فسترفيلي لـ «الحياة»: مصر مرتكز أساسي للاستقرار... ولا تغيير في شروط «الرباعية» على «حماس»
السبت, 22 مايو 2010
بدأ وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيلي أمس الجمعة في بيروت جولة شرق أوسطية تقوده أيضاً إلى القاهرة وعمّان ودمشق. وعشية وصوله إلى العاصمة اللبنانية، قال فسترفيلي في مقابلة مع «الحياة» إن ألمانيا تعتبر مصر «مرتكزاً أساسياً للاستقرار في كل منطقة الشرق الأوسط». واعتبر أن الوضع على الأرض في المنطقة ما زال «متوتراً وهشاً» على رغم بدء المحادثات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ونفى «انحياز» بلاده لمصلحة إسرائيل على حساب العرب، لكنه أقر بأن «الشراكة الحميمة مع إسرائيل هي ركن (من أركان) السياسة الخارجية الألمانية».
وأشاد فسترفيلي، في المقابلة مع «الحياة» (راجع النص الكامل للمقابلة باللغة الإنكليزية على موقع الحياة على شبكة الانترنت)، بالدور الذي تلعبه حكومة الرئيس حسني مبارك في عملية السلام، متجنباً في الوقت ذاته توجيه انتقادات إليها بسبب «بطئها» في تحقيق الإصلاحات الداخلية، بحسب ما يقول معارضوها. وقال: «إن مصر، أولاً وقبل أي شيء آخر، مرتكز أساسي للاستقرار في كل منطقة الشرق الأوسط. إننا نقدّر التزاماتها البنّاءة، في عملية سلام الشرق الأوسط مثلاً». ورداً على الشكاوى في شأن ما «تعثّر» عملية الإصلاح الداخلي في مصر، اكتفى بالقول: «نحن بالطبع نشجّع مصر على مواصلة جهودها من أجل الإصلاح الداخلي».كذلك أشاد الوزير الألماني بدور الأردن في عملية السلام، قائلاً إن «الأردن يلعب دوراً أساسياً في عملية سلام الشرق الأوسط. إن أكثر من نصف سكان الأردن من أصل فلسطيني، وكل نكسة في العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية يكون لها تأثير مباشر في السياسة المحلية في الأردن. وهذا ليس وضعاً سهلاً، لكن الأردن ينتهج نهجاً بنّاء من خلال عمله الدؤوب للموازنة بين مصالح جيرانه، بما في ذلك إسرائيل. وهذا سبب آخر لكي تكون عمّان محاوراً مهماً بالنسبة إلينا».
واعتبر أن جولته المفترض أن تكون بدأت مساء أمس بلقاء مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، «تأتي في الوقت المناسب. مع انطلاق المحادثات غير المباشرة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين لدينا الآن دينامية ايجابية في عملية السلام من جديد. لكن الوضع على الأرض يبقى متوتراً وهشاً. ولهذا السبب نحتاج أيضاً إلى خلفية إقليمية بناءة للمحافظة على الحاجة الماسة لفرصة إقامة محادثات مباشرة. إنني سأعمل على هذا خلال محادثاتي في المنطقة. فنحن في النهاية نتحدث عن حل يقوم على سلام شامل يعالج مجالات الصراع الأخرى في الشرق الأوسط، أي النزاع الذي لم يُحل (بعد) بين إسرائيل وسورية وبين إسرائيل ولبنان».
ولاحظ أن سورية غيّرت من تصرفاتها التي كانت محور شكاوى عديدة في السنوات الماضية، مشيراً إلى أنها تطبّع حالياً علاقاتها مع لبنان. لكنه قال: «هناك حاجة إلى خطوات أخرى بنّاءة (من سورية). ولكن في الوقت ذاته فإن الحوار مع دمشق ضروري إذا أردنا أن نتحرك إلى الأمام لحل نزاع الشرق الأوسط». وعن المطالبات بأن تفك سورية تحالفها الوثيق مع إيران، قال: «على سورية أن تقرر بنفسها مدى حرارة علاقاتها مع إيران. ولكن ما نريد رؤيته هو تعزيز القوى الساعية إلى السلام في المنطقة وتشجيع أي طرف في المنطقة، بما في ذلك سورية، على لعب دور بنّاء».
وجدد التمسك بشروط اللجنة «الرباعية» لسلام الشرق الأوسط برئاسة توني بلير للتعامل مع حركة «حماس»، بما في ذلك وقف أعمال العنف والاعتراف بإسرائيل. وقال إن «معايير الرباعية في الشرق الأوسط لم تتغيّر: إننا نطلب وقف أعمال العنف والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وبالنتائج التي حققتها عملية السلام حتى الآن. وهذه الأمور ما زالت تشكّل عقبة عندما يتعلق الأمر بحماس».
وعن اجتماعه قبل أيام مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، قال إن «لجنة التسيير الألمانية - الفلسطينية هي الأولى من نوعها. ليس هناك من دولة أخرى لديها منتدى تتشاور فيه الحكومتان في شأن تعزيز بناء المؤسسات في الأراضي الفلسطينية. إذا كان هناك من سلام في الشرق الأوسط فإن لا بديل من حل عادل يقوم على أساس الدولتين. ومن أجل أن يتم ذلك، فإن علينا العمل - إضافة إلى العملية السياسية - من أجل بناء المؤسسات (الفلسطينية) عملياً. إننا نقوم بما يمكننا القيام به من أجل دعم الحكومة الفلسطينية بقيادة رئيس الوزراء (سلام) فياض».
وعن الدور الأميركي الطاغي في عملية السلام، قال: «نحن في المجتمع الدولي نريد أن توفّر أفضل دعم ممكن لجهود السلام على الأرض. تقليدياً، تلعب الولايات المتحدة دوراً أساسياً بوصفها عضواً في «الرباعية» في الشرق الأوسط. وبفضل جهود جورج ميتشل، استطعنا اليوم أن نجعل الإسرائيليين والفلسطينيين يتحدثون لبعضهم بعضاً، وإن كان ذلك في البداية من خلال الولايات المتحدة فقط. لا أحد يمكنه أن يتحمل استمرار الجمود في الشرق الأوسط. ولذلك فإن أطراف النزاع عليهم أن يستغلوا الفرصة المتاحة من خلال محادثات السلام غير المباشرة».
وعن الرؤية المكوّنة لدى بعض الأطراف في الشرق الأوسط في خصوص أن ألمانيا «منحازة» إلى جانب إسرائيل بسبب شعورها بـ «الذنب» لما حصل لليهود على يد النازيين في الحرب العالمية الثانية، قال: «إن الشراكة الحميمة مع إسرائيل هي ركن في السياسة الخارجية الألمانية. ولكن هذا لا يعني أننا لا يجب أن ندعم انشاء دولة فلسطينية مستقلة. فنحن نعتقد أن الحل الوحيد البعيد المدى لنزاع الشرق الأوسط يكون فقط من خلال حل الدولتين والاعتراف بإسرائيل من قبل جيرانها العرب».
وعن الاستيطان الإسرائيلي، قال: «موقفنا من مسألة المستوطنات واضح كموقف الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي كله. إن خريطة الطريق تنص على تجميد الاستيطان - وهذا ينطبق على الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقبل شهور قليلة وافقت الحكومة الإسرائيلية على تجميد الاستيطان. وهذه خطوة أولى مهمة فتحت الطريق أمام محادثات السلام غير المباشرة. ولكن هذا ما زال يعني أننا في حاجة إلى تحقيق تقدّم أكبر على صعيد مسألة المستوطنات».
وعن دور جورج ميتشل الطاغي على دور ممثل الرباعية توني بلير، قال: «خلال الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي، انخرطت رباعية الشرق الأوسط في شكل أكبر في الجهود من أجل الوصول إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. إن الرباعية كانت ولا تزال منتدى أساسياً في عملية السلام حيث يمكن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة أن تنسّق (في ما بينها). والبيان الأخير الذي أصدرته الرباعية في اجتماعها في موسكو يُثبت أنها ما زالت تعمل في شكل جيد».
وعن الحصار المفروض على قطاع غزة، قال: «إن أولئك الذين يريدون السلام هم في حاجة إلى أن يُحسّنوا في شكل ملموس الحياة اليومية للمواطنين. وهذا صحيح خصوصاً بالنسبة إلى الوضع الإنساني في قطاع غزة، وهو وضع غير مستقر في شكل متزايد. ولهذا فإن هناك حاجة ضرورية لتحسين قدرة الناس على الحصول على السلع الأساسية التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية. وفي النهاية، نحن في حاجة إلى حلول بنّاءة هنا (في غزة)».
ولفت إلى أن ألمانيا تقدّم مساعدات للبنان «لتأمين حدود أرضه ومياهه»، لكنه أشار إلى أن «ألمانيا ليس لها علاقات سياسية مع حزب الله» الذي يشارك ممثلوه في الحكومة اللبنانية.
وستكون القاهرة المحطة التالية في جولته بعد بيروت، على أن يسافر اﻷحد إلى اﻷردن ثم إلى سورية.
No comments:
Post a Comment