Friday 23 October 2020

مقابلتي مع السفير ريتشارد نورلاند في الشرق الأوسط - ليبيا، حفتر، السراج، فاغنر، المرتزقة، القاعدة، داعش، أفغانستان.... والقذافي


نورلاند: انسحاب السوريين من غرب ليبيا مرتبط بمرتزقة «فاغنر» في شرقها

سفير الولايات المتحدة في طرابلس يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يتمنى بقاء السراج في منصبه «لفترة أطول قليلاً»... ويعتبر أن حفتر وجيشه «يمكن أن يكونا جزءاً من الحل»
الخميس - 5 شهر ربيع الأول 1442 هـ - 22 أكتوبر 2020 مـ
سفير الولايات المتحدة في طرابلس(الشرق الاوسط)

دافع سفير الولايات المتحدة في ليبيا ريتشارد نورلاند عن سياسة بلاده في هذا البلاد، نافياً دعمه طرفاً على حساب آخر، في رد على اتهامات تتكرر في ليبيا بأنه يدعم تيار الإسلام السياسي ويغض الطرف عن توسيع تركيا نفوذها في هذا البلاد في إطار جهوده لاحتواء النفوذ الروسي.
وقال نورلاند، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، إن الليبيين «سئموا» من الحرب، مشيراً إلى «إجماع متزايد» بينهم على أن حل النزاع يجب أن يكون عبر الحوار السياسي وليس القوة العسكرية. وأشاد بقرار رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» في طرابلس، فائز السراج، التنحي من منصبه، واصفاً ذلك بالخطوة «الشجاعة وغير المسبوقة». لكنه قال إنه «يتمنى» بقاءه لفترة أطول حتى يصبح انتقال السلطة ممكناً.
وتحدث السفير الأميركي عن زيارته الأخيرة لكل من مصر وتركيا حيث قابل مسؤولين، بينهم قادة بارزون في أجهزة الاستخبارات، موضحاً أنه يريد «تشجيع» القاهرة وأنقرة على التشاور مباشرة «كوسيلة لتجنب الحسابات الخاطئة» في ليبيا.
وشرح اقتراح بلاده بخصوص جعل مدينتي سرت والجفرة منزوعتي السلاح، قائلاً إنه يعني «أن تتولى قوات شرطية مشتركة أو أفراد الأمن المدني، على الأرجح، البقاء في تلك المناطق» بعد إخلائها من السلاح، مضيفاً أن بقاء «أي جماعات مسلحة، بما في ذلك مجموعة فاغنر، لن يؤدي إلا إلى تقويض إجراءات بناء الثقة» بين حكومة «الوفاق» و«الجيش الوطني».
وتناول السفير الأميركي قضية انتشار مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية في ليبيا، قائلاً إن «ليس هناك شك في أن مجموعة فاغنر تتصرف نيابة عن الحكومة الروسية، وأن أنشطتها تساعد في زعزعة الاستقرار في ليبيا». وتابع أن «أولئك الذين يدعون إلى انسحاب المقاتلين السوريين وغيرهم من غرب ليبيا، على سبيل المثال، لا يمكنهم أن يأملوا في حدوث ذلك طالما استمرت مجموعة فاغنر في تعزيز وجودها في الشرق». ورفض إعطاء موقف من شرعية الاتفاق الذي وقعته حكومة «الوفاق» مع تركيا العام الماضي، قائلاً إن الخلاف بخصوص المياه الإقليمية في المتوسط يجب أن يُحل وفق القانون الدولي ومن خلال حوار بين الأطراف المعنية. لكنه زاد: «ما أفهمه هو أن حكومة الوفاق الوطني فعلت ما كان عليها فعله للنجاة من هجوم الجيش الوطني الليبي».
وفيما يأتي نص المقابلة:
1 - يبدو أن ليبيا بصدد إحراز نوع من التقدم نحو التسوية السياسية الآن، بعد فشل تقدم الجيش الوطني نحو طرابلس في وقت سابق هذا العام. الأطراف المتحاربة منخرطة في حوار في المغرب وتونس ومصر وسويسرا وقد تكون أماكن أخرى أيضاً. فما مدى تفاؤلكم الآن في التوصل إلى حل ناجح للأزمة؟ ماذا تقولون لليبيين المنخرطين في هذه المحادثات/ المفاوضات؟ وهل تلعبون أي دور في مساعدة الليبيين على التوصل إلى تسوية؟
- شكرا لك كميل على هذا السؤال، وشكرا على إتاحة الفرصة للحديث عن ليبيا مع قرائكم الأعزاء. أنا أتفق مع وجهة نظرك. فقد أحرز الليبيون تقدما نحو تسوية سياسية. وساعدت عدة جولات من المحادثات في جنيف ومونترو، بالإضافة إلى مناقشات مفيدة لبناء الثقة جرت في مصر والمغرب، على تمهيد الطريق لمنتدى الحوار السياسي الليبي المقبل (LPDF) بتوجيه من الأمم المتحدة والآن حان الوقت للتركيز على هذه العملية. أعلم أن العديد من الليبيين يرون أن هذا مجرد مؤتمر آخر يتحدث فيه السياسيون، وربما يعتقدون أنه سيفشل كما حدث في المحادثات السابقة. ومع ذلك، هناك العديد من الأشياء المختلفة هذه المرة. بادئ ذي بدء، لقد سئم الناس الحرب: وخلال مشاوراتي العديدة مع القادة الليبيين، لمستُ أن هناك إجماعاً متزايدا على أهمية الحوار السياسي - وليس القوة العسكرية لحل النزاع. وبالمثل، يرغب الليبيون بشكل متزايد في إعادة فرض السيادة الليبية وإخراج القوات الأجنبية المسلحة من البلاد. بالإضافة إلى ذلك، سيكون منتدى الحوار السياسي الليبي النسخة الأولى من المحادثات التي يجب فيها على المشاركين الإعلان عن عدم الترشح للمناصب السياسية في المؤسسات الجديدة التي سيتم إنشاؤها. ومن الجدير بالذكر أيضاً في نفس السياق، أن رئيس الوزراء السراج قد أشار إلى نيته التنحي في نهاية المطاف وتسليم مقاليد الحكم إلى السلطة التنفيذية الجديدة التي سيتم إنشاؤها في إطار منتدى الحوار السياسي الليبي وهذه خطوة شجاعة وغير مسبوقة تميز هذه اللحظة أيضاً عن المحاولات السابقة لإيجاد تسوية سياسية.
2 - شاركتَ مؤخراً في اجتماعات حول ليبيا مع كل من المصريين والأتراك. هل يشجعك ما استمعت إليه من قبل هذه الأطراف المتعارضة التي يدعم كل منها طرفاً مختلفاً في ليبيا؟ هل يمكننا أن نفترض أنك توسطت في «هدنة ليبية» بين الأتراك والمصريين؟ ماذا تتوقع أن تفعل القاهرة وأنقرة بعد ذلك لدفع الليبيين نحو عقد اتفاق؟
- لقد شجعتني مشاوراتي مع كبار المسؤولين في القاهرة وأنقرة في وقت سابق من هذا الشهر وفي أغسطس (آب)، تمشيا مع رغبة الوزير بومبيو في استخدام الأدوات الدبلوماسية الأميركية للمساعدة في تهيئة الظروف التي تؤدي إلى عملية سياسية ناجحة في ليبيا. وتشير المشاورات التي أجريتها إلى أن الولايات المتحدة ومصر وتركيا وشركاء دوليين آخرين يبحثون عن طرق عملية لدعم منتدى الحوار السياسي الليبي. وتساعدنا مثل هذه المشاورات على فهم المصالح المشتركة في إيجاد تسوية سلمية تفاوضية للنزاع بدلاً من تصعيد وزيادة زعزعة استقرار ليبيا والمنطقة. وبناء عليه، أود بالتأكيد أن أشجع مصر وتركيا على التشاور مباشرة مع بعضهما البعض كوسيلة لتجنب الحسابات الخاطئة وبناء التعاون من أجل مصلحتهما المشتركة في أن تكون ليبيا دولة مستقرة وآمنة.
3 - هل يمكن أن تشرح للقراء ما هو المقصود من اقتراحكم «بنزع السلاح» من مدينتي سرت والجفرة الليبيتين؟ من سيكون المسؤول عن هاتين المدينتين؟ هل يعني هذا بالإضافة إلى انسحاب وحدات الجيش الوطني أن المرتزقة الروس سيضطرون أيضاً إلى مغادرة قواعدهم المزعومة في قاعدة القرضابية الجوية وقاعدة الجفرة الجوية؟ هل هذا ما تسعون إليه؟
- ضمن سياستها المتبعة، دعت الولايات المتحدة باستمرار إلى رحيل جميع القوات الأجنبية بما في ذلك المرتزقة والقوات المتعاقدة من ليبيا. هذه الجماعات المسلحة الأجنبية لم تؤد إلا إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في ليبيا وتصعيد النزاع. فمجموعة فاغنر، وهي شركة تعاقدات مرتبطة بالكرملين، هي من بين تلك الأطراف الفاعلة. وعلى المدى القريب، ما أوصينا به هو إجراء ملموس لبناء الثقة من خلال نزع السلاح من سرت والجفرة، على أن تتولى قوات شرطية مشتركة أو أفراد الأمن المدني، على الأرجح، البقاء في تلك المناطق. ويجب أن يتفاوض الليبيون أنفسهم على التفاصيل الدقيقة لتفعيل هذه الفكرة. وقد تكون هذه خطوة أولى ملموسة تسهل اتخاذ خطوات إضافية نحو خفض التصعيد. إن أي جماعات مسلحة متبقية، بما في ذلك مجموعة فاغنر، لن يؤدي إلا إلى تقويض إجراءات بناء الثقة هذه.
4 - هل يمكنك التوسع في شرح الدور الذي تلعبه روسيا في ليبيا؟ يُزعم أن مجموعة فاغنر لم تنشر مقاتلين مرتزقة فحسب، بل نشرت أيضاً طائرات وبطاريات صواريخ مضادة للطائرات في ليبيا، وهو ادعاء تنفيه موسكو. هل تعتقدون أن هؤلاء المرتزقة الروس لم يكن من الممكن نشرهم دون موافقة من أعلى السلطات في موسكو، أي الكرملين؟ وكمتابعة، هل يمكنكم التأكيد على أن هؤلاء المرتزقة ما زالوا منتشرين في ليبيا بما في ذلك الحقول النفطية؟
- كما قلت سابقاً، تعارض الولايات المتحدة أي تواجد عسكري أجنبي في ليبيا بما في ذلك تواجد مجموعة فاغنر. وكما رأيتم، فإن جيشنا، أي أفريكوم، قد فضح علناً الأنشطة العسكرية الروسية والحالات التي جلبت فيها روسيا أسلحة متطورة في انتهاك لحظر الأسلحة. وللأسف، ليس هناك شك في أن مجموعة فاغنر تتصرف نيابة عن الحكومة الروسية، وأن أنشطتها تساعد في زعزعة الاستقرار في ليبيا. أولئك الذين يدعون إلى انسحاب المقاتلين السوريين وغيرهم من غرب ليبيا، على سبيل المثال، لا يمكنهم أن يأملوا في حدوث ذلك طالما استمرت مجموعة فاغنر في تعزيز وجودها في الشرق.
5 - هل تعتقد أن روسيا تسعى لإقامة قاعدة لها في ليبيا، وماذا يعني ذلك إن كان صحيحاً؟
- أنا لا أدعي أنني أعرف النوايا الروسية، وهذا السؤال يوجه إلى موسكو. ما أعرفه هو أن الليبيين يبحثون عن وجود عسكري أجنبي أقل وليس أكثر في بلدهم. ونحن نشارك هذا التوجه ونرى أن منتدى الحوار السياسي الليبي هو أفضل أداة لمساعدة الليبيين على تحقيق ذلك.


6 - اشتكت روسيا مؤخراً من أنها عرضت الجلوس والتحدث معكم بشأن ليبيا، لكنكم رفضتم ذلك. لماذا، إذا كان هذا صحيحاً؟
- لم أرفض قط إجراء محادثات مع روسيا. الولايات المتحدة لديها اتصالات منتظمة مع روسيا، بما في ذلك بشأن ليبيا. إن الحكومة الروسية على علم جيد بموقفنا من دور فاغنر في ليبيا، ودعمنا لمنتدى الحوار السياسي الليبي. أعتقد أن هناك تياراً داخل روسيا يدعم فعلياً حلاً سياسيا ليبياً ويدرك أن بإمكان روسيا تحقيق مصالحها المشروعة في ليبيا، مثل تعزيز الأعمال التجارية الروسية ومكافحة الإرهاب، من خلال الحوار السياسي. لكن الاستثمار العسكري الروسي في ليبيا يقوض هذا الموقف.
7 - لقد تعرضتم لانتقادات مستمرة من قبل خصومكم في ليبيا، الذين يزعمون أنكم تميلون أو حتى تدعمون الإخوان المسلمين في غرب ليبيا. أولئك الذين يتبنون مثل هذا الرأي يتهمونكم بتجاهل التدخل العسكري التركي في ليبيا، وقد يكون ذلك بمثابة أداة لمواجهة تورط روسيا. تركيا، بحسب معارضيها، تدعم علانية جماعة الإخوان المسلمين وتستضيف الإسلاميين الليبيين، الذين اعتادت حكومتكم أن تعتبرهم إرهابيين. سيتهمكم منتقدوكم أيضاً بالسماح للأتراك بإقامة قواعد في ليبيا، يمكنهم من خلالها تهديد مصر (من قِبل الإسلاميين) وحتى الدول الأوروبية (من خلال تدفق المهاجرين). هل يمكنكم تصحيح الأمور ودحض هذه الادعاءات؟
- نحن لا ندعم أي طرف في الصراع الليبي. من الناحية العملية، لم يكن من المحتمل أن يحدث التدخل العسكري التركي لو لم يشتبك الجيش الوطني الليبي مع مرتزقة فاغنر في هجومه على طرابلس. والتحدي الآن هو مساعدة جميع الليبيين - شرقاً وغربا وجنوباً - على تهيئة الظروف لاستعادة سيادتهم وتمهيد الطريق لرحيل جميع القوات الأجنبية المقاتلة. وتنخرط الولايات المتحدة في دبلوماسية نشطة مع جميع الأطراف، وهو ما أطلق عليه البيت الأبيض انخراطا دبلوماسية كاملا وتاما (بدرجة 360)، من أجل دعم منتدى الحوار السياسي الليبي. إن الديناميكية العسكرية التصعيدية المستمرة محفوفة بخطر سوء التقدير ومستويات جديدة من العنف. ويجب أن يكون واضحاً للجميع أن تجدد الأعمال العدائية في ليبيا لن يُسفر عن منتصر، بل سيجلب المزيد من المجازر والمزيد من النشاط الإجرامي والمزيد من الهجرة غير الشرعية والمزيد من المشاكل للمواطن الليبي العادي - سواء كان ذلك من حيث انخفاض الدخل، أو تدهور الرعاية الصحية وقطاع الكهرباء. كما قلت، نحن نعارض أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا ولا نتسامح مطلقاً مع الإرهابيين. وستفتح التسوية السياسية في ظل منتدى الحوار السياسي الليبي الطريق أمام رحيل جميع القوات الأجنبية ويمكن أن تسهل حل المشكلات التي تزدهر في ظل حالة عدم الاستقرار التي يفرضها الصراع الليبي.
وبالمثل، سيتعين نزع سلاح الميليشيات أو تسريحها أو دمجها حيثما أمكن في الخدمات العسكرية أو الأمنية النظامية الخاضعة للسيطرة المدنية. وكيف يحدث ذلك بالضبط هو سؤال يقرره الليبيون أنفسهم. وستكون عملية القرار هذه أكثر فاعلية في ظل المؤسسات السياسية الجديدة في ليبيا ذات السيادة بعد تسوية سياسية في ظل منتدى الحوار السياسي الليبي.
8 - ومتابعة لما سبق، ما هو موقفكم من شرعية المعاهدة التركية مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس بخصوص التنقيب عن النفط في البحر المتوسط ​، وكذلك الاتفاقية الأمنية؟ تلك الاتفاقية التي، كما تعلمون، تم رفضها من قبل مصر واليونان وقبرص، الذين يزعمون أنها تتعدى على مياههم؟
- لا تتخذ الولايات المتحدة موقفاً بشأن النزاعات البحرية الثنائية التي تنطوي على مطالبات متنافسة على المياه الإقليمية - فهذه مسألة تخص القانون الدولي والمفاوضات بين الأطراف نفسها. ما أفهمه هو أن حكومة الوفاق الوطني فعلت ما كان عليها فعله للنجاة من هجوم الجيش الوطني الليبي.
9 - هل أوضح لك السيد السراج سبب عرضه الاستقالة نهاية الشهر الجاري؟ هل ما زلت تتوقع منه أن يفعل ذلك قريباً؟
- شكرا على هذا السؤال. أريد فقط أن أثني على رئيس الوزراء السراج لإعلانه نيته التنحي. إن قراره التاريخي بالتنحي طواعية يظهر أنه مستعد لوضع مصالح الشعب الليبي فوق مصلحته الشخصية، ويستحق الاحترام. فيما يتعلق بالتوقيت الدقيق، يجب أن أقر بأنه في وقت إعلانه توقعنا أنه سيكون قادراً على تسليم السلطة إلى سلطة تنفيذية جديدة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول). ومع ذلك، وبسبب جائحة فيروس كورونا وغيرها من التعقيدات في تنظيم الحوار، أشارت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى أن التوقيت الحالي لاجتماعات منتدى الحوار السياسي الليبي سيؤخر هذا الأمر إلى نوفمبر (تشرين الثاني). لذلك آمل وأتوقع أن يبقى في منصب رئيس الوزراء لفترة أطول قليلاً، على الأقل حتى يصبح انتقال السلطة هذا ممكناً. وأكرر قولي أنه من الواضح لي أنه ينوي التنحي.
10 - في إيجاز صحافي قدمته حضرتك قبل بضعة أشهر، لمحت إلى أن البعض في مصر ربما دعموا الجانب الخطأ في ليبيا، في إشارة إلى السيد حفتر. هل لا يزال المصريون متمسكين به، أم أنهم يدعمون مجموعات مختلفة الآن، خاصة قبائل من شرق ليبيا؟ هل للأميركيين أي اتصال مع حفتر وجيشه الوطني الآن؟
- إعلان القاهرة، الذي وسع المشهد السياسي للشرق، ودعم مصر لمنتدى الحوار السياسي الليبي بخطوات مهمة مثل استضافة محادثات الغردقة الأمنية، دليل على أن المصريين يستثمرون في الحل السياسي للصراع الليبي وليس الحل العسكري. لا أريد أن أتحدث نيابة عن المصريين، لكن في مشاوراتي مع كبار المسؤولين أشاروا إلى نهج براغماتي يعترف بأن التصعيد العسكري لا يؤدي إلا إلى زعزعة استقرار ليبيا ومن المحتمل أن يهدد المنطقة بشكل أوسع. وكجارة (لليبيا)، هذا هو عكس ما يريدون رؤيته تماماً. لذلك سأكرر هنا تقديري الحقيقي لخطوات مصر الملموسة في دعم منتدى الحوار السياسي الليبي.
فيما يتعلق بالجزء الثاني من سؤالك، لدينا اتصالات مع المشير حفتر والجيش الوطني الليبي، ونعترف بأنهما يمكن أن يكونا جزءاً من الحل إذا كانا على استعداد لاتباع المسار السياسي الخالص. لقد كانت إشارة جيدة من الجيش الوطني الليبي على أن إنتاج النفط يمكن استئنافه لصالح الليبيين. ونحن نتفهم أن ممثليهم يتخذون مقاربة بناءة في محادثات 5+5 هذا الأسبوع في جنيف. إن تواصلنا مع الجيش الوطني الليبي هو جزء من انخراطنا الدبلوماسي الواسع النطاق مع جميع الأطراف، ولا ينبغي الخلط بينه وبين الانحياز.
11 - هل شهدتم زيادة في أنشطة تنظيم داعش أو القاعدة في ليبيا في الآونة الأخيرة، مستغلين الاقتتال بين الأطراف المتحاربة في شرق وغرب ليبيا؟
- نحن نعلم أن الصراع قد أعطى الجماعات الإرهابية المجال والفرصة لمحاولة إعادة تجميع صفوفها في ليبيا. حتى الآن، أدت جهودنا في مكافحة الإرهاب إلى تقييد جهود داعش والقاعدة لإعادة تأسيس وجود كبير. لكن التهديد لا يزال قائما، وأفضل طريقة للتصدي له هو ضمان أن تكون دولة ليبيا كاملة السيادة وشريكا قادرا على مكافحة الإرهاب. والنجاح في منتدى الحوار السياسي الليبي سيكون أفضل ضمانة لحدوث ذلك.
12 - علي أن أطرح عليك هذا السؤال: لقد عملت في كابل من قبل، ما هو برأيك الأصعب حل الأزمة الأفغانية أو الليبية.
- أثبت كلا الصراعين أنهما عصيين على جهود الحل السلمي، ورغم أن الصراع الأفغاني قد استمر الآن لفترة أطول بكثير من الصراع الليبي. فتح النزاعان المجال أمام المتطرفين والجماعات الإرهابية. ويتضمن النزاعان جهوداً لإنشاء حكومات ديمقراطية في أماكن لم تعرف هذا من قبل. والنزاعان يتسمان بتفشي الفساد وتخندق المصالح التي تعارض الحل السلمي. وأدى النزاعان إلى صعوبات هائلة بالنسبة للمواطنين العاديين. وتميز النزاعان بتدخل أجنبي مسموم، وفي كلتا الحالتين سعت الولايات المتحدة إلى لعب دور مفيد في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإن لم يخل ذلك من بعض الأخطاء على طول الطريق. وتمثل كل من أفغانستان وليبيا بوابات تجارية مربحة للأسواق البعيدة. بينما تمتلك كل من ليبيا وأفغانستان موارد طبيعية كبيرة غير مستغلة، وتمتاز ليبيا بقدرتها على الوصول إلى ثروتها الطبيعية ووضعها في السوق العالمية قبل أن تتمكن أفغانستان من ذلك. وهذا يعطي الليبيين ميزة نأمل أن يتم استغلالها من خلال منتدى الحوار السياسي الليبي. وإذا كانت ليبيا قادرة على الظهور كدولة مستقرة وموحدة من خلال الحوار السياسي، فقد تكون مزدهرة بشكل لا يصدق.
13 - هل ليبيا أفضل أم أسوأ بدون القذافي؟
- بالتأكيد إذا قرأت كتباً مثل كتاب هشام مطر «في بلاد الرجال»، فإنك تدرك أن حقبة القذافي اتسمت بالوحشية والتعذيب، وأن إسقاط طائرة بان إم 103 كان من عمل نظامه أيضاً. ولكن الأسئلة المتعلقة بقيادة دولة ما يجب أن يجيب عليها مواطنو ذلك البلد حقاً. وهذا هو بالضبط سبب تركيزنا الشديد على دعم الجهود الليبية السيادية لتحقيق نهاية دائمة للصراع وإجراء انتخابات وطنية في أسرع وقت ممكن، والتي يمكن لليبيين من خلالها أن يُسمعوا الصوت الذي سعت ديكتاتورية القذافي إلى تكميمه من خلال العنف والقمع. في الأيام المقبلة، سيجتمع الليبيون من مختلف الأطياف السياسية، بما في ذلك ما يسمى بـ«الخضر»، بشكل سلمي من خلال منتدى الحوار السياسي الليبي، لمناقشة القضايا الأكثر أهمية التي تواجه البلاد وتشكيل مؤسسات حكومية تكون مسؤولة أمام الشعب الليبي. ويقف هذا الحوار في تناقض قوي مع النظام السابق، حيث لم يكن لليبيين أي رأي في كيفية اختيار القادة، ولا حرية لانتقاد القادة، ولا سلطة للمطالبة بالمساءلة. ولا أحد يستطيع أن ينكر أن السنوات التي تلت الثورة كانت مضطربة، ولكنني أعتقد أن هناك فرصة حقيقية لليبيين للشروع في بناء مستقبل أكثر إشراقاً.

My interview with the US ambassador to Libya, Richard Norland



https://english.aawsat.com/home/article/2580251/norland-says-withdrawal-syrians-western-libya-linked-wagner%E2%80%99s-presence-east



Norland Says Withdrawal of Syrians from Western Libya Linked to Wagner’s Presence in East

Thursday, 22 October, 2020 - 16:00
US Ambassador to Libya Richard Norland. Asharq Al-Awsat

US Ambassador to Libya Richard Norland defended his country’s policies toward the Libyan conflict, denying that the United States favors one faction over another, and refuting the allegations that Washington was ignoring Turkey’s military intervention in Libya as a way to counter the increased Russian involvement in the country.


In a wide-ranging interview with Asharq Al-Awsat, Norland said Libyans have made progress toward a political settlement, adding that they “are tired of war.”


He commended the head of the Government of National Accord, Fayez al-Sarraj, for announcing his intent to step down, but said he would like to see him staying in his post for a little bit more time.


The diplomat spoke of his recent visits to Egypt and Turkey where he met with top officials, saying he would “encourage” Cairo and Ankara “to consult directly with each other as a way to avoid miscalculations” on Libya.


Explaining what is meant by his country’s proposal to “demilitarize” the Libyan cities of Sirte and al-Jufra, he said that “joint police or civilian security personnel” would remain in those areas. Any remaining armed groups, including Kremlin-linked mercenaries known as the Wagner Group, would only “undermine” confidence building measures between the Government of National Accord and the Libyan National Army.


“There’s unfortunately little doubt that Wagner is acting on behalf of the Russian government, and that their activities help to drive instability in Libya,” he said. “Those who call for the withdrawal of Syrian and other fighters from western Libya, for example, cannot possibly hope to see this happen as long as Wagner continues to build up its presence in the east.”


The Ambassador did not want to take a position on the agreement signed between the GNA and Turkey last year, and said bilateral maritime disputes involving competing claims over territorial waters in the Mediterranean “is a matter for international law and negotiations between the parties themselves.”


“My understanding is that the GNA did what it had to do to survive the LNA offensive,” he told Asharq Al-Awsat.


Below is the full text of the exclusive interview with Norland:


1- Libya seems to be making some kind of progress towards a political settlement now, after the failure of the National Army’s push towards Tripoli, earlier this year. The warring parties are engaged in dialogue in Morocco, Tunisia, Egypt, and Switzerland and may be other places too. How optimistic are you now of reaching a breakthrough? What would you say to the Libyans who are engaged in these talks/negotiations? And are you playing any role in helping the Libyans reach a settlement?


Camille, thank you for the question, and thank you for the opportunity to talk about Libya with your readers. I agree with your view. Libyans have made progress toward a political settlement. Several sets of talks in Geneva, Montreux, as well as helpful confidence-building discussions in Egypt and Morocco, have helped set the stage for the upcoming Libyan Political Dialogue Forum or LPDF guided by the UN and now is the time to focus on this process. I know that many Libyans see this as just another conference where politicians talk, and maybe they believe it will fail like previous talks did. Yet there are many things that are different this time around. First of all, people are tired of war: In my many consultations with Libyan leaders, I see that there is a growing consensus on the importance of political dialogue - not military force for resolving the conflict. Similarly, Libyans increasingly want to re-assert Libyan sovereignty and remove armed foreign forces from the country. In addition, the LPDF will be the first edition of talks where participants must declare themselves ineligible for political positions in the new institutions to be created. It’s also worth noting that in the same context, Prime Minister Sarraj has signaled his intention to eventually step down and turn power over to the new executive authority that would be established under the LPDF. That is a courageous and unprecedented step that also sets this moment apart from previous attempts to find a political settlement.


2- You have lately been involved in meetings on Libya with both the Egyptians and Turks. Are you encouraged by what you have been told by these opposing sides, each of which is backing a different party in Libya? Can we assume that you have brokered a ‘Libyan truce’ between the Turks and the Egyptians? What do you expect Cairo and Ankara to do next to push the Libyans towards a deal?


I was encouraged by my consultations with senior officials in Cairo and Ankara earlier this month and in August, in line with Secretary Pompeo’s desire to use American diplomatic tools to help create the conditions that lead to a successful political process for Libya. My consultations suggested the United States, Egypt, Turkey, and other international partners are looking for pragmatic ways to support the LPDF. Such consultations help us understand common interests in finding a peaceful, negotiated settlement to the conflict rather than escalating and further destabilizing Libya and the region. Having said that, I certainly would encourage Egypt and Turkey to consult directly with each other as a way to avoid miscalculations and build cooperation on their common interest in a stable and peaceful Libya.


3- Can you explain to the readers what is meant by your proposal to “demilitarize” the Libyan cities of Sirte and al-Jufra? Who will be in charge of these two cities? Does this mean, in addition to the withdrawal of the National Army units, the Russian mercenaries will also have to leave their alleged bases in the Ghardabiya Airbase and al-Jufra airbase? Is this what you are seeking?


As a matter of policy, the United States has consistently called for the departure of all foreign forces including mercenaries and contractor forces from Libya. These armed foreign groups have only further destabilized Libya and escalated the conflict. Wagner, the Kremlin-linked contract company is among those actors. In the near term, what we recommended is a concrete confidence-building measure by demilitarizing Sirte and al-Jufra, likely with joint police or civilian security personnel to remain in those areas. The exact details to operationalize this idea should be negotiated by the Libyans themselves. This could be a concrete first step that facilitates additional steps towards de-escalation. Any remaining armed groups, including Wagner, would only undermine such confidence building measures.


4- Can you expand on the role Russia plays in Libya? The Wagner Group is alleged to have deployed not only mercenary fighters, but also aircrafts and anti-aircraft battery missiles in Libya, an allegation Moscow denies. Is it your understanding that these Russian mercenaries could not have been deployed without an agreement from the highest authorities in Moscow, namely the Kremlin? As a follow up, can you confirm that these mercenaries are still deployed in Libya, including in the oil fields?


As I said earlier, the United States opposes all foreign military involvement in Libya including that of the Wagner Group. As I think you’ve seen, our military, namely AFRICOM has publicly identified Russian military activities and instances when Russia has brought in sophisticated weapons in violation of the arms embargo. There’s unfortunately little doubt that Wagner is acting on behalf of the Russian government, and that their activities help to drive instability in Libya. Those who call for the withdrawal of Syrian and other fighters from western Libya, for example, cannot possibly hope to see this happen as long as Wagner continues to build up its presence in the east.


5- Do you believe that Russia is seeking to establish a base in Libya, and what would that mean, if true?


I don’t claim to know Russian intentions, that is a question for Moscow. What I do know is that Libyans are looking for less rather than more foreign military presence in their country. We share that interest and see the LPDF as the best tool to help Libyans achieve this.


6- Russia has lately complained that it has offered to sit down and talk with you on Libya but you are refusing to do so. Why, if true?


I never refused discussions with Russia. The United States has regular contact with Russia, including on Libya. The Russian government is well informed of our position on the role of Wagner in Libya, and our support for the LPDF. I think there is a current within Russia that is actually supportive of a Libyan political solution and recognizes that Russia can achieve its legitimate interests in Libya, such as promoting Russian businesses and counterterrorism, through political dialogue. The Russian military investment in Libya, however, undermines this position.


7- You have been a subject of constant criticism by your opponents in Libya, who allege that you are leaning towards, or even backing, the Muslim Brotherhood in Western Libya. Those who hold such a view accuse you of ignoring Turkey’s military involvement in Libya, may be as a tool in countering Russia’s involvement. Turkey, according to its opponents, publicly backs the Muslim Brotherhood and hosts Libyan Islamists, some of which your own government used to consider as terrorist. Your critics would also accuse you of allowing the Turks to establish bases in Libya, from which they can threaten Egypt (by the Islamists) and even European states (by an influx of migrants). Can you set the record straight and refute these allegations?


We don’t support any one side in the Libyan conflict. As a pragmatic matter, the Turkish military intervention would likely never have happened had the LNA not engaged Wagner mercenaries in its offensive on Tripoli. Now the challenge is to help all Libyans -- east, west and south -- create the conditions for reclaiming their sovereignty and setting the stage for the departure of all foreign combat forces. The United States is engaged in active diplomacy with all sides, something the White House called 360 diplomatic engagement, in order to support the LPDF. The ongoing escalatory military dynamic is fraught with the risk of miscalculation and new levels of violence. It should be clear to all that renewed hostilities in Libya will not produce a victor, it will only bring more carnage, more criminal activity, more illegal migration and more problems for the average Libyan -- be it a reduction of income, a degradation of medical care, or less electricity. As I said, we oppose all foreign military intervention in Libya and we have zero tolerance for terrorists. A political settlement under the LPDF will open the way to the departure of all foreign forces and can facilitate solving problems that thrive within the instability of the Libyan conflict.


Similarly, militias will need to be disarmed, demobilized or where possible, integrated into the regular military or security services under civilian control. Exactly how that happens is a question for Libyans to decide. That decision process would be most effective under new political institutions in a sovereign Libya following a political settlement under the LPDF.


8- As a follow up to the above, what is your position on the legality of the Turkish treaty with the Government of National Accord in Tripoli regarding oil explorations in the Mediterranean, as well as the security deal too? That deal, as you well know, has been rejected by Egypt, Greece and Cyprus, who claim it encroaches on their waters?


The US does not take a position on bilateral maritime disputes involving competing claims over territorial waters – this is a matter for international law and negotiations between the parties themselves. My understanding is that the GNA did what it had to do to survive the LNA offensive.


9- Has Sarraj explained to you why he has offered to resign by the end of this month? Do you still expect him to do so soon?


Thanks for this question. I just want to commend Prime Minister Sarraj for announcing his intent to step down. His historic decision to step down voluntarily shows that he is willing to put the interests of the Libyan people above his own personal interest, and deserves respect. Regarding the exact timing, I have to acknowledge that at the time of his announcement we expected that he would be able to turn power over to a new executive authority at the end of October. However, due to COVID and other complications in organizing the dialogue, UNSMIL has indicated that the current timing of LPDF meetings will push this into November. So I would hope and expect that he stays on as Prime Minister a little longer, at least until this transfer of power is possible. Having said that it’s clear to me that he has every intention of stepping down.


10- In a briefing you gave a few months ago, you hinted that some in Egypt may have backed the wrong side in Libya, alluding to Haftar. Are the Egyptians still clinging to him, or are they backing different groups now, mainly tribes from eastern Libya? Do the Americans have any contact with Haftar and his National Army now?


The Cairo Declaration, which broadened the political face of the east, and Egypt’s support of the LPDF with important steps such as hosting the Hurghada Security talks are evidence that the Egyptians are invested in the political solution to the Libya conflict rather than a military one. I don’t want to speak for the Egyptians, but in my consultations with senior officials they’ve signaled a pragmatic approach which recognizes that military escalation only destabilizes Libya and potentially threatens the wider region. As a neighbor, this is the exact opposite of what they want to see. So I’ll repeat here my genuine appreciation for Egypt’s concrete steps in support of the LPDF.


On the second part of your question, we do have contact with General Haftar and the LNA, and recognize that they can be part of the solution if they are willing to follow the exclusively political path. It was a good signal from the LNA that oil production was able to resume for the benefit of Libyans. We understand their representatives are taking a constructive approach in the 5+5 talks this week in Geneva. Our outreach to the LNA is part of our wide ranging diplomatic engagement with all sides, and should not be confused with taking sides.


11- Have you witnessed an increase in ISIS or Al-Qaeda’s activities in Libya lately, taking advantage of the fighting between the warring parties of eastern and western Libya?


We know that the conflict has given terrorist groups the space and the opportunity to try to regroup in Libya. Thus far our counter-terrorism efforts have constrained ISIS and Al-Qaeda efforts to reestablish a significant presence. But the threat is still there, and the best way to address this is to ensure that the State of Libya is a fully sovereign and capable partner in the fight against terrorism. Success in the LPDF offers the best guarantee that this will happen.


12- I have to ask you this question: having served in Kabul before, which, in your opinion, is more difficult to resolve the Afghan or the Libyan crisis.


Both conflicts have proven resistant to efforts at peaceful resolution, though the Afghan conflict has now lasted much longer than the Libyan one. Both conflicts have opened up space for extremists and terrorist groups. Both conflicts involve efforts to establish democratic governments in places that have not known this before. Both conflicts feature corruption and entrenched interests opposed to a peaceful resolution. Both conflicts have led to enormous hardships for average citizens. Both conflicts have featured toxic foreign intervention, and in both cases the United States has sought to play a helpful role in support of democracy and human rights, though not without some mistakes along the way. Both Afghanistan and Libya represent potentially lucrative commercial gateways to remote markets. While both Libya and Afghanistan have significant untapped natural resources, Libya has had the advantage of being able to access its natural wealth and put it on the world market before Afghanistan could. This gives Libyans an advantage which we hope will be seized upon through the LPDF. If Libya is able to emerge as a stable and unified country through political dialogue it could be incredibly prosperous.


13 - Is Libya better or worse without Gaddafi? An assessment from a non-Libyan is much appreciated.


Certainly if you read books like Hisham Matar’s “In the Country of Men” you realize the Gaddafi era featured brutality and torture, and the downing of Pan Am 103 was his regime’s work as well. But questions about a country’s leadership should really be answered by the citizens of that country. That is exactly why we are so focused on supporting sovereign Libyan efforts to achieve a lasting end to the conflict and national elections as quickly as possible, through which Libyans can exercise the voice that the Qaddafi dictatorship sought to silence through violence and oppression. In the coming days, Libyans from across the political spectrum, including the so-called “Greens,” will come together peacefully through the LPDF to debate the most critical issues facing the country and forge government institutions that are accountable to the Libyan people. This dialogue stands in powerful contrast with the former regime, where Libyans had no say in how leaders were chosen, no freedom to criticize leaders, and no power to demand accountability. No one can deny that the years since the revolution have been tumultuous, but I believe there is a real opportunity for Libyans to start building a brighter future.

Sunday 14 June 2020

مسار الحل الليبي: ما الفرق بين «إعلان القاهرة» و«مخرجات برلين»؟

مسار الحل الليبي: ما الفرق بين «إعلان القاهرة» و«مخرجات برلين»؟

السبت - 21 شوال 1441 هـ - 13 يونيو 2020 مـ
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال طرحه مبادرة لحل الأزمة الليبية بحضور رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح وقائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر (أ.ف.ب)
لندن: كميل الطويل

طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أيام، مبادرة لإحياء الحوار الليبي – الليبي بهدف الوصول إلى حل للأزمة المتفاقمة التي تعيشها الجارة الغربية لمصر. سارعت تركيا إلى رفضها، ومعها حليفتها الليبية، حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج. في المقابل، أيدتها دول أخرى، بينها روسيا وفرنسا، وكلاهما لاعب أساسي في الساحة الليبية، في حين عرضت دول أخرى لعب دور وساطة لجمع الليبيين مثل الجزائر التي قال رئيسها عبد المجيد تبّون إن بلاده مستعدة لإحياء عرضها السابق في خصوص استضافة حوار ليبي – ليبي (ويأتي في هذا الإطار بالطبع قيام رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بزيارة للجزائر بناء على دعوة من تبّون). أما الولايات المتحدة، وهي لاعب أساسي أيضاً في ملف ليبيا، فقد اكتفت بتقديم تأييد جزئي للمبادرة المصرية، قائلة إن مسار التسوية يجب أن تقوده الأمم المتحدة التي تعمل أصلاً على حل يقوم أساساً على مخرجات «مؤتمر برلين» الليبي في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وفي خضم هذه المبادرات والمواقف السياسية، يبدو الموقف العسكري على الأرض جامداً بعض الشيء، في انتظار انفراجة سياسية أو انفجار عسكري، كما يبدو. فقوات «الوفاق»، بدعم عسكري تركي وبآلاف المرتزقة السوريين، تحشد مقاتليها شرق مصراتة على مشارف مدينة سرت الساحلية، وهي بوابة الهلال النفطي الليبي. وبجانب هذا الحشد، أخذت تركيا «تستعرض عضلاتها» في مياه البحر المتوسط، وأجرت مناورات شاركت فيها طائرات «إف 16» قبالة سواحل مصراتة بغرب ليبيا. أما قوات «الجيش الوطني» فقامت هي الأخرى بتعزيز دفاعاتها في سرت حيث تقع قاعدة جوية ضخمة (قاعدة القرضابية) وكذلك حول مطار الجفرة بوسط ليبيا. ويُزعم أن مرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية ينتشرون في هاتين القاعدتين، وهم مزودون بطائرات مقاتلة من طراز ميغ 29 وسوخوي 24. بحسب ما قالت القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وبجانب كل ذلك، تداول ناشطون مقاطع مصوّرة (فيديو) لقوات مصرية تتجه صوب الحدود الليبية. لكن السلطات المصرية لم تؤكد ذلك، علما بأن المشاهد قد تكون لتحركات سابقة وأعيد توزيعها على أنها حديثة. لكن كان لافتاً أن رئيس أركان حرب الجيش المصري قام قبل أيام بزيارة تفقدية لقواته على الحدود الغربية مع ليبيا، ما يوحي بأن مصر تهتم بأن لا يتأثر أمنها بما يحصل في ليبيا، خصوصاً في ظل تقدم جماعات إسلامية تدعمها تركيا من غرب ليبيا نحو الشرق.

وفي ظل ما يبدو سباقاً بين مساعي التسوية السياسية والعودة إلى مسار التصعيد العسكري، تعيد «الشرق الأوسط» هنا طرح أبرز بنود المبادرة المصرية الخاصة بحل النزاع الليبي وأيضاً أبرز بنود مخرجات مؤتمر برلين، لرصد إذا كانت هناك اختلافات بينهما:


«إعلان القاهرة»: وقف للنار... وحوار

قدّم الرئيس السيسي المبادرة التي حملت اسم «إعلان القاهرة» خلال مؤتمر صحافي في القاهرة الأسبوع الماضي، وكان محاطاً برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح وقائد «الجيش الوطني الليبي» المشير خليفة حفتر.

تقوم المبادرة المصرية على مجموعة عناصر تبدأ بوقف للنار (كان يفترض بدؤه يوم الاثنين الماضي – لكن حكومة الوفاق رفضته)، على أن تمهّد هذه الهدنة لعودة الحوار الليبي – الليبي. وكان واضحاً أن المبادرة المصرية شددت على دور الأمم المتحدة في رعاية هذا الحوار، وعلى أن يكون ذلك وفق مخرجات برلين التي نصّت، ضمن ما نصّت عليه، على تعهد الدول الخارجية عدم إرسال مرتزقة والتزام حظر السلاح المفروض على ليبيا. وكما هو معروف، لم يتم الوفاء بأي من تلك الالتزامات، وهو ما تجلّى خصوصاً في إسراع تركيا، مباشرة بعد انتهاء المؤتمر وقبل أن يجف حبر اتفاقه، في بناء جسر جوي نقل آلاف المرتزقة السوريين وكميات ضخمة من العتاد الحربي لدعم حكومة «الوفاق» في غرب ليبيا. وتبرر الولايات المتحدة هذا التصرف التركي بالقول إنه جاء رداً على إرسال روسيا مرتزقة لدعم قوات المشير حفتر خلال تقدمها جنوب طرابلس. وكما هو معروف، قلب الدخول العسكري التركي المباشر موازين معركة طرابلس وأرغم «الجيش الوطني» على الانسحاب كلياً من غرب البلاد.

لكن «إعلان القاهرة» يذهب أبعد من مجرد تقديم عرض هدنة عسكرية والعودة إلى الحوار والتزام الأطراف الخارجية بإخراج مرتزقتها من ليبيا. إذ أنه يقدّم تصوّراً شاملاً ومفصلاً لكيفية التقدم في هذا الحوار وما هي التسويات التي يفترض الوصول إليها. وفي هذا الإطار، تنص المبادرة المصرية على تشكيل مجلس رئاسي جديد من رئيس ونائبين، على أن يكون هؤلاء ممثلين لأقاليم ليبيا الثلاثة: غرب ليبيا ومركزه طرابلس، وشرق البلاد (إقليم برقة) وعاصمته بنغازي، والجنوب (إقليم فزان) وكبرى مدنه سبها. ويفترض، بحسب «إعلان القاهرة»، أن يختار كل إقليم من هذه الأقاليم ممثلاً له في المجلس الرئاسي خلال 90 يوماً، على أن يتم ذلك من خلال توافق أو عبر انتخابات محلية ترعاها الأمم المتحدة، على أن يختار المجلس الرئاسي الجديد رئيساً للوزراء يتقدم بطلب للحصول على الثقة بحكومته من مجلس النواب. وتنص المبادرة المصرية أيضاً على أن «يقوم المجلس الرئاسي باِتخاذ قراراته بالأغلبية، عدا القرارات السيادية المتعلقة بالقوات المسلحة فيتم اتخاذ القرارات أو البت في المقترحات التي يقدمها القائد العام للقوات المسلحة في هذه الحالة بالإجماع وبحضور القائد العام للقوات المسلحة».

وتدخل المبادرة أيضاً في تفاصيل توزيع المناصب الكبرى في الدولة على أقاليم ليبيا الثلاثة. إذ تشير إلى «حصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارية طبقاً لعدد السكان عقب التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وتسمية رئيس الحكومة، على ألا يجمع أي إقليم أكثر من رئاسة للسلطات الثلاث (المجلس الرئاسي - مجلس النواب - مجلس الوزراء) بحيث يحصل إقليم طرابلس على 9 وزارات، وإقليم برقة على 7 وزارات، وإقليم فزان على 5 وزارات، على أن يتم تقسيم الـ6 وزارات السيادية على الأقاليم الثلاثة بشكل متساو (وزارتين لكل إقليم) مع تعيين نائبين لكل وزير من الإقليمين الآخرين».

وتشير المبادرة المصرية أيضاً إلى قيام مجلس النواب الليبي باعتماد «تعديلات الإعلان الدستوري من خلال لجنة قانونية يتم تشكيلها من قبل رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح، وذلك عقب قيام اللجنة (تضم ممثلي أعضاء مجلسي النواب والدولة) بالاتفاق على النقاط الواجب تعديلها في الإعلان الدستوري في مدة لا تتجاوز 30 يوماً بدءاً من تاريخ انعقاد أول جلسة». كما تنص المبادرة على «قيام المجمع الانتخابي لكل إقليم تحت إشراف الأمم المتحدة بتشكيل لجنة من شخصيات وطنية وخبراء دستوريين ومثقفين من ذوي الكفاءة واعتمادها من قبل البرلمان الليبي لصياغة دستور جديد للبلاد يحدد شكل إدارة الدولة اللبيبة وطرحه للاستفتاء الشعبي لإقراره (على أن تنتهي من أعمالها خلال 90 يوماً من تاريخ تشكيها)».

ويحدد إعلان القاهرة «المدة الزمنية للفترة الانتقالية بـ18 شهراً قابلة للزيادة بحد أقصى 6 أشهر يتم خلالها إعادة تنظيم كافة مؤسسات الدولة الليبية خاصة المؤسسات الاقتصادية الرئيسية (المصرف المركزي - المؤسسة الوطنية للنفط – المؤسسة الليبية للاستثمار)، وإعادة تشكيل مجالس إدارة المؤسسات الأخيرة بما يضمن فعالية أداء الحكومة الجديدة وتوفير الموارد اللازمة لإدارة المرحلة الانتقالية انتهاءً بتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية».

وختاماً، تنص الخطة على «اتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتوحيد كافة المؤسسات الاقتصادية والنفطية في شرق وغرب ليبيا، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، إلى جانب منع وصول الأموال الليبية إلى أي من الميليشيات، وكذلك العمل على ضمان توزيع عادل وشفاف للموارد الليبية لكافة المواطنين».

وكما هو معروف، لقي «إعلان القاهرة» ترحيباً واسعاً من دول عربية وأجنبية، لكن حكومة «الوفاق» رفضته، وكذلك تركيا. كما كان لافتاً قول الولايات المتحدة، على لسان مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر، إن «المبادرة المصرية... نحن نعتبر أن ثمة جوانب مفيدة منها. لا شك في أن هذه المبادرة تحاول أولاً وقبل كل شيء إصلاح مسألة الانفصال التي حصلت منذ حوالي شهر ونصف عندما انفصل حفتر والجيش الوطني الليبي عن صالح والبرلمان». وكان شنكر يشير هنا إلى اختلاف تردد أنه حصل بين حفتر وعقيلة صالح بعد إعلان الأخير في نهاية أبريل (نيسان) الماضي مبادرة سياسية تنص على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية من خلال اختيار مجلس رئاسي جديد من ثلاثة أعضاء، وحكومة منفصلة. كما نصت مبادرة صالح على إعادة كتابة الدستور الليبي وإبقاء مجلس النواب بصفته سلطة تشريعية حتى إجراء انتخابات جديدة.

وقال شنكر أيضاً في تعليقه على إعلان القاهرة: «أصلحت المبادرة (المصرية) هذه الأمور (بين صالح وحفتر) بشكل من الأشكال (...) لكننا نعتبر أن المسار الذي تقوده الأمم المتحدة ومسار برلين هما الإطاران الفعليان وأكثر الإطارات المثمرة لكافة الأطراف حتى تشارك في المفاوضات وتحقق التقدم نحو التوصل إلى وقف إطلاق نار وتثبيته. أعتقد أن المبادرة المصرية تبتعد قليلاً عن هذا الهدف ولكننا نرحب مع ذلك بالجزء المنتج منها».

ولكن ما هو مسار برلين وكيف يختلف عن إعلان القاهرة.


مخرجات مؤتمر برلين

أعلن المشاركون في مؤتمر برلين (19 يناير الماضي)، وهم ممثلو 13 دولة بالإضافة إلى منظمات دولية وإقليمية، أن «الغاية الوحيدة من مسار برلين الذي تعهدنا فيه بدعم خطة الثلاث نقاط المطروحة من قبل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، السيد غسان سلامة (استقال لاحقاً)، على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هي مؤازرة الأمم المتحدة في توحيد صفوف المجتمع الدولي في دعمه للوصول إلى حلّ سلمي للأزمة الليبية. فما من حل عسكري في ليبيا».

وقال المشاركون في المؤتمر في بيانهم الختامي: «نلتزم بالامتناع عن التدخل في النزاع المسلّح الليبي أو في الشؤون الليبية الداخلية ونحثّ كافة الأطراف الدولية الفاعلة على الالتزام بالمثل».

وأشاد المشاركون أيضاً «بالدور المحوري الذي تؤديه الأمم المتحدة في سبيل تسهيل عملية سياسية وتصالحية ليبية داخلية وشاملة للجميع ترتكز على الاتفاق السياسي الليبي (أي اتفاق الصخيرات) الموقع عام 2015 والمؤسسات المنبثقة عنه (أي المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق)، وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2259 لعام 2015. وغيرها من القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والمبادئ المتفق عليها في باريس وباليرمو»، وهما مؤتمران خاصان بليبيا.

ويدعو المؤتمر «جميع الأطراف المعنية إلى مضاعفة جهودها المبذولة من أجل إدامة وقف الأعمال العدائية والتخفيف من حدة التصعيد ووقف دائم لإطلاق النار. وفي هذا الصدد نكرر التأكيد على المهمة الحيوية التي يضطلع بها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة. كما ندعو إلى اتخاذ خطوات ذات مصداقية ومتسلسلة ومتبادلة ويمكن التحقق منها، بما في ذلك خطوات ذات مصداقية نحو تفكيك المجموعات المسلحة والميليشيات من قبل جميع الأطراف».

ويدعو البيان الختامي أيضاً «إلى إنهاء كل التحركات العسكرية من قبل أطراف النزاع أو تلك الداعمة لها بشكل مباشر، في جميع الأراضي الليبية وفوقها، وذلك اعتباراً من بداية عملية وقف إطلاق النار».

وتنص مخرجات مؤتمر برلين أيضاً على «العودة إلى العملية السياسية». وفي هذا الإطار، أعلن المشاركون في المؤتمر «دعم الاتفاق السياسي الليبي بمثابته إطاراً قابلاً للتطبيق من أجل الحل السياسي في ليبيا. كما ندعو إلى تأسيس مجلس رئاسي يقوم بمهامه على الوجه الأمثل وتشكيل حكومة ليبية واحدة وموحّدة وشاملة وفعالة يصادق عليها مجلس النواب».

وجاء في نص المخرجات أيضاً: «نحث جميع الأطراف الليبية على استئناف العملية السياسية الشاملة التي تتولى ليبيا قيادتها وتمسك بزمامها تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمشاركة فيها بشكل بنّاء وبما يمهد الطريق لإنهاء الفترة الانتقالية عبر انتخابات برلمانية ورئاسية حرة وعادلة وشاملة ونزيهة تنظمها مفوضية وطنية عليا للانتخابات مستقلة وفعالة».

كما دعا البيان الختامي «إلى التوزيع الشفاف والخاضع للمساءلة والعادل والمنصف للثروة والموارد العامة بين مختلف المناطق الجغرافية الليبية، بما في ذلك عبر اللامركزية ودعم البلديات بما ينهي تظلماً جوهرياً وسبباً للاتهامات المتبادلة».

وتابع البيان «إننا نتمسك بالأهمية القصوى لاستعادة واحترام وصون نزاهة جميع المؤسسات السيادية الليبية ووحدتها وحكومتها الشرعية، ولا سيما مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار والمؤسسة الوطنية للنفط وديوان المحاسبة الليبي».

ورحب البيان أيضاً بـ«أن كلاً من رئيس الوزراء فايز السراج والمشير خليفة حفتر قد قاما بتسمية ممثليهما في لجنة 5+5 العسكرية التي اقترحتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دعماً منها لعملية التنفيذ الواردة كملحق لهذه الخلاصات».

وكما يبدو من مخرجات مؤتمر برلين فإنها لا تختلف جوهرياً عن الأفكار التي جاءت في «إعلان القاهرة» الذي كان أكثر تفصيلاً ووضوحاً في خصوص مسار التسوية وشكل المؤسسات الليبية المستقبلية. وتلتقي المبادرتان عند أهمية وقف النار والعودة إلى مسار التفاوض العسكري بين قوات حكومة «الوفاق» وقوات المشير حفتر، وهو ما يتم حالياً عبر حوار «5+5» الذي ترعاه الأمم المتحدة.


Monday 1 June 2020

ليبيا... «دليل للمبتدئين»

ليبيا... «دليل للمبتدئين»

خلفيات الصراع وأطرافه الأساسية وموازين القوى
الاثنين - 9 شوال 1441 هـ - 01 يونيو 2020 مـ رقم العدد [ 15161]
طائرات حربية في مطار مصراتة عام 2016: بات إسلاميو هذه المدينة يلعبون دوراً أساسياً في رسم سياسات ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي (أ.ف.ب)
لندن: كميل الطويل

في زمن «كورونا» ورغم هيمنة تداعيات هذا الوباء على عناوين الأخبار منذ شهور، ظلّت ليبيا، ولأسباب مختلفة، محافظة على موطئ قدم لها في مقدم تطورات العالم العربي، والآن، كما يبدو، في مقدم اهتمامات الدول الكبرى... وحروبها الخفية.

فماذا يحصل في ليبيا حقيقة؟ وكيف وصلت الأمور إلى هنا؟

يسلّط هذا التقرير - وهو بمثابة «دليل للمبتدئين» - الضوء على بعض خلفيات الصراع في ليبيا، وعلى أطرافه الأساسية، وموازين القوى فيه، وأيضاً على التحالفات الإقليمية والدولية، بما في ذلك «الحرب الباردة» الدائرة حالياً على الأرض الليبية بين الأميركيين والروس.



كيف وصلت الأمور إلى هنا؟

في فبراير (شباط) من عام 2011، وفي خضم ما عُرف آنذاك بـ«الربيع العربي» الذي أطاح لتوّه بنظامي الرئيسين الراحلين زين العابدين بن علي وحسني مبارك في تونس ومصر، اندلعت «انتفاضة» ضد حكم العقيد الراحل معمر القذافي الذي رد بتهديد الثائرين ضد نظامه بملاحقتهم «زنقة زنقة» حتى القضاء عليهم. جمع القذافي جيشاً جراراً ضم متطوعين من أبرز مدن غرب البلاد وقبائلها التي ظلّت على ولائها لنظامه، وعندما وصلت هذه القوات إلى أبواب مدينة بنغازي، مهد الثورة ضده في شرق البلاد، تحركت دول غربية، على رأسها فرنسا، ونجحت في إصدار قرار من مجلس الأمن (القرار 1973) يسمح بإجراءات لـ«حماية المدنيين». تبيّن لاحقاً أن القرار كان في الواقع جزءاً من خديعة تعرضت لها روسيا، بحسب ما يقول مسؤولوها. إذ سرعان ما أصدرت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة موقفاً مشتركاً فسّرت فيه حماية المدنيين بأنه يعني تدخلاً عسكرياً لإطاحة النظام. وهكذا كان. لم تكتفِ الطائرات الفرنسية بضرب الرتل المتقدم نحو بنغازي وتدميره، بل شارك حلف «الناتو» بأكمله في عملية تدمير القوات الحكومية الليبية أينما وجدت، والسماح لجماعات الثوار بإسقاط القذافي وقتله في مسقط رأسه، مدينة سرت، في أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

ما بعد القذافي


اقتراع 2012: أول برلمان لليبيا بعد سقوط نظام القذافي (غيتي)


خطت ليبيا خطوة مبشّرة نحو الانتقال إلى نظام ديمقراطي يخلف «جماهيرية العقيد»، فنظّمت في يوليو (تموز) 2012 انتخابات تعددية لاختيار برلمان انتقالي (المؤتمر الوطني). حقق «تحالف القوى الوطنية»، بزعامة الراحل محمود جبريل، تقدماً واضحاً في هذه الانتخابات، لكن تكتلات عدة يهيمن عليها الإسلاميون تدخلت لحرمانه من نيل منصب رئيس الوزراء. قيل وقتها الكثير في خصوص خلفيات استهداف جبريل، وربطها كثيرون بموقف قطر منه كونه اعترض، مع آخرين، على ما اعتبره تدخلاً واضحاً منها في فرض شخصيات بعينها لتولي مناصب أساسية في الدولة الليبية في فترة ما بعد القذافي.

في عام 2014، عادت ليبيا إلى صناديق الاقتراع واختارت برلماناً جديداً (مجلس النواب). ورغم أن جميع المرشحين تقدموا بوصفهم مستقلين، فإن نتيجة الاقتراع مثّلت هزيمة مدوية للإسلاميين الذين خسروا في مواجهة تحالف من الليبرالييين والوطنيين. لكن الاقتراع تمثّل في المقابل بمشاركة متدنية جداً من المواطنين (18 في المائة فقط)، ورفض الإسلاميون القبول بنتيجته. فقد كانت الأوضاع في البلاد تسير نحو مزيد من التأزم... والانفجار.


تنامي قوة الجماعات الإسلامية


مؤيدون وأعضاء في جماعة «أنصار الشريعة» في بنغازي عام 2012 (غيتي)



شهدت ليبيا، في السنوات التي تلت قلب نظام القذافي، تنامياً كبيراً في نشاط الجماعات الإسلامية التي كانت مقموعة ومحظورة على مدى عقود. فإلى جانب جماعة «الإخوان» التي أسست حزباً سياسياً (العدالة والبناء)، ظهر على الساحة تنظيم «أنصار الشريعة» الذي ضم متشددين أنشأوا لاحقاً فروعاً لتنظيم «القاعدة»، ومن بعده وريثه ومنافسه تنظيم «داعش». وقد انعكس خلاف «القاعدة» و«داعش» في سوريا على علاقة أنصارهما في ليبيا.

سيطر أنصار «القاعدة» على مدينة درنة التي عُرفت سابقاً بسيل المتطوعين الانتحاريين الذين شكلوا مدداً لا ينقطع لزعيم فرع «القاعدة» في العراق، أبي مصعب الزرقاوي، في الأعوام 2004 و2005 و2006. في المقابل، سيطر أنصار «داعش» على أجزاء من مدينة بنغازي، عاصمة شرق البلاد، قبل أن يقيموا «إمارة» في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي. نفّذ «داعش» بعضاً من أبشع جرائمه خلال سيطرته على سرت (بما في ذلك قطع رؤوس أقباط مصريين وإثيوبيين كانوا يحاولون الهجرة إلى أوروبا)، لكنه لم يكن لوحده. فقد حصلت جرائم أخرى عديدة يُشتبه في أن متشددين قاموا بها - سواء قتل السفير الأميركي كريس ستيفنز في بنغازي عام 2012، أو اغتيال عشرات الضباط والعسكريين الذين كانوا يُقتلون واحداً تلو الآخر بدم بارد في شرق البلاد تحديداً.

ظهور حفتر


أسهمت تلك الاغتيالات في تنامي التأييد للمشير خليفة حفتر في محاولته إعادة تجميع ما تبقى من الجيش الليبي السابق الذي تفكك بعد سقوط نظام القذافي. كان الإسلاميون منذ البداية معارضين لأي دور لحفتر في مستقبل ليبيا. فهو ينتمي، في نظرهم، إلى حقبة القذافي. كان ضابطاً سابقاً في جيشه، وشارك في الحرب مع تشاد في ثمانينات القرن الماضي، وأسر، ثم انضم إلى المعارضة (جبهة الإنقاذ)، لكنه اختلف مع قادتها، وظل يعيش بالمنفى في الولايات المتحدة حتى اندلاع الثورة ضد القذافي فحزم حقائبه وعاد إلى ليبيا، حيث شارك في القتال ضد قوات الزعيم الليبي.

لكن دوره في تلك الحرب ظل هامشياً، وزاده تهميشاً تكتل الإسلاميين ضده في حقبة ما بعد العقيد. لكن كثيراً من الذين اعتبروا أنفسهم جزءاً من النظام السابق فضّلوا تجاهل دوره في الحرب لإطاحة العقيد عام 2011 والانخراط في جهده لإعادة تجميع القوات المسلحة باعتبارها جزءاً أساسياً من أي محاولة حقيقية هدفها وقف انحدار البلاد نحو مزيد من الفوضى والتفكك وسقوطها في أيدي الجماعات المتشددة.

لكن ذلك لم يعنِ بالطبع التحاق جميع أنصار النظام السابق بحفتر. فشريحة لا بأس بها من هؤلاء يبدو أنها ما زالت تراهن على دور ما لنجل القذافي، سيف الإسلام، الذي أفرج عنه في عام 2017 بعد احتجازه منذ عام 2011 في مدينة الزنتان (الجبل الغربي). ولم يظهر سيف علناً منذ إعلان الإفراج عنه، ما فتح باب التكهنات حول مكان وجوده (هو ما زال مطلوباً من المحكمة الجنائية الدولية لدوره في محاولة قمع الثورة ضد والده). وترددت معلومات أنه انتقل من الزنتان إلى جنوب ليبيا حيث ما زال هناك مؤيدون له، قبل أن ينتقل إلى مدينة بني وليد جنوب شرقي طرابلس. ومعروف أن هذه المدينة، وقبيلتها الورفلة، وقفت إلى جانب سيف الإسلام وحمته بعد فراره من طرابلس في صيف عام 2011. وفي هذه المدينة فقد سيف أصابع يده وأصيب بجروح شديدة بقصف لطائرات «الناتو»، ما اضطره إلى الفرار جنوباً حيث أسره ثوار قرب مدينة أوباري ونقلوه إلى الزنتان. وليس واضحاً اليوم كيف يمكن أن تكون العلاقة بين حفتر وسيف إذا كان عليهما التعايش في المنطقة ذاتها.


عمليتا «الكرامة» و«فجر ليبيا»


قوات «فجر ليبيا» عام 2014 (غيتي)



أطلق حفتر محاولته الأولى للإمساك بزمام الأمور في ليبيا في بدايات عام 2014، إذ أعلن في فبراير (شباط) حل المؤتمر الوطني العام الذي أراد التمديد لنفسه بعد انتهاء ولايته، ثم أطلق في مايو (أيار) حملة عسكرية ضد الجماعات الإسلامية (أنصار الشريعة) التي سيطرت على بنغازي. أطلق حفتر على هجومه «عملية الكرامة».

في المقابل وفي الوقت ذاته، أطلقت جماعات إسلامية، بعضها من طرابلس نفسها وبعضها من مدينة مصراتة، عملية «فجر ليبيا» لطرد جماعات منافسة لها من العاصمة ومحيطها، لا سيما الجماعات التي جاءت من الجبل الغربي (الزنتان تحديداً). ونجحت قوات «فجر ليبيا» في الواقع في طرد مقاتلي الزنتان من مواقعهم جنوب طرابلس، رغم أن ذلك أدى إلى تدمير مطار طرابلس الدولي بالطائرات الموجودة فيه.


اتفاق الصخيرات


في محاولة لإنقاذ ليبيا من الغرق في مزيد من الفوضى، نجحت الأمم المتحدة في جمع شريحة واسعة من الفرقاء الليبيين في الصخيرات (المغرب) حيث تم توقيع اتفاق، في ديسمبر (كانون الأول) 2015، نتج عنه قيام حكومة وفاق وطني برئاسة فائز السراج (في مارس/ آذار 2016). انتزعت هذه الحكومة تمثيل ليبيا أمام الأمم المتحدة، لكن معارضيها ظلوا يشككون في شرعيتها بحكم أنها لم تنل ثقة مجلس النواب الليبي الذي اتخذ من طبرق مقراً له في شرق البلاد بعد سيطرة الجماعات التي يهيمن عليها الإسلاميون على طرابلس (في أعقاب «فجر ليبيا»).

وهكذا اتسع الشرخ السياسي في ليبيا في أعقاب اتفاق الصخيرات عوض أن يتم جسره. سيطرت الجماعات المؤيدة للإسلاميين إلى حد كبير على مقاليد الأمور في طرابلس، ما أعطى الانطباع بأن السراج خاضع لها. في المقابل، نجح معارضو الإسلاميين بقيادة حفتر، وبتأييد من مجلس النواب، في فرض نفوذهم في شرق البلاد، ما جلب لهم دعماً من أطراف عربية ترى في الإسلاميين مصدراً للفوضى في العالم العربي.

القضاء على الجماعات المتشددة


سرت مدمرة بعد سيطرة القوات الموالية لـ«الوفاق» عليها عام 2016 (غيتي)


شكل ظهور الجماعات المتشددة في ليبيا بعد إسقاط نظام القذافي مصدر قلق للدول الغربية، خصوصاً في ضوء إقامة تنظيمي «داعش» و«القاعدة» موطئ قدم لهما على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، الأمر الذي يسهّل لهما تنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي الأوروبية.

تُرجم هذا القلق على صعيدين.

تمثل الأول في دعم الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية أخرى عملية ضخمة لطرد «داعش» من «إمارة سرت». راهنت هذه الدول في تنفيذ هذه العملية على قوات تابعة لحكومة «الوفاق» جاءت تحديداً من مدينة مصراتة، غرب سرت. وبعد قصف جوي عنيف استمر لشهور، نجحت قوات مصراتة (عملية البنيان المرصوص)، في ديسمبر (كانون الأول) 2016، في دخول سرت التي تحوّلت إلى أنقاض بعدما قاتل عناصر «داعش» فيها حتى الموت. قُتل مئات المقاتلين من شبان مصراتة في معارك سرت. لكن هذا الدم الباهظ رسّخ موقع المدينة في تركيبة السلطة الجديدة في طرابلس، وعزز، في المقابل، الشكاوى من دورها المتنامي في الهيمنة على مقاليد الأمور في البلاد منذ سقوط القذافي. ومعروف أن هذه المدينة عرضت على عامة الناس جثمان القذافي وابنه المعتصم بعد قتلهما عام 2011 ثم دفنتهما في مكان لا يعرفه أحد.

ورغم مغادرة القوات الغربية التي ساندت مصراتة ونسقت القصف الجوي ضد «داعش» في سرت، فإن إيطاليا أبقت على قوة عسكرية لتأمين حماية مستشفى أقامته في مصراتة. وفُسّرت تلك الخطوة من قبل معارضيها بأنها تعني دعماً إيطالياً لمصراتة في مواجهة خصومها.

في المقابل، برز المشير حفتر بدوره نتيجة قتاله الجماعات المتشددة في بنغازي ومناطق واسعة من شرق البلاد (ولاحقاً غربها). فرغم انطلاقه بعدد محدود من الجنود الذين كانوا محاصرين لوقت طويل ويتعرضون لهجوم تلو الآخر من الإسلاميين على مطار بنينا قرب بنغازي، فإن حفتر تمكن، ببطء، من استعادة زمام المبادرة ونجح في نهاية المطاف بطرد أنصار «داعش» و«القاعدة» من بنغازي، ثم من درنة، وبقية مدن شرق البلاد.

تم هذا الإنجاز بعد كثير من الدماء والتضحيات، ونتج عنه كم هائل من الدمار حوّل أجزاء من بنغازي إلى أنقاض. في الواقع، كان حفتر يحظى في تلك الفترة بدعم سري من فرنسا التي أرسلت جنوداً من قواتها الخاصة لمساندته. لكن سرعان ما انفضح الدور الفرنسي عندما سقطت مروحية فرنسية قرب مطار بنينا (في يوليو 2016) وقُتل فيها جنديان، فاضطرت فرنسا إلى الاعتراف بوجود لها في ليبيا. وعندما وسع حفتر هجومه ليشمل مشارف العاصمة الليبية في بدايات عام 2019، انكشف مجدداً أن فرنسا تلعب، على الأرجح، دوراً سرياً في دعمه، إذ عثرت القوات الموالية لـ«الوفاق» عندما استعادت السيطرة على مدينة غريان على صواريخ متطورة كانت في حوزة قوات فرنسية.

وليس واضحاً إذا كان حفتر قد شعر بأن الفرنسيين لا يقدمون له الدعم الكافي لـ«طرد الميليشيات» من طرابلس، بحسب وصفه. إلا أن الظاهر أنه لجأ إلى مصدر دعم آخر تمثّل بروسيا التي زارها المشير حفتر أكثر من مرة. ورغم النفي الروسي الرسمي لتقديم دعم لقواته، فإن الواضح - والموثّق وفق تقارير الأمم المتحدة - أنه يحظى بالفعل بدعم من «مرتزقة» جنّدتهم مجموعة «فاغنر» الروسية. يُقدّر عدد هؤلاء بنحو 1500 عنصر، وقد ساندوا، كما يبدو، تقدم قوات حفتر حتى أبواب طرابلس. لكن الإعلام الرسمي للجيش الوطني الذي يقوده حفتر، يصر على نفي وجود «مرتزقة روس».


التدخل التركي


التدخل التركي في ليبيا أوقف زحف قوات المشير حفتر على طرابلس (رويترز)


كانت هيمنة الجماعات المرتبطة بـ«الإخوان» على حكومة السراج مصدراً أساسياً للخلاف مع حفتر. ومع تقدم قوات الأخير نحو طرابلس العام الماضي ظهر إلى العلن مدى اعتماد حكومة السراج على دعم «الإخوان». إذ وقّع السراج، في نهايات 2019، اتفاقات أمنية وعسكرية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الداعم الرئيسي لـ«الإخوان» في العالم العربي. أرسل الرئيس التركي كميات ضخمة من السلاح إلى طرابلس ومصراتة ومدن أخرى في غرب البلاد، وتم ذلك علناً في بواخر حملت مئات العربات العسكرية وبجسر جوي نقل آلافاً من «المرتزقة السوريين» الذين جندتهم تركيا من الفصائل التابعة لها في سوريا (حكومة «الوفاق» هي من يدفع مرتباتهم من خزينة الدولة الليبية). وأتبع إردوغان كل ذلك بإرسال بعض من أحدث تقنيات جيشه العضو الأساسي في حلف «الناتو»: طائرات درون مسيّرة (بيرقدار)، وبوارج حربية، وأجهزة تشويش متطورة، وربما أيضاً منظومات صاروخية للدفاع الجوي (هوك) لحماية غرف عمليات القوات التركية في غرب ليبيا. أسهم هذا الدعم التركي الضخم في قلب موازين المعركة ضد حفتر. فقد نجحت الطائرات التركية في تدمير منظومات الدفاع الجوي (بانتسير) التي كانت تحمي قوات حفتر والقوات التي تقاتل إلى جانبه («مرتزقة فاغنر»). كما تمكنت الطائرات التركية من خنق قوات حفتر اقتصادياً. فقد كانت هذه القوات بحاجة إلى إمدادات، وبما أن ليبيا بلد صحراوي فإن صهاريج النفط وشاحنات نقل الغذاء كان عليها أن تقطع مسافات طويلة وهي مكشوفة للطيران التركي قبل الوصول إلى وجهتها جنوب طرابلس.


انسحاب قوات «فاغنر»


أرغمت الضربات التركية «مرتزقة فاغنر» على الانسحاب من معركة طرابلس، بحسب ما أكدت حكومة «الوفاق» التي قالت إن هذه القوات شوهدت وهي تنسحب بآلياتها باتجاه مدينة بني وليد ومنها إلى وجهة غير معروفة (جواً وبراً). وبما أن المنسحبين لم يتعرضوا لقصف تركي، فقد سرت تكهنات بأن خطوتهم تم التوافق عليها سراً بين الأتراك والروس. لكن تطوراً مفاجئاً أعاد خلط الأوراق. ففي وقت كانت فيه قوات «فاغنر» تنسحب من مدينة بني وليد، بحسب ما قالت حكومة «الوفاق»، وصل سرب من الطائرات الروسية الحديثة (ميغ 29 وسوخوي 24) إلى شرق ليبيا. حطت في طبرق في البداية، ثم انتقلت إلى قاعدة الجفرة بوسط البلاد. وبحسب القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، قاد الطائرات طيارون من القوات المسلحة الروسية. طاروا من روسيا مباشرة. توقفوا في سوريا، حيث أعيد طلاء طائراتهم لتمويه مصدرها، ومنها إلى ليبيا لمساندة «المرتزقة الروس» وقوات حفتر، بحسب ما أكد الأميركيون. لكن لم يُسجل حتى اليوم أي دور لهذه الطائرات في المعارك الجارية جنوب طرابلس حيث تعرضت قوات «الجيش الوطني الليبي» لنكسات متتالية هددت بخسارة كل مكاسبها في غرب ليبيا. وليس واضحاً تماماً إذا كان إرسال هذه الطائرات هدفه توجيه رسالة لتركيا وحلفائها لوقف تقدمهم نحو الشرق والجنوب، أم لضمان احتفاظ قوات حفتر بموطئ قدم جنوب طرابلس. ويرجح أن تتوضح هذه الصورة وفق التطورات التي ستحصل في الأيام المقبلة.

وإذا نجح الأتراك فعلاً في طرد قوات حفتر من غرب البلاد، فإن خطوتهم المقبلة قد تكون جنوب ليبيا أو وسطها. لكن المنطقة عبارة عن صحراء مترامية الأطراف من الصعب الحفاظ على السيطرة عليها في ظل غياب الدعم الجوي.


الموقف الأميركي


أميركا اتهمت روسيا بنشر طائرات حربية في مطار الجفرة بليبيا (أفريكوم)


كان واضحاً أن الأميركيين، في مواقفهم الأخيرة، أخذوا صف حكومة السراج في نزاعها مع حفتر. ولعل بيان «أفريكوم» الأخير في خصوص الطائرات الروسية كان الأكثر وضوحاً في المواقف الأميركية. إذ اعتبر أن إنشاء الروس قاعدة لهم في ليبيا سيشكل خطراً على أمن أوروبا، علماً بأن للروس قاعدة أخرى على سواحل المتوسط في طرطوس السورية. وبهذا يتضح أن الأميركيين يعتبرون الوجود الروسي في ليبيا أكثر خطراً، استراتيجياً، من الوجود التركي (العثماني بحسب إردوغان). واعتمد الأميركيون نفس هذه السياسة في سوريا، إذ وقفوا إلى جانب الأتراك لمنع روسيا وقوات النظام السوري من السيطرة على إدلب، رغم أنها معقل للإسلاميين بما في ذلك الجماعات المرتبطة بـ«القاعدة». وإضافة إلى هذه الجماعات، تنشط في إدلب جماعات عدة تنتمي إلى تيارات «إخوانية» وتعمل تحت إشراف تركي مباشر.

ويقول منتقدون للدور التركي إن سماح الأميركيين لإردوغان بإنشاء موطئ قدم له على سواحل ليبيا يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا ربما لا يصل إلى مستوى التهديد العسكري الروسي، لكنه يمكن أن يوازيه من نواحٍ أخرى. ويستحضر هؤلاء مواقف إردوغان الأخيرة، خلال عملية إدلب، عندما أعلن فتح أبواب بلاده أمام ملايين المهاجرين للعبور نحو أوروبا، وهو ما يمكن أن يكرره الرئيس التركي مع الأوروبيين عندما يريد أن يبتزهم فيهددهم بفتح سواحل ليبيا أمام المهاجرين الآتين من دول أفريقيا ما وراء الصحراء. لكن هذا الخطر لا يبدو أنه يُقلق الأميركيين - أو {الدولة العميقة} التي تخشى {الدب الروسي} في وزارتي الخارجية والدفاع - بقدر ما يقلقهم وجود «فاغنر» والروس في ليبيا.


وماذا عن دور دول الإقليم؟


كانت مصر من أوائل الداعمين لحفتر، إذ إن حدودها الغربية كانت مصدر قلق لها على مدى سنوات، حيث كان أعضاء في جماعات مسلحة يتسللون من ليبيا لتنفيذ هجمات وتهريب السلاح ثم يعودون إليها. وتأكدت مخاوف المصريين فعلاً عندما نجحت قوات حفتر في اعتقال أحد أبرز المطلوبين المصريين الضابط السابق المتطرف هشام عشماوي الذي كان يختبئ في مدينة درنة في أكتوبر 2018. سُلّم عشماوي إلى مصر حيث أُعدم. ولا تكشف مصر نوعية الدعم الذي تقدمه للجيش الوطني الليبي، لكن حكومة «الوفاق» دأبت على اتهامها، مع الإمارات والأردن على وجه الخصوص، بمساعدة حفتر.

وتتركز مزاعم «الوفاق» على قاعدتي الجفرة والخادم، حيث توجد طائرات مسيرة صينية الصنع (لونغ وينغ) يشغلها خبراء أجانب. لكن ليس كل ما تقول حكومة «الوفاق» يتبين أنه صحيح في هذا المجال، فقد روّجت وسائل إعلام مرتبطة بها لوجود قوات مصرية في قاعدة الوطية (عقبة بن نافع) بغرب ليبيا، لكن عندما سقطت القاعدة في أيدي {الوفاق} قبل أسابيع لم يظهر أي وجود لقوات مصرية فيها، بل تبيّن أن المدافعين عنها كانوا من أبناء المدن القريبة منها وتحديداً في الجبل الغربي. ولا تنفي الإمارات، من جهتها، معارضتها للميليشيات في ليبيا وتقول إنها تدعم الحل السياسي. وتولى الأردن، من جهته، تدريب قوات ليبية في إطار عملية بناء مؤسسات الدولة في مرحلة ما بعد القذافي. أما تونس والجزائر فتقولان إنهما لا تتدخلان في الشؤون الليبية، لكن رئيس البرلمان التونسي زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي أثار جدلاً في بلاده بتهنئته «الوفاق» على استعادة قاعدة الوطية. وتقول الجزائر، من جهتها، إنها مستعدة لاستضافة حوار ليبي - ليبي لإنهاء النزاع في البلاد.

Saturday 2 May 2020

report on Akhbar Al-Aan regarding a piece I wrote for Asharq Al-Awsat on Al-Qaeda





بعد 9 سنوات على مقتل بن لادن.. ماذا بقي من إرث القاعدة؟

أخبار الآن | بريطانيا - لندن (الشرق الأوسط)
ماذا بقي من القاعدة؟ سؤال يطرح نفسه بقوة بعد نحو 9 سنوات من قتل القوات الأمريكية لزعيم التنظيم أسامة بن لادن في الأول من شهر مايو / أيار عام 2011 في مخبئه بمنطقة "أبوت آباد" الباكستانية، وعلى ضوء الخسائر الكبيرة التي مني بها التنظيم وتآكله وغموض يلف مصير قادته وعلى رأسهم أيمن الظواهري.
صحيفة الشرق الأوسط، أوردت مقالاً استعرض جرداً مطولاً عن القاعدة وقادتها والتآكل الذي يلحق بها استناداً إلى عوامل متعددة من أبرزها سطوع نجم داعش قبل الهزيمة التي لحقت به في سوريا والعراق، والغموض الذي يلف مصير قادة القاعدة، وبدون أدنى شك الخلافات بين قادة التنظيم.
المقال الذي عنوانه كاتبه بـ"سنوات الظواهري.. ماذا بقي من القاعدة؟" أكد أن التنظيم بات متآكلاً بعد أن أصبحت قيادته غير مركزية ويطغى عليها مصريون، دون إغفال بطبيعة الحال "العمليات النوعية" التي باتت على ما يبدو مفقودة في أجندة التنظيم والذي كان يوماً يعتبر العدو رقم واحد للولايات المتحدة الأمريكية.
ويلفت المقال إلى التراجع الكبير لقيادة القاعدة في تخطيط هجمات وتنفيذها في العالم، وإن بدا ذلك واضحاً في أواخر عهد أسامة بن لادن، إلا أنه بات أشد وضوحاً ويصل إلى مرحلة "اضمحلال" تلك القيادة تحت إدارة أيمن الظواهري.
وفي جرد لسلسلة الإصدارات الإعلامية للقاعدة في الفترة التي آلت فيها القيادة لأيمن الظواهري، خلفاً لبن لادن، تقول الصحيفة، إن ما يعرف بالقيادة العامة للقاعدة، "تحولت من منفذ مباشر للهجمات حول العالم إلى مجرد محرض للهجمات وموجه لها، ومبارك لها في حال تنفيذها". كما أن مهام القيادة العامة على ما يبدو انحصرت مؤخرا في بث سلسلة إصدارات مرئية وسمعية للظواهري.
ويقول كاتب المقال، إن "هذه الإصدارات تبين أن الظواهري يقود التنظيم إلى حد كبير بمعاونة قيادي مصري آخر يدعى حسام عبدالرؤوف (أبو محسن) والذي يتولى الجانب الإعلامي، إلى جانب صهر الظواهري عبد الرحمن المغربي والذي تضاربت الأنباء حول مقتله قبل أعوام".
إضافة إلى إصدارات لأيمن الظواهري، فإن حقبة ليست بالقليلة شهدت إصدار أشرطة لحمزة بن لادن نجل أسامة بن لادن يحرض فيها على تنفيذ هجمات ضد مصالح غربية، والثأر لأبيه، وكان واضحاً من تلك الإصدارات أن حمزة بن لادن يتمتع بنفوذ واسع داخل صفوف القاعدة، وهو ما يعزز ما ذهبت إليه بعض التقارير من أن نجل أسامة بن لادن، تتم تهيئته ليكون خليفة لأيمن الظواهري، إلا أن ذلك لم يتم بسبب مقتل حمزة على يد قوات مكافحة الإرهاب الأمريكية وفق ما صرح به البيت الأبيض.
الجدير بالذكر أن الهجمات التي كانت تنفذها طائرات مسيرة أمريكية ضد أهداف من القاعدة واستهداف قادة وشخصيات مهمة في التنظيم على الحدود الباكستانية الأفغانية، شكلت ضربة قاسمة للتنظيم واربكت حساباته، وتحول جهده من شن هجمات إلى محاولة إعادة بناء صفوفه بعيدا عن طائرات "الدرون" الأمريكية.
ولم يغفل مقال الشرق الأوسط عن دور الصراع بين داعش والقاعدة في إضعاف الأخير وتآكله، وخاصة بعد صعود نجم أبوبكر البغدادي الذي صاحبه أفول نجم القاعدة. عزز ذلك بطبيعة الحال احتلال داعش لمساحات واسعة من العراق وسوريا في ذروة نشاطه، مستقطباً قيادات واسعة من صفوف "النصرة" التي بايعت القاعدة.
ضمن هذا السياق، شكل احتلال داعش لمساحات واسعة بين عامي 2014 و2015، دافعاً لكثير من المتشددين للالتحاق بصفوف التنظيم وكذلك مهد لتغير ولاءات جماعات متشددة حول العالم، لتستبدل القاعدة بداعش وبالتالي سُحبت مناطق نفوذ القاعدة من يدها وأعطيت لداعش.
وفي الوقت الذي كان فيه الظواهري منشغلاً بإعداد خطابات حول ضرورة كف هجوم داعش على مواليه "النصرة" في سوريا وضرورة كف البغدادي يده عن ذلك البلد والاكتفاء بالعراق، والتي كانت مجرد كلمات لم يعرها البغدادي أدنى اهتمام، بدا جلياً أن داعش انتزع لقب التنظيم الأكثر خطورة في العالم وأصبح العدو رقم واحد لأمريكا والدول الغربية.
ولم تفوت صحيفة الشرق الأوسط إيراد النزاع الذي طفا على السطح بين أبو محمد الجولاني قائد النصرة سابقاً والذي بايع الظواهري، وبين الأخير، بعد أن اضطر الجولاني إلى فك ارتباطه بالقاعدة وتغيير اسم جماعته مطلقاً عليها هيئة تحرير الشام، كل ذلك تحت ضغط الصراع بين النصرة وداعش وضعف مركزية الظواهري وتآكل تنظيمه، وهو ما مهد لوقوع صدام آخر تمثل بانشقاق مجموعة عن تحرير الشام وتمسكها بالظواهري وهي جماعة حراس الدين، والذي شكل العريدي أبرز قادتها.
وبعيدا عن سوريا فإن نشاط القاعدة في دول أخرى على سبيل المثال، الصومال والنيجير ونيجيريا ليس بأفضل حالاته، ففروع التنظيم في أفريقيا تعاني إلى جانب الغارات الأمريكية التي تستهدفها ليل نهار، من منافسة فروع داعش لها في تلك المناطق ولو ظهر في بعض الأحيان تعايش فيما بينها إلى حد ما، نتيجة مصالح مشتركة.
وتختتم الشرق الأوسط المقال بالتـأكيد على أن القاعدة باتت شبه مشلولة منذ مصرع بن لادن وهو ما أشارت إليه بأن "الظواهري سيجد نفسه الآن، بعد رحيل البغدادي، في مواجهة مباشرة مع زعيم جديد لداعش... جاء من صفوف القاعدة نفسها".