Sunday, 21 November 2010

Mazar-e-Sherif Afghanistan - American 'Civilian Surge'

أفغانستان: مدنيون أميركيون «يحاربون» أيضاً ... لإنعاش الاقتصاد الأفغاني (5 من 6)
الأحد, 21 نوفمبر 2010
مزار الشريف ( أفغانستان) – كميل الطويل
كان الشاب الأفغاني مختبئاً وراء كوخ بعيداً من عيون الزوار الأجانب قدموا لتفقّد المعمل الذي يشتغل فيه في مدينة مزار الشريف، عاصمة ولاية بلخ في شمال أفغانستان. لم يشأ، ربما، أن يروا يده المضمدة نتيجة إصابته بجروح خلال عمله على إحدى آلات معمل الحلويات.وربما أصحاب المصنع هم من طلبوا منه «الاختباء». لكن عينا ريتشاد فايت، المستشار الاقتصادي الأميركي في القطاع الشمالي من أفغانستان، رصدته من بعيد. 

اقترب فايت (63 سنة)، الطويل القامة وصاحب الشعر الأشيب الطويل واللحية المرخية التي تجعله يبدو كأي أفغاني آخر، من الشاب المصاب وعرض عليه، من خلال مترجم، أن تقدّم له أميركا أي مساعدة يحتاجها. 

لم يكن عرض المسؤول الأميركي «اصطناعياً» بهدف «تلميع» صورة بلاده. فهو تقصّد ألا يراه الصحافيون مع الشاب الأفغاني المصاب، وقدّم له عرض المساعدة وراء الكوخ الذي كان يختبئ فيه. 

فايت هو جزء من الزيادة الكبيرة «السيرج» في عديد المدنيين الأميركيين في أفغانستان (عددهم حالياً 1100 شخص)، الذي ترافق مع الزيادة الكبيرة التي أعلنها الرئيس باراك أوباما العام الماضي في عديد جنوده المنتشرين في هذا البلد والبالغ حالياً حوالى 80 ألفاً. 

وتعتبر الولايات المتحدة أن جُهد هؤلاء المدنيين لا يقل أهمية في نواح كثيرة عن جهد العسكريين. فهم أيضاً، كالعسكريين، «يحاربون» على أكثر من جبهة من أجل مساعدة الشعب الأفغاني على تحسين ظروف حياته. وبما أن الزراعة هي المصدر الأساس لرزق نحو 80 في المئة من الأفغان فليس مستغرباً بالتالي أن ينصبّ جزء أساسي من هذا الجهد على «الجبهة الزراعية» الأفغانية. 

يدير فايت من «كامب مرمل» في مدينة مزار الشريف، الهادئة نسبياً عن باقي أرجاء البلاد الغارقة في الفوضى، عملية التنسيق بين أربع فرق إقليمية تضم مستشارين زراعيين أميركيين يعملون انطلاقاً في مدن ميمنة (ولاية فارياب) ومزار الشريف (ولاية بلخ) وقندوز (ولاية قندوز) وفايز آباد (ولاية بادخشان). ويقضي هؤلاء معظم وقتهم في تقديم النصح للجانب الأفغاني، خصوصاً وزارة الزراعة والري والثروة الحيوانية، في شأن طُرق تحسين الإنتاج الزراعي. لكنه يُقر بأن هناك «عقبات عدة تعترض أن يكون عملنا فعّالاً هنا، خصوصاً المشاكل الأمنية». 

جال فايت بوفد من الصحافيين على مؤسسات مختلفة في مزار الشريف يُقدّم لها الأميركيون النصح والمشورة أو المساعدة المالية بهدف تحسين مستوى إنتاجها أو مساعدتها على الإنطلاق وتشغيل نفسها بقدراتها الذاتية في المستقبل. والهدف واضح من كل ذلك: تحريك الاقتصاد الأفغاني يعني توفير فرص عمل تقلل من فرص إلتحاق الشبان بالمتمردين. 

وأحد أبرز المشاريع التي يعمل عليها الأميركيون في شمال أفغانستان حالياً يتعلق بحماية نبتة الحنطة من انتشار مرض فطري ظهر في أفريقيا وبلدان آسيوية ويهدد بالفتك بالمحاصيل الزراعية في أفغانستان إذا ما وصل إليها. وقد أنهت وزارة الزراعة الأميركية أخيراً توزيع 150 طناً من بذور الحنطة )القمح) المقاومة لهذا المرض الفطري، وقد حصل عليها الأفغان مجاناً بعدما اشترتها الولايات المتحدة من مصر. ولأن واشنطن تعتبر أن انتشار هذا المرض يُهدد «أمن الشعب الأفغاني واستقراره» إذا ما أصاب محصايل الحنطة، فقد تحوّلت عملية نقل البذور إلى مهمة عسكرية تولتها وزارة الدفاع (البنتاغون). وتم نقل البذور على متن طائرات عسكرية إلى أفغانستان حيث وزعت على مراكز مختلفة لانتاج بذور الحنطة المقاومة للوباء الفطري، كالمركز الذي زارته «الحياة» في مزار الشريف. 

ويقول مسؤول أميركي إن هذه البذور المقاومة للوباء تُشكّل 65 في المئة من مجموع حاجة أفغانستان للبذور المطلوبة للزراعة في موسم 2011. والحنطة هي الغذاء الأساسي في أفغانستان، وتُزرع في 60 في المئة من أراضي البلاد الصالحة للزراعة. 

وبالطبع، لا يقتصر نشاط المدنيين الأميركيين على القطاع الزراعي. فهم يعملون أيضاً على تحفيز الشبان على المشاركة في مجالس شورى محلية كي يتعلموا كيف تعمل الحكومة وما هي مسؤولياتها، كما يجهدون لتعليم النساء مهارات عمل تمكنهن من تحصيل أجر يساعدهن في تربية أطفالهن. وقد زارت «الحياة» أحد هذه المشاريع وشاهدت نسوة أرامل يتعلمن الحياكة والنسج. وتعد المؤسسة التي تدربهن والتي تتلقى تمويلاً أميركياً بتوفير المستلزمات المطلوبة مثل آلات الحياكة والخيطان 
نساء يتدربن على الحياكة (الحياة).jpg
للنساء «الخريجات» كي يعملن من منازلهن. كما تعدهن بتقديم بدل مالي في مقابل بيع ما ينتجنه، مثل الأوشحة الحريرية المطرّزة. 

ويأمل الأميركيون بأن تُشكّل مثل هذه المشاريع التي يدعمونها مالياً فرصة للأفغان الراغبين في بدء شركات صغيرة كي يتمكنوا من «الإقلاع»، على أن يعمل أصحاب هذه الشركات، بناء على قواعد العرض والطلب في السوق، على تأمين مستقبل مشاريعهم بقدراتهم الذاتية ومن دون الحصول على مزيد من الدعم الأميركي. وهي سياسة مطابقة لما يقوم به الأميركيون أيضاً على صعيد تقديم الدعم لمؤسسات الأمن الأفغانية، على أمل أن تكون قادرة، بحلول العام 2014، على تولي زمام الأمور في أنحاء البلاد... ما يسمح للأميركيين بحزم حقائبهم والرحيل عنها، كما يأمل بلا شك كثيرون من الأفغان والأميركيين.

(غداً حلقة أخيرة)

No comments: