مسؤول أميركي لـ«الحياة»: فرع «القاعدة» المغاربي حالة شاذة
السبت, 10 أبريل 2010
لندن - كميل الطويل
Related Nodes:
100405.jpg
أكّد مسؤول أميركي أن بلاده لا تشارك مباشرة في جهود التصدي لـ «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» بل تقدّم مساعدات - تتضمن معلومات استخباراتية - لدول المنطقة في جهودها لمكافحة هذا التنظيم. وقال جيسون سمول، نائب مدير مكتب غرب افريقيا في وزارة الخارجية الأميركية، إنه بلاده تشعر بالقلق لاحتمال وجود تحالف بين فرع «القاعدة» المغاربي ومنظمات تهريب المخدرات، لكنه أقر بأنه لا يملك دليلاً جازماً على وجود مثل هذا التحالف. ورفض سمول، المسؤول عن موريتانيا ومالي والنيجر ونيجيريا في دول الساحل، دعوات أُطلقت أخيراً لتقسيم نيجيريا إلى دول متعددة.
وقال سمول في لقاء مع «الحياة» في لندن أمس إن فرع «القاعدة» المغاربي يمثّل تهديداً فعلياً لدول الساحل الأفريقي على رغم أن قيادته لا تزال متمركزة في الجزائر. وأوضح: «يجب أن ننظر إلى كيف تنظر دول المنطقة نفسها إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي. إن أيديولوجية «القاعدة» وتكتيكاتها لا تشترك فيها الغالبية العظمى من شعوب المنطقة حيث ينشط هذا التنظيم الذي يمثّل في الواقع حالة شاذة وليس موضع ترحيب. وفي الواقع، هناك جهود تقوم بها دول المنطقة لاحتواء قدرة التنظيم على العمل، ونحن من جهتنا نأخذ نشاطات فرع «القاعدة» ببلاد المغرب الاسلامي في شكل جدي جداً، فقد خطف رهائن ونفّذ عمليات إرهابية».
وأقر بأن التنظيم في وضعه الحالي لا يمثّل تهديداً لحكومات المنطقة. وقال: «إذا نظرنا إلى رد فعل دول المنطقة نفسها فإننا نعرف أنها تأخذ التهديد الذي يمثّله التنظيم في شكل جدي. لكنني لم أسمع أحداً (من قادة المنطقة) يقول إن التنظيم يمثّل تهديداً للحكومات نفسها، غير أن الإرهاب يمثّل تهديداً لنا جميعاً، وعلى هذا الأساس فإننا نعمل في شراكة للتصدي لمثل هذا النوع من التهديدات».
وعن نوع المساعدة التي تعرضها الولايات المتحدة على هذه الدول، قال: «لدينا منذ عام 2005 برنامج «شراكات مكافحة الإرهاب عبر الصحراء» بقيمة 150 مليون دولار تقريباً سنوياً، وهو يتكوّن من عناصر عدة. إننا نعمل بالاشتراك مع دول المنطقة للتجاوب مع حاجاتها، ولا نأخذ دور القيادة في تحديد حاجات دول المنطقة في محاربة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي. إن تحركاتنا إذاً هي لدعم جهود دول المنطقة. إن برنامج شراكات لمكافحة الإرهاب يتكون من عنصر تتولاه منظمة «يو أس أيد» (برنامج المساعدات الأميركي) التي تشرف على مشاريع عدة في دول المنطقة للترويج للأفكار غير العنفية والمعتدلة وعلى الترويج للتعليم. وندعم مشاريع أخرى هناك تعنى بالمصالحة. من الأمور التي تثير قلقنا وضع المناطق التي لا تخضع لسيطرة مباشرة من الحكومات، كشمال مالي مثلاً. هل يمكن تخيّل منطقة أكبر من ولاية تكساس الأميركية - إحدى أكبر الولايات في الولايات المتحدة - ليس فيها سوى القليل من التمثيل الحكومي؟ مثل هذا الأمر يمنح الجماعات (المسلحة) مساحة للعمل بحرية. ولذلك فإن علينا أن نعمل لتعزيز وجود حكم رشيد غير فاسد في تلك المناطق، وهذا الأمر يمثل مكوّناً أساسياً من مكوّنات عملنا. كما أن هناك جهوداً أخرى للتواصل مع سكان تلك المناطق من خلال برامج إذاعية. كذلك فإن هناك مكوّناً أساسياً يتمثّل في تدريب القوات المسلحة الأميركية للقوات المسلحة وقوات الأمن في بلدان الساحل. لدينا برامج في هذا المجال في مالي وموريتانيا ودول أخرى، ويتضمن هذا الأمر توفير أجهزة اتصالات ومشاركة في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية. كذلك فإننا نقدّم مساعدة في مجالات ضبط الحدود ومكافحة الجرائم المالية الإرهابية مثل ملاحقة مصادر تمويل تلك الجماعات. وهذا البرنامج طويل المدى وليس برنامجاً يقدم حلاً سريعاً».
وهل لديكم جنود على الأرض هناك؟ رد: «لدينا علاقة من جيش إلى جيش مع عدد من حكومات المنطقة، وهناك تعاون يجرى هناك ولكن إلى حد كبير في شكل تقديم النصح والمساعدة». وهل تشارك أميركا مباشرة في مكافحة «القاعدة» هناك؟ أجاب: «مثلما قلت، إن جهودنا هناك تنصب على مساعدة تلك الدول في جهودها. لم يطلبوا منا أي نوع محدد من عمل مباشر نقوم به. ودورنا يستمر في أن يكون دوراً مساعداً في تحقيق هدفنا المشترك في القضاء على القاعدة».
وهل لدى الولايات المتحدة أدلة قوية على المزاعم عن وجود علاقة بين فرع «القاعدة» المغاربي ومنظمات تهريب المخدرات؟ قال: «مشكلة المناطق التي تخضع لسيطرة حكومية هي أنه يمكن أن يحصل فيها الكثير من النشاط غير المشروع. وبالتأكيد فإن الاتجار بالمخدرات يمثّل أمراً مقلقاً لدول المنطقة والولايات المتحدة وأوروبا. ولذلك من الصعب القول ما إذا كان هناك تحالف بين «القاعدة» في بلاد المغرب وجماعات تهريب المخدرات. ولن أُفاجأ إذا كانت هذه العلاقة موجودة. لكن ما يكشفه لنا هذا الأمر هو أننا نواجه تحدياً متعدد الأوجه». وتابع: «ليس المهم إذا كان هناك علاقة أم لا بين «القاعدة» ومنظمات تهريب المخدرات. المهم هو أن نعمل للقضاء على هاتين المشكلتين».
وعن قضية دفع فديات لـ «القاعدة» لقاء الإفراج عن الرهائن، قال: «إن الخطف عمل مثير للاشمئزاز. كثيرون من الذين خُطفوا بقوا معتقلين لشهور، كما تعرض بعضهم للقتل. ولذلك فإن هذا الأمر يمثّل مصدر قلق كبير. إن سياسة الولايات المتحدة وسياسة دول أخرى هي عدم تقديم تنازلات (لخاطفي الرهائن). دول أخرى لا تشترك معنا في هذه النظرة. لذلك علينا أن نعمل معاً لتنسيق مواقفنا وسياساتنا».
وما رأي الولايات المتحدة بالدعوات التي أُطلقت أخيراً لتقسيم نيجيريا كحل للأزمات التي تعاني منها؟ أجاب: «إن أحد العوامل التي تشير إلى قوة نيجيريا هو أنها دولة متعددة الأديان والثقافات، فهي واحدة من عدد قليل من الدول التي ينقسم شعبها بالنصف تقريباً إلى مسلمين ومسيحيين. أن يكون موجوداً مثل هذا التنوع فإن ذلك يجب أن يكون موضع فخر وقوة للدولة النيجيرية التي تعاملت في الماضي بنجاح مع مثل هذه المسائل ولديها مؤسسات ديموقراطية قوية، الأمر الذي يدل على أنها لاعب استراتيجي في المنطقة».
No comments:
Post a Comment