وزير خارجية المغرب لـ «الحياة»: لا تحفظات على تعيين روس ... لكن لا عودة الى نقطة البداية في مفاوضات الصحراء
الرباط - كميل الطويل الحياة - 04/11/08//
أكد وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري أن لا تحفظات لبلاده على تعيين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السفير الأميركي السابق كريستوفر روس ممثلاً شخصياً جديداً له في نزاع الصحراء، خلفاً للهولندي بيتر فان فالسوم الذي أثار حفيظة جبهة «بوليساريو» والجزائر بإعلانه أن استقلال الصحراء «ليس خياراً واقعياً». لكن الفهري قال في مقابلة مع «الحياة» في مكتبه في العاصمة المغربية إن بلاده لا تريد «العودة الى نقطة البداية» في المفاوضات.
وأشار الفاسي الفهري، في البداية، إلى أن خطة المغرب منح الصحراء حكماً ذاتياً في إطار سيادته ووحدة ترابه «جاءت بعد طلب ملح من المجتمع الدولي وخصوصاً مجلس الأمن، إثر دخول الملف في المأزق بدءاً من العام 2004». وقال إن الدعوة الدولية إلى «حل سياسي» للنزاع «تعني دعوة إلى التوافق وإلى القيام بمجهود تجاه الآخر، وأن نبتعد عن الخيارات التي كانت في نطاق مخطط التسوية للعام 1991، أي الاستفتاء بين خياري الاستقلال أو الاندماج. وبعدما تبيّن مع الوقت أن هذا الاستفتاء لا يمكن تطبيقه لأسباب موضوعية عديدة لا تنحصر بالخلاف حول هوية الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء، جاءت فكرة الحل السياسي بعد اعلان صريح بهذا المعنى من الأمم المتحدة. في البداية حاول (ممثل الأمين العام للمنظمة الدولية) جيمس بيكر في السنوات الأولى لتعيينه تطبيق مخطط التسوية، ولكنه توصل إلى أن ذلك مستحيل. ذهب بيكر وجاء ممثل آخر هو الفارو دي سوتو الذي اقترح البدء بالتفاوض حول حكم ذاتي، وآنذاك لم يكن عندنا مشروع جاهز للحكم الذاتي، بل كان مجرد فكرة في الأذهان. رفضت الجزائر و «بوليساريو» التعامل معه، فرحل ودخلنا في 2004 في المأزق الذي نحن فيه. وصدرت دعوات من مجلس الأمن تطلب من الأطراف بذل مجهود للخروج من المأزق والتوصل الى حل سياسي. واعتباراً من 2005 خلال زيارة جلالة الملك (محمد السادس) إلى العيون والاعلان عن انشاء المجلس الاستشاري الملكي للقضايا الصحراوية، بدأ المغرب مشاورات مع الأحزاب وسكان الجنوب (بعد ذلك بعام)، وتقدمنا باقتراح الحكم الذاتي في نيسان (ابريل) 2007. وبفضل هذه المبادرة، دخلنا في سلسلة جديدة من المفاوضات بناء على دعوة مجلس الأمن وجئنا اليها وفي يدنا هذا الاقتراح لحل ثالث (بديل عن الاستقلال أو الاندماج الكامل)».
وكشف الفهري أن ممثل الأمين العام بيتر فان فالسوم «جاءنا في كانون الثاني (يناير) 2008، وقلنا له إن من الصعب على المغرب أن يبقى في سلسلة من المفاوضات من دون تقدم. فقال لنا: إذا وضّح لي مجلس الأمن، خلال اجتماعه في نيسان 2008، أكثر خريطة الطريق بالنسبة إلى الاقتراح المغربي فإني سآخذ المسؤولية الكاملة للتعبير عن موقفي. آنذاك سترون إنني سأشرف خلال المفاوضات (في مانهاست) على الاتجاه الواضح والوحيد ألا وهو الحل النهائي عبر الحكم الذاتي. فقبلنا مبدأ الحضور في الجولة الرابعة من مفاوضات مانهاست في آذار (مارس) 2008. وفعلاً، تقدّم فان فالسوم في نيسان أمام مجلس الأمن وقال إن خيار الاستقلال ليس خيارا واقعياً. وعندما قال ذلك، لاحظنا أن الجزائر و «بوليساريو» عضبتا وهددتا وطلبتا رسمياً اقالته. وتزامن كل هذا مع نهاية العقد الإداري له مع المنظمة الدولية في آب (أغسطس) 2008، حيث لم يُجدد عقده».
ولخّص الوضع حالياً قبل الدعوة الى جولة خامسة من المفاوضات، بثلاث نقاط: «النقطة الأولى، قرار مجلس الأمن الأخير كان أكثر وضوحاً بالنسبة إلى المبادرة المغربية... ودعا الأطراف إلى أن تدخل في جولة جديدة من المفاوضات بروح من التوافق والواقعية. وهذان اللفظان، بطبيعة الحال، يصبان في اتجاه المغرب. إذ أن التوافق هو ما بين خيارين متباعدين، والواقعية هي أن الاستقلال مستحيل لأسباب عديدة. النقطة الثانية هي تعيين ممثل جديد للأمين العام. والثالثة: في أي إطار سيعمل، ولأي هدف، وكيف يمكن تسهيل مهمته حتى لا نرجع إلى البداية وكأن أي جهود لم تبذل من قبل في ظل عدم امكانية تطبيق الاستفتاء».
وقال: «نحن في تشاور يومي مع الأمانة العامة للأمم المتحدة. المغرب يريد في المفاوضات المقبلة أن يكون هناك تقدم ملموس. ونريد أن نعرف هل ستكون هناك زيارة للممثل الجديد إلى المنطقة، قبل عقد الجولة الخامسة، أم لا، وعلى أي مستوى ستجرى المفاوضات، ووفق أي أجندة، والأهم كيف يمكن التطبيق الفعلي للقرار الأخير لمجلس الأمن الذي يتحدث عن التوافق والواقعية والجهود ذات الصدقية التي يبذلها المغرب». وشدد على أن «ليست عندنا شروط، لكننا نريد أن نوضّح الأفق حتى يحصل تقدم في المفاوضات وندخل في مفاوضات عميقة، كما نص على ذلك القرار الاخير لمجلس الأمن».
وأين العقبة الآن؟ قال: «بالنسبة الينا الحل الذي قدمناه هو حل توافقي، حل سياسي. كان الخيار في السابق بين الاستقلال وبين الاندماج الكامل، ولكن المغرب تقدم خطوة إلى الامام من خلال اقتراح الحكم الذاتي».
وهل لديكم تحفظات عن تعيين كريستوفر روس؟ أجاب: «ليس لدينا اي تحفظ على السفير المقترح. لا مشكلة على شخصه، ولكن عندنا طلب رسمي بمساعدة أي مبعوث لمواصلة المفاوضات والشروع في مفاوضات تدخل في العمق حول الحكم الذاتي».
وقال إن المغرب مستعد لدرس مضمون اقتراح الحكم الذاتي وادخال تعديلات عليه، مضيفاً: «تقول بوليساريو إن اقتراح المغرب تكتيك أو لعبة جديدة. لا، نحن جادون في اقتراحنا (الحكم الذاتي)، ومستعدون لتفاوض عميق، كما يطلب مجلس الامن... تقرير المصير بالمفهوم العصري هو (نوع من) نظام الحكم الذاتي».
وعن الانقلاب العسكري في موريتانيا، قال: «يدعو المغرب إلى الرجوع الى الحياة الدستورية في نطاق حوار يشمل الجميع، وكذلك اطلاق الرئيس (المخلوع) سيدي ولد الشيخ عبدالله. لا نقبل ان يبقى في السجن، والجميع يتطلع الى هذا الحوار والحل السياسي».
وعن العلاقة مع الجزائر، قال: «على أعلى مستوى هناك علاقة احترام متبادل، ولكن مع الأسف هذه العلاقة بين القيادات لا تُترجم على المستوى الحكومي والاداري والسياسي. وافضل دليل على ذلك هو ان الحدود ما زالت مع الأسف مغلقة من دون جواب واضح من الاشقاء (عن سببها ابقائها مغلقة). ونلاحظ أيضاً انه ليس هناك أي لقاء على مسار ثنائي لتطبيع العلاقات لأنها ليست طبيعية: الحدود مقفلة والحوار ينعدم بين الحكومتين».
No comments:
Post a Comment