مسؤول في اللجنة الدولية التقى قياديين سابقين في الحركة ... الرباعية أجرت اتصالات سرية مع «حماس» لاستطلاع وجهة نظرها في كيفية تحريك الأوضاع
لندن - كميل الطويل الحياة - 03/06/08//
«لا نعتقد أنه يساعد في جلب السلام إلى المنطقة». بهذه العبارة علّقت إدارة الرئيس جورج بوش على إقرار باريس، الشهر الماضي، بأنها كانت تقيم، على مدى شهور، «اتصالات» سرية بحركة «حماس» في غزة.
لكن هذه الاتصالات بين «حماس» والحكومة الفرنسية من خلال سفيرها السابق في العراق إيف أوبان دو لا ميسوزيير، ليست هي الوحيدة التي تُجريها الأطراف الغربية مع الحركة الإسلامية في غزة، إذ علمت «الحياة» أن اللجنة الرباعية الدولية التي يقودها موفدها للسلام إلى الشرق الأوسط توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، تجري منذ شهور أيضاً اتصالات سرية في غزة مع مسؤولين فلسطينيين سابقين محسوبين على «حماس».
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ «الحياة»، فإن موفداً من الرباعية يزور غزة منذ بدايات هذه السنة ويلتقي مسؤولين سابقين من «حماس» ويتداول معهم في سبل تحريك عملية السلام وإمكان قيام الرباعية بجهود من أجل تحسين الأوضاع المعيشية للغزيين الخاضعين لحصار إسرائيلي شديد، خصوصاً منذ صيف العام الماضي عندما سيطرت «حماس» على القطاع في أعقاب معارك مع مناصري حركة «فتح» والسلطة الوطنية.
وإذا كان من فارق بين الاتصالات الفرنسية السرية بـ «حماس» والاتصالات التي تُجريها الرباعية في غزة فيمكن تلخيصه بأن الموفد الحكومي الفرنسي ربما كان أكثر جرأة من موفد لجنة بلير، ففي حين أجرى السفير ايف أوبان اتصالات مع أرفع المسؤولين في «حماس» مثل رئيس الحكومة المُقالة اسماعيل هنية ووزير خارجيته محمود الزهار، بدا موفد الرباعية حذراً في اتصالاته، واكتفى بلقاء مسؤولين سابقين في «حماس»، وإن كان هؤلاء نقلوا في أحاديثهم وجهة نظر الحركة في كيفية الدفع بالأمور الى أمام.
ويمكن أن يكون سبب عدم الاتصال بمسؤولين حاليين في «حماس» عائداً الى اعتراض بلير على الاتصال بهذه الحركة كونها لم تلب الشروط الثلاثة التي وضعتها الدول الغربية على «حماس» بعد فوزها في انتخابات كانون الثاني (يناير) 2006، وهي الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، والإقرار بالاتفاق السابقة التي وقعها الفلسطينيون مع إسرائيل (اتفاقات أوسلو مثلاً)، ونبذ الإرهاب أو استخدام العنف.
ورفضت «حماس» التزام هذه الشروط التي كانت صيغت عندما كان بلير ما زال رئيساً للحكومة في بلده (لم يترك منصبه سوى في صيف 2007 عندما عُيّن موفداً للسلام عن اللجنة الرباعية التي تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا).
ويشكل الاتصال بين «حماس» والرباعية خطوة مهمة، خصوصاً في ظل النظرة الفلسطينية إلى بلير بوصفه منحازاً إلى الجانب الإسرائيلي، وهي تهمة يعتبرها مؤيدو المسؤول البريطاني السابق غير عادلة.
ويقول مصدر مطلع على الاتصالات الجارية إن بلير سعى في أكثر من مرة إلى تسهيل أوضاع الغزيين على رغم سيطرة «حماس» بالقوة على القطاع، وتدخل من أجل وقف الاسرائيليين عن توغلاتهم، وتسهيل دخول المؤن والفيول، وحتى تسهيل دخول مواد ضرورية لإكمال مشاريع بنى تحتية أصر الإسرائيليون على حرمان الفلسطينيين منها (مثل الاسمنت الضروري لبناء مجاري صرف صحي في شمال القطاع، إذ منع الإسرائيلون دخوله لأنهم كانوا يعتقدون أن الاسمنت يستخدمه الفلسطينيون لبناء ملاجئ سرية تحت الأرض).
ولفت المصدر إلى أن قلة يعرفون بحقيقة جهود بلير من الناحية الإنسانية، ومدى سعيه مع الإسرائليين لتخفيف معاناة الفلسطينيين.
وأقر المصدر بأن ثمة نقطة ضعف أساسية في نظرة بلير وفريقه للأوضاع في فلسطين، إذ أن الصورة المتكونة لديه تقوم أساساً على معلومات السلطة بقيادة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وحكومته برئاسة سلام فياض، وهي معلومات يُفترض بالضرورة أن تكون منحازة ضد «حماس»، إضافة الى المعلومات التي يتلقاها من الجانب الإسرائيلي والأميركي، وهما أيضاً مصدران معارضان لـ «حماس». ومن هذا المنطلق، ربما، جاءت ضرورة فتح قناة اتصال سرية بالقريبين من «حماس» في غزة، بهدف معرفة مدى استعداد هذه الحركة للتقدم إلى أمام.
وليس واضحاً إلى أي مدى يمكن أن يكون بلير راغباً في الخوض بنفسه في غمار الاتصالات بين «حماس» والإسرائيليين، وهي اتصالات تتم في طريقة غير مباشرة من خلال الوزير عمر سليمان، مدير الاستخبارات المصرية. والأرجح أن بلير لن يكون ميالاً إلى لعب دور مماثل للدور الذي لعبه في عملية السلام في ايرلندا الشمالية (اتفاق الجمعة العظيمة عام 1997) سوى بعد حسم الفلسطينيين الأمر في ما بينهم وتقرير هل يعودون إلى حكومة وحدة وطنية تتولى فيها «فتح» الاتصال بالإسرائيليين (مع وعد من «حماس» بأن تقبل أي اتفاق يتم التوصل اليه مع الإسرائيليين إذا وافق عليه الشعب الفلسطيني في استفتاء).
ويقول مصدر مطلع على هذا الملف أن ثمة توقعات بأن تحصل اتصالات مع قطر لإقناعها بأن تلعب بين فلسطينيي «حماس» في غزة وفلسطينيي «السلطة» في الضفة دوراً مماثلاً للدور الذي لعبته بين لبنانيي «الموالاة» ولبنانيي «المعارضة». وتوقع المصدر أن يسعى بلير إلى إقناع القطريين بلعب مثل هذا الدور.
لندن - كميل الطويل الحياة - 03/06/08//
«لا نعتقد أنه يساعد في جلب السلام إلى المنطقة». بهذه العبارة علّقت إدارة الرئيس جورج بوش على إقرار باريس، الشهر الماضي، بأنها كانت تقيم، على مدى شهور، «اتصالات» سرية بحركة «حماس» في غزة.
لكن هذه الاتصالات بين «حماس» والحكومة الفرنسية من خلال سفيرها السابق في العراق إيف أوبان دو لا ميسوزيير، ليست هي الوحيدة التي تُجريها الأطراف الغربية مع الحركة الإسلامية في غزة، إذ علمت «الحياة» أن اللجنة الرباعية الدولية التي يقودها موفدها للسلام إلى الشرق الأوسط توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، تجري منذ شهور أيضاً اتصالات سرية في غزة مع مسؤولين فلسطينيين سابقين محسوبين على «حماس».
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ «الحياة»، فإن موفداً من الرباعية يزور غزة منذ بدايات هذه السنة ويلتقي مسؤولين سابقين من «حماس» ويتداول معهم في سبل تحريك عملية السلام وإمكان قيام الرباعية بجهود من أجل تحسين الأوضاع المعيشية للغزيين الخاضعين لحصار إسرائيلي شديد، خصوصاً منذ صيف العام الماضي عندما سيطرت «حماس» على القطاع في أعقاب معارك مع مناصري حركة «فتح» والسلطة الوطنية.
وإذا كان من فارق بين الاتصالات الفرنسية السرية بـ «حماس» والاتصالات التي تُجريها الرباعية في غزة فيمكن تلخيصه بأن الموفد الحكومي الفرنسي ربما كان أكثر جرأة من موفد لجنة بلير، ففي حين أجرى السفير ايف أوبان اتصالات مع أرفع المسؤولين في «حماس» مثل رئيس الحكومة المُقالة اسماعيل هنية ووزير خارجيته محمود الزهار، بدا موفد الرباعية حذراً في اتصالاته، واكتفى بلقاء مسؤولين سابقين في «حماس»، وإن كان هؤلاء نقلوا في أحاديثهم وجهة نظر الحركة في كيفية الدفع بالأمور الى أمام.
ويمكن أن يكون سبب عدم الاتصال بمسؤولين حاليين في «حماس» عائداً الى اعتراض بلير على الاتصال بهذه الحركة كونها لم تلب الشروط الثلاثة التي وضعتها الدول الغربية على «حماس» بعد فوزها في انتخابات كانون الثاني (يناير) 2006، وهي الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، والإقرار بالاتفاق السابقة التي وقعها الفلسطينيون مع إسرائيل (اتفاقات أوسلو مثلاً)، ونبذ الإرهاب أو استخدام العنف.
ورفضت «حماس» التزام هذه الشروط التي كانت صيغت عندما كان بلير ما زال رئيساً للحكومة في بلده (لم يترك منصبه سوى في صيف 2007 عندما عُيّن موفداً للسلام عن اللجنة الرباعية التي تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا).
ويشكل الاتصال بين «حماس» والرباعية خطوة مهمة، خصوصاً في ظل النظرة الفلسطينية إلى بلير بوصفه منحازاً إلى الجانب الإسرائيلي، وهي تهمة يعتبرها مؤيدو المسؤول البريطاني السابق غير عادلة.
ويقول مصدر مطلع على الاتصالات الجارية إن بلير سعى في أكثر من مرة إلى تسهيل أوضاع الغزيين على رغم سيطرة «حماس» بالقوة على القطاع، وتدخل من أجل وقف الاسرائيليين عن توغلاتهم، وتسهيل دخول المؤن والفيول، وحتى تسهيل دخول مواد ضرورية لإكمال مشاريع بنى تحتية أصر الإسرائيليون على حرمان الفلسطينيين منها (مثل الاسمنت الضروري لبناء مجاري صرف صحي في شمال القطاع، إذ منع الإسرائيلون دخوله لأنهم كانوا يعتقدون أن الاسمنت يستخدمه الفلسطينيون لبناء ملاجئ سرية تحت الأرض).
ولفت المصدر إلى أن قلة يعرفون بحقيقة جهود بلير من الناحية الإنسانية، ومدى سعيه مع الإسرائليين لتخفيف معاناة الفلسطينيين.
وأقر المصدر بأن ثمة نقطة ضعف أساسية في نظرة بلير وفريقه للأوضاع في فلسطين، إذ أن الصورة المتكونة لديه تقوم أساساً على معلومات السلطة بقيادة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وحكومته برئاسة سلام فياض، وهي معلومات يُفترض بالضرورة أن تكون منحازة ضد «حماس»، إضافة الى المعلومات التي يتلقاها من الجانب الإسرائيلي والأميركي، وهما أيضاً مصدران معارضان لـ «حماس». ومن هذا المنطلق، ربما، جاءت ضرورة فتح قناة اتصال سرية بالقريبين من «حماس» في غزة، بهدف معرفة مدى استعداد هذه الحركة للتقدم إلى أمام.
وليس واضحاً إلى أي مدى يمكن أن يكون بلير راغباً في الخوض بنفسه في غمار الاتصالات بين «حماس» والإسرائيليين، وهي اتصالات تتم في طريقة غير مباشرة من خلال الوزير عمر سليمان، مدير الاستخبارات المصرية. والأرجح أن بلير لن يكون ميالاً إلى لعب دور مماثل للدور الذي لعبه في عملية السلام في ايرلندا الشمالية (اتفاق الجمعة العظيمة عام 1997) سوى بعد حسم الفلسطينيين الأمر في ما بينهم وتقرير هل يعودون إلى حكومة وحدة وطنية تتولى فيها «فتح» الاتصال بالإسرائيليين (مع وعد من «حماس» بأن تقبل أي اتفاق يتم التوصل اليه مع الإسرائيليين إذا وافق عليه الشعب الفلسطيني في استفتاء).
ويقول مصدر مطلع على هذا الملف أن ثمة توقعات بأن تحصل اتصالات مع قطر لإقناعها بأن تلعب بين فلسطينيي «حماس» في غزة وفلسطينيي «السلطة» في الضفة دوراً مماثلاً للدور الذي لعبته بين لبنانيي «الموالاة» ولبنانيي «المعارضة». وتوقع المصدر أن يسعى بلير إلى إقناع القطريين بلعب مثل هذا الدور.
No comments:
Post a Comment