبررة» وتمثّل خرقاً لحقوق الإنسان، وتُلقي عبئاً «غير ملائم» على المسلمين تحديداً.

Wednesday 23 January 2008

David Saterfield interview with al-hayat مقابلة ساترفيلد مع الحياة

http://www.daralhayat.com/world_news/americas/01-2008/Item-20080122-a30941c5-c0a8-10ed-01ae-81ab31474ed7/story.html


ساترفيلد لـ«الحياة»:لن نطلب قواعد في العراق وسورية لم تتخذ قراراً بوقف تدفق الجهاديين
لندن - كميل الطويل الحياة - 23/01/08//



أكد كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأميركية منسق شؤون العراق ديفيد ساترفيلد أن بلاده لا تنوي أن تطلب من العراقيين «إقامة قواعد أميركية» في بلادهم في إطار «الشراكة الاستراتيجية الطويلة الأمد» المتوقع إقرارها قبل نهاية هذه السنة. وقال إن سورية لم تتخذ أي إجراء فعلي للحد من تدفق المقاتلين الأجانب الى العراق، كما أن الجيش الأميركي لم يرصد انخفاضاً في كمية الأسلحة والذخائر التي تأتي من إيران للمتمردين في العراق.

أجرت «الحياة» أمس مقابلة مع السفير ديفيد ساترفيلد، في مقر السفارة الأميركية في لندن، اكد خلالها إن «تقدماً» تحقق بالفعل في العراق في خلال السنة الماضية خصوصاً على الصعيد الأمني «إذ بات عدد أكبر من العراقيين يشعرون بالأمن أكثر من أي وقت مضى منذ العام 2003، وذلك وفق أي مقياس، أكان ذلك بالنسبة الى عدد الضحايا المدنيين، أو ضحايا قوات الأمن العراقية، أو ضحايا القوات الأميركية والحليفة. الأمن تحسن، وتحسن في شكل كبير جداً. وهذا نتيجة «السيرج» (الزيادة الكبيرة) في عدد قواتنا المسلحة». وأشاد بـ «الصحوات» التي يمولها الأميركيون، قائلاً إنها «نجحت في طرد «القاعدة» من الأنبار وغيرها من المناطق العراقية وقلّصت قدرتها على القيام بعمليات عنف».

لكنه قال ان على القادة العراقيين «أن يتقدموا إلى الأمام من خلال أجندة متماسكة تحدد أركان المصالحة الوطنية. الأجندة واضحة، والقادة العراقيون أعلنوا العام الماضي تمسكهم بأجندة تتضمن مراجعة قانون اجتثاث البعث والتقدم في مجال قوانين الأقاليم وقانون النفط والسير نحو انتخابات في المحافظات هذه السنة. كل ذلك أهداف ضرورية. لكن المطلوب الآن الانتقال الى أكثر من الكلام. المطلوب التنفيذ. رأينا تقدماً يتحقق في بعض هذه النقاط، مثل إصلاح قانون اجتثاث البعث. ليس قانوناً مثالياً... لكنه يمكن أن يخدم المصالحة الوطنية إذا نُفّذ بحسب الروحية التي أُقر فيها».

وقال إن الولايات المتحدة «ستناقش خلال العام 2008 مع الحكومة العراقية اتفاقاً استراتيجياً يحل محل الانتداب الذي يخوّله الفصل السابع بحلول نهاية السنة. هدفنا وهدف الحكومة العراقية أن يخرج العراق من تحت الفصل السابع، وهذا يتطلب أساساً اتفاقاً بين دولة ودولة ينظم دور قواتنا المسلحة. ويمكن لدول أخرى في التحالف الانضمام الى هذا الاتفاق أو إبرام اتفاق منفصل ينظّم دور قواتها مع الحكومة العراقية».

وسُئل عن مفهوم الأميركيين للعلاقة الطويلة المدى مع العراق، فأجاب: «في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي وقع الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اتفاق مبادئ يحدد الطريق الذي نأمل ان نتبعه نحن والحكومة العراقية خلال هذه السنة في مجالات مختلفة. في المجال الأمني نريد أن نتوصل الى اتفاق ثنائي يحل محل الفصل السابع الذي يعطي الصلاحيات للقوات المتعددة الجنسية، كي تواصل قواتنا وجودها ومهمتها في العراق. وهذا الاتفاق سيكون مفتوحاً للآخرين من قوات التحالف (...) لكن الهدف هنا هو ان الاتفاق سيكون بين دولة سيدة ودولة سيدة تتفاوضان على اتفاق ليس من خلال قرار مجلس الأمن ولكن من خلال تفاهم مباشر حول ماذا سيكون دورنا وماذا ستكون مهمتنا». واضاف ان تصور الولايات المتحدة لهذا الدور الأمني «هو أن ندعم ونساعد الحكومة العراقية وقواتها المسلحة الأمنية على الاستمرار في وقت نواصل تقدمنا الى الأمام لضمان استقرار البلد والسماح له بأن يتولى الدفاع عن نفسه بنفسه مع مرور الوقت. لكن هذا هدف لا يتحقق في خلال شهور ولا في سنة واحدة. إنه هدف طويل المدى (...) إننا نتكلم عن علاقة استراتيجية بعيدة المدى».

وهل هذا يعني عقوداً؟ أجاب: «نتحدث عن علاقة استراتيجية طويلة الأمد، لأننا نعتقد أن التحديات التي يواجهها العراق والتحديات التي تواجها المنطقة ليست تحديات قصيرة المدى».

وهل تأمل بلاده في الحصول على قواعد عسكرية في العراق على غرار قاعدتها في قطر أو قاعدة الاسطول الأميركي في البحرين، رد: «ليس لدينا النية أن نطلب إقامة قواعد عسكرية في العراق. لكننا نعتقد ان العراق يحتاج إلى وجود كبير لقواتنا المسلحة».

وقال: «لسنا نحن ولا العراقيين كاملي السعادة بالتقدم السياسي. التقدم الذي تحقق أمنياً كبير جداً. والتقدم الذي تحقق على الصعيد الاقتصادي مذهل. لكن كل هذه المكاسب ستبقى معرضة للاهتزاز ويمكن أن ترجع الى الوراء من دون تحقيق تقدم على الصعيد السياسي وعلى جبهة المصالحة الوطنية».

ورفض الاقرار بأن العراق ينقسم «فعلياً» إلى مناطق كردية وسنية وشيعية، قائلاً: «يتحدث السؤال عن انقسام فعلي للعراق، وبالتأكيد ليس هذا ما نراه نحن ولا ما يراه أحد في العراق. هذه رؤية يبدو أن الذين في خارج العراق يتمكسون بها أكثر من الناس الذين هم في داخل العراق».

وعن وضع «جيش المهدي»، قال: «الذي رأيناه في بداية العام 2006 واستمر خلال العام 2007 هو ان مسؤولين في جيش المهدي يرغبون في أن يتقدموا ويتعاملوا مع قوات التحالف وضباطه ومع حكومة العراق، وكذلك الأمر بالنسبة الى قادة سياسيين في تيار الصدر يرغبون في أن يتعاملوا معنا ومع الحكومة العراقية. لا أريد تضخيم أمر هذه العملية، لكن الحقيقة هي أن كثيرين في جيش المهدي لا يرون مستقبلهم في العنف ولا في عراق راديكالي، إنهم يرون مستقبلاً في نوع آخر للعراق. ونأمل أن يكون مقتدى الصدر نفسه يشارك هذه الرؤية. لكن ذلك سيكون قراراً عليه هو أن يتخذه بنفسه».

إلى ذلك أقر سترفيلد بأن مقتدى الصدر هو من دعا إلى وقف النار العام الماضي، وقال: «لقد أعلن فعلاً وقفاً للنار. وهذا أمر تم الالتزام به، وهو علامة ايجابية. لكن بالنسبة الى وضعه السياسي، يبقى بعض آرائه السياسية عدائياً جداً بالنسبة الى الدولة العراقية». وتابع انه اتخذ قرار وقف النار «ليس نتيجة ضغوط إيرانية. اتخذه لأنه لم يكن لديه خيار آخر في ضوء تفكك حركته، وفي ضوء أن إيران كانت تستقطب تحت سيطرتها العناصر الاكثر تشدداً في جيش المهدي، وانه إذا واصل «جيش المهدي» تصديه للدولة العراقية فالنتيجة الوحيدة ستكون تدمير جيش المهدي. لذلك اعتقد انه اتخذ قراره بوقف النار لأنه ضروري عملانياً (لوقف انهيار جماعته)».

وعن ايران، قال: «لم تقم ايران بأي عمل يؤشر إلى انها ترغب في ان تلعب دوراً ايجابياً في العراق. القادة العسكريون الأميركيون يقولون إنه ليست هناك مؤشرات إلى أن إمدادات السلاح أو التدريب من إيران تقلّصت. هذا هو موقفنا. ليس لدينا سبب للاعتقاد ان امدادات الأسلحة تقلصت. الذي تقلص هو عدد الهجمات على القوات الأميركية من خلال استخدام هذه الأسلحة (الآتية من إيران). لكن الشهر الماضي ارتفع عدد الهجمات ضد قواتنا باستخدام ما يعرف بالمتفجرات الموجهة التي يتم التزود بها من إيران».

وتابع «أن خط الإمدادات الأساسي للقاعدة من خارج العراق كان من خلال سورية، كما هو الوضع على مدى السنوات الخمس الماضية. عدد المقاتلين الأجانب الذين يدخلون عبر سورية تراجع. لكن هذا التراجع، في اعتقادنا، هو لأن الوضع في العراق أصبح أكثر صعوبة لهم للتحرك. لكننا لم نر أي مؤشر إلى أن سورية اتخذت قراراً سياسياً واعياً كي تساعد العراق من خلال الحد من درجة تدفق المقاتلين الاجانب عبر دمشق أو من دمشق في اتجاه الحدود مع العراق».

وهل فوجئ بأن «الجهاديين الليبيين» يأتون في الدرجة الثانية بعد السعوديين في العراق، قال: «على مدى السنوات الخمس الماضية رأينا الدول التي يأتي منها المقاتلون الأجانب تتغير. لكنها كانت دائماً تشمل المغرب والجزائر وليبيا والسعودية ومصر والأردن والصومال. أحياناً تكون دولة على رأس القائمة وأحياناً تتراجع. إننا والحكومة الليبية واعون جداً لما يحصل وكلانا قلق في شأن ذلك ونعمل على معالجة هذه المسألة والتحدي الذي تشكله القاعدة والتحدي الذي يشكله المتشددون داخل ليبيا نفسها».

Friday 18 January 2008

al-jazeera on al-qaeda book الجزيرة وكتاب القاعدة واخواتها




http://www.aljazeera.net/NR/exeres/D09AE4C4-8C00-4865-8755-27E0B6CF043D.htm


القاعدة وأخواتها




عرض/سامر رشوان
كثيرة هي الدراسات والكتب التي نشرت عن الحركات الإسلامية، لاسيما التي اتخذت العنف وسيلة لتحقيق أهدافها. فمنها ما تناولتها من منظور سياسي أو اجتماعي، ومنها ما قدمت مقاربات فقهية دينية وأخرى فلسفية أو تاريخية.

وكانت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 المفجِّر لسيل دافق من الكتابات عن "القاعدة" وأخواتها وما تناسل عنها من تنظيمات جهادية؛ غير أن معظم هذه الكتابات كُتب على عجالةٍ من غير ما قاعدة معرفية وتبصر بالخلفية التاريخية لهذه الحركات وتطوراتها.


-الكتاب: القاعدة وأخواتها
-المؤلف: كميل الطويل
-عدد الصفحات: 412
-الناشر: دار الساقي، بيروت
-الطبعة: الأولى/ 2007



أما الكتاب الذي بين أيدينا فهو لكاتب وصحفي متخصص في تاريخ الحركات الإسلامية، قدم في 1998 كتابا عن "الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر، من الإنقاذ إلى الجماعة"؛ أما كتابه هذا فهو رواية موثَّقة باللقاءات الشخصية وسجلات المحاكمات والتحقيقات والاعترافات الشخصية وغيرها.

وهي رواية غنية بمادة قابلة للتحليل من منظورات ومقاربات مختلفة، لتاريخ القاعدة من خلال صلتها بثلاث حركات إسلامية أساسية ساهمت في تكوين القاعدة في صورتها الحالية؛ وهي: "جماعة الجهاد" في مصر، و"الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر، و"الجماعة الإسلامية المقاتلة" في ليبيا.

يُرجع المؤلف اختياره لهذه الحركات خصوصا إلى سببين أساسيين: أولهما أنها جميعا نشأت فعلياً وأعيد تشكيلها في بيئة الأفغان العرب في وقت متزامن: نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، في نفس الوقت الذي نشأ فيه تنظيم القاعدة على يد أسامة بن لادن في 1988.

والسبب الثاني أنها الجماعات الجهادية الوحيدة في العالم العربي التي خاضت حربا حقيقية في تسعينيات القرن الماضي لإسقاط نظم الحكم في بلدانها لاعتبارات دينية، أي لاعتبارها النظام "مرتدا".

في البدء كانت أفغانستان
بدأ الجهاد في أفغانستان بعد الغزو الروسي في ديسمبر/كانون الأول 1979 بطيئا ضعيفا، حتى شرع الأميركيون وبعض الدول الخليجية في السنوات الأولى من الثمانينيات في دعمه ماديا بالمال والسلاح وبالمتطوعين العرب؛ خشيةً المد الشيوعي على منابع النفط.

ففي نهاية 1984 أسس الشيخ عبد الله عزام الأب الروحي للأفغان العرب وأسامة بن لادن وآخرون "مكتب خدمات المجاهدين" للإشراف على تنظيم التحاق العرب الراغبين في الجهاد بالفصائل الأفغانية.

وفي نهاية 1986 أسس ابن لادن "بيت الأنصار" وهو مركز ضيافة في بيشاور مواز لمكتب الخدمات، أسسه بعد أن بدأ يتأثر بفكر الجماعات الجهادية ويبتعد عن الإخوان المسلمين ممثلين بالشيخ عبد الله عزام.

وبعدما لاحظ تزايد حركة المجاهدين قدوما وذهابا والتحاقا بالجبهات، وكثرة الإصابات والشهداء قرر أن ينشئ سجلا خاصا يضم تفاصيل كاملة عن كل من وصل إلى أفغانستان بترتيب منه، وتدريباتهم والتحاقهم بالجبهات وغيرها، وأطلق عليه في 1988 سجل "القاعدة".

ويورد المؤلف روايات متعددة لناشطين في القاعدة عن طبيعة نشأتها وأهدافها: فالبعض رأى أن القاعدة نشأت لأهداف جهادية في أفغانستان وخارجها، لاسيما قتال الحكومة الشيوعية في اليمن الجنوبي.

بينما يرى آخرون أنها نشأت بهدف قلب الأنظمة العربية وإقامة "خلافة"؛ وأن أميرها الأول كان أبو أيوب العراقي وليس بن لادن.

"
في ساحة الجهاد الأفغاني التقت أطياف واسعة من الجهاديين والإخوان والسلفية وغيرهم، فحصلت بينهم حرب استقطاب حددت نتيجتُها مفهومَ "الجهاد" الذي سيعتمده الأفغان العرب في مرحلة ما بعد أفغانستان
"
على أي حال، فإن وقود هذا التنظيم الجديد والعناصر المؤسسة له لم تكن من أولئك المجاهدين الأوائل الذين أتوا أفغانستان من غير أن تكون لهم خلفيات تنظيمية سابقة؛ وإنما كان من أعضاء التنظيمات الجهادية التي قُمعت في مصر وسوريا والجزائر وليبيا وغيرها، هؤلاء الذين شعروا بعد ظهور ملامح انهيار الشيوعيين في أفغانستان بأن لهم فرصة سانحة في أفغانستان لإعداد مقاتلين وتدريبهم وإعادتهم إلى بلدانهم تمهيداً لبدء مشروع جهادي جديد.

كثير من هؤلاء انتقلوا إلى أفغانستان بدعم من حكومات بلدانهم التي غضت الطرف عن مغادرتهم، أملا في أن تكون بغير رجعة.

ولكن ما كاد "الجهاديون العرب" يصلون إلى أفغانستان حتى وجدوا أن الجهاد الذي جاؤوا لأجله قد شارف على الانتهاء، وأرغموا بعد انسحاب الروس في شباط 1989 على التفكير في ما "بعد أفغانستان".

في ساحة الجهاد الأفغاني التقت أطياف واسعة من الجهاديين والإخوان والسلفية وغيرهم، فحصلت بينهم حرب استقطاب حددت نتيجتُها مفهومَ "الجهاد" الذي سيعتمده الأفغان العرب في مرحلة ما بعد أفغانستان.

وكان النصر في هذه الحرب حليف "جماعة الجهاد" المصرية التي قامت على أفكار عبد السلام فرج، ثم سيد إمام شريف وأيمن الظواهري وعمر عبد الحكيم (أبو مصعب السوري)، وخلاصتها تبرير الجهاد ضد الحكومات التي لا تطبق الشريعة ولا تحكم بما أنزل الله، ونزع الشرعية عن التيارات الإسلامية التي لم تتفق وفكر جماعات الجهاد لاسيما حركة الإخوان المسلمين.

ولم يمض عامان على تأسيس القاعدة حتى بدأت الغرسة التي زرعها الجهاديون في مضافات بيشاور ومعسكرات تدريب الأفغان العرب تؤتي أكلها جماعات جهادية تنبت في مصر والجزائر وليبيا وغيرها.

ففي مصر بدأ الجهاديون الذين خرجوا من السجون في منتصف الثمانينيات وأعادوا تشكيل صفوفهم في أفغانستان بالعودة إلى بلادهم، من غير أن يكون لديهم تصور واضح لما ينبغي عليهم القيام به.

فاكتشفت السلطات جزءا كبيرا من العائدين، وخضعوا لما عرف بمحاكمات "طلائع الفتح" في أواخر 1992؛ ولكن مجموعات كثيرة أخرى لم تنكشف بل خاضت مع قوات الأمن معارك واغتيالات وهجمات على السياح طوال النصف الأول من التسعينيات.

وفي الجزائر أسس جهاديو معسكرات القاعدة في 1991جماعة أطلق عليها "الجماعة الإسلامية المسلحة" رفضت الانضواء تحت لواء "لجبهة الإسلامية للإنقاذ" في العملية السياسية وفضَّلت العمل المسلح والاصطدام المباشر والحاد بالسلطة.

وقد توسعت الجماعة المسلحة بسرعة كبيرة بفعل خلو الساحة الإسلامية، وبفعل وجود مناصري جبهة الإنقاذ في السجون وغياب المرجعية لمن نجح من الإنقاذيين في تفادي الاعتقال والالتحاق بالجبال، وأصبحت القوة الأبرز في ساحة العمل المسلح، لاسيما بعد أن انضم إليها تيار محمد السعيد في جبهة الإنقاذ وتيار السعيد مخلوفي في "حركة الدولة الإسلامية".

أما الليبيون فقد أسسوا "الجماعة الإسلامية المقاتلة" سراً في 1989، وبعد عودتهم إلى بلادهم لم ينخرطوا في مواجهات مع قوات الأمن شأن المصريين والجزائريين؛ بل كانوا مقتنعين بأن الوقت لم يحن بعد، فشكلوا خلاياهم داخل البلاد وعينوا أمراء على المناطق.

ولم يخرجوا إلى العلن إلا في 1995 عندما اكتشف الأمن الليبي عددا من خلاياهم فاضطروا إلى الإعلان عن أنفسهم؛ حتى لا تستغل جماعات معارضة أخرى عملياتهم إعلاميا وتنسبها إلى نفسها.

أما قبل ذلك فقد كان الليبيون من المقاتلة يتوجهون صوب الجزائر لـ"نصرة الجهاد" منذ 1993؛ وكان طبيعيا أن يلتحقوا بإخوانهم من "الأفغان الجزائريين" لاسيما من الجماعة المسلحة.

ولكن لم تمض فترة طويلة على التحاقهم بهم حتى بدأت الشكوك تساورهم حول سلامة منهج الجماعة المسلحة خصوصا بعد تولي جمال زيتوني لإمارتها، وقد انتهى الأمر بأن خسرت "المقاتلة" حياة عدد من خيرة عناصرها اغتالتهم "الجماعة المسلحة".

محطات الجهاديين: السودان ولندنستان
لعبت السودان وبريطانيا في السنوات الأولى من التسعينيات دورا محوريا للجماعات الإسلامية العربية المعارضة لأنظمة الحكم في بلدانها. فسياسة الأبواب المفتوحة للإسلاميين التي اعتمدها نظام البشير جعلت من الخرطوم خلية نحل تشبه ما كانت عليه بيشاور الباكستانية بالنسبة للأفغان العرب.

"
لم تتردد تنظيمات "الأفغان العرب" في قبول العرض المغري من السودان باستضافتها، بل استغلت هذه الاستضافة في التحضير لمعاركها المقبلة مع أنظمتها
"

ولم تتردد تنظيمات "الأفغان العرب" التي شهدت سقوط كابول في أيدي المجاهدين 1992 ثم الصراع المحتدم بين فصائل المجاهدين الأفغان في قبول هذا العرض المغري من السودان باستضافتها، بل استغلت هذه الاستضافة في التحضير لمعاركها المقبلة مع أنظمتها.

فتح البعض مضافات للمناصرين الفارين من بلادهم، وأسست جماعات أخرى شركات حقيقية وأخرى وهمية، كما فتحت جماعات أخرى معسكرات تدريب لعناصرها في مزارع شاسعة اشترتها، كالمعسكرات التي أنشأها أيمن الظواهري استعدادا لتنفيذ انقلاب على نظام الحكم المصري.

ولكن الظواهري فشل في استغلال المحطة السودانية على رغم قربها من مصر، فقد استطاع الأمن المصري اختراقه وأوشك أن يقبض عليه لولا تحذير الاستخبارات السودانية له مما اضطره لمغادرة السودان.

أما محطة لندنستان فقد كانت ساحة تحالفات وانقسامات وصراعات حادة بين الجماعات الإسلامية المسلحة التي نشط أعضاؤها، وقد سعى "جهاديو لندنستان" إلى نشر أفكارهم من خلال نشرات خاصة كانوا يوزعونها في المساجد وقاعات الصلاة التي يرتادونها.

وقد كشفت هذه المرحلة عن تمايز صفوف السلفيين عن الجهاديين، وانتهت في منتصف عام 1996 بسحب الغطاء الخارجي عن قيادة الجماعة المسلحة الجزائرية التي تسببت تصرفاتها ومنهجها بالغ التطرف وعملياتها في فرنسا في ضيق البريطانيين بالجماعات الجهادية، وحينها أوشك الذئب البريطاني على إغلاق فمه.

أفغانستان.. الهجرة الثانية وغزو العالم
كان عام 1997 عام انهيار مشاريع الجهاديين في الجزائر وليبيا ومصر، فلم يسقط الجهاديون "جماهيرية العقيد" ولا "الطغمة في الجزائر" ولا "فرعون مصر".

وكان على التنظيمات المسلحة في هذه البلدان أن تراجع نفسها، وتعيد النظر في مستقبلها، فاتخذوا في ذلك طرقا مختلفة، إذ أعاد جزائريو الجماعة المسلحة بناء أنفسهم داخل بلادهم، وأسسوا جماعة على أنقاض جماعتهم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، بينما حاول الليبيون إعادة بناء أنفسهم في بلاد الأفغان حيث نشؤوا أول مرة.

وانقسم المصريون تيارين: جماعة الجهاد التي انتقلت إلى أفغانستان تلملم جراحها مصممة على مواصلة طريق الجهاد، و"الجماعة الإسلامية" التي أعلنت وقفا شاملا لعملياتها بعد "مراجعات" لأفكارها، خلصت فيها إلى أنها أخطأت بحملها السلاح ضد نظام الحكم في مصر.

مع انهيار الجهاد وإغلاق بريطانيا والسودان محطتي الجهاديين على أراضيهما، لم يجد هؤلاء مأوى جديدا يستضيفهم إلا أفغانستان.

وكان أسامة بن لادن أول العائدين إليها بعد حزمه حقائبه في الخرطوم مع رفيقه أيمن الظواهري عام 1996، بينما اضطلع أبو مصعب السوري الرفيق السابق لبن لادن بمهمة الترويج لمشروعية القتال إلى جانب طالبان في حربها ضد بقية الفصائل الأفغانية بين الأفغان العرب.

"
القاعدة اليوم مركز استقطاب لجميع الجهاديين في العالم، وحققت أميركا بحربها عليها لبن لادن ما لم يستطع تحقيقه على مدى سنوات في أفغانستان: توحيدَ الجهاديين تحت لواء القاعدة
"
خلال الفترة اللاحقة حصل تحول أساسي في فكر القاعدة، إذ خلص بن لادن والمحيطين به وعلى رأسهم الظواهري بناء على مراجعاتهم لأسباب فشل مشاريع الجهاديين إلى أن هزيمة الأنظمة العربية غير ممكنة ما دامت تحظى بدعم الولايات المتحدة، وبناء عليه انتهوا إلى أن المطلوب هو جرُّ الولايات المتحدة إلى معركة مع الإسلاميين تضطر الحكومات العربية إلى الدفاع عن الأميركيين فتسقط شرعيتها في نظر مواطنيها.

وقد بلور بن لادن مشروعه القاضي بنقل المعركة من "العدو القريب" إلى "العدو البعيد" بتشكيله "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين" في 23 فبراير/شباط 1998، وترجمه على الأرض بعد شهور بتفجيره سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2000 بتفجير المدمرة الأميركية كول في ميناء عدن، ثم في "غزوتي" نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر/أيلول 2001.

لقد استطاع بن لادن خلال هذه السنوات الثلاث أن يوطد تحالفاته في أفغانستان، فضم إلى صفوفه جهاديين آخرين كانوا يعملون بشكل مستقل، وعلى رأسهم عبد الرحيم الناشري مهندس تفجير المدمرة كول، وخالد شيخ محمد صاحب فكرة مهاجمة الولايات المتحدة بطائرات مخطوفة، كما أدمج قاعدته بجماعة الجهاد المصرية بقيادة أيمن الظواهري، فصار تنظيمه يعرف باسم "قاعدة الجهاد".

ومع ذلك أصرَّت جماعات أخرى على التركيز على مشاريعها الجهادية الخاصة ببلدانها، مثل الجماعة المقاتلة الليبية.

أخدود سبتمبر
نفذ زعيم تنظيم القاعدة خطته بضرب أميركا في عقر دارها في سبتمبر/أيلول 2001 ، ولم يستمع إلى رأي المعترضين من داخل تنظيمه، ولا إلى رأي مستضيفه زعيم طالبان الملا محمد عمر الذي كان يفضل عدم استهداف الأميركيين والاكتفاء بمهاجمة اليهود.

لكن تداعيات عمله لم تقتصر عليه وعلى تنظيمه، ولم تفرق بينه وبين الذين عارضوه، فخلال السنوات الخمس التي أعقبت "غزوتي" واشنطن ونيويورك شنت الولايات المتحدة حربا ضروسا على "الإرهاب"، وشكَّلت أخدودا ملتهباً التهم جيلا كاملا من قادة الجهاد وخريجي معسكرات أفغانستان، وأطاح بالإمارة التي فتحت أبوابها لهم.

ولكن الأميركيين حتى اليوم، لم يستطيعوا أن يحققوا نصرا حاسما على طالبان التي أعادت التقاط أنفاسها وباتت تسيطر على مناطق واسعة في جنوب البلاد وجنوبها الشرقي، كما لم يستطيعوا أن يقضوا على القاعدة محور حربهم على الإرهاب، فقد أعادت تنظيم صفوفها على الحدود الباكستانية الأفغانية، لكنها صارت قاعدة مختلفة.

لقد تناثرت شظاياها "قواعد" تنتشر في أنحاء العالم كله، فأصبحت هناك قاعدة في بلاد الرافدين وقاعدة في جزيرة العرب وأخرى في أوروبا وثالثة في المغرب الإسلامي، وربما ستظهر قاعدة في بلاد الشام أو حوض النيل.

وهكذا أصبحت القاعدة اليوم مركز استقطاب لجميع الجهاديين في العالم، وحققت أميركا لبن لادن ما لم يستطع تحقيقه على مدى سنوات في أفغانستان: توحيدَ الجهاديين تحت لواء القاعدة، وهذه صورة لا يعرف أحد عواقبها ولا مستقبلها بعد.


المصدر: الجزيرة




[الموضوعات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع]
تعليقات القراء
نادر احمد عثمان

اوافق الكاتب في كثير مما كتب لاني كنت من الذين عايشوا تلك الفترات واضيف اليه ان المجاهدين ينقسمون الى ثلاث اجيال الاول وكان له اجر التاسيس لهذا العمل وكان اوفرهم حظا الجيل الوسط التسعينات الذي استطاع ان يتدرب التدريب الكافي والقيام بالعمل على اكمل وجه اما الجيل الثالث كان حظة عاثرا واوضاعة صعبة وهو الجيل الذي بدا بعد غزو نيويورك ولكن نتمنى سداد الخطى لمن يعمل والقبول لمن عمل



علي محمد المقريزي

الله ينصر الحق وين ما كان



شوقي عبد الله السلفي

بسم الله الرحمان الرحيم هذه لمحة مختصرة لماضي و واقع الجماعات الاسلامية في العقدين الماضيين ينقصها الاتيان على بعض التفاصيل للاستشهاد على المعلومات المسوقة. و لو ان النص ابتعد عن الحديث عن تقديم طلب الزعامات و جعله عنصرا محركا لقيام الجماعات. فالجهاد فرض لا ينكره مسلم.

Monday 7 January 2008

Al-Qaeda Wa Akhawatuha القاعدة وأخواتها




A note: I came across the following article on the below mentioned website. I was very pleased with what was written about my book on Al-Qaeda Wa Akhawatuha, and would like to thank the person who wrote this article/review. I hope it could 'stimulate' you too to read the book,
Camille

http://www.raw3ah.net/vb/showthread.php?p=201227


المشاركة الأصلية بواسطة راحيل



https://www.adabwafan.com/display/product.asp?id=61251
على وشك الانتهاء من هذا الكتاب.
سوى كونه مفيد جدا ً لمن لم يتتبع خبر القاعدة و المنظمات الجهادية منذ وقتٍ مبكّر؛ فإنه مفيد جدا ً كدرسٍ في إعداد عمل صحافي رفيع المستوى عن موضوع ٍ مجرد الخوض فيه يحمل خطرا ً. كميل الطويل صحافي من "الحياة" و متخصص في متابعة الحركات الجهادية منذ التسعينات.

الكتاب يترفــّع بشكل يثير الاحترام عن اللغة الهجائية التي تصبغ الكتابات العربية عن القاعدة و أخواتها في التقارير الصحافية، و كأن جمهور القراء تلاميذ صغار بحاجة لأن يذكرهم مندوب الحكومة في كل سطر بأن القاعدة إرهاب و "كخة" و إلا فإن بوصلتهم ستضيع نحو اتجاهات ٍ غير "حكومية". كميل الطويل يتلزم لغة تقريرية دقيقة تحترم نفسها و متلقيها.

شيء آخر مميز يخص هذا الكتاب و هو مصادره. مصادر الطويل بالإضافة إلى التقارير الأجنيبة المنشورة عن محاضر استجواب المعتقلين؛ هي أعضاء الجماعات أنفسهم. ليس فقط من تمّ اعتقالهم، بل حتى من لا يزالون طلقاء أحرار في أوروبا و البلاد العربية و معرّضون جديا ً للاعتقال و الملاحقة. تجد في عدد كبير من الصفحات تنويها ً من المؤلف [ يتحفظ المؤلف على ذكر الاسم الحقيقي للشخصية لدواعي عدم تعريضها إلى مشكلات أمنية ]. هذا التحفظ أجزم أن الطويل اهتمّ بالحصول على استشارة قانونية حاذقة تعمل كمظلة قانونية ما لحماية الطويل و مصادره من أي ضغوط أوروبية أو أمريكية. أودّ أن أقارن هنا أسلوب عمل الطويل بعمل عدد كبير من الصحافيين العرب و السعوديين المهتمين بملاحقة أخبار القاعدة، حيث مصدرهم الرئيسي هو الجهاز الأمني، ما يجعلهم يتبنون بشكل ٍ كلي الرواية الأمنية و المنظور الأمني للوقائع. كميل الطويل كان يحصل على الرواية الواحدة من عدة مصادر و من مصادر داخل الجماعات، ما اتاح له كتابة رواية تتميز بالإضافة إلى واقعيتها و تفصيليتها السلسة - السلسة بشكل مدهش - بكونها متحررة من المنظور الأمني بل و كاشفة لبعض الوقائع القذرة التي لم يكن الجهاز الأمني ليكشفها عن نفسه بحال، كما في القصة التي أخبرها عن عمل المخابرات المصرية في السودان إبان وجود الجماعات هناك. أتحدى أن يحصل أي صحافي على التفاصيل الحقيقية لقصة كهذه باعتماده على المصادر الأمنية وحدها.


كل دقيقة يمكنك إعطاؤها لهذا الكتاب، ستكون مُستــَحَقة تماما ً.

Thursday 3 January 2008

Al-Jazeera interv on zakeria musawi مقابلة الجزيرة عن كتاب عن زكريا موسوي






زكريا موسوي.. صناعة إرهابي

مقدم الحلقة:
خالد الحروب
ضيوف الحلقة:
كميل الطويل: الكاتب الصحفي في صحيفة الحياة
رفيق عبد السلام: باحث في الفكر السياسي
تاريخ الحلقة:
12/08/2003

- الظروف الاجتماعية القاسية التي مر بها زكريا الموسوي
- أثر العنصرية التي لاقاها زكريا في الأحياء الفرنسية في تكوين شخصيته
- البحث عن الهوية وأثره في ما آل إليه الموسوي
- محاولة الكتاب تحليل ظاهرة الإسلام السياسي
- انتقال الموسوي للندن والتحاقه بالقاعدة
- رؤية الكتاب لعوامل إنتاج الإرهابي






خالد الحروب: أعزائي المشاهدين، أهلاً وسهلاً بكم.

جليس اليوم كتاب يتناول كيفية تحول شاب مغربي الأصل فرنسي النشأة من بيئة فقيرة ومتوسطة إلى متطرف أو إرهابي بحسب وصف محاكميه، ومتهم بأنه العضو العشرون في المجموعة التي نفذت تفجيرات الحادي عشر من أيلول ضد برجي التجارة العالمية في نيويورك ومقر البنتاجون في واشنطن ويقبع الآن في السجون الأميركية.

عنوان الكتاب "زكريا الموسوي صناعة إرهابي" وهو من تأليف شقيقه عبد الصمد الموسوي المقيم في فرنسا.

أهمية الكتاب تكمن في أنه يقدم تفصيلاً اجتماعياً دقيقاً للحياة التي نشأ فيها زكريا الموسوي بدءًا من هجرة العائلة من المغرب في حقبة الستينات بحثاً عن فرص عمل أفضل في فرنسا، إلى تنقلها بين الأحياء الشعبية الفقيرة في المدن الفرنسية ومعاناتها من العنصرية المحيطة بها، وكيف أثر ذلك كله على تحويل الموسوي الذي لم يكن يتحدث العربية من شابٍ طامح لاستكمال دراسته التعليمية الجامعية إلى متطرف انزلق إلى مربع الجماعات الإسلامية العنفية وأصبح ناقماً على كل ما له علاقة بالغرب.

إلى أي مدى تمثل حالة الموسوي نموذجاً يمكن الاستفادة منه في تفسير انجذاب شرائح لا يستهان بها من الشبان المسلمين في الغرب إلى خطاب التطرف والعنف وعلى من تقع المسؤولية؟

هذه الأسئلة وغيرها يحوم حولها الكتاب، وسنناقشها هنا مع ضيفينا الكريمين الدكتور رفيق عبد السلام من جامعة (وست منستر) في لندن (الباحث في الفكر السياسي) والأستاذ كميل الطويل (الكاتب والصحفي المتابع لشؤون الحركات الإسلامية من جريدة "الحياة" في لندن)، فأهلاً وسهلاً بهما.

د. رفيق عبد السلام: أهلاً وسهلاً.

كميل الطويل: أهلاً وسهلاً.

خالد الحروب: دكتور رفيق إذا بدأنا معك بشكل أولي واستهلالي كيف ترى هذا الكتاب؟ ما الذي يضيفه إلى فهمنا لمآلات ومسارات هذه الحركات الإسلامية وأفرادها؟

د. رفيق عبد السلام: هو هذا الكتاب كما ورد في التقديم أستاذ خالد هو أهميته أنه متابعة دقيقة ولصيقة للحياة الشخصية لزكريا موسوي يسردها شقيقه الشخصي عبد الصمد موسوي وهو كما ذكرت متابعة دقيقة ومتابعة لحياته الشخصية باهتزازاتها وعملية انتقاله، التصدعات الاجتماعية، الصعوبات العائلية، فهو ملخص لحياته الشخصية ولكنه في نفس الوقت ملخص لمشهد أعم يعكس الحياة.. حياة عائلة مهاجرة من أصول مغاربية وطبيعة الصعوبات التي واجهتها، وهو بشكل أو بآخر فيه أيضاً محاكمة أو إدانة للنظام الاجتماعي والنظام السياسي الفرنسي وما تتعرض له هذه العائلة المهاجرة كعينة ربما ممثلة لحالة أوسع من المهاجرين الذين ينحدرون من أصول مغاربية أو شمال إفريقية، ثم هو أيضاً يتابع مصادر تكوين شقيقه وكيف انتقل من شاب عادي مفعم بالحياة ويعيش حياة بسيطة بكل ثقلها وبكل صعوباتها إلى شخص مندرج ضمن جماعة منظمة تقوم على ممارسة أعمال إرهابية، إذن فميزة هذا الكتاب أنه متابعة لصيقة وشخصية للحياة الشخصية لفؤاد زكريا، وفي نفس الوقت هو رحلة نقدية..

خالد الحروب [مقاطعاً]: لزكريا الموسوي..

د. رفيق عبد السلام [مستأنفاً]: عفواً لزكريا موسوي، ثم هو أيضاً هو فيه جوانب نقدية لمصادر تكوينه الفكري ولعملية الانتقال الفكري التي شهدها هذا الشاب.

خالد الحروب: الأستاذ كميل أيضاً يعني أيضاً بصفتك أيضاً متابع لشؤون هذه الحركات وأفرادها كيف ترى هذا.. هذه.. هذا العمل، هذه الكتاب أين أضاف؟

كميل الطويل: إنه سرد وصفي لعائلة مثلما تفضل الأخ رفيق هي وصف لكيف انتقلت العائلة من المغرب، كيف نشأت في مجتمع فرنسي يعيش العنصرية، وكيف تحول شقيقه زكريا من إنسان عادي يعيش على هامش المجتمع الفرنسي إلى شخص متطرف، إنها أقرب ما يمكن أن نسمعه إلى كيفية تحول هذا الشخص، نحن نعرف أن زكريا معتقل في.. في الولايات المتحدة منذ آب/ أغسطس 2001 بضعة أسابيع فقط قبل تفجيرات 11 سبتمبر، لا نعرف الكثير عن هذا الشخص، رواية عبد الصمد تعطي نظرة أولية لكيف تحول هذا الشخص، لكن نقطة الضعف الأساسية فيه أنه يشرح بدايات تغير زكريا، لكنه لا يتحدث عن الفترة التي نضج فيها تطرف فكر زكريا، وصار ذلك الشخص المستعد لكي يصبح انتحارياً، فترة التي تحدث عنها عبد الصمد تتعلق بفترة محددة فقط في تاريخ نشأة زكريا وهي الفترة التي بدأ فيها ينضم إلى الفكر المتشدد والحركات الإسلامية في لندن، لكنه لا يتحدث عن الفترة التي نضج فيها ذلك الفكر، وصار زكريا مستعد لكي يقوم بعمل إرهابي مثلما تقول الولايات المتحدة.

الظروف الاجتماعية القاسية التي مر بها زكريا الموسوي

خالد الحروب: طيب إذا بدأنا بالفصل الأول يتحدث فيه عبد الصمد حول.. يعني تحت عنوان العائلة، كيف هذه العائلة.. عائلة عادية جداً من المغرب ثم هاجرت كما هاجرت ألوف العائلات إلى فرنسا في منتصف، حقبة الستينات، والأب يعمل في.. في البلاط وفي البناء وإلى غير ذلك، ثم حصل بعد الهجرة حصل.. وُلِدَ زكريا ووُلِدَ عبد الصمد وبعدها بسنوات سنوات قليلة أعتقد ثلاث أو أربع سنوات حصل الطلاق، وهنا نقطة مفصلية، إنه أصبحت العائلة مشروخة والأبناء يعيشون مع الأم، الآن رفيق يركز هنا عبد الصمد.. يحاول أن يقول أنه.. أنه مأساة العائلة الاجتماعية، الطلاق ثم قسوة الأم وعدم اهتمامها وعدم.. فقدان العاطفة والحميمية مع أولادها كان أيضاً سبب دافع، سبب منفر ودافع لما آل إليه زكريا في وقت لاحق.

د. رفيق عبد السلام: يعني هو هذا الجانب بارز في الكتاب أنه الصعوبات الاجتماعية والتصدع العائلي دفع ثمنه زكريا الموسوي بشكل أو بآخر، يريد أن يقول شقيقه عبد الصمد أن هذه الحياة القلقة والمتوترة التي تجسدت في.. بالأساس في عملية انفصال الأب عن الأم حالة طلاق مبكرة تركت بصماتها على شخصية شقيقه، وتجد هذا مضمراً ومعلن في كثير من الأحيان في الكتاب، كأنه عبد الصمد يريد أن يحمل المسؤولية المباشرة لوالدته عن هذا المنعطف الفكري الذي شهده زكريا في مرحلة لاحقة، بمعنى أنه خميرة التطرف -إن جاز التعبير- كانت موجودة وكانت مختزنة في مرحلة.. في التصدعات التي شهدتها العائلة منذ مرحلة مبكرة، لا شك أن هذه الصعوبات الاجتماعية التي شهدتها العائلة أثرت في شخصية زكريا بشكل أو بآخر، ولكن أجد في بعض الأحيان أنه من المبالغة تحميل الأم كل هذه الشرور، صحيح أن الأم كانت جافة في بعض المناحي كما يبرز في الكتاب من ناحية الدفء العائلي كان غائب نسبياً من ناحية الحميمية العائلية داخل نسيج العائلة، التوتر في علاقة الأب.. بين الأب والأم، ثم عملية الانتقال إلى زواج ثاني، ثم صعوبة في هذا الزواج الثاني وانفصال، كل ذلك ترك بصماته على شخص زكريا، ولكن أيضاً أجد هنا من المبالغة تحميل كامل المسؤولية إلى الأم، لأن كثير من العائلات عاشت هذه التصدعات، كثير من العائلات عاشت صعوبات، ولكن لم تنتقل بالضرورة أو لم يشهد أبناؤها هذا المنعطف نحو حياة التشدد بالضرورة يعني.

أثر العنصرية التي لاقاها زكريا في الأحياء الفرنسية في تكوين شخصيته

خالد الحروب: نعم، إضافة إلى..إذا تكرمت أخ كميل، إضافة إلى التصدع الاجتماعي والوضع الشاذ -بين قوسين- للأسرة، يضيف الفصل الثاني في خلال سرده لحياة المراهقة والفتوة إن شئت أن.. أنهم واجهوا العنصرية في الأحياء الهامشية هذه الفرنسية أحياء فقيرة وأحياء الصفيح، تفاجأ الطفلان الصغيران الذين كبرا على الأجواء العنصرية، وهنا أيضاً دخل عنصر آخر أضيف إلى.. إلى عنصر التصدع العائلي الذي كانا يعانيان منه، كميل كيف ترى هذا الفصل.. الفصل الذي ناقش فيه أثر البيئة والعنصرية، وأنهم.. ينادونهم الآخرون بأنهم زنوج وبسبب اللون الحنطي المغربي المعتاد.

كميل الطويل: قبل.. قبل أن أتناول الفصل الثاني أود أن أعلق على موضوع أساسي وَرَدَ في الفصل الأول، وهو عنوان الفصل الأول، وقوله عائلة ووضع عائلة بين هلالين، أي أنه أراد أن يقول أنه لم ينتم إلى عائلة صحيحة، انتقد والدته ووصف الظروف المعيشية التي مروا فيها وانتقالهم من المغرب إلى فرنسا، لكن خلاصة الفصل أنه لا ينتمي إلى عائلة.

الفصل الثاني عالج فيه موضوع العنصرية، ولعل أهمية هذا الفصل تكمن في تأثيرها على زكريا نفسه، في ختام الفصل الأول يقول عبد الصمد: أن زكريا كان يبدع في مدرسته في لعبة الـ Hand Ball كرة اليد، وكان له مستقبل واعد، عندما انتقلت العائلة إلى جنوب فرنسا إلى منطقة (نوربو) تغير زكريا شعر بالعنصرية، شعر بالعنصرية داخل مدرسته بين رفاقه، بين أساتذته، يقول جملة مشهورة: أن زكريا سمع أن أفضل لاعب بيننا في لعبة الرجبي التي حاول زكريا أن يلتحق بإحدى فرق الرجبي في المدينة التي انتقل إليها أن "أفضل شخص عربي يلعب في الفريق هو الذي يذهب مع رفاقه يحتسي بضعة زجاجات من البيرة -الجعة- وبعد الانتهاء من احتساء الكحول يحطمون جمجمته" هذه الجملة كما أوردها في كتابه..

خالد الحروب: يعني كان هي بتوجز.. توجز كل الشعور بالعنصرية.

كميل الطويل: أنه شعر بعنصرية منذ صغرهم لون بشرتهم، طريقة تعامل رفاقهم معهم، المستوى الاجتماعي، نحن نعرف أنهم من مستوى اجتماعي متواضع جداً أمه عاملة تنظيفات، أمه منفصلة عن والدته [والده]، ليس معهم فلوس لكي يعيشوا حياة متوسطة، شعر بذلك مباشرة في طريقة عيشهم، في مدرستهم، لون بشرتهم يقول أيضاً: أننا نعم نحن فرنسيون، وُلدنا في فرنسا، ولكننا لسنا مثل الفرنسيين الآخرين، وماذا يعني بذلك؟ لون بشرته.

البحث عن الهوية وأثره فيما آل إليه الموسوي

خالد الحروب: يعني هذا.. هذا ينقلنا.. هذا ينقلنا كميل إلى الفصل الثالث الذي جاء بعنوان البحث عن الهوية، وهنا في البحث عن هذه الهوية يقول: إن هذا هو التشتت، التشرذم الداخلي أنهم لم يشعروا بأنهم فرنسيين كاملي الفرنسية، وفي نفس الوقت كانوا منزوعي المغربية من قِبل أقرانهم وفي المجتمع المغاربي المختلف بسبب أنهم لا يتكلمون العربية ولا يعرفون أصول الدين، فهذا التوتُّر الداخلي الشديد بين والتمزق بين هوية فرنسية وهوية مغربية كيف تراه رفيق في.. في تشكيل المآل الذي وصل إليه زكريا موسوي؟

د. رفيق عبد السلام: يبدو أن السياق العام للكتاب يريد أن يقول بأن زكريا كان يعيش أزمة هوية مضاعفة، إن جاز التعبير، يعني كان فرنسياً أو يعيش مع الفرنسيين، ولكنه لا يشعر بذاته بأنه فرنسي، لأن الامتداد الفرنسي أو المحيط الفرنسي يشعره كل يوم وفي كل ساعة وفي كل لحظة بأنه ليس فرنسي، بأنه الآخر، ومن الجهة الأخرى كان حينما يلتقي مع المنحدر الاجتماعي أو المنحدر العرقي أو الإثني المغاربي كان يشعر بأنه يختلف عنهم، وكان يُواجَه بكلمة مسكين لأنه لا يتقن اللغة العربية، إذن فهو كان فرنسي يعيش مع الفرنسيين، ولكنه لا يشعر بذاته بأنه فرنسي لأنه الطرف الآخر لا يُشعِره بفرنسيته، وكان في ذات الوقت يشعر بنوع من الحنين إلى المنابت الأسرية والقومية -إن جاز التعبير- بأنه مغربي، ولكنه يواجه من طرف الجالية المغاربية الفرنسيين أو الفرنسية المنحدرين من أصل مغاربي بأنه ليس منهم، إذن الكتاب يريد أن يقول بأن موسوي عاش أزمة هوية.. هوية مضاعفة، وربما هذه الهوية فيها نوع من الصعوبات في ثلاث مستويات رئيسية.

المستوى الأول: أنه.. أن مُورس عليه تمييز بسبب البشرة، بسبب لونه الأسمر أو بشرته السمراء، الأمر الذي جعله محل تندُّر وفي بعض الأحيان محل سخرية من طرف أقرانه حتى في.. في المعهد ومن أبناء الحي، ثم مورس عليه تمييز ثاني بسبب الثقافة لأن زكريا موسوي ينحدر من أصول عربية وإسلامية، التمييز الثالث أيضاً بسبب منحدره الاجتماعي، أنه ليس من أبناء الطبقة الوسطى، وربما من سوء حظه أنه حينما انتقل من مدينة (مليوز) إلى برون تقريباً إلى مدينة برون، يعني شعر بأنه هو ابن الطبقة الاجتماعية المهمشة ولكنه محاط بأبناء الطبقة الوسطى وخاصة حينما تحسن مستواه الاجتماعي حينما انتقلت أمه من وظيفة الشغالة إلى امتلاك متجر، انتقلت إلى عالم التجارة فتحسَّن وضعهم الاجتماعي بعض الشيء ولكنه بقي يشعر بأنه ليس من أبناء الطبقة الوسطى، هو من أبناء عائلة فقيرة ومهمشة وتعود إلى أصول مغاربية مهاجرة.

خالد الحروب: فأضيف.. فأضيف إلى أزمة الهوية المزدوجة والمضاعفة كما ذكرت أزمات تحديد الوضع الاجتماعي إلى مَنْ ينتمي، إلى الطبقة الوسطى أم إلى الطبقة الفقيرة، وهذا ما سوف أسأل عنه الأستاذ كميل.

[فاصل إعلاني]

خالد الحروب: أستاذ كميل، هذه النقطة نقطة تحديد الوضع الاجتماعي التي أيضاً ركبت على أزمة الهوية المزدوجة، قادته إلى استنتاج أن الانفكاك طريق الانفكاك.. الانفكاك الوحيد من نفق العنصرية المعاناة من العنصرية هو لاستكمال طريقه التعليمي الأكاديمي، الظفر بشهادة جامعية سوف يحسِّن من.. من مستقبله ويفك هذا الضغط والحصار الذي كان يشعر فيه، ويحسِّن أيضاً من وضعه الاجتماعي، لكن في نفس الوقت لم يستطع، فترك الدراسة الأكاديمية وذهب إلى الدراسة المهنية، ما انطباعاتك وتحليلك ورؤيتك لهذا.. لهذا المسار في الفصل الرابع والخامس عندما انتقل من المسار الأكاديمي إلى المسار المهني تحت ضغط الشعور بأنه لا يستطيع أن ينتمي إلى الطبقة الوسطى؟

كميل الطويل: زكريا في تلك الفترة كان يمر في مرحلة مهمة بالغة الأهمية من حياته، كان شاباً وتكوينه ينضج، شعر بأنه -مثلما قال الأستاذ رفيق- أنه لا ينتمي إلى فئة معينة، لا ينتمي إلى.. إلى الفرنسيين الأصليين ليس فرنسياً أصلياً وليس عربياً لا يتكلم العربية على الرغم أن الناس يفترضون أنه عربي، جاءت مشكلة مشاركته في لعبة الرجبي، كذلك شعر بأنه لا ينتمي إلى هذا.. إلى رفاقه، في المدرسة كان يشعر بأنه مختلف عن رفاقه، دخل في.. في مجال التعليم التقني كذلك شعر أنه لا ينتمي إلى هذا المجال، شعر بندم أنه بدل أن يكمل تكليمه.. يكمل تعليمه الجامعي انتقل إلى دراسة تقنية ولم.. ولم تكن تلك ما يحتاج، جلس في نقاش مع شقيقه ماذا يفعل، يريد أن يفعل شيء في حياته، يريد أن يحصل على شهادة، يريد أن يتقدم في النهاية اتخذ قراراً حاسماً وهو أن.. أن عليه أن يقوم بدراسة اللغة الإنجليزية كانت المفتاح لكي يخرج من تلك البيئة التي كان عائشاً فيها بيئة الفقر، كان يريد أن يبني مستقبلاً لنفسه والوسيلة الوحيدة التي كانت متاحة أمامه هو مواصلة تعليمه وبالتحديد تحصيل.. تقوية لغته الإنجليزية لكي يفتح مجالاً للقيام بتجارة ما ربما في تجارة اللحم الحلال -مثلما قال- أو في تجارة معينة بين فرنسا والمغرب أو الدول العربية، كان يريد أن يبني شيئاً لنفسه.

محاولة الكتاب تحليل ظاهرة الإسلام السياسي

خالد الحروب: طبعاً هو انتقاله إلى لندن كما سنأتي عليه لاحقاً كان هو النقطة المفصلية التي حولته إلى متطرف، حيث التقى بالجماعات الإسلامية الموجودة في لندن، لكن قبل أن نصل إلى.. إلى هذا الجزء من الكتاب -رفيق- يبدأ هو تقريباً من منتصف الكتاب فصاعداً يتحدث بـ.. يخرج عن كونه يسرد تاريخ العائلة ثم يدخل بالتحليل ويحاول أن يحلل الظاهرة، يحاول أن يتحدث عن الإسلام السياسي لماذا هذا التطرف إلى آخره، أو في.. بالأحرى يتورط في الواقع يعني لأنه الموضوع يبدو أنه خارج طبعاً سياق تخصصه هو ليس مختص في.. في شؤون الحركات الإسلامية، فلذلك يشن حملة أحياناً هوجاء على كل وتعميمية على كل ما له علاقة بهذه الجماعات، ويجمعها، ما رأيك في.. في تحليله، هل هذا التحليل مثلاً دقيق عندما يتحدث عن الوهابية يجمع يوسف القرضاوي وعمر عبد الرحمن مع ابن تيمية، مع كل هذه الأسماء.

د. رفيق عبد السلام: هو الحقيقة.. هذا ربما أضعف جانب في الكتاب، وتفسيره لهذه الظاهرة أن أخوه زكريا قد انتقل إلى عنصر في جماعة متشددة تُسمى بالقاعدة لأنه قد تأثر بالأفكار الوهابية وتأثر بسيد قطب، هذا فيه تجني في حقيقة الأمر من جانبين أو هذا لا يخرج عن احتمالين، الاحتمال الأول هو أنه عبد الصمد لم يكن على دراية كافية بتعقيدات الساحة الإسلامية.

خالد الحروب: المؤلف.

د. رفيق عبد السلام: المؤلف، أقصد بذلك المؤلف لم يكن على دراية ومعرفة واسعة وعميقة بتعقيدات الساحة الإسلامية، أو الجانب الثاني أنه متحامل، ونحن في.. لو غلبنا يعني حسن الظن في هذا الجانب فأقل ما نقوله أنه تفسيره كانت فيه إخلالات كبيرة، وفيه كثير من التعميم حتى من جهة الوهابية وسيد قطب، في حقيقة الأمر من التجني أن نقول سيد قطب مثلاً أن نقرأ سيد قطب من خلال مقاطع في "معالم في الطريق" أو مقاطع في "الظلال"، لأن سيد قطب مشهد أعمق من ذلك وأوسع من ذلك بكثير، يمكن أن نقرأ سيد قطب من خلال "السلام العالمي والإسلام"، "العدالة الاجتماعية في الإسلام"، "الإسلام ومعركة الرأسمالية" يعني تجد مفكر حر له تأملات عميقة، صحيح أن هنالك بعض المناحي المخيفة في الجانب السياسي من فكر سيد قطب، وكذلك في الحركة الوهابية، لا شك إن الحركة الوهابية لها بعض النزوعات التكفيرية التي برزت منذ وقت مبكر، ولكن هذا لا ينفي كون الحركة الوهابية إذا ما وضُعت ضمن سياقاتها التاريخية كانت دعوة للتجديد بشكل أو بآخر كانت دعوة إلى العودة إلى الأصول وإلى الكليات ونبذ التقليد والموروث، فهي من هذا الجانب كانت مجددة، يبدو لي أي.. أي فكر أو أي نص القارئ أو المتابع يأخذ أو يلتقط ما يحتاج من النص، وجماعات التشدد لم تلتقط من سيد قطب إلا بعض المقاطع أو بعض المشاهد من "معالم في الطريق"، وكذلك لم تلتقط من الحركة الوهابية إلا بعض نزوعاتها التكفيرية وهي نزوعات مخيفة ليس هنالك شك.

الجانب الآخر: أن هنالك عملية تعميم غير مبررة وغير مفهومة أن يقع الخلط بين أيمن الظواهري مثلاً وبين الشيخ يوسف القرضاوي وفيصل مولوي، يعني هذه عملية خلط غير مبرَّرة، لأنه كل من هو دارس أو متابع للشأن الإسلامي يعرف أن أيمن الظواهري أو جماعة القاعدة هذه لها جذور في الحركات الجهادية والحركات والقتالية.

خالد الحروب: وأن هناك فروقات كبيرة بين هذه الأسماء وهذه الجماعات.

د. رفيق عبد السلام: فروقات جوهرية من ناحية الفكر، بينما يوسف القرضاوي يعتبر هو رائد مدرسة ما يُسمى بالوسطية والاعتدال الإسلامي.

خالد الحروب: لكن أيضاً في هذه النقطة يعني كان هناك -على سبيل المثال- استطراداً لهذه النقطة وأنتقل إلى كميل، كان هناك نتاجان مثلاً لسيد قطب نتاجان أيضاً للوهابية، نتاج ما قبل السجن ونتاج ما بعد السجن، "السلام الاجتماعي والإسلام"، وكل الكتابات اللي فيها رؤية يعني ثانوية كانت قبل السجن، لكن ما أثر في مسار الحركات الجهادية هو فكر سيد قطب ما بعد السجن، وربما هذا ما أشار إليه الكاتب، نفس..

كميل الطويل: أعتقد..

خالد الحروب: نفس الشيء ينطبق على الوهابية، أريد أن أعرف رأي كميل فيما كتبه عبد الصمد الموسوي أن تجليات الوهابية وليس الوهابية ما جاء.. ما جاء به محمد عبد الوهاب آنذاك وكان فكراً تجديدياً، لكن تجلياتها المتطرفة ما قد فُسر من قبل أتباع راهني المعاصرين من ناحية التشدُّد وتكفير الآخرين والنزوع نحو التفسير الدقيق وغير ذلك، ما أعرف رأي كميل في أيضاً في تحليل المؤلف ونسبة كل هذه الشرور إلى الوهابية هو يحمل حملة شعواء على الوهابية؟

كميل الطويل: صحيح، أعتقد أن عبد الصمد في كتابه في هذه.. في هذه النقطة تحديداً أخطأ خطأً كبيراً هو عمَّم قضية التطرُّف على تيارات إسلامية عديدة، قال: أن الوهابيين متطرفون، أن الإخوان المسلمون متطرفون، جمع بين قطاع عريض من التيارات الإسلامية ووضعها كلها في خانة واحدة، أعتقد أنه أراد أن يقصد أن هناك تياراً متشدداً داخل الحركة الإسلامية، تياراً يريد أن يبرر أعمال العنف، وهو ما يعني أمر لا.. لا يوافقه عبد الصمد، لكنه أخطأ في ذلك، نحن نعرف أن هناك فرقاً كبيراً بين القاعدة وبين الإخوان المسلمين في مصر لنفترض، هناك تيار الإخوان معتدل إلى حدٍ ما مقارنة مع فكر القاعدة، أو حتى عندما يخلط بين جماعة الجهاد والدكتور أيمن الظواهري وجماعة الإخوان المسلمين، نحن نعرف أن مواقفهم متعارضة جداً، هذه إحدى نقاط الضعف، كذلك يجب ألا ننسى أن عبد الصمد يأتي من.. من المغرب العربي هو يجب أن يكون مثل بقية المغاربة ينتمي إلى الفكر المالكي ونحن نعرف الآن أن.. أن الطبقة السياسية أو الحكم في المغرب يشن حملة شعواء على التيارات الأخرى التي تحاول أن تدخل إلى المجتمع المغربي وتبرر أو تبشر وفق معتقداتها.

بحسب اعتقادي إن عبد الصمد يريد أن يقول إن هناك تطرفاً في الحركات الإسلامية يغزو المنطقة وأن على المعتدلين الإسلاميين أن يبرزوا أكثر، ولكن.. ولكنه أخطأ في الخلط بوضع جميع الحركات الإسلامية في خانة واحدة.

خالد الحروب: يتبادر لذهن القارئ -رفيق- أن الكتاب بكونه موجَّه طبعاً إلى القارئ الفرنسي أولاً ثم ترجم إلى الإنجليزية والقارئ الغربي على وجه العموم أن المؤلف هناك نزعة تبريرية، ليس نزعة قتالية، نزعة إن هناك نوع من الهجوم أحياناً المبالغ فيه، وخاصة إذا أُضيف أنه هو عبد الصمد المؤلف نفسه يذكر في نهاية الكتاب أنه تديَّن هو نفسه، يعني نشأ هو نشأة غير متدينة ولا يعرف العربية ولا الدين، لكنه في مرحلة لاحقة من حياته هو تديَّن التديُّن المعتدل العادي الذي هو يدعو له ويفرق بينه وبين التديُّن المتطرف، فهل برأيك هذا النزوع نحو القارئ الغربي ومحاولة استرضائه، محاولة الاعتذار، محاولة الكذا أثرت في النهج العام للكتاب والحملة هذه الكبيرة على.. على الجماعات الإسلامية معتدلها ومتطرفها؟

د. رفيق عبد السلام: هو واضح أن هنالك بصمات فرنسية في الكتاب، يعني بما أنه عبد الصمد قد تأثر بسبب المناخ الثقافي العام السائد في فرنسا أو بسبب شراكته، لأن هذا الكتاب كُتب بالاشتراك مع صحفية فرنسية، فالبصمات الفرنسية واضحة سواء كان ذلك من جهة عملية التعميم ووضع الساحة الإسلامية بكل تعقيداتها وتفصيلاتها في سلة واحدة، لا أحد متابع نزيه أو مراقب للشأن الإسلامي يمكن أن يجمع بين جماعة القاعدة والإخوان المسلمين مثلاً، الإخوان المسلمين همَّ قاعدة الاعتدال في الحياة السياسية العربية، وهم يشاركون في البرلمانات وفي الحياة السياسية في مصر، في الأردن، في الكويت، في مناطق مختلفة من العالم العربي ومن العالم الإسلامي، إذن هذه عملية الخلط واضحة كما ذكرت فيها تأثر بالمناخ الثقافي الفرنسي أو محاولة ترضئة وتلبية يعني حاجة لدى القارئ الفرنسي، لأن طبيعة القارئ الفرنسي يميل إلى وضع كل شيء في كفة واحدة، هنالك عنف وتطرف متأتي من العالم الآخر، العالم العربي والعالم الإسلامي وكل ما هو إسلامي فهو متطرف بشكل أو بآخر، الجانب الآخر لا ننسى إنه عبد الصمد الموسوي حينما رجع إلى منابته وجذوره الإسلامية في مرحلة متأخرة نسبياً من حياته، فالشاب لم يكن يعرف لا لغة عربية ولا مطلع على مصادر إسلامية تقريب في سن الـ 25، أصبح يعني..

خالد الحروب: مهتماً بالجذور..

د. رفيق عبد السلام: يتلمس مصادره الإسلامية في مرحلة متقدمة نسبياً من.. من.. من شبابه، في هذه المرحلة عاد إلى مصادر التكوين التقليدي المغربي بمسحته الصوفية، وهنا نلاحظ لو لاحظت ذلك خاصة الفقرة الأخيرة من الكتاب.

خالد الحروب: أي نعم، ذكرها.

د. رفيق عبد السلام: يعني هنالك مسحة صوفية واضحة، وهنالك تحامل وهذا ما يفسِّر أيضاً مبرِّر التحامل نسبياً على الوهابية ثم على الإخوان المسلمين، لأن هنالك حساسية خاصة بين الحركات الصوفية أو بين الجماعات الصوفية وبين الحركة الوهابية منذ وقت مبكر، فمن هذه الجانب يمكن أن.. أن نفهم الأسباب والدواعي التي جعلت صاحب هذا.. هذا الكتاب يقوم بعملية الخلط هذه وينتهي إلى بعض الأحكام التعميمية غير المبررة وغير المفهومة في حقيقة الأمر.

خالد الحروب: في الفصل.

كميل الطويل: ممكن..

خالد الحروب: آه، اتفضل كميل.

كميل الطويل: أريد أن يعني أضيف شيئاً ما، لا أعرف كيف خلطت بين البصمات الفرنسية في الكتاب وبين موقف عبد الصمد من التيار الذي ينتمي إليه شقيقه، نحن نعرف مثلما قلت أن عبد الصمد ينتمي إلى تيار إسلامي معين هو قالها بصراحة أنه ينتمي إلى فكر إسلامي معين صوفي، وأن شقيقه زكريا قطع العلاقة معه ومع زوجته لأنه يعتبره يقوم ببدعة لأنه يتوسل، إذن موقف عبد الصمد واضح، وليس هناك بحسب رأيي إرضاءً للتيار الفرنسي أو للشارع الفرنسي، لكنه موقف بينه وبين شقيقه، بين التيار الذي ينتمي إليه عبد الصمد والتيار الذي ينتمي إليه زكريا، هناك فرق كبير بين التيارين، وأعتقد أن عبد الصمد -مثلما قلت- عنده موقف من التيار السياسي الإسلامي العنفي، ولذلك كتب ما كتب عن شقيقه زكريا.

د.رفيق عبد السلام: الحقيقة لا أريد أن أتهمه أستاذ خالد.

خالد الحروب: الملاحظة.. الملاحظة.. الملاحظة اللي ربما أثرناها هي أن يتوجه الكاتب وهذا شيء طبيعي، وأحياناً عندما يكتب الكاتب أي كاتب ويتوجه بهذا الكتاب سواء كان نصاً صحفياً أو كتاباً أو حتى أحياناً كتاب أكاديمي إلى جمهور معين تجد أن أثر الجمهور الموجه له هذه الكتابة بشكل مباشر أو غير مباشر يقع على.. على النص، فكانت الملاحظة إنه هل هناك تأثير في لأنه يوجه هذه الكتابة إلى القارئ الفرنسي والقارئ الغربي، هل هناك تأثير على النهج الهجومي مثلاً الشديد الذي شنه على.. على.. على التطرف ربما هذا كان موقف عادي، لكنه شمل في التطرف أناس وجماعات ورموز غير متطرفة.

كميل الطويل: مثلما قلت أنه أخطأ في التعميم، لكنه كان يدافع عن موقفه، يقول أن شقيقه زكريا قطع العلاقة معه ومع زوجته، واعتبرهما يقومان ببدعة.

خالد الحروب: هو اعتبرهما كفار يعني.

د. رفيق عبد السلام: هو في الحقيقة أنا لا أريد أن أتهمه، لست في موضع الاتهام، ولكن أفسر الظاهرة، طبيعة أي نص، اللسان الذي يكتب به لابد أن يأخذ بعين الاعتبار يأخذ طبيعة القارئ، فهذا النص كتب في الأصل باللغة الفرنسية ثم ترجم إلى اللغة الإنجليزية لاحقاً، ولابد أن يأخذ هذا المعطى بعين الاعتبار، وحينما أقول بصمات فرنسية هذا مبني على مؤشرات موجودة في الكتاب أيضاً، مثلاً اتهام اعتبار أنه لندن هي عاصمة الإرهاب الإسلامي قد تحولت إلى عاصمة الإرهاب.

خالد الحروب: هذه مقولة فرنسية مشهورة.

د. رفيق عبد السلام: هذه مقولة فرنسية خالصة ورائجة في وسائل الإعلام.

كميل الطويل: أيوه لكنه.. ولكنه..

د. رفيق عبد السلام: عملية الجمع وضع كل ما هو إسلامي في كفة واحدة يساوي التطرف، أن يجمع بين الشيخ يوسف القرضاوي مثلاً وأيمن الظواهري هذه عملية تعميم رائجة في وسائل الإعلام الغربية بصفة عامة وفي وسائل الإعلام الفرنسية بصفة خاصة.

كميل الطويل: بغض النظر عن وسائل الإعلام الفرنسية هو يعتبر أن لندن تتحمل مسؤولية انتقال شقيقه زكريا من فكر معين معتدل أو إنسان عادي إلى فكر متطرف، لذلك هو يحمل قد.. قد يعني يتوافق في الرأي مع الموقف السائد في الإعلام الفرنسي، لكنه مُسَّ بانتقال شقيقه زكريا من إنسان عادي إلى إنسان برأيه متطرف..

د.رفيق عبد السلام: على كل حال يمكن هذا.

انتقال الموسوي للندن والتحاقه بالقاعدة

خالد الحروب: دعنا.. دعنا كميل.. دعنا ننتقل إلى الفصل السادس، الذي.. الذي به ينتقل زكريا موسوي من.. من فرنسا إلى لندن، وتصبح هذا.. هذه الانعطافة الكبرى في.. في.. في مسار حياته حيث اختلط بالجماعات اللي موجودة هنا في لندن ومنها بحسب ما يقول شقيقه عبد الصمد منها أخذ التطرف وأخذ هذا.. هذا النهج، الآن ما رأيك وما تحليلك في الفصل هذا السادس الذي يصف فيه هذه الجماعات التي تتحكم في الشبان المسلمين البسطاء الذين يبحثون عن قدر ما من الدفء الجماعي، مهمشين طبعاً هناك قدر من الاغتراب عن المجتمعات التي يعيشون فيها، يجدون قدر ما من الدفء من الرعاية حتى من المساعدة المالية من قَبِل هذه الجماعات، فتصبح عملية هناك تبادل وهناك عملية تمهيد بما قد سيأتي من.. من تحميلهم لأفكار للوضع اللندني الذي احتوى زكريا الموسوي، انطباعاتك؟

كميل الطويل: أعتقد أنه هذا الفصل مهم، ولكنه ضعيف في.. في الوقت نفسه، أنه يشرح كيف تغير زكريا، كيف بدايات التغير في فكره، كيف أنه ذهب إلى لندن وعاش فقيراً لا يعرف الإنجليزية، كان يسير أياماً طوال بدون أن يتكلم مع أحد، عاش في مأوى للمشردين، عانى معاناة رهيبة خلال وجوده هنا، وهنا بدأ زكريا يتغير، كل ستة أشهر كان يعود إلى عائلته في فرنسا يحاول أن يتفادى أن يلتقي بأمه، ولكنه عندما يلتقي شقيقه عبد الصمد وأخواته البنات كان يتحدث معهم في أمور معينة، عبد الصمد لاحظ هنا أن شقيقه تغير أو بدايات التغير كان يلاحظ مثلاً أنه بحسب ما روت له شقيقته أنه.. أنهما كانا جالسان مرة في المنزل، بدأت أخته ترتدي ثيابها وتحاول أن تخرج من المنزل للتبضع نظر إليها فوجدها تلبس ثياباً يعني غير محتشمة جداً في نظره صرخ فيها واتهمها بأنها تخرج كأنها عاهرة من المنزل، كذلك يقول أنه لاحظ في شقيقه أنه تغير، ينظر إلى برنامج تليفزيوني ويقول إن مكان المرأة هو المنزل، لاحظ مرة أنه أخذه إلى.. سمع أنه ذهب إلى مسجد المنطقة التي يعيشون فيها في فرنسا نوربو، وخرج بين المصلين، وقال لهم أنني أريد أن أعطيكم درساً وتجادل مع..

خالد الحروب: الإمام.

كميل الطويل: إمام المسجد، وطردوه من المسجد، تلك فترة تغير زكريا، لكن نقطة الضعف الأساسية هنا أنه يتحدث عن تلك الظواهر من دون أن يغوص فيها، لا يعرف كيف تجند شقيقه زكريا هنا، من جنده؟ ما هي الجماعات التي التحق بها؟ كيف أُغري؟ كيف تغيَّر فكره؟ ومثلما يقول صار عنده غسيل دماغ، هنا نقطة الضعف الأساسية.

خالد الحروب: أي نعم، هو يقول أنه آخر مرة رأى فيها شقيقه سنة 1995، وانقطعت بعديها العلاقة وإلى آخره، وهذه.. هذه هي الفترة الحاسمة، هذه فترة التحول الأساسي من الـ 95 إلى 2001 التي حدثت فيها هذه التحولات الدراماتيكية التي ولدت زكريا جديد يتهم الآن بأنه العضو العشرون في.. في الجماعة التي نفذت تفجيرات الحادي عشر من أيلول.

الآن السؤال -رفيق -أيضاً هناك نوع من.. من.. من سرعة الإيقاع، يعني إذا نظرنا إلى هذا التحول من الـ95 إلى.. إلى 2001 من شخص لا يتحدث العربية، وصل إلى.. وصل أو بدأ من حياة عادية جداً، زكريا عنده صديقة فرنسية مكث معها عشر سنوات، يعني يأتي من لندن ويذهب إلى يعيش مع صديقته الفرنسية، فتبدأ من.. من أقصى مثلاً هذه النقطة ثم إلى أقصى النقطة المقابلة في ظرف ست سنوات يعني، كيف ترى هذا التحول السريع لم يشبع نهمنا ربما عبد الصمد في الكتاب إنه ما الذي حدث، لكن في تقديرك الفصل هذا والذي يليه حول هذا.. انطباعاتك حول هذا.. هذا التغير السريع؟

د. رفيق عبد السلام: هو في الحقيقة هذه أشبه ما يكون بحلقة مفقودة في الكتاب، يعني الكاتب يتابع يعني في الفصول السابقة تفاصيل حياة شقيقه زكريا بكامل يعني تدقيقاتها في أوضاعه الأسرية، في الانتقال من مدينة إلى أخرى، في شظف العيش، في علاقته بعشيقته الفرنسية، كل هذه يعني لبت رغبة القارئ بشكل أو آخر أو أروت نهم القارئ، بينما المرحلة الحاسمة في حياته الشخصية وفي حياته الفكرية، وهي أهم مفصل في التي.. من أهم مفصل الذي بموجبه انتقل زكريا من شاب فرنسي من أصول مغاربية، شاب يعيش حياة عادية كشأن أي شاب فرنسي آخر أو كشاب فرنسي ينحدر من أصول مغاربية إلى عضو منتدب في جماعة القاعدة، هذه حلقة مفقودة لا نجد فيها التفصيل، ولكن يبدو أن هذه التحولات الدراماتيكية قد وقعت في هذه المرحلة المفصلية والتي لا نملك عنها معلومات يعني مفصلة، كل ما نعلمه أن صديقه انتقل إلى لندن، وأراد أن يدرس هناك في قسم التجارة تقريباً في جامعة ساوث بارك.

كميل الطويل: ساوث بارك.

خالد الحروب: ساوث بارك يونيفرستي..

د. رفيق عبد السلام: ساوث بارك يونيفرستي، ومن هناك وقع انتدابه أو التقاطه ليصبح عضواً في جماعة القاعدة، ولكن هذا يبرز جانب أساسي ومهم في استراتيجية هذه الجماعة من جهة محاولتها انتداب هذه الأشخاص في الغالب لا يمتلكون تكويناً أصلياً من الناحية الدينية ومن الناحية الفكرية في أغلبهم أو قطاع واسع منهم هم من أصول يعني مغاربية أو من أصول آسيوية، وقد عاشوا مرحلة الاغتراب ربما الثقافي، الاغتراب الاجتماعي، ثم فجأة يجدون عملية الدفء العاطفي وربما الدفء السياسي في جماعة منظمة فيندرجون ضمن جماعة القاعدة.

خالد الحروب: اتفضل كميل.

كميل الطويل: هذه إحدى ثغرات الكتاب أنه لا يعرف ماذا حصل لأخيه زكريا خلال وجوده في لندن، إنها حلقة مفقودة، أقصى ما يمكن أن يفعله أو فعله عبد الصمد في الكتاب أنه شرح قضية شاب كان صديقاً لزكريا ولعبد الصمد، كيف تحول هذا الشاب (زافييه) من شاب لطيف، شاب جميل تحبه البنات، مرح.

خالد الحروب: أفريقي هو أيضاً يعني من أصول إفريقية حتى..

كميل الطويل: آه، ذهب إلى.. التحق بزكريا في لندن ليتعلم الإنجليزية مثل.. مثل زكريا، وفجأة رآه يعود إلى فرنسا أشهر إسلامه، وبدأ يتصرف كتصرفات شقيقه زكريا، وربما هي إلا بضعة سنوات عندما استدعته الشرطة الفرنسية وعرضت عليه صوراً أخذتها من إحدى مواقع الإنترنت، إحدى الصور يظهر فيها زافييه يرفع شعار النصر، وصورة ثانية كذا، وفي الصورة الثالثة هو ملقى على الأرض ميت، ومنذ ذلك.. تلك الفترة بدأ عبد الصمد يتخيل شقيقه، سيلقى مصير مثل مصير زافييه، زافييه بحسب.. بحسب ما كتب في الصورة أنه استشهد في الشيشان، أخذ يفكر في أن شقيقه سيلقى نفس المصير، وبدأ يتوقع في كل يوم أن تأتيه الخبر، بأن.. بأن شقيقه سيقتل في مكان ما.

رؤية الكتاب لعوامل إنتاج الإرهابي

خالد الحروب: نعم، يعني مع هذه النقطة الوصول إلى هذه النقطة يصل الكاتب يعني مع هذا الفصل والفصل السابع والثامن إنه فيما إن كانت حالة زكريا الموسوي حالة شاذة حالة فردية، أم أنها حالة معمَّمة، نموذج ينطبق على شريحة واسعة مثلاً من الشبان المغتربين في أوروبا، الشريحة الفقيرة المهمشة التي تشعر بالاغتراب المأزومة لأكثر من سبب سواء بالفقر، بفقدان العمل، بالفشل مثلاً الدراسي، إلى آخره، خلاصة هذه الأزمات تنتج شخصيات أميل إلى العنف والتطرف، فعندما تجد منفذ معين سواء كان منفذ إسلامي أو غير إسلامي ربما، لكنه سمته الأساسية التطرف والنقمة على.. على المحيط، فإلى أي مدى تنطبق هذه النمذجة على.. على.. على هذه الشرائح؟ هل العائلة.. إذا كانت العائلة عائلة فقيرة معدمة معناته أوتوماتيكياً أن الناتج هو أشخاص متطرفين، إلى أي مدى هذا التحليل السسيولوجي ينطبق في فهم قدر ما من.. من التطرف الإسلامي الراهن رفيق؟

د.رفيق عبد السلام: هو الحقيقة هذا تفسير رائج وشائع بما في ذلك في الوسط الأكاديمي، أنه التهميش الاجتماعي يساوي التطرف، ولكن الأمر ليس بهذه المعادلة البسيطة، بدليل أن قيادات كبيرة في جماعة القاعدة لا ينحدرون من أصول مهمَّشة، بن لادن شخص ثري ومن عائلة..

خالد الحروب: ثرية.

د. رفيق عبد السلام: يعني ثرية جداً، أيمن الظواهري نفسه من عائلة مصرية عريقة ومن عائلة علمية عريقة أيضاً، وهو طبيب جراح، كيف انتقل أيمن الظواهري من الطبيب ابن الطبقة الوسطى أو ربما ابن الطبقة الراقية إلى قيادي في الجماعات الجهادية ثم قيادي في جماعة القاعدة، هذا ربما المقولات الاجتماعية الرائجة لا تستطيع أن تفسَّر هذه الظواهر المركبة والمعقدة، لأنه التهميش الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى هذه النتيجة وإلى نتائج أخرى كان يمكن لزكريا موسوي أن يتحول مثلاً إلى جماعة صوفية أن يجد الدفء الروحي والعاطفي في جماعة صوفية وليس بالضرورة في جماعة القاعدة.

خالد الحروب: هو أكثر مثال رفيق يعني وأنا أقرأ في هذا التحليل إنه عبد الصمد نفسه لم يتحول إلى متطرف، فالبيئة نفسها التي أنتجت زكريا المتطرف والإرهابي وغير ذلك أنتجت بعد الصمد الصوفي الذي تدين قبل أخيه أيضاً.

د.رفيق عبد السلام: تماماً.. تماماً.

خالد الحروب: وهو شخص الآن يعني شخص ناجح في.. في عمله وغير ذلك.

كميل الطويل: لا.. لا أعتقد أن عبد الصمد أراد أن يقول فقط لأن زكريا يأتي من طبقة اجتماعية فقيرة كان سهلاً استقطابه في.. لهذه الجماعات، هو بحسب ما أرى في الكتاب أنه أراد أن يعدِّد عوامل كثيرة ساهمت في تغيير شقيقه، هي العائلة المفككة، يعيش بدون حب الأم، بعيداً عن الأب، خلافات داخل العائلة يضاف إليها الوضع الاجتماعي السيئ الذي تنتمي إليه العائلة، هناك عنصر العنصرية الرائج في المجتمع الفرنسي، هناك التهميش هي مجموعة عوامل، ويضاف إليها بحسب عبد الصمد وجود التيارات الإسلامية المتطرفة ونشاطها هنا في لندن، إنها مجموعة عوامل وليس فقط انتماء زكريا إلى بيئة اجتماعية متوسطة أو فقيرة.

خالد الحروب: بقي عندنا دقائق قليلة، رفيق أسألك هل.. هل نستطيع أن.. نربط عدم تكلمه للغة العربية ونسحب ذلك على مثلاً الجاليات افرض الباكستانية وآسيا الشبان.. الذين جذورهم تأتي من هذه الجاليات، جاليات لا تتكلم العربية موجودة في الغرب، ناقمة على.. على الوضع القائم لأكثر من سبب، أسباب موضوعية وأسباب غير موضوعية، العنصرية، التهميش، الاغتراب، عدم الشعور بالانتماء غير ذلك، أن هذه الشرائح تمثل مستودع أكثر للجماعات التي ترغب بتجنيد أفراد مثلاً من هؤلاء أكثر من.. من الجاليات العربية، هل نستطيع أن.. أن نصل إلى خلاصة؟

د.رفيق عبد السلام: لا.. لا نستطيع أن نقول ذلك بالضرورة، ولكن نستطيع أن نقول بأن عمليات التهميش الاجتماعي والتهميش الثقافي التي تتعرض لها الجاليات العربية والإسلامية بصفة عامة سواء كانت تنحدر من أصول عربية أو من أصول غير عربية يمكن أن تكون خميرة مساعدة على نشوء ظاهرة التطرف، لأنه طبيعة التهميش الاجتماعي يولد نزعات تطرف وتشدُّد بشكل أو.. أو بآخر، يمكن أن يكون هذا التطرف أو التشدد حالة فردية، ولكن يمكن أن يتحول إلى حالة منظمة، وهذا هو في وضعية القاعدة، لكن أهمية.. أهم ما في هذا الكتاب هو أنه يلفت..

خالد الحروب: باختصار شديد.

د.رفيق عبد السلام: باختصار شديد، يلفت الانتباه إلى ظاهرة يعني مناقضة للتفسيرات الأميركية، التفسير الأميركي في الغرب تقول أن هؤلاء متطرفون بسبب منحدراتهم أو ثقافتهم الدينية، العكس هو الصحيح أنه زكريا موسوي تحول متطرفاً، لأنه لم يمتلك ثقافة دينية كاملة، وبدليل ذلك أن أغلب..

خالد الحروب: بدون شك..

د.رفيق عبد السلام: الذين تورطوا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر لا نعلم أن أحدهم مثلاً خريج الأزهر أو جامعة آل سعود أو غيره من المؤسسات الدينية التقليدية.

خالد الحروب: أي نعم ..نعم، آخر دقيقتين كميل إذا ملاحظات على هذه.. لأنه بعض.. تجد هذه المقولة أحياناً يُكتب عنها أن هؤلاء الذين لا يتكلمون العربية من الجاليات المختلفة الباكستانية أو الهندية تجد مثلاً أن أكثر منتسبي -على سبيل المثال- حزب التحرير أو المهاجرين في بريطانيا هم من هذه الشريحة، أسهل تجنيدهم.. ليس هناك ثقافة دينية عميقة وغير ذلك.

كميل الطويل: كذلك لا يجب أن نعمَّم، قد يكون سهلاً استقطاب بعض الناس الذين لا يتكلمون العربية أو خصوصاً من ذوي الأصول الباكستانية والبنجلاديشية لأنهم يشعرون بضعف تجاه اللغة العربية فيأتي شيخ عربي يتكلم باللغة العربية فيشعرون بضعف تجاهه، ولكن لا يجب أن.. أن نعمَّم، هناك مثقفون كثيرون بين المستقطبين الذين قاموا بهجمات 11 سبتمبر لم يكونوا كلهم أميين، بعضهم كان بالفعل مثقفاً، تلقوا دروساً على الطيران، ليس.. ليس كل الذين يحملون فكراً متشدداً ينتمون إلى.. إلى طبقات فقيرة أو منعدمة، هناك..

خالد الحروب [مقاطعاً]: شكراً جزيلاً، واسمح لي أن نختم بهذه الملاحظة، وأعزائي المشاهدين، شكراً لكم أيضاً على مرافقتكم لنا جليس هذا اليوم الذي كان كتاب "زكريا الموسوي صناعة إرهابي" من تأليف شقيقه عبد الصمد الموسوي، وأشكر ضيفينا الكريمين الدكتور رفيق عبد السلام (الباحث في الفكر السياسي من جامعة وستمنستر)، والأستاذ كميل الطويل (الكاتب والصحفي المتابع لشؤون الحركات الإسلامية من جريدة "الحياة") وإلى أن نتابعكم.. إلى أن نلقاكم الأسبوع المقبل مع جليس جديد، هذه تحية من فريق البرنامج ومني خالد الحروب، ودمتم بألف خير.

Wednesday 2 January 2008

بوتفليقة الأوفر حظاً

هذا الموضوع كتبته خلال زيارة للجزائر عام 2004 قبل انتخاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة رئيساً لولاية ثانية.


بوتفليقة الأوفر حظاً ... لكن صراعه مع بن فليس على جبهة التحرير قد ينهكهما لمصلحة مرشح "جوكر"

الجزائر - كميل الطويل الحياة 2004/01/14
"لو كنت أشارك في رهان في سباق لوضعت نقودي على حصان بوتفليقة". هكذا لخّص سفير دولة كبرى تقويمه لمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر. لكنه أضاف ان معطيات كثيرة قد تظهر قبل الانتخابات المتوقعة بين آذار (مارس) ونيسان (ابريل) المقبلين, وتغيّر مجراها لمصلحة مرشح آخر "جوكر ... لا يعرف اسمه سوى قلة". لم يكن يحتاج لأن يكون أكثر وضوحاً. فقد كان يشير بلا شك الى دور المؤسسة العسكرية في وصول رؤساء سابقين الى قصر المرادية, بدءاً بالراحل محمد بوضياف عام 1992, ثم الجنرال اليمين زروال رئيساً انتقالياً في 1994, وأخيراً عبدالعزيز بوتفليقة في انتخابات 1999.
حصان بوتفليقة يبدو اليوم وكأنه في طليعة السباق الذي لم يبدأ بعد, وإن كانت انطلاقته الرسمية متوقعة خلال أيام. خلفه, كما قال السفير ذاته, حصان علي بن فليس, لكنه يبدو منهكاً بعد اصابته بنكسة "قضائية" تسعى الى حرمانه من الحصول على تزكية حزبه, جبهة التحرير الوطني, في المنافسة المقبلة. أحصنة كثيرة أخرى تستعد أيضاً لدخول السباق لكنها تبدو كأنها "ديكور" يكمل الصورة عوض ان تكون منافساً جدياً, على رغم ان بعضها من "الوزن الثقيل" سياسياً مثل أحمد طالب الابراهيمي ومولود حمروش, كذلك هناك الشريف بلقاسم وعلي يحيي عبدالنور ورشيد بن يلس ورضا مالك وسعيد سعدي ومقداد سيفي واحمد بن بيتور. وثمة من يطرح حتى اسم وزير الخارجية السابق الاخضر الابراهيمي صاحب الوزن الثقيل في المحافل الدولية والذي انتهت فترة ولايته كممثل للأمم المتحدة في أفغانستان و"لا يبدو انه مستعد للتقاعد بعد", على حد ما قال ديبلوماسي بارز. ولا شك ان معظم الراغبين في الترشح يأمل بأن يُنهك حصانا بوتفليقة وبن فليس في صراعهما على "ورقة جبهة التحرير" قبل بدء الاقتراع فتتدخل "جهات عليا" تُنظّم السباق وتبعد بعض المتسابقين منه.
فكيف تبدو الساحة السياسية في الجزائر عشية الانتخابات الرئاسية الجديدة التي فُتح باب الترشيح لها رسمياً ويُتوقع استدعاء هيئتها الناخبة في غضون أيام؟ "الحياة" التي تواكب التحضيرات للانتخابات المقبلة, تنشر بدءاً من اليوم سلسلة من التقارير والمقابلات مع شخصيات سياسية نافذة في البلاد, مثل وزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم الذي يقود "حركة تصحيحية" في جبهة التحرير لتأييد بوتفليقة, وعبدالقادر حجّار سفير الجزائر في طهران و"مهندس الانقلابات" ضد الأمين العام السابق عبدالحميد مهري عام 1996 والانقلاب الذي يُحضّر اليوم ضد بن فليس.
كذلك تنشر "الحياة" مقابلة مع بن فليس نفسه يعرض فيها مشروعه الانتخابي في حال وصوله الى سدة الرئاسة. كما تشمل المقابلات لقاء طويلاً مع علي بن حجر القيادي الإسلامي البارز في جبال المدية, غرب العاصمة, يتحدث فيه عن الوضع في البلاد بعد انضمامه الى الوئام المدني وسبب رفضه توجيه نداء الى المسلحين للنزول من الجبال.
كيف تبدو صورة الوضع في الجزائر عشية الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ وما هو موقع التيارات السياسية الأساسية في البلاد؟
سيلعب التيار الوطني الجزائري, وهو التيار السياسي الأكبر في البلاد, دوراً رئيسياً في وصول واحد من المرشحين الى قصر الرئاسة. وتقود هذا التيار تاريخياً جبهة التحرير الوطني التي يقودها حالياً أمينها العام رئيس الحكومة السابق علي بن فليس. وبما ان تزكية الجبهة صاحبة الغالبية في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) ضرورية لفوز أي من المرشحين, فلم يكن مستغرباً ان يتصارع المتنافسون لكسب ودها و"طلب يدها". وكان بن فليس نفسه أول هؤلاء. فنظّم في اذار (مارس) الماضي المؤتمر الثامن للجبهة وكرّس فيه استقلاليتها عن مراكز صنع القرار في الحكم. لم يخطئ بوتفليقة في تفسير القرار وانه المستهدف به, فحرّك مؤيديه لإطاحة بن فليس وإعادة جبهة التحرير الى "بيت الطاعة". لكن ذلك لم يكن بالأمر السهل, إذ ان بن فليس كان عدّل قوانين الجبهة الداخلية في شكل يسمح له بالتحكم في مجريات الأمور داخلها وإدارتها في الوجهة التي يريدها (منحته الجبهة صلاحيات واسعة في تعيين المناضلين بدل انتخابهم).
وفي وقت كان بن فليس يسعى الى تكريس نفوذه في الجبهة مراهناً على "جيل الشباب" الذين اتاح لهم فرصة التقدم على حساب "الحرس القديم" من المشاركين في ثورة التحرير في الخمسينات والستينات, بدا ان هؤلاء يتكتلون حول بوتفليقة ضده في إطار "الحركة التصحيحية". قاد هؤلاء وزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم, بمساعدة وزير الداخلية يزيد زرهوني المسؤول السابق عن جهاز الاستخبارات, و"مهندس الانقلابات" في جبهة التحرير عبدالقادر حجار الذي طلب من رئيس الجمهورية "اعفاءه" من منصب السفير في طهران لـ"التفرغ" لعملية إطاحة بن فليس, مكرراً ما فعله قبل أعوام عندما قاد إنقلاباً أطاح عبدالحميد مهري من الأمانة العامة بسبب توقيعه "عقد روما" مع ممثلين للجبهة الإسلامية للإنقاذ عام 1995.
تمثّلت الخطوة الأولى التي قام بها معارضو بن فليس في تحرك سريع للسيطرة على مقرات جبهة التحرير في الولايات ووضعها تحت إشراف "الحركة التصحيحية". لكن تلك الخطوة لم يكتب لها النجاح, على رغم مزاعم بأن وزير الداخلية زرهوني سمح لقواته الأمنية بمساندة فريق ضد آخر.
ومع اقتراب موعد الانتخابات تسارع الصراع على الجبهة, وشعر أنصار بن فليس بأن المحيطين ببوتفليقة يحضّرون لضربة ما فأسرعوا في عقد مؤتمر استثنائي في كانون الأول (ديسمبر) أعلن تزكية ترشحه للرئاسة. ويقول عضو في اللجنة المركزية من مؤيدي بن فليس لـ"الحياة" ان لجنة قيادية في الجبهة أخذت ترسم سيناريوهات لما يمكن ان يلجأ اليه معارضوه رداً على ذلك, وان أكثر هذه السيناريوهات سوءاً أُطلق عليه اسم "سيناريو الكاتاستروف (الكارثة)" وتضمن ان يلجأ القضاء الى تجميد نشاط جبهة التحرير واللجوء الى المجلس الدستوري لمنع ترشح بن فليس (من خلال الطعن في التوقيعات المطلوبة منه - 75 الف توقيع من الولايات الـ48 كافة). ويبدو ان الجزء الأول من هذا السيناريو قد تحقق فعلاً في نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي من خلال القرار الصادر عن الغرفة الإدارية في العاصمة, وإن لم يكن واضحاً بعد هل يمكن ان يلجأ القضاء ايضاً الى حرمان بن فليس من حق الترشح.
وفي أي حال, الواضح ان تزكية جبهة التحرير ترشيح بن فليس تعرضت لنكسة قوية, يزيدها سوءاً ان القضاء لم يسلّم بعد نص قرار تجميد هيئات الجبهة, وهو أمر يسمح اذا تم بتقديم طعن في القرار. ويملك القضاء مهلة 30 يوماً لتسليم نص القرار, ما يعني ان بن فليس لن يكون في وسعه قلب الحكم قبل بدء الترشيحات رسمياً, وربما قبل بدء الحملات الانتخابية.
لكن حرمان بن فليس من دعم جبهة التحرير لا يعني ان بوتفليقة حسم الأمر لمصلحته. ويُسرع مؤيدوه حالياً لعقد مؤتمر جديد يعلنون فيه تزكية الجبهة ترشيح بوتفليقة, وهو أمر متوقع في غضون أيام. لكن غير واضح حتى الآن هل سيكون المؤتمر "جامعاً" لتيارات الجبهة المختلفة, أم انه سيكون تجمعاً لمؤيدي بوتفليقة فقط. وفي كل حال, يبدو أنصار بوتفليقة عاجزين عن الدعوة الى مؤتمر شرعي لعدم امتلاكهم غالبية ثلثي اللجنة المركزية, وهو أمر ضروري لعقد أي مؤتمر. لذلك قد يلجأون الى عقد "مؤتمر سياسي" يتلافون فيه عقدة الاجراءات التنظيمية, على رغم ان تحركهم ضد بن فليس تم تحت هذا الشعار وليس شعار ترشحه الى الانتخابات.
ويصف قطب كبير في جبهة التحرير في لقاء مع "الحياة" الصراع بين بوتفليقة وبن فليس بأنه "صراع ديكة. يتصارعان على الرصيد الكبير لجبهة التحرير ومن يستطيع ان يستخدمها أداة انتخابية, وهذا لا يليق بحزب كبير مثلها". ويضيف انه لا يرى فرقاً بين بوتفليقة وبن فليس "فكلاهما لا يعبّر سوى عن حاجات انتخابية من ضمن منطق النظام الذي قام بعد 1992".
التجمع الديموقراطي
وفي ظل هذا الصراع بين بوتفليقة وبن فليس على السيطرة على جبهة التحرير, يطل التجمع الوطني الديموقراطي برأسه بوصفه القوة الأساسية الثانية في البلاد. وتكمن أهمية هذا التجمع في أمور عدة أهمها قربه من دوائر صنع القرار في الحكم, وتوليه مواقع حساسة في الإدارة. ويبدو ان التجمع حسم حتى الآن موقفه بإعلان أمينه العام أحمد أويحيى دعم ترشيح بوتفليقة لعهدة رئاسية ثانية. وتختلف الأوساط السياسية في الجزائر في تفسيرها لخطوة أويحيى. ففي حين يقول بعض المصادر ان ذلك يعني ان المؤسسة العسكرية الذي يُحسب أويحيى عليها, لن تؤيد مرشحاً ضد بوتفليقة وتركت الحرية لمن يريد مساندته, يقول آخرون ان أويحيى "يرد الجميل" لرئيس الجمهورية الذي تدخل العام الماضي لإنقاذه عندما بدا ان موقعه على رأس التجمع مهدد بإنقلاب داخلي كاد ان يؤدي الى تولي الوزير الشريف رحماني منصب الأمين العام محله. ويوضح هؤلاء ان بوتفليقة "رمى بثقله" آنذاك لمصلحة أويحيى فقرر الأخير رد الجميل له.
لكن مصادر أخرى تقول ان أويحيى لديه طموحه السياسي, وانه أراد الترشح للرئاسة فسعى الى "جس نبض" أطراف فاعلة في الدولة لمعرفة رأيها ولم يتلق رداً مشجعاً, فقرر دعم بوتفليقة على أساس انه المرشح الأوفر حظاً, عسى ان يبقى الى جانبه خمس سنوات جديدة تؤهله ربما الى الترشح للرئاسة في 2009. أويحيى كشخص لا يبدو محبوباً جداً في الأوساط الشعبية, ويُنظر اليه بوصفه محسوباً على المؤسسة العسكرية ومنفّذاً لتوجيهاتها. ونقطة ضعفه الأساسية انه قبائلي ربما لا ترتاح اليه الأوساط العربية. ويبدو انه حقق أخيراً انجازاً مهماً في حل مشاكل مطالب سكان ولايات القبائل الذين باتوا شبه خارجين عن سلطة الحكومة المركزية منذ اضطرابات ربيع العام 2001. وحل هذه المشكلة المستعصية سيعني ان الرئيس الجديد سيكون منتخباً من كل ولايات البلاد, على عكس الانتخابات النيابية والمحلية السابقة التي لم تشارك فيها مناطق القبائل.

الإسلاميون
والإسلاميون هم الطرف الثاني, بعد التيار الوطني, الأكثر قوة في المعادلة السياسية في الجزائر. لكن لا يبدو انهم موحدون حول مرشح موحد. ولعل الشيخ عبدالله جاب الله رئيس حركة الإصلاح الوطني هو أقواهم حتى الآن, علماً بأنه ترشح في انتخابات 1999 وانسحب مع بقية منافسي بوتفليقة بحجة ان الاقتراع سيزوّر لمصلحته. وينوي جاب الله مجدداً الترشح هذه المرة, ولكن على رغم التأييد الذي يحظى به خصوصاً في مناطق الشرق (معقله في عنابة), وقول رئيس أركان الجيش الفريق محمد العماري ان المؤسسة العسكرية لن تعترض على الرئيس المقبل حتى وإن كان إسلامياً "مثل جاب الله", إلا ان الأرجح ان زعيم "الإصلاح" يدخل الانتخابات من باب تعزيز موقعه أكثر من ايمانه بأنه سيكون الرئيس الجزائري الجديد. واذا حقق نسبة مهمة من الأصوات في الدورة الأولى فهذا سيعني بلا شك ان المتنافسين في الدورة الثانية سيسعيان الى خطب وده وتلبيه الكثير من مطالبه.
والى جانب جاب الله, هناك قوة إسلامية ثانية مهمة في البلاد هي حركة مجتمع السلم بقيادة ابو جرة سلطاني. ويُعتقد ان هذه الحركة القوية خصوصاً في مناطق الوسط الجزائري المحيطة بالعاصمة, فقدت الكثير من وهجها بعد وفاة زعيمها محفوظ نحناح العام الماضي. كذلك يُعتقد أنها تسعى الى تكرار تجربة جاب الله من باب دخول الاقتراع لتعزيز موقعها السياسي أكثر من توقعها بأن مرشحها يملك أدنى حظ في الوصول الى الرئاسة.
وثمة قوة إسلامية ثالثة تملك بالطبع وهجاً إعلامياً قوياً لكنها تبدو مفككة أكثر من أي يوم آخر: الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحظورة). ويقول ناشط إسلامي قريب من الجبهة ان قادتها مختلفون على من سيدعمون في الانتخابات المقبلة. ويقود زعيمها الشيخ عباسي مدني تياراً يؤيد بوتفليقة, ربما بسبب الاجراءات التي اتخذها في حق قادتها مثل السماح للشيخ عباسي بمغادرة الجزائر للعلاج في الخارج والافراج عن الرجل الثاني في الجبهة الشيخ علي بن حاج العام الماضي. ويضيف هذا الناشط ان مدني سيصدر على الأرجح بياناً يؤيد فيه بوتفليقة, وهو أمر يُتوقع ان يتكرر ببيان ثان يصدره أمير الجيش الإسلامي للإنقاذ المنحل مدني مزراق. وبالطبع سيضم قادة آخرون من "الإنقاذ" أصواتهم في هذا الاتجاه.
لكن, كما يوضح الناشط ذاته, يبدو ان الشيخ علي بن حاج يرفض ان يؤيد بوتفليقة من باب ان الافراج عنه لم يكن "منّة من أحد" إذ خرج من السجن بـ"قوة القانون" مع انتهاء فترة سجنه التي بدأت في منتصف العام 1991. ويزيد ان بن حاج يتجه الى تأييد بن فليس, ومعه عضو قيادي آخر في "الإنقاذ" هو كمال قمازي.
الديموقراطيون
وإضافة الى التيارين الوطني والإسلامي, ثمة تيار ثالث هو التيار الديموقراطي القوي بحكم ارتباطه بمؤسسات صنع القرار والضعيف من حيث تمثيله الشعبي. ويقف هذا التيار في الإجمال حالياً في خانة معارضي الرئيس بوتفليقة, ربما بسبب سياسته في المصالحة مع الإسلاميين. ويأخذ هؤلاء عليه ان المصالحة التي يسير فيها "تساوي بين الإرهابيين وضحاياهم" وتسمح لـ"القتلة" بالعيش حياة طبيعية في ظل حصانة منحها لهم عفو رئاسي أصدره بوتفليقة بموجب قانون الوئام المدني. ويشارك كثير من أصحاب هذا التيار في تحركات تؤيد بن فليس في صراعه مع بوتفليقة.
وهناك من يضع تيارات سياسية بربرية في خانة أصحاب هذا التيار مثل التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية بزعامة سعيد سعدي, إضافة الى بعض أطراف جبهة القوى الاشتراكية بزعامة الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد. لكن ديموقراطية الأخير تختلف عن ديموقراطية أصحاب هذا التيار, من خلال دعم آيت أحمد سياسة الانفتاح على الإسلاميين المعتدلين وهجومه على أركان الحكم وعلى رأسهم المؤسسة العسكرية. وتشير أحداث منطقة القبائل الى ان حزبي سعدي وآيت أحمد فقدا القدرة على تحريك الشارع البربري الذي صارت تديره لجان شعبية (العروش) تتفاوض معها الحكومة (وليس مع الأحزاب القبائلية) لحل مطالب السكان.
المؤسسة العسكرية
وفي ظل هذه الصورة, يبدو الرئيس بوتفليقة الأوفر حظاً بتولي الرئاسة خمس سنوات جديدة. لكن ما هي نقاط ضعفه ونقاط قوته؟
لعل من نقاط القوة الأساسية انه رئيس الجمهورية الحالي ويملك بحكم موقعه القدرة على التأثير في الرأي العام المحلي. وتكفي متابعة نشرات الأخبار في التلفزيون الجزائري مساء كل يوم لمعرفة كيف يقوم رئيس الجمهورية بما يمكن ان يطلق عليه حملة انتخابية مسبقة. فهو يقوم يومياً بجولات على ولايات البلاد, متفقداً مشاريع لتحريك عجلة الاقتصاد فيها, وموزعاً كميات من الأموال على البلديات للقيام بمشاريع حيوية للسكان. ويقول معارضون لرئيس الجمهورية ان تصرفه هذا يدخل في خانة التأثير في أصوات الناخبين, لكن مؤيديه يؤكدون ان الرئيس يقوم بترجمة لبرنامجه الذي يعد بتحريك عجلة الاقتصاد, وان الأموال التي يضخها في الولايات لا تذهب الى أفراد بل الى مشاريع يستفيد منها المواطنون. ويساعده في هذا الأمر ان خزينة الدولة حققت فائضاً ضخماً بفعل ارتفاع عائدات البلاد من العملة الصعبة من جراء مبيعات النفط والغاز.
ومن نقاط القوة الأخرى لبوتفليقة انه يُمسك بزمام الإدارة في شكل كامل. فهو يعتمد خصوصاً على وزيري الخارجية بلخادم والداخلية زرهوني, وكذلك وزير العدل الطيب بلعيز, ويُضاف اليهم ولاء الولاة اليه بحكم انهم معيّنون منه. ويقول معارضوه ان إمساكه بهذه المفاصل الأساسية في البلاد تفتح الباب أمام إمكان حصول تزوير لمصلحته, وهو أمر يرفضه مؤيدوه.
كذلك من نقاط قوته انه صاحب خبرة طويلة في المجال الديبلوماسي من خلال توليه وزارة الخارجية في الستينات والسبعينات, وهي خبرة يبدو انه استثمرها في جهوده لإعادة الجزائر الى موقعها في الساحة الدولية التي غابت عنها بفعل العنف الذي عرفته البلاد بعد الغاء المسار الانتخابي في 1992. وهو يحظى أيضاً بغطاء دولي وعربي بحكم علاقاته مع قادة دول عربية وأجنبية. لكن منتقدي الرئيس الجزائري يشيرون الى ان علاقاته الخارجية هذه لم تساعد الجزائر في كسر حدة الخلافات مع المغرب (الذي منعه من تحقيق "انجاز" عقد أول قمة لاتحاد المغرب العربي منذ 1995) ومع فرنسا (التي أيدت حلاً لقضية الصحراء أقرب الى موقف الرباط).
أما نقاط ضعفه فربما تنحصر في إثنتين: الأولى طريقة تسييره شؤون البلد من خلال حصر كثير من القرارات في شخصه, والثانية علاقته السيئة ببعض أركان المؤسسة العسكرية. ويرد مؤيدوه على المأخذ الأول بالقول انه لم يخف في يوم من الأيام انه يريد نظاماً رئاسياً قوياً تكون فيه الصلاحيات مركّزة في رئاسة الجمهورية. ويقول مصدر قريب من بوتفليقة ان رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور "لم يفهم هذه النقطة فاصطدم برئيس الجمهورية الذي تعامل معه بوصفه وزيراً أول, فأدى الاصطدام الى رحيل بن بيتور من الحكومة".
أما عن النقطة الثانية فيقول مؤيدو بوتفليقة ان علاقته ليست سيئة مع المؤسسة ككل بل مع بعض أقطابها. ويضيف هؤلاء ان الجيش دعم بوتفليقة عام 1999 لأنه اعتقد ان بوتفليقة يمكن ان يحسّن صورة الجزائر في الخارج بفعل خبرته الديبلوماسية, ويرد على الاتهامات التي توجّه في بعض المحافل الدولية الى المؤسسة العسكرية بالتورط في عمليات قتل وخطف واسعة النطاق. ويضيفون ان رئيس الجمهورية استاء منذ البداية من تصرف بعض قادة المؤسسة العسكرية معه, وان اشتبه في ان هؤلاء كانوا وراء تسريب معلومات عن ان الانتخابات ستزوّر لمصلحته مما دفع المرشحين المنافسين له الى الانسحاب, فوصل الى الرئاسة ضعيفاً على رغم تأكده انه الأقوى بينهم.
لكن معارضي رئيس الجمهورية يؤكدون انه كان البادئ بـ"فتح النار" على الجيش, إذ طلب أمام زعيم أجنبي بارز "مساعدته" ضد المؤسسة العسكرية, وهو أمر رفضه الرئيس الأجنبي قائلاً ان بلاده لا تتدخل في الخلافات الداخلية الجزائرية. ووصل هذا الكلام بالطبع الى أذان المؤسسة العسكرية التي كانت بدأت للتو "تكتشف" ان بوتفليقة يتصرف وكأنها غير موجودة. وكان من بين الأمور التي أثارت حفيظة كبار قادة الجيش انهم سمعوا من رئيس الجمهورية في لقاء حضروه على شرف ضيف عربي, انه يعتزم تنظيم استفتاء على قانون الوئام المدني, وكانت تلك المرة الأولى التي يعرفون فيها بالأمر, ما أثار غضبهم.
وتزامن ذلك مع تصرفات توحي بعدم ثقة رئيس الجمهورية بالمؤسسة العسكرية. إذ بادر الى تعيين أقرباء له في مناصب حساسة في الرئاسة, وتغيير المسؤول الأول عن حمايته في الرئاسة, وهو أمر دافع عنه سياسي قريب منه قائلاً ان من حقه "حماية نفسه ... من حارس يمد يده الى جيبه ولا يُعرف إذا كان يريد إخراج منديل أم مسدس".
لكن بوتفليقة لم تخرج منه بتاتاً كلمة علناً تنتقد الجيش, بل حرص دائماً على الإشادة به وتضحيات أفراده.
غير ان بعض قادة المؤسسة, كما يقول سياسي معارض لرئيس الجمهورية, كانوا يخشون ان يلجأ بوتفليقة الى التخلص منهم, وانهم نبّهوه الى ذلك. وقال هذا السياسي ان الجيش لجأ في البداية الى المستشار في الرئاسة العربي بلخير الذي كان أول من أقنع المؤسسة العسكرية بأن بوتفليقة هو الرجل المناسب لخلافة الرئيس اليمين زروال الذي استقال مبكراً من منصبه (رفض اتفاقاً سرياً توصلت اليه الاستخبارات الجزائرية مع الجيش الإسلامي للإنقاذ, قائلاً انه أعلن في 1996 "ان ملف الإنقاذ أغلق" ولن يفتحه مجدداً). ويقول هذا السياسي ان "بلخير كان واقعاً بين طرفين متنازعين: زوجته التي لا يستطيع اغضابها وأمه التي لا يمكنه التخلي عنها". وفي النهاية بدا انه فشل في فك الاشتباك بين الجانبين, فابتعد او آُبعد لمصلحة قريبين لبوتفليقة.
ويقول ديبلوماسي في الجزائر ان خلاف رئيس الجمهورية مع أحد قادة الجيش البارزين ليس سراً, وان الرجلين لا يتحادثان منذ فترة. ويعلّق مصدر جزائري على ذلك قائلاً ان الجيش اعطى تعهداً لبوتفليقة عندما وصل الى رئاسة الجمهورية ولا يزال ملتزماً به, وهذا الالتزام لا ينتهي سوى بعد انتهاء ولايته (استدعاء الهيئة الناخبة يحوّله من رئيس الى رئيس مرشّح). ويضيف ان الموقف الحقيقي للجيش ربما لن يصدر حتى ذلك التاريخ, وربما لن يصدر أبداً. ويقول ان حياد الجيش لا يعني انه لن يتدخل في حال رأى ان الأمور تسير في شكل يهدد أركان الدولة.
ويقول وزير الإعلام السابق في عهد بوتفليقة السيد محيي الدين عميمور (عضو مجلس الأمة) ان بوتفليقة سيفوز في الانتخابات المقبلة وان فوزه "سيحقق نقلة نوعية تُلغي وجود المتطفلين في الساحة السياسية الذين يعملون على تدخل الجيش ويعزز سياسة المصالحة".
ويرى مصدر سياسي آخر محسوب على بوتفليقة ان فوزه في الانتخابات المقبلة سيسمح له بأن يتخذ "قرارات صعبة وخطيرة" بمستوى إجراء تغييرات واسعة في المؤسسة العسكرية, وهو أمر لم يلجأ اليه رئيس الجمهورية منذ وصوله الى سدة الحكم. ويقول ان بوتفليقة سيعيّن على الأرجح بعد انتخابه وزيراً مدنياً للدفاع, وهو مطلب يرضي المؤسسة العسكرية التي اشتكت في السابق من ان ليس لديها ممثل يدافع عنها في اجتماعات الحكومة. لكن سياسياً جزائرياً يعلّق على ذلك قائلاً انه يخشى ان يختار بوتفليقة شخصية لا تثق بها المؤسسة العسكرية فيؤدي ذلك الى صراع جديد بين الطرفين فتكون الولاية الجديدة لبوتفليقة نسخة طبق الأصل عن ولايته في السنوات الخمس السابقة.
* غداً: عبدالعزيز بلخادم: حياد الجيش