Monday, 22 November 2010

Turquoise Mountain story

«جبل الفيروز» في كابول مدرسة لـ«إنقاذ» التراث الأفغاني (6 من 6)

الإثنين, 22 نوفمبر 2010
كابول - كميل الطويل


يحتل حصن من تسعة أبراج قمة تلة في ضواحي العاصمة الأفغانية. كان يوماً ما مقراً فخماً لإقامة أفراد من العائلة الملكية الحاكمة خلال رحلات الصيد التي اعتادوا القيام بها. لكن الحصن يعاني اليوم، ككثير غيره من البيوت الأثرية، من خطر الانهيار نتيجة إهماله لسنوات طويلة جراء الحروب الأهلية والأجنبية وما جرّته من دمار وخراب على سكان العاصمة الأفغانية.



على رغم تفسّخ بعض جدرانه الشاهقة وتداعي أبراجه، يعج هذا الحصن اليوم بالحياة. ففي أركانه الفسيحة غرف تحوّلت إلى مدرسة تهدف إلى بعث الحياة مجدداً من مهارات تكاد تنقرض من أفغانستان. إنه مشروع «جبل الفيروز» الذي أطلقه الرئيس الأفغاني حميد كارزاي وولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في العام 2006 بهدف الحفاظ على التراث الأفغاني التقليدي، مثل مهارات الخط الإسلامي أو الحفر على الخشب والبلاط والتطريز.



«جبل الفيروز» إسم مستوحى من إسم العاصمة الأفغانية القديمة «فيروزكوه» (بالفارسية) والتي دمّرتها جيوش جنكيز خان في العام 1216. واختفى اليوم أي أثر لـ «جبل الفيروز» باستثناء «مئذنة جام» الرائعة في ولاية غور، وسط أفغانستان.



بدأ العمل في هذا المشروع غير الربحي عندما لاحظ القائمون عليه أن أجزاء واسعة من كابول القديمة يتم جرفها وإقامة مبان حديثة مكانها. وقد استهل القائمون عملهم بضاحية مراد خان التاريخية على ضفاف نهر كابول في قلب كابول القديمة والتي تُعرف بمنازلها التاريخية التي يتوارثها سكانها منذ مئات السنين إبناً عن أب وأباً عن جد. وعندما تم البدء في مشروع إنقاذ ضاحية مراد خان وبازارها الشهير الذي يرتاده أسبوعياً آلاف الأشخاص، كانت كل المنطقة «تغرق» فعلياً في أمتار من النفايات التي كانت تُرمى حول المنازل وتبقى هناك بسبب عدم وجود جهاز يتولى جمع الأوساخ من هذه المنطقة الفقيرة. كما كان على العمال حفر أقنية للمجاري الصحية التي لم تكن موجودة أصلاً في المنطقة التي لا تصل إليها أيضاً مياه الشفة ولا الكهرباء. وما زال العمل جارياً في المنطقة حتى اليوم بهدف الحفاظ على منازلها المتداعية وتأمين ما يمكن توفيره من البنية التحتية لسكانها، بما في ذلك أبسط أنواع الرعاية الصحية والتعليم. وغالبية سكان هذه الضاحية من أبناء طائفة «كازلباش» الشيعية، وقد تعرضوا سنوات طويلة للحرمان والاضطهاد.



مدرسة «جبل الفيروز» تضم هذه الأيام عشرات الطلاب والطالبات الذين يتعلمون فنوناً مختلفة مثل الخط الإسلامي والحفر على الأخشاب وأيضاً على القرميد والبلاط. وينتمي الطلاب والطالبات إلى إثنيات أفغانية مختلفة ومن ولايات مختلفة، إنطلاقاً من رغبة المؤسسة في الاستفادة من التنوع الثقافي الذي تتميّز به البلاد. وباعت مؤسسة «جبل الفيروز» حتى الآن أعمالاً فنية تقليدية من التراث الأفغاني بما قيمته مليون دولار أميركي، لكن تمويلها يأتي من مصادر متنوعة – أجنبية وعربية - تهتم بالحفاظ على التقاليد الأفغانية القديمة ومنع اندثارها كما اندثرت مدينة «جبل الفيروز»، عاصمة أفغانستان القديمة في العصور الوسطى.

No comments: