Thursday 30 October 2008

abbas al-fasi interview with camille tawil مقابلة الوزير الاول المغربي عباس الفاسي الحياة



دافع عن أداء حكومته وتركيبتها وتمنى على «الاتحاد الاشتراكي» البقاء فيها... رئيس الوزراء المغربي لـ «الحياة»: لا استعداد لدى الجزائر لحل أزمة الصحراء
الرباط - كميل الطويل الحياة - 30/10/08//
دافع رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي عن أداء حكومته في مناسبة مرور سنة على توليها الحكم في أعقاب انتخابات العام 2007 التي جاء فيها حزبه «الاستقلال» في المرتبة الأولى. وأكد أنها حققت نمواً في البلاد ولم تتأثر بالأزمة المالية العالمية.
وقال الفاسي في مقابلة مع «الحياة» في منزله في الرباط إنه يتمنى بقاء حزب «الاتحاد الاشتراكي» في حكومته، على رغم الأصوات التي تنادي بانسحابه منها. وشدد على أن ملف الصحراء يتطلب بقاء الحزب الذي تعرض أمينه العام محمد اليازغي (وزير دولة) إلى انقلاب داخلي، في الوزارة الحالية.
وشن الفاسي أيضاً هجوماً لاذعاً على الجزائر، واتّهمها بـ «معاكسة» بلاده في قضية الصحراء، وبالعمل على «استرجاع الوقت الضائع» الذي فاتها خلال حقبات استعمارها. ورأى أن اقتراح الحكم الذاتي الذي قدمته الرباط لحل أزمة الصحراء هو «الخيار الوحيد المقبول» وانه يمثّل حلاً لا تنهزم فيه الجزائر ولا المغرب. وفي ما يأتي نص الحوار:
> في مناسبة مرور سنة على حكومتكم، ما هي أبرز التحديات التي تواجهونها وما هي أبرز الانجازات؟
- تحققت إنجازات مؤسساتية تمثلت في تدعيم الديموقراطية وحقوق الإنسان ووجود المرأة في المجالس المنتخبة، هذه أمور نعتبرها أساسية. كذلك تم إنشاء هيئة مركزية للوقاية من الرشوة، وإجبارية التصريح بالممتلكات لجميع المسؤولين، سواء كانوا في الحكومة أو موظفين سامين وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ والقضاة. هذا الأمر كان موجوداً في السابق، لكن كانت فيه ثغرات ولم يطبق.
وبخلاف الإصلاح المؤسساتي، هناك إصلاحات في الميادين كافة، في التعليم وفي الطاقة وفي السياحة، والإسكان الاجتماعي. موازنة الدولة كانت 20 بليوناً في 2008 وستصير 40 بليوناً في 2009. نسبة البطالة كانت 15 في المئة، وصارت الآن 9,1. نسبة الفقر انخفضت ايضاً. كان لدينا خمسة ملايين فقير والآن أصبحوا مليونين ونصف مليون. نسبة النمو كانت 2.5 في المئة بسبب الجفاف والآن صارت 6.5. نقطة الضعف عندنا الآن هي التضخم. كان دائماً عند نسبة 2 في المئة، والآن بسبب الغلاء صار 3.4 في المئة. هذه نقطة الضعف الوحيدة عندنا.
لا يعني هذا ارتياحاً ذاتياً وأن كل شيء على ما يرام. فالمجهود كي يؤتي ثماره يجب أن يستمر. والحقيقة ان هذه المجهودات لم تبدأ مع ولايتي. لقد بدأت مع التناوب الوفاقي مع عبدالرحمن اليوسفي (نهاية التسعينات) ثم إدريس جطو.
> يؤخذ على حكومتكم غياب التجانس فيها، إذ تضم أحزاباً يمينية ويسارية، كما أن وزارات السيادة لا تخضع لرئيس الحكومة.
- ليس عندنا يمين، عندنا وسط ويسار، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، هناك انسجام كامل في الحكومة. منذ سنة لم يقف وزير ليعارض اقتراحات الوزير الأول، ولم يصرح بأنه غير متفق مع سياسات الحكومة. بطبيعة الحال، في داخل الأحزاب الأمر يختلف... يمكن أن يأخذ عضو الكلمة وينتقد الحكومة وسياستها. وحتى في البرلمان يمكن أن يأخذ الكلمة نائب استقلالي وينتقد الحكومة وسياستها. والأمر نفسه ينطبق على أعضاء الأحزاب. لكن ما يهمني هو الانسجام في الحكومة، وهذا أمر حاصل، والتصويت في البرلمان، وهم يصوتون مع الحكومة.
هناك فعلاً احترام متبادل وصدق وكفاءات. عندنا سبع وزيرات لا يشغلن فقط حقائب اجتماعية بل الطاقة والمعادن والخارجية والصحة والتعليم. أما بالنسبة إلى وزارات السيادة، ففي خلال أربعة اشهر نبت عن جلالة الملك في قمم عدة، كما أنني ترأست الوفد المغربي في الدورة الـ63 للأمم المتحدة واستقبلني كثير من رؤساء الدول. هذا يعني أن ما تقوله اليوم ربما كان صحيحاً في الماضي. ولكن بالنسبة إليّ، فأنا الآن في صلب الديبلوماسية، طبعاً بموافقة جلالة الملك ومباركته. ولكن هذا هو الواقع.
> ماذا تتوقعون أن يسفر عنه المؤتمر المقبل لحزب «الاستقلال» في كانون الثاني (يناير) المقبل؟
- مؤتمر حزب الاستقلال ليس حدثاً استثنائياً. وصلنا إلى المؤتمر الخامس عشر، فنحن حزب عريق له تاريخ. والهدف من المؤتمر تحديث البرامج وفتح الباب أمام وجوه جديدة. فالمجلس الوطني، وهو برلمان الحزب، تكون نسبة 50 في المئة منه دائماً من الوجوه الجديدة... كذلك من العادة أن يتغير ثلث أو ربع في القيادة في المؤتمر.
> لكنك لا تخشى كما يبدو مؤامرة ضدك في المؤتمر كما حصل في الاتحاد الاشتراكي؟
- لا، لا أعتقد أنني سأكون ضحية مؤامرة. فقد كنت مخلصاً في حياتي في الحزب وخدوماً. وكنت أجول باستمرار على مدى 8 سنوات في الأقاليم، في كل نهاية أسبوع، ليس فقط في عاصمة الإقليم، بل في الجماعات القروية. معروف أنني أعمل وأخدم الصالح العام، لذلك لا أعتقد بأنه يمكن أن تحصل مؤامرة ضدي.
> ولكن هل تخشى على حكومتك إذا قرر مؤتمر الاتحاد الاشتراكي الشهر المقبل الانسحاب من الحكومة؟
- أنا اتمنى أن يستمروا في الحكومة. أتمنى لهم أن يوفّقوا في مؤتمرهم. الاتحاد الاشتراكي حزب مناضل له أطره وجماهيره، وهو ضرورة للبلاد ويعطي قيمة مضافة. إنه حزب محترم نظراً إلى تاريخه النضالي. وشاركنا معاً في المعارضة في اطار «الكتلة الديموقراطية» منذ العام 1992، ثم هيأنا معاً مع المغفور له الحسن الثاني حكومة التناوب وشاركنا في وزارة عبدالرحمن اليوسفي (الزعيم السابق للاتحاد الاشتراكي) في إطار «الكتلة الديموقراطية»، ثم شاركنا سوية في حكومة إدريس جطو، ونشارك الآن في حكومة عباس الفاسي.
> ولكن إذا قرروا الخروج من الحكومة، هل لديكم بديل يسمح بحيازتها ثقة البرلمان؟
- لا أريد أن أفكر في هذا الاحتمال. ولا أعتقد أنهم سينسحبون. هناك تيار (يريد الانسحاب)، والرأي المخالف موجود في كل الأحزاب. لكن لا أتصور أن التيار الذي يريد الخروج من الحكومة لديه الغالبية. في أي حال، يجب أن نحترم قرار الاتحاد الاشتراكي مهما كان. فالإنسان يكون وطنياً سواء كان في الحكومة أم المعارضة. لكن باعتبار أن ملف الصحراء لم ينته بعد فمن المصلحة العليا للبلاد أن يستمروا في الحكومة.
> يقول المغرب إن لا حل في الصحراء الغربية سوى من خلال الحكم الذاتي. لماذا الإصرار على الحكم الذاتي وتجاهل غيره من الحلول؟
- الصحراء مغربية منذ أنشئت الدولة. الدولة المغربية، حكومة وملكاً، انشئت بعد الفتح الإسلامي، مع دولة الأدارسة والمرابطين والموحدين والسعديين ثم العلويين. الصحراء إذن لم تكن مغربية فقط بعد المسيرة الخضراء (في 1975). هي كذلك منذ الفتح الإسلامي. وحججنا قدمناها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
قلنا للمحكمة: من كانت لديه السيادة عندما دخل الاستعمار الاسباني في 1880؟ قدمنا حججنا وقلنا إن الموظفين والقضاة والسلطات كلها معينة من طرف الملك، والعملة المتداولة في الصحراء هي التي تروج في مراكش ووجدة وبقية المغرب. وكانت القبائل تأتي وتبايع الملك. ويوم الجمعة في الصحراء كان خطيب الجمعة ينهى خطبته بالدعاء لملك البلاد بطول العمر والنصر. هذه هي حججنا. والمحكمة قالت فعلاً انه كانت هناك رابطة بيعة وولاء ما بين السكان وملك المغرب.
انسحب الجيش الاسباني ثم نزلت الراية الاسبانية ورفعت الراية المغربية وانتهى الموضوع. لكن لم ينته لسبب جديد لم يكن موجوداً في 1956 و1957 و1958: الجزائر. الجزائر دولة عظمى بغازها وبترولها ومليون شهيد سقطوا لتحريرها. الجزائر أرادت أن تسترجع الزمن الضائع كونها كانت مستعمرة باستمرار، مع الأسف. الشعب الجزائري بطولي، لكنه استعمر في أيام الرومان والفينيقيين والعثمانيين... أرادت الجزائر ان تكون هي الدولة العظمى بعد الوقت الضائع الذي فاتها. وعندما استرجعنا ربوع الأرض المغربية واسترجعنا ألف كلم من المحيط الاطلسي، صارت الهيمنة مستحيلة بالنسبة إلى الجزائر.
تعبأت الجزائر وخلقت تلك الأسطورة المسماة «جيش التحرير» (الصحراوي) في مخيمات تندوف. جيش التحرير هذا لم يطلق رصاصة واحدة في الصحراء، ونحن نسميهم محتجزين ومعتقلين، ولو أزالوا الأسلاك الحديد لجاؤوا كلهم إلى المغرب. لقد عاد منهم ثلاثة آلاف حتى الآن. لم يغادر صحراوي واحد كان في الأقاليم الصحراء وذهب إلى تندوف.
إذن نقاط القوة عندنا أن الغالبية (في الصحراء) بقيت في مكانها. بقوا لأنهم مغاربة، وأصبحوا وزراء وسفراء وعمالاً (حكاماً) ونواباً ومستشارين ورؤساء جماعات محلية. هم مغاربة والآن صاروا يستثمرون في الشمال ايضاً كما في الصحراء.
أين هو جيش التحرير؟ ليس هناك جيش تحرير. هناك معتقلون ومحتجزون والجزائر تستغلهم فقط من أجل معاكسة المغرب، لأن استعادة الصحراء أزالت الأماني (الجزائرية) بالهيمنة.
> لكن الموقف الجزائري يحظى بدعم واسع في افريقيا؟
- كانت نقاط القوة لدى الجزائر أن غالبية الدول الافريقية كانت تُحكم بنظام عسكري أو نظام الحزب الواحد وتعاطفت مع الجزائر. لكن صار هناك تطور في أفريقيا: انتشرت الديموقراطية وغالباً ما انتهى الحكم العسكري ونظام الحزب الواحد. بعد انتشار الديموقراطية سحبت 20 دولة أفريقية الاعتراف بـ «الجمهورية الصحراوية»، كما تحركت الديبلوماسية المغربية للتعريف بقضيتنا أكثر من الماضي.
كان من يسمون التقدميين يعتبرون أن الملكية هي الرجعية، ولم يأخذوا موقفهم من الصحراء بناء على ناحية قانونية، ولم يسألوا هل الأرض مغربية ام لا. موقفهم كان ايديولوجياً. ثم نحن ايضاً اخترنا الديموقراطية وحقوق الانسان. والدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واسبانيا والاتحاد الاوروبي، تتعاطف معنا الآن لأنها ترى الاصلاحات والديموقراطية واختفاء التعذيب. ولذلك ترى أن أميركا تنصح «بوليساريو» بأن تأخذ بالاقتراح المغربي الخاص بالحكم الذاتي، ولذلك تجد بريطانيا وفرنسا تشيدان بهذا الاقتراح أيضاً.
إذن تسألني عن الخيارات الأخرى، ليست هناك خيارات أخرى. إما الاستقلال، وهذا غير ممكن بالنسبة الينا فهو هزيمة للشعب المغربي، لا قدر الله، ولا يمكن أن يحصل، خصوصاً ان الملك هو الضامن للسيادة الترابية بحسب الدستور. ثم إن الاندماج الكلي مع المغرب يمثل هزيمة للجزائر، ونحن لا نريد أن نرى جارتنا مهزومة أو تشعر بالهزيمة. لذلك جئنا بهذا الحل التوافقي. هذا هو حل لا غالب ولا مغلوب. نحن نريد الجزائر قوية لا نريدها ضعيفة. ونريد المغرب ايضاً قوياً. الجزائر ما زالت تريد أن تعيش عقلية قديمة، عقلية القرن التاسع عشر عندما كانت ألمانيا تريد أن تضعف فرنسا كي تكون هي القوية، والعكس صحيح. هذا الامر تجاوزه الزمن. من المعيب أن الاتحاد الاوروبي هو الذي يقول لنا كمغاربة أن علينا الاتحاد بدل أن يأتي كل واحد منا لوحده الى المفاوضات مع الأوروبيين.
> لكن لماذا لا يقوم حزب الاستقلال وحزب جبهة التحرير بمبادرة لتقريب وجهات النظر إذا تعذر الاتفاق بين الدولتين، فأنتما حليفان خلال حرب التحرير ضد الاستعمار؟
- اتكلم معك بقلب حزين، والله. اجتمعنا في ذكرى مؤتمر أحزاب طنجة في 1958. جاءت جبهة التحرير (الجزائرية) والدستوري (التونسي) وجاء الليبيون والموريتانيون، وجئنا نحن والاتحاد الاشتراكي فقد كنا مع بعض في اطار حزب «الاستقلال» في ذلك الوقت. لدينا حنين إلى المغرب العربي. لكن نظراً إلى مواقف الجزائر، لا يبدو أن لدى الجزائريين استعداداً لحل أزمة الصحراء.

Sunday 12 October 2008

«الجهاديون في لبنان» ... محاولة لفك طلاسم ظاهرة «الإسلام السني المسلّح»

«الجهاديون في لبنان» ... محاولة لفك طلاسم ظاهرة «الإسلام السني المسلّح»
كميل الطويل الحياة - 08/10/08//
كُتب الكثير عن «الأصولية الإسلامية المسلحة» في لبنان، لكنه اقتصر عموماً على «شقها الشيعي» متمثلاً بـ«حزب الله» كونه يكاد أن يكون الجهة الوحيدة، خارج إطار السلطة الشرعية، المخوّل لها حمل السلاح بهدف مقاومة إسرائيل. لكن قلة حاولت أن تتناول بالدرس «الشق السني» من تلك الأصولية المسلحة في لبنان، ومنها كتاب الزميل فداء عيتاني «الجهاديون في لبنان - من قوات الفجر إلى فتح الإسلام» (منشورات دار الساقي - بيروت، لندن 2008).يحاول عيتاني في كتابه تقديم تأريخ لظاهرة «الحركات الجهادية» السنّية في لبنان، خصوصاً مع بدء الحرب الأهلية في عام 1975، جاهداً أن ينقل روايته على لسان أصحابها (يسمّي بعضهم ويجهّل بعضاً آخر). رواية القادة الإسلاميين الذين شاركوا في تشكيل نواة تلك الحركات «الجهادية» تُظهر كم كانت البداية متواضعة. فعلى رغم أن الحرب الأهلية ارتدت في البداية طابعاً طائفياً (الصراع بين المسيحيين والمسلمين)، إلا أن الحركات التي قادت القتال في الجانب الإسلامي كانت يسارية في الغالب مدعومة من قوات منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يشكّل الإسلاميون سوى جزء ضئيل جداً منها.كانت البداية من خلال حركات إسلامية صغيرة، ففي بيروت، ظهر تنظيم «جند الله» الذي قاتل على «جبهات» تفصل شطري العاصمة المسيحي والمسلم (جبهة رأس النبع)، فيما تشكّل في صيدا (عاصمة الجنوب) تنظيم سني آخر هو «المجاهدون» على أمل أن يكون الذراع المسلحة لـ «الجماعة الإسلامية» (الفرع اللبناني لجماعة «الإخوان المسلمين»). لكن تلك المحاولات «الجهادية» سرعان ما خبت، ولم تنجح حتى الثورة الإسلامية في إيران في الـ 1979 في إيقاد نارها (ربما كون تلك «الثورة» شيعية، على رغم أن كثيرين من السنّة في العالم العربي تأثروا بها آنذاك). واستمر ذلك حتى عام 1982 عندما اجتاح الإسرائيليون لبنان ووصلوا حتى العاصمة بيروت. لم يساهم الاجتياح الإسرائيلي في إنشاء «حزب الله» فقط (بمساعدة الحرس الثوري الإيراني)، بل ساهم أيضاً في ظهور حركات «جهادية» سنّية، لا سيما في صيدا. ويتحدث الكاتب هنا عن جماعة تدعى «الحركة الإسلامية المجاهدة» ويقول إن عناصرها أصروا على التصدي للإسرائيليين في عين الحلوة (مخيم فلسطيني مجاورة لصيدا) في حين فر أفراد منظمات فلسطينية أخرى. ويروي الكاتب تفاصيل عن نشأة جماعة جهادية أخرى تدعى «قوات الفجر» ويقول إنها شنّت فعلاً عمليات ضد الإسرائيليين و «اغتالت عملاء» لهم، خصوصاً في صيدا، كبرى المدن السنيّة في الجنوب اللبناني. ويوضح أن «قوات الفجر» كانت «ابنة الجماعة الإسلامية» (الإخوان) لكنها لم تتأسس بقرار رسمي منها.ولكن، في حين كان هؤلاء «الجهاديون» يعملون في ظل الاحتلال الإسرائيلي لمناطقهم جنوب بيروت، بدأ جهاديون آخرون يظهرون في الشمال وتحديداً في عاصمته طرابلس. فظهرت «حركة التوحيد» التي توسعت بسرعة خصوصاً في ظل انتقال حركة «فتح» بزعامة الرئيس الراحل ياسر عرفات إليها بعد طرده من بيروت واختلافه مع حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد. لكن توسع «حركة التوحيد» جاء في «الوقت الخطأ»، إذ أن القوات السورية ما كانت لتسمح لحركة سنّية ذات طابع «جهادي» بأن تنشط بحرية بعد الذي حصل داخل سورية نفسها في بدايات الثمانينات (الصراع مع «الجهاديين السنّة» خلال أحداث حماة). وإذا أضيف إلى ذلك علاقة «التوحيد» الوثيقة بعرفات، «عدو» النظام السوري، كان لا بد من توقع كيف ستتعامل دمشق مع هذه الحركة السنّية - القضاء عليها بالقوة، وهو ما تم على أنهار من الدم خلال اقتحام طرابلس في منتصف الثمانينات.استمر موقف السوريين السلبي من «الجهاديين السنّة» من الثمانينات وحتى التسعينات من القرن الماضي، في وقت كان «الجهاديون الشيعة» يعيشون حقبتهم الذهبية، خصوصاً في ظل النجاحات التي حققوها في مواجهة الإسرائيليين، وهي نجاحات تكللت في عام 2000 بانسحاب الدولة العبرية، ذليلة، من جنوب لبنان. لم يعن القمع السوري أن «الجهاديين السنّة» لم يحاولوا في السر إعادة التقاط أنفاسهم وبناء خلاياهم. وكان أبرز محاولاتهم تلك التي كانت تجرى في جرود الضنّية في شمال لبنان وقادها بسام كنج أحد «الأفغان اللبنانيين» (عاد إلى لبنان في 1998 ليشكّل نواة جماعة «جهادية»). لكن الحظ لم يحالف تلك المجموعة، إذ كُشفت عشية الاحتفالات بنهاية الألفية الثانية جراء حادث تطور إلى خطف ضابط في الجيش اللبناني وقتله (يقول عيتاني إن الضابط قُتل خلال تبادل النار بين المسلحين الإسلاميين وقوات الجيش، على رغم أن الرواية الرائجة آنذاك تحدثت عن أن المسلحين هم من قتل الضابط).على رغم هذه الانتكاسة، كان جهاديون سُنّة آخرون يبنون خلاياهم في أكثر من منطقة، من البقاع إلى بيروت وطرابلس، وفي صيدا ومخيمها الفلسطيني الضخم عين الحلوة الذي كان يستقبل سنة بعد أخرى مزيداً من «الجهاديين» الفارين من وجه العدالة بتهم مختلفة بينها القتل (اغتيال الشيخ نزار الحلبي مثلاً زعيم جماعة «الأحباش» أو «المشاريع الخيرية الإسلامية» التي تختلف ايديولوجياً مع «الجهاديين»). ومع مجيء عام 2003 والاجتياح الأميركي للعراق، صار نشاط «الجهاديين السنّة» يأخذ شكلاً أكثر وضوحاً كونه دخل في إطار «مقاومة الاحتلال» الأميركي للعراق. فحتى السلطات السورية، لم تحاول في البدء منع تدفق «الجهاديين السنّة» عبر حدودها في اتجاه العراق. ويزعم الأميركيون أن السوريين كانوا «يسهّلون» وصول الجهاديين إلى العراق، وليس فقط يغضون الطرف عن تحركهم.وفي ظل تلك الظروف جاء اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005، لتتوجّه الشبهات إلى دمشق التي كانت على خلاف شديد معه آنذاك، على رغم تبني جماعة «جهادية» مجهولة الاغتيال وعرضها شريطاً يعلن فيه «الانتحاري» أحمد أبو عدس تنفيذه العملية. لكن عيتاني يورد في كتابه محاضر طويلة للتحقيقات التي أجرتها أجهزة الأمن اللبنانية مع عناصر شبكة «جهادية» مرتبطة بأبو عدس («مجموعة الـ 13» بقيادة اللبناني حسن نبعة) وفيها اعترافات صريحة بتورط «القاعدة» في قتل الحريري. وعلى رغم تراجع «المعترفين» لاحقاً عن أقوالهم، إلا أن المعلومات التي أوردوها عن نشاطات «القاعدة» في لبنان تُعتبر بالغة الأهمية وتستحق المتابعة (محاضر التحقيقات أحد أهم الوثائق في الكتاب).ويختتم عيتاني فصول كتابه بظاهرة «فتح الإسلام» التي شكّلها الفلسطيني شاكر العبسي على انقاض «فتح الانتفاضة» ونشطت في عام 2007 في مخيم نهر البارد في شمال لبنان، قبل أن تخوض حرباً دموية استمرت أسابيع مع الجيش اللبناني الذي حسمها بعد خسائر فادحة في صفوفه وصفوف الإسلاميين وبينهم عشرات «الجهاديين» الذين جاؤوا من دول عربية عدة. ويتميّز عيتاني هنا بالمعلومات الغنية التي يوردها في شأن «فتح الإسلام» والظروف التي سبقت الحسم مع ظاهرتهم في نهر البارد وخلال عملية الحسم (الأحداث الأمنية في طرابلس). وهو يورد معلومة قد يكون فيها بعض التسرّع (وربما سبق صحافي إذا ثبتت صحتها) خلال تناوله هوية شاهين شاهين، أحد القادة الذين برزوا خلال معارك نهر البارد. إذ يقول في مطلع كتابه (الصفحة 23) إن ثمة تضارباً في شأن هوية شاهين وهل هو سوري أم فلسطيني، لكنه يذهب لاحقاً إلى القول إن السلطات الأمنية اللبنانية تعتقد أنه سعد أسامة بن لادن (ص 278)، نجل زعيم «القاعدة»، في حين ان عيتاني نفسه يقول إنه شعر بأن شاهين - الذي كان على اتصال هاتفي معه من داخل نهر البارد - كان «عراقي اللهجة». ربما كان شاهين هذا مثالاً على مدى الغموض الذي يحيط بموضوع «الجهاديين في لبنان»، المهمة التي كرّس عيتاني كتابه لمحاولة فك طلاسم ظاهرتهم.يُقدّم الكتاب رواية جيّدة لمسيرة «الجهاديين السنة» في لبنان، رواية يحاول فيها الكاتب أن يكون محايداً قدر الإمكان من خلال تقديم مادة موثّقة على لسان أصحابها. ثمة نواقص جلية في هذه الرواية (لم تأخذ المحاولات الأولى لتأسيس الجماعات الجهادية حقها في الشرح مثلاً، ربما لأنها كانت محاولات بدائية رأى الكاتب أنها لا تستحق تفصيلاً أكبر)، إلا أنها تبقى رواية سهلة القراءة لظاهرة بالغة التعقيد.
* من أسرة «الحياة»

Monday 6 October 2008

Talks with Taliban the only way forward in Afghanistan, says UK commander

Talks with Taliban the only way forward in Afghanistan, says UK commander
• Britain urges allies to use diplomacy to end conflict •There will be no decisive victory, says brigadier
Richard Norton-Taylor
The Guardian,
Monday October 6 2008
Article history
Britain is stepping up pressure for a political and diplomatic settlement to the conflict in Afghanistan, a move set in sharp relief yesterday by the commander of UK troops who warned that the war against the Taliban was not going to be won.
The message is being delivered with increasing urgency by British military commanders, diplomats and intelligence officers, to Nato allies and governments in the region, the Guardian has learned.
"We're not going to win this war," Brigadier Mark Carleton-Smith said yesterday. "It's about reducing it to a manageable level of insurgency that's not a strategic threat and can be managed by the Afghan army. We may well leave with there still being a low but steady ebb of rural insurgency."
Carleton-Smith, commander of 16 Air Assault Brigade, which has just completed a six-month mission in southern Afghanistan during which 32 of his soldiers were killed and 170 injured, said his forces had "taken the sting out of the Taliban for 2008". But he warned that the public should not expect "a decisive military victory". It was necessary to "lower our expectations" and accept it as unrealistic that multinational forces can entirely rid Afghanistan of armed bands.
He said the aim should be to change the nature of the debate in Afghanistan so that disputes were settled by negotiation and not violence.
"If the Taliban were prepared to sit on the other side of the table and talk about a political settlement, then that's precisely the sort of progress that concludes insurgencies like this," Carleton-Smith said. "That shouldn't make people uncomfortable."
Abdul Rahim Wardak, Afghanistan's defence minister, expressed disappointment at the comments.
But Carleton-Smith's warnings were echoed by a senior defence source yesterday, who said "the notion of winning and losing the decisive battle does not exist". Carleton-Smith added that all the Nato-led international military force could do in Afghanistan was provide the "parameters of security".
The deepening concerns reflect what British defence chiefs are saying privately. The conflict with the Taliban has reached "stalemate", they say. They also express increasing frustration with the weakness and corruption of President Hamid Karzai's government in Kabul.
Britain has denied that it believes the military campaign in Afghanistan is doomed to failure after the French weekly Le Canard Enchaîné reported that Sherard Cowper-Coles, UK ambassador to Kabul, told a French official that foreign troops added to the country's problems.
The newspaper reported that Cowper-Coles had said Afghanistan might best be "governed by an acceptable dictator", that the American strategy was "destined to fail", and the presence of foreign troops in Afghanistan was "part of the problem, not the solution". The French foreign ministry said the newspaper report did not "correspond at all with what we hear from our British counterparts in our discussions on Afghanistan".
Writing on his website on Friday, David Miliband, the foreign secretary, described the report as "garbled" and insisted that Britain did not support a Kabul dictatorship.
"The future of Afghanistan is not about appointed dictators or foreign occupation, it is about building Afghan capabilities with the confidence of the Afghan people," he wrote.
A Foreign Office official was reported to have described the claim that Cowper-Coles advocated a dictatorship in Afghanistan as "utter nonsense", and that the comments attributed to the ambassador were likely to have been a distortion of what he had said in the meeting.
British officials are exasperated with the Karzai administration, the slowness in building up a national army and corruption in the Afghan police force.
Violence in Afghanistan has risen to its worst level since 2001, when US-led forces overthrew the Taliban.
Aid agencies say the Taliban and associated groups are controlling more territory and it is increasingly difficult to provide the population with their humanitarian needs, let alone physical security.
After months of indecision and attacking western diplomats and military officials for approaching Taliban forces and their local commanders, Karzai said last week he had asked the king of Saudi Arabia to mediate in negotiations.
سنة حاسمة لـ«الناتو» في أفغانستان: «احتواء طالبان» لتعذر هزيمتها عسكرياً
لندن - كميل الطويل الحياة - 05/03/08//
يواجه حلف شمال الأطلسي (الناتو) امتحاناً حقيقياً هذه السنة لقدرته على خوض «حرب استنزاف» في أفغانستان لا يبدو أي طرف فيها قادراً على الحاق «ضربة قاضية» بخصمه. فـ «الناتو» المنقسم بين دول تتحمل عبء «العمل العسكري» في الجنوب والجنوب الشرقي ودول لا تريد إرسال قوات إلى «الحزام البشتوني»، معقل التمرد، يبدو حالياً وكأنه بات مقتنعاً بأن معركة أفغانستان لا يمكن الفوز بها عسكرياً، إذا كان مقياس الفوز هو الحاق «هزيمة» في ساحات القتال بحركة «طالبان». وبناء على هذا الاقتناع، بات قادة «الناتو» يتحدثون عن «احتواء» لـ «طالبان» بدل قتالها، و «مد اليد» إلى عناصرها لاقناعهم بالانخراط في مؤسسات الحكم الأفغاني.
وستكون أفغانستان المحور الأول على جدول أعمال قادة «الناتو» في قمة بوخارست بين 2 و4 نيسان (ابريل) المقبل. ويمهّد وزراء خارجية الحلف للقمة في اجتماع يُعقد الخميس في بروكسيل، بعد اجتماع لوزراء الدفاع في فيلنوس (ليتوانيا) الشهر الماضي.
وتأتي هذه الاجتماعات قبل تصعيد كبير متوقع في أفغانستان حيث تستعد «طالبان» لـ «هجوم الربيع»، كعادتها كل سنة عندما يبدأ الثلج في الذوبان (وينتهي فصل حصاد نبتة الخشخاش حيث يصير «الحصادون» الشبان «عاطلين» عن العمل وينضمون إلى التمرد). وعلى رغم فشل «طالبان» في شن هجوم واسع ربيع العام الماضي، تشير مؤسسة أبحاث تتابع أوضاع أفغانستان إلى أن الحركة الإسلامية صارت تنتشر على قرابة 54 في المئة من الأراضي الأفغانية و «تقترب» من كابول. وقدّم مركز أبحاث «سنلس» تقريراً «قاتماً» عن أفغانستان الشهر الماضي أكد فيه أن «الحزام البشتوني» يكاد كله يكون تحت نفوذ «طالبان» التي أقامت «إدارة موازية» لحكومة الرئيس حامد كارزاي. ويشرح التقرير الذي حصلت عليه «الحياة» أن قوات «الناتو» لا تسيطر سوى على بقع صغيرة من الأرض في ولاية الجنوب، وتحديداً حول المدن الكبرى المأهولة بالسكان والطرق الرئيسية المؤدية إليها.
وقال لـ «الحياة» ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية: «أن النشاط العسكري ليس سوى جزء من استراتيجيتنا الشاملة في أفغانستان، على رغم أنه جزء مهم منها»، مشيراً إلى أن «استراتيجية مكافحة التمرد تُقاد سياسياً». وأوضح ناطق آخر باسم وزارة الدفاع البريطانية لـ «الحياة» أن «مهمة آيساف (القوات الدولية التي يقودها حلف الناتو) في أفغانستان هي مساعدة الحكومة على خلق جو آمن تستطيع أن تعمل فيه لجان الإعمار والتنمية ومنظمات أخرى، ومد سلطة الحكومة الأفغانية، وتحسين حكم القانون، وتسهيل اعادة البناء والتنمية، خصوصاً دعم بناء القدرات (الأفغانية الذاتية) في قطاع الأمن. وهذا لا يتضمن استهداف قتل إرهابيين في عمليات متعمدة، ولكن إذا تصرف المتمردون لمحاولة منع هذه المساعدة أو هددوا أمن القوات البريطانية أو المدنيين الأفغان، فإننا بالطبع سنأخذ اجراءات لوقفهم». والظاهر أن سياسة «الاحتواء» بدل القتال بدأت تُثمر بعض النتائج. ولعل أبرز ثمارها انتقال الملا عبدالسلام، أحد القادة الكبار في «طالبان» في ولاية هلمند، إلى صف الحكومة، إذ اتصل العام الماضي بالرئيس كارزاي وأبلغه أن سكان منطقة موسى قلعة في الولاية لم يعودوا يطيقون وجود متشددي الحركة في منطقتهم. فشنت القوات البريطانية وجنود الجيش الأفغاني هجوماً على موسى قلعة أدى إلى طرد مقاتلي «طالبان» منها، وصار الملا عبدالسلام حاكماً عليها.
في أي حال، يأمل البريطانيون في أن يكون «الملا عبدالسلام» ومؤيدوه «الطالبانيون» مثالاً يحتذي به بقية «جنود» الحركة، كون هؤلاء جزءاً أساسياً من تركيبة المجتمع البشتوني، و»الفوز» في التحدي الأفغاني يتطلب جذبهم بعيداً عن متشددي «طالبان» وتقريبهم من الحكومة. ومن هذا المنطلق يحاول البريطانيون قدر الإمكان دفع الأفغان إلى الاعتماد على أنفسهم والابتعاد عن «الواجهة».