Saturday, 23 May 2009

ميليباند يتعهد الانفتاح على العالم الاسلامي

ميليباند يتعهد الانفتاح على العالم الاسلامي
الجمعة, 22 مايو 2009
لندن – كميل الطويل

أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أمس تغييراً أساسياً في سياسة بلاده إزاء العالم الإسلامي، واعتبر أنها أخطأت في وضع التنظيمات الإسلامية كافة في «سلة واحدة» بعد اعتداءات تنظيم «القاعدة» في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 ضد نيويورك وواشنطن. وكشف أن بريطانيا ستسعى الآن إلى العمل مع دول ومنظمات إسلامية لا تتفق معها على «القيم ذاتها».

ويُعد هذا الموقف التغيير الأساسي الثاني في فترة وجيزة، بعدما قال ميليباند قبل شهور إن استخدام عبارة «الحرب ضد الإرهاب» كان خطأ.

وقال ميليباند في خطاب ألقاه مساء أمس أمام مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية تحت عنوان «مستقبل نتشارك فيه: بناء التحالفات ونيل الرضى»، إن فكرة «الاحترام المتبادل» هي إحدى المسائل التي توحّد بريطانيا مع غالبية الدول الإسلامية في مجال السياسة الخارجية. وأقر بأن هناك «انقساماً عميقاً وانعداماً للثقة تجاه الغرب نشأ في الفترة التي أعقبت 11 أيلول. إن تحالفاتنا ضيّقة جداً ولم تنل رضى (المسلمين)».

وقال إنه من أجل توسيع التحالفات والحصول على رضى المسلمين «علينا أن نفهم العالم الإسلامي في شكل أفضل»، منتقداً استخدامه في السابق مصطلحي «المعتدلين» و «المتطرفين».

وقال إن بداية إصلاح هذا الخلل يكون بالإقرار بأن هناك اختلافات بين الغرب والعالم المسلم (وبقية العالم)، وأن ليس هناك طريقة واحدة تُحدد «كيف يجب أن نحيا». وتابع أنه على رغم هذا الاختلاف فإن هناك قيماً كونية وحقوقاً أساسية يؤمن بها الجميع، من مواطنين وحكومات.

وأقر بأن السياسات الاستعمارية لحكومته كانت سبباً في كثير من الضيم الذين لحق بكثيرين في «الشرق الأوسط وجنوب آسيا»، مشيراً تحديداً إلى دور بلاده في فلسطين (لم يشر بالاسم إلى «وعد بلفور» الذي وعد اليهود بإقامة وطن لهم في فلسطين)، وإلى حربها الأخيرة إلى جانب الأميركيين في العراق، قائلاً إن ذلك ولّد «شعوراً بالمرارة وعدم الثقة والنفور» من بلاده.

ورأى أن «الأمن في هذا العالم لم يعد يمكن أن تضمنه قوة عظمى وحيدة، ولا حتى اجتماع قوى عظمى مع بعضها بعضاً. إن التهديدات الناشئة عن التغييرات المناخية والإرهاب وانتشار الأوبئة والأزمات الاقتصادية واسعة جداً» ما يجعلها أكبر من طاقة دولة واحدة لمواجهتها بمعزل عن غيرها من الدول.

وتابع أن «الأمن يحتاج إلى عنصرين لا يمكن الاستغناء عنهما. الأول هو أننا نحتاج إلى أوسع تحالف للدول والحركات السياسية، الأمر الذي يعني أن نكون مستعدين لتشجيع المصالحة مع المنظمات التي ربما لا نتفق مع قيمها لكنها قد تكون مستعدة لقبول أن هناك مصالح تجمعنا». وقال إن الأمر الثاني هو «أننا نحتاج إلى رضى الناس. في القرون الماضية، كانت التحالفات تُقام من خلال الملوك أو المعاهدات التي يوقّعها الملوك وتحترمها – أو لا تحترمها – الطبقة الحاكمة. لكن السلطة في العصر الحديث لا يوجد فيه هذا الأمر».

وقال إن «الإرهاب شوّه نظرتنا إلى بعضنا (العالم الإسلامي والغرب). لقد تم دمج منظمات لها أهداف مختلفة وقيم وتكتيكات مختلفة في سلة واحدة. أحياناً لم يتم التفريق بين المنظمات التي تكافح من أجل (استعادة) أراضيها الوطنية وبين المنظمات التي لديها أهداف عالمية إسلامية، ولا بين أولئك الذين يمكن إشراكهم في العملية السياسية المحلية وبين أولئك الذين يعارضون أصلاً العمل السياسي وينتهجون العنف».

وتابع انه على هذا الأساس صار يتم النظر إلى الغرب «ليس على أساس أننا ضد الإرهاب، كما كنا نتمنى أن يُنظر إلينا، بل على أساس أننا ضد الإسلام». وقال إنه «إذا أردنا بناء علاقات وتحالفات أوسع «علينا أن نُظهر احتراماً أكبر (للمسلمين). وهذا يعني أن نرفض الصور النمطية ونتجاوز (الصورة النمطية) عن انقسام بين طرفين هما المعتدلون والمتطرفون. لا يجب أن ننظر إلى المسلمين على أنهم فقط مسلمون، ولكن على أساس أنهم أناس ينتمون إلى مشارب مختلفة في الحياة، سواء في المنزل أو العمل وكل أشكال الحياة الشخصية».

وتحدث عن تركيا واعتبرها «قوة حداثة» في المنطقة، وأشار إلى تقدم كبير حاصل في دول الخليج، متوقفاً عند الإمارات تحديداً وقال إنها في خلال عقدين من الزمن فقط أنشأت مدناً تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم وتحافظ على هندسة معمارية تجمع تقاليد الغرب والشرق.

وتحدث أيضاً عن تجربة «أبناء العراق» (أو «الصحوة»). وقال إن قوات التحالف «كانت على حق في محاولة العمل مع «أبناء العراق». فعلى رغم ماضيهم، إلا أن قرارهم نبذ «القاعدة» وبدء عملية انتقالية للعيش في كنف الدستور ساعد في تحسين حياة العراقي العادي في بغداد والأنبار، وأعطاهم فرصة لرسم مستقبلهم».

وأشار أيضاً إلى دعم بريطانيا الرئيس الصومالي الجديد شيخ شريف شيخ أحمد على رغم ماضيه في إطار «المحاكم الإسلامية». وقال إن شريف أحمد يسعى إلى منع «استغلال» الشباب الصومالي ومنع تشويه صورة الإسلام.

كذلك تحدث عن الحوار مع أطراف في طالبان، قائلاً إن هذه الحركة عبارة عن تنظيم فضفاض بعضه لا علاقة أيديولوجية له بـ «القاعدة». وأقر بخطأ استبعاد بعض الأطراف البشتونية التي كانت جزءاً من «طالبان» عن مؤتمر بون الذي أطلق عملية بناء السلطة الأفغانية بعد إطاحة حكم «طالبان» في نهاية 2001.

وقال إن حكومة بلاده ستدعم الانتخابات التي ستجرى الشهر المقبل في لبنان وإيران والمغرب، وقبل نهاية السنة في تونس وأفغانستان. وقال إنه ما دامت تلك الانتخابات ستجرى وفق معايير مقبولة «فإنها ستكون شرعية». ورد على من يقول إن بلاده رفضت التعامل مع حركة «حماس» بعد فوزها في الانتخابات الفلسطينية، قائلاً إن لندن لم تقل إن «حماس» لم تفز في الانتخابات ولم تقل إن الاقتراع لم يكن شرعياً بل رفضت التعامل مع حكومة «حماس» لأنها رفضت السير في عملية سياسية تهدف إلى الوصول إلى حل على أساس دولتين (إسرائيل وفلسطين).

ولفت إلى أن بريطانيا وعدداً من شركائها في الاتحاد الأوروبي رفضوا التعامل مع الحكومة النمسوية عام 2000 بسبب آرائها اليمينية المتطرفة، ما يعني أن الإجراء ضد «حماس» لم يكن يستهدفها بوصفها حركة إسلامية بل بسبب مواقفها.

No comments: