Thursday 30 October 2008

abbas al-fasi interview with camille tawil مقابلة الوزير الاول المغربي عباس الفاسي الحياة



دافع عن أداء حكومته وتركيبتها وتمنى على «الاتحاد الاشتراكي» البقاء فيها... رئيس الوزراء المغربي لـ «الحياة»: لا استعداد لدى الجزائر لحل أزمة الصحراء
الرباط - كميل الطويل الحياة - 30/10/08//
دافع رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي عن أداء حكومته في مناسبة مرور سنة على توليها الحكم في أعقاب انتخابات العام 2007 التي جاء فيها حزبه «الاستقلال» في المرتبة الأولى. وأكد أنها حققت نمواً في البلاد ولم تتأثر بالأزمة المالية العالمية.
وقال الفاسي في مقابلة مع «الحياة» في منزله في الرباط إنه يتمنى بقاء حزب «الاتحاد الاشتراكي» في حكومته، على رغم الأصوات التي تنادي بانسحابه منها. وشدد على أن ملف الصحراء يتطلب بقاء الحزب الذي تعرض أمينه العام محمد اليازغي (وزير دولة) إلى انقلاب داخلي، في الوزارة الحالية.
وشن الفاسي أيضاً هجوماً لاذعاً على الجزائر، واتّهمها بـ «معاكسة» بلاده في قضية الصحراء، وبالعمل على «استرجاع الوقت الضائع» الذي فاتها خلال حقبات استعمارها. ورأى أن اقتراح الحكم الذاتي الذي قدمته الرباط لحل أزمة الصحراء هو «الخيار الوحيد المقبول» وانه يمثّل حلاً لا تنهزم فيه الجزائر ولا المغرب. وفي ما يأتي نص الحوار:
> في مناسبة مرور سنة على حكومتكم، ما هي أبرز التحديات التي تواجهونها وما هي أبرز الانجازات؟
- تحققت إنجازات مؤسساتية تمثلت في تدعيم الديموقراطية وحقوق الإنسان ووجود المرأة في المجالس المنتخبة، هذه أمور نعتبرها أساسية. كذلك تم إنشاء هيئة مركزية للوقاية من الرشوة، وإجبارية التصريح بالممتلكات لجميع المسؤولين، سواء كانوا في الحكومة أو موظفين سامين وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ والقضاة. هذا الأمر كان موجوداً في السابق، لكن كانت فيه ثغرات ولم يطبق.
وبخلاف الإصلاح المؤسساتي، هناك إصلاحات في الميادين كافة، في التعليم وفي الطاقة وفي السياحة، والإسكان الاجتماعي. موازنة الدولة كانت 20 بليوناً في 2008 وستصير 40 بليوناً في 2009. نسبة البطالة كانت 15 في المئة، وصارت الآن 9,1. نسبة الفقر انخفضت ايضاً. كان لدينا خمسة ملايين فقير والآن أصبحوا مليونين ونصف مليون. نسبة النمو كانت 2.5 في المئة بسبب الجفاف والآن صارت 6.5. نقطة الضعف عندنا الآن هي التضخم. كان دائماً عند نسبة 2 في المئة، والآن بسبب الغلاء صار 3.4 في المئة. هذه نقطة الضعف الوحيدة عندنا.
لا يعني هذا ارتياحاً ذاتياً وأن كل شيء على ما يرام. فالمجهود كي يؤتي ثماره يجب أن يستمر. والحقيقة ان هذه المجهودات لم تبدأ مع ولايتي. لقد بدأت مع التناوب الوفاقي مع عبدالرحمن اليوسفي (نهاية التسعينات) ثم إدريس جطو.
> يؤخذ على حكومتكم غياب التجانس فيها، إذ تضم أحزاباً يمينية ويسارية، كما أن وزارات السيادة لا تخضع لرئيس الحكومة.
- ليس عندنا يمين، عندنا وسط ويسار، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، هناك انسجام كامل في الحكومة. منذ سنة لم يقف وزير ليعارض اقتراحات الوزير الأول، ولم يصرح بأنه غير متفق مع سياسات الحكومة. بطبيعة الحال، في داخل الأحزاب الأمر يختلف... يمكن أن يأخذ عضو الكلمة وينتقد الحكومة وسياستها. وحتى في البرلمان يمكن أن يأخذ الكلمة نائب استقلالي وينتقد الحكومة وسياستها. والأمر نفسه ينطبق على أعضاء الأحزاب. لكن ما يهمني هو الانسجام في الحكومة، وهذا أمر حاصل، والتصويت في البرلمان، وهم يصوتون مع الحكومة.
هناك فعلاً احترام متبادل وصدق وكفاءات. عندنا سبع وزيرات لا يشغلن فقط حقائب اجتماعية بل الطاقة والمعادن والخارجية والصحة والتعليم. أما بالنسبة إلى وزارات السيادة، ففي خلال أربعة اشهر نبت عن جلالة الملك في قمم عدة، كما أنني ترأست الوفد المغربي في الدورة الـ63 للأمم المتحدة واستقبلني كثير من رؤساء الدول. هذا يعني أن ما تقوله اليوم ربما كان صحيحاً في الماضي. ولكن بالنسبة إليّ، فأنا الآن في صلب الديبلوماسية، طبعاً بموافقة جلالة الملك ومباركته. ولكن هذا هو الواقع.
> ماذا تتوقعون أن يسفر عنه المؤتمر المقبل لحزب «الاستقلال» في كانون الثاني (يناير) المقبل؟
- مؤتمر حزب الاستقلال ليس حدثاً استثنائياً. وصلنا إلى المؤتمر الخامس عشر، فنحن حزب عريق له تاريخ. والهدف من المؤتمر تحديث البرامج وفتح الباب أمام وجوه جديدة. فالمجلس الوطني، وهو برلمان الحزب، تكون نسبة 50 في المئة منه دائماً من الوجوه الجديدة... كذلك من العادة أن يتغير ثلث أو ربع في القيادة في المؤتمر.
> لكنك لا تخشى كما يبدو مؤامرة ضدك في المؤتمر كما حصل في الاتحاد الاشتراكي؟
- لا، لا أعتقد أنني سأكون ضحية مؤامرة. فقد كنت مخلصاً في حياتي في الحزب وخدوماً. وكنت أجول باستمرار على مدى 8 سنوات في الأقاليم، في كل نهاية أسبوع، ليس فقط في عاصمة الإقليم، بل في الجماعات القروية. معروف أنني أعمل وأخدم الصالح العام، لذلك لا أعتقد بأنه يمكن أن تحصل مؤامرة ضدي.
> ولكن هل تخشى على حكومتك إذا قرر مؤتمر الاتحاد الاشتراكي الشهر المقبل الانسحاب من الحكومة؟
- أنا اتمنى أن يستمروا في الحكومة. أتمنى لهم أن يوفّقوا في مؤتمرهم. الاتحاد الاشتراكي حزب مناضل له أطره وجماهيره، وهو ضرورة للبلاد ويعطي قيمة مضافة. إنه حزب محترم نظراً إلى تاريخه النضالي. وشاركنا معاً في المعارضة في اطار «الكتلة الديموقراطية» منذ العام 1992، ثم هيأنا معاً مع المغفور له الحسن الثاني حكومة التناوب وشاركنا في وزارة عبدالرحمن اليوسفي (الزعيم السابق للاتحاد الاشتراكي) في إطار «الكتلة الديموقراطية»، ثم شاركنا سوية في حكومة إدريس جطو، ونشارك الآن في حكومة عباس الفاسي.
> ولكن إذا قرروا الخروج من الحكومة، هل لديكم بديل يسمح بحيازتها ثقة البرلمان؟
- لا أريد أن أفكر في هذا الاحتمال. ولا أعتقد أنهم سينسحبون. هناك تيار (يريد الانسحاب)، والرأي المخالف موجود في كل الأحزاب. لكن لا أتصور أن التيار الذي يريد الخروج من الحكومة لديه الغالبية. في أي حال، يجب أن نحترم قرار الاتحاد الاشتراكي مهما كان. فالإنسان يكون وطنياً سواء كان في الحكومة أم المعارضة. لكن باعتبار أن ملف الصحراء لم ينته بعد فمن المصلحة العليا للبلاد أن يستمروا في الحكومة.
> يقول المغرب إن لا حل في الصحراء الغربية سوى من خلال الحكم الذاتي. لماذا الإصرار على الحكم الذاتي وتجاهل غيره من الحلول؟
- الصحراء مغربية منذ أنشئت الدولة. الدولة المغربية، حكومة وملكاً، انشئت بعد الفتح الإسلامي، مع دولة الأدارسة والمرابطين والموحدين والسعديين ثم العلويين. الصحراء إذن لم تكن مغربية فقط بعد المسيرة الخضراء (في 1975). هي كذلك منذ الفتح الإسلامي. وحججنا قدمناها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
قلنا للمحكمة: من كانت لديه السيادة عندما دخل الاستعمار الاسباني في 1880؟ قدمنا حججنا وقلنا إن الموظفين والقضاة والسلطات كلها معينة من طرف الملك، والعملة المتداولة في الصحراء هي التي تروج في مراكش ووجدة وبقية المغرب. وكانت القبائل تأتي وتبايع الملك. ويوم الجمعة في الصحراء كان خطيب الجمعة ينهى خطبته بالدعاء لملك البلاد بطول العمر والنصر. هذه هي حججنا. والمحكمة قالت فعلاً انه كانت هناك رابطة بيعة وولاء ما بين السكان وملك المغرب.
انسحب الجيش الاسباني ثم نزلت الراية الاسبانية ورفعت الراية المغربية وانتهى الموضوع. لكن لم ينته لسبب جديد لم يكن موجوداً في 1956 و1957 و1958: الجزائر. الجزائر دولة عظمى بغازها وبترولها ومليون شهيد سقطوا لتحريرها. الجزائر أرادت أن تسترجع الزمن الضائع كونها كانت مستعمرة باستمرار، مع الأسف. الشعب الجزائري بطولي، لكنه استعمر في أيام الرومان والفينيقيين والعثمانيين... أرادت الجزائر ان تكون هي الدولة العظمى بعد الوقت الضائع الذي فاتها. وعندما استرجعنا ربوع الأرض المغربية واسترجعنا ألف كلم من المحيط الاطلسي، صارت الهيمنة مستحيلة بالنسبة إلى الجزائر.
تعبأت الجزائر وخلقت تلك الأسطورة المسماة «جيش التحرير» (الصحراوي) في مخيمات تندوف. جيش التحرير هذا لم يطلق رصاصة واحدة في الصحراء، ونحن نسميهم محتجزين ومعتقلين، ولو أزالوا الأسلاك الحديد لجاؤوا كلهم إلى المغرب. لقد عاد منهم ثلاثة آلاف حتى الآن. لم يغادر صحراوي واحد كان في الأقاليم الصحراء وذهب إلى تندوف.
إذن نقاط القوة عندنا أن الغالبية (في الصحراء) بقيت في مكانها. بقوا لأنهم مغاربة، وأصبحوا وزراء وسفراء وعمالاً (حكاماً) ونواباً ومستشارين ورؤساء جماعات محلية. هم مغاربة والآن صاروا يستثمرون في الشمال ايضاً كما في الصحراء.
أين هو جيش التحرير؟ ليس هناك جيش تحرير. هناك معتقلون ومحتجزون والجزائر تستغلهم فقط من أجل معاكسة المغرب، لأن استعادة الصحراء أزالت الأماني (الجزائرية) بالهيمنة.
> لكن الموقف الجزائري يحظى بدعم واسع في افريقيا؟
- كانت نقاط القوة لدى الجزائر أن غالبية الدول الافريقية كانت تُحكم بنظام عسكري أو نظام الحزب الواحد وتعاطفت مع الجزائر. لكن صار هناك تطور في أفريقيا: انتشرت الديموقراطية وغالباً ما انتهى الحكم العسكري ونظام الحزب الواحد. بعد انتشار الديموقراطية سحبت 20 دولة أفريقية الاعتراف بـ «الجمهورية الصحراوية»، كما تحركت الديبلوماسية المغربية للتعريف بقضيتنا أكثر من الماضي.
كان من يسمون التقدميين يعتبرون أن الملكية هي الرجعية، ولم يأخذوا موقفهم من الصحراء بناء على ناحية قانونية، ولم يسألوا هل الأرض مغربية ام لا. موقفهم كان ايديولوجياً. ثم نحن ايضاً اخترنا الديموقراطية وحقوق الانسان. والدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واسبانيا والاتحاد الاوروبي، تتعاطف معنا الآن لأنها ترى الاصلاحات والديموقراطية واختفاء التعذيب. ولذلك ترى أن أميركا تنصح «بوليساريو» بأن تأخذ بالاقتراح المغربي الخاص بالحكم الذاتي، ولذلك تجد بريطانيا وفرنسا تشيدان بهذا الاقتراح أيضاً.
إذن تسألني عن الخيارات الأخرى، ليست هناك خيارات أخرى. إما الاستقلال، وهذا غير ممكن بالنسبة الينا فهو هزيمة للشعب المغربي، لا قدر الله، ولا يمكن أن يحصل، خصوصاً ان الملك هو الضامن للسيادة الترابية بحسب الدستور. ثم إن الاندماج الكلي مع المغرب يمثل هزيمة للجزائر، ونحن لا نريد أن نرى جارتنا مهزومة أو تشعر بالهزيمة. لذلك جئنا بهذا الحل التوافقي. هذا هو حل لا غالب ولا مغلوب. نحن نريد الجزائر قوية لا نريدها ضعيفة. ونريد المغرب ايضاً قوياً. الجزائر ما زالت تريد أن تعيش عقلية قديمة، عقلية القرن التاسع عشر عندما كانت ألمانيا تريد أن تضعف فرنسا كي تكون هي القوية، والعكس صحيح. هذا الامر تجاوزه الزمن. من المعيب أن الاتحاد الاوروبي هو الذي يقول لنا كمغاربة أن علينا الاتحاد بدل أن يأتي كل واحد منا لوحده الى المفاوضات مع الأوروبيين.
> لكن لماذا لا يقوم حزب الاستقلال وحزب جبهة التحرير بمبادرة لتقريب وجهات النظر إذا تعذر الاتفاق بين الدولتين، فأنتما حليفان خلال حرب التحرير ضد الاستعمار؟
- اتكلم معك بقلب حزين، والله. اجتمعنا في ذكرى مؤتمر أحزاب طنجة في 1958. جاءت جبهة التحرير (الجزائرية) والدستوري (التونسي) وجاء الليبيون والموريتانيون، وجئنا نحن والاتحاد الاشتراكي فقد كنا مع بعض في اطار حزب «الاستقلال» في ذلك الوقت. لدينا حنين إلى المغرب العربي. لكن نظراً إلى مواقف الجزائر، لا يبدو أن لدى الجزائريين استعداداً لحل أزمة الصحراء.

No comments: