البريطانيون رصدوا حشداً عراقياً «هائلاً» على حدود الكويت... لكنهم لم يتوقعوا الاجتياح
A+
a-
Print
Email
تعليق (0)
النسخة: الورقية - دولي السبت، ٣١ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث: السبت، ٣١ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) لندن - كميل الطويل
تناولت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرية في الأرشيف الوطني، أزمة الاجتياح العراقي للكويت في 2 آب (أغسطس) 1990، معيدة التذكير بواحدة من أشد الأزمات التي عصفت بالعالم العربي، وتحديداً بين دوله، في الحقبة الحديثة.
وتعطي الوثائق، وهي عبارة عن تقارير ومحاضر سرية أعدتها الحكومة البريطانية وبعثاتها الديبلوماسية، صورة واضحة عن التطورات التي سبقت الاجتياح، شارحة خلفياته، بما في ذلك قضية الديون العراقية المستحقة للكويت والمطالب العراقية بأراض كويتية، وبالتحديد جزيرتي بوبيان ووربة. كما تتناول الوثائق الاتصالات التي أجراها البريطانيون من أجل معرفة مدى خطورة المواقف العراقية التي سبقت العدوان على الكويت. وكان واضحاً، من هذه الوثائق، أن البريطانيين شعروا بقلق كبير إزاء النيات العراقية، لكنهم لم يكونوا يعرفون ما يُعدّ له صدام حسين، كما أنهم كانوا يخشون التصرف بما يثير غضب العراقيين ويؤثر في علاقاتهم التجارية معهم وأيضاً على مصير السجين البريطاني، رجل الأعمال إيان ريختر، الذي كانت لندن تسعى منذ فترة إلى تأمين الإفراج عنه من سجنه في بغداد.
ففي وثيقة مؤرخة في 30 تموز (يوليو) 1990، بعث سفير المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك (سير كريسبن تيكيل) مذكرة إلى وزارة الخارجية أبلغها فيها بأنه ناقش، بناء على طلبها، الأزمة العراقية - الكويتية مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وهم - إلى جانب بريطانيا - سفراء الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين وفرنسا. ولاحظ السفير، في برقيته، أن «حرارة» التهديدات العراقية للكويت تراجعت بعدما لبّى الكويتيون بعض المطالب العراقية، لا سيما في خصوص «تثبيت سعر جديد، ومرتفع، لنفط أوبك»، في إشارة إلى القضية التي أثارها العراقيون آنذاك في خصوص أن الإنتاج الكويتي من النفط يؤدي إلى تراجع سعره عالمياً، بينما العراق يريد رفع السعر كي يتمكن من سداد ديونه المتراكمة إلى الكويت وغيرها بعد خروجه من حرب منهكة دامت 8 سنوات مع إيران.
وينقل السفير البريطاني، في البرقية ذاتها، عن توماس بيكرينغ، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إنه اتفق معه على أن هناك مشكلة أخرى «أكثر صعوبة» من قضية سعر برميل النفط وتتمثل في مطالبة العراقيين بجزيرتي بوبيان ووربة. وورد في البرقية أن بيكرينغ قال في الاجتماع إن صدام حسين أجرى محادثات مع سفيرة الولايات المتحدة في بغداد أبريل غلاسبي و «بدا أكثر ارتياحاً مما كان عليه منذ سنوات في خصوص شط العرب ووضع اتفاق الجزائر» الذي يحدد الحدود الملاحية مع إيران في هذا المجرى المائي بين البلدين. ومعروف أن كلاماً كثيراً قيل لاحقاً في شأن اجتماع صدام مع غلاسبي، وتحديداً ما قيل عن غضها الطرف عن تهديداته للكويت باعتبارها تدخل في إطار خلاف داخلي عربي - عربي. وهناك من فسّر موقفها آنذاك بأنه يعني أن الأميركيين لن يتدخلوا لمنع صدام من اجتياح الكويت.
في الواقع، جاء اجتماع سفراء الدول الخمس الكبرى في نيويورك على وقع معلومات استخباراتية بريطانية عن حشود عراقية «هائلة» تتجه نحو الحدود الكويتية. وأشارت مذكرة وقّعها «كيلي» من البعثة البريطانية في بغداد (روبن كيلي، القنصل البريطاني العام)، بتاريخ 22 تموز (يوليو)، إلى أن ضباطاً يعملون في القسم الدفاعي في السفارة قاموا برحلة، ذهاباً وإياباً، بين بغداد والكويت، وأنهم شاهدوا وهم في طريق العودة إلى العاصمة العراقية (سلكوا طريق صفوان - الناصرية - الكوت) حشداً غير مسبوق لقوات الحرس الجمهوري وهي تزحف نحو حدود الكويت. وتضمن تقرير العسكريين البريطانيين، والواضح أنهم من أجهزة الاستخبارات، تسجيل أرقام العربات العسكرية التي شاهدوها (أكثر من 3000 آلية)، والإشارات التي يضعها الجنود على بذاتهم العسكرية (علامة قوات الحرس الجمهوري والعلامة الحمراء للقوات الخاصة المظلية)، وأنواع الآليات التي يتم الدفع بها، من دبابات وناقلات جند وشاحنات نقل وعربات لوحدات الهندسة، وكذلك مواقع المخيمات التي يتم نصبها لهذا الحشد (غرب الزبير). ولاحظ التقرير أن الأمن العراقي لم يحاول التحرش أو عرقلة عمل العسكريين البريطانيين خلال مراقبتهم تقدم القوات نحو حدود الكويت. وبما أن جولة هؤلاء كانت قد نالت إذناً مسبقاً من السلطات العراقية، فقد خلص التقرير البريطاني إلى أن بغداد تريد على الأرجح أن يُعرف أنها تحشد قواتها ضد الكويت. لكن التقرير يقول إن النيات العراقية «ليست واضحة» في خصوص الهدف النهائي من إرسال القوات.
ما عجز تقرير كيلي من بغداد عن التنبؤ به سرعان ما كشفه صدام. فبعد 10 أيام فقط كانت القوات العراقية تعبر الحدود الكويتية، وتسيطر على كامل أراضي جارتها الصغيرة، ما اضطر القيادة الكويتية إلى الانتقال إلى السعودية التي وقفت بصلابة إلى جانب الكويتيين وضد العدوان العراقي.
وتفيد الوثائق بالتفصيل الاتصالات التي باشرها البريطانيون مباشرة بعد الغزو، الذي قوبل بقرار فوري من مجلس الأمن يطالب العراقيين بانسحاب غير مشروط (القرار الرقم 660، حظي بتأييد 14 دولة باستثناء اليمن الذي لم يشارك في التصويت). أصدر مجلس الأمن خلال الشهور السبعة لاحتلال الكويت قراراً تلو الآخر بفرض عقوبات وحصار على العراق، لكنها لم تنجح في إقناع صدام بالانسحاب سلماً.
وتوضح الوثائق البريطانية أن حكومة مارغريت ثاتشر كانت بالفعل تفكّر في بدء عمل عسكري، توقعاً لفشل العقوبات. وتكشف برقية من السفارة البريطانية في واشنطن (السفير سير أنتوني آكلاند)، بتاريخ 6 أيلول (سبتمبر) 1990، أن الجانب البريطاني بدأ اتصالات مع الأميركيين لمناقشة «الأسس القانونية للعمل العسكري» ضد صدام. وتوضح البرقية أن الأميركيين اتفقوا مع البريطانيين على أن الرسالة التي تلقوها من الحكومة الكويتية والتي تطالب بإجراءات اقتصادية ضد العراق لدفعه إلى الانسحاب «تحد مستقبلاً من حريتنا في بدء أي عمل (عسكري)». لكن الأميركيين جادلوا، في الوقت ذاته، بأن الرسالة الكويتية تنص على أن الهدف هو تطبيق القرار 660 الذي يطالب العراقيين بالانسحاب غير المشروط، وأن ذلك يمكن استخدامه - بالإضافة إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة - كمبرر يعطي «مشروعية لأي عمل عسكري أميركي» محتمل لتحرير الكويت. وتضيف الوثيقة أن الأميركيين جادلوا أيضاً بأن العمل العسكري يمكن اللجوء إليه «بمجرد إيماءة بالموافقة المسبقة من الكويتيين».
لكن البريطانيين لم يريدوا، كما يبدو، حصول تدخل عسكري سوى بعد تأمين أكبر حشد دولي ضد العراق، وبالتحديد من خلال جذب الاتحاد السوفياتي إلى موقف مشترك مع الأميركيين.
وتكشف الوثائق البريطانية أن ثاتشر سعت إلى التقريب بين الرئيسين جورج بوش وميخائيل غورباتشوف اللذين عقدا قمة في هلسنكي في مطلع أيلول (سبتمبر). ففي 6 أيلول تلقت ثاتشر من مستشارها للشؤون الخارجية تشارلز باول رسالة مصنّفة «سرية» تتناول المواضيع التي يفترض أن تثيرها في اتصال هاتفي مع بوش قبل اجتماعه مع غورباتشوف. وقال باول لثاتشر إن عليها أن تلفت نظر الرئيس الأميركي إلى أن «المشكلة الأساسية الوحيدة محل الخلاف هي هل هناك ضرورة للعودة إلى الأمم المتحدة من أجل نيل تفويض إضافي قبل استخدام العمل العسكري لطرد صدام حسين من الكويت». وأضاف أن عليها إبلاغ بوش بأن الرأي القانوني للبريطانيين يقول إن هناك حاجة إلى طلب رسالة جديدة من أمير الكويت تغطي مشروعية العمل العسكري لتحرير بلده. ويلفت باول نظر ثاتشر إلى أن الأميركيين يترددون في السير بهذا الخيار، ويدعوها إلى الطلب من بوش أن يشجع غورباتشوف «على سحب جميع المستشارين العسكريين الروس (من العراق). (لأن) وجودهم يعطي إشارة خاطئة: علينا أن نعزل صدام حسين في شكل كامل».
واستبقت ثاتشر اتصالها ببوش برسالة إلى غورباتشوف قالت فيها: «إن تبعات العمل العراقي خطيرة جداً بالفعل. ليس هناك أي مبرر يمكن تصوّره كي تزحف دولة وتحتل أخرى فقط لأنها تطمع في ثرواتها ومصادرها». واعتبرت رئيسة الوزراء البريطانية «أن التصرف العراقي يوجد عالماً بلا قانون، وسيؤثر في ثقة كل الدول الصغيرة». وفي إشارة إلى ألمانيا النازية وسياسات هتلر التوسعية في أوروبا في ثلاثينات القرن الماضي، توجهت ثاتشر إلى غورباتشوف قائلة: «لدولتينا ذكريات مريرة في خصوص تبعات العجز عن التصدي لابتلاع دول صغيرة في الثلاثينات».
وفي 6 أيلول أيضاً، كتب باول محضر اجتماع جمع ثاتشر ووزير خارجيتها دوغلاس هيرد لمناقشة أزمة الاجتياح العراقي للكويت. وجاء في المحضر: «قالت رئيسة الوزراء إنها متيقنة في شكل متزايد أن صدام حسين لن يخرج من الكويت سوى بعد رميه خارجها». وأضاف المحضر أن ثاتشر قالت إنها «وصلت إلى هذا الاقتناع نفسه في شأن الجنرال (الأرجنتيني) غالتييري في نزاع فوكلاند»، في إشارة إلى الحرب على هذه الجزر في العام 1982. في المقابل، لفت المحضر إلى أن «وزير الخارجية (هيرد) كان ميالاً أكثر لإعطاء فرصة للعقوبات كي تنجح، بشرط أن نقنع صدام حسين بأنه سيُضرب ضرباً شديداً إذا بقي» في الكويت. وبحسب المحضر ذاته، وافقت ثاتشر على ضرورة منح فرصة للعقوبات الدولية، لكنها قالت إن ذلك لا يجب أن يطول أكثر من 3 - 6 أشهر، وأنه يجب بدء التحضير للعمل العسكري تحسباً لفشل العقوبات. نقل المحضر عن ثاتشر: «إذا لم تنجح العقوبات وفشلت الولايات المتحدة والقوة المتعددة الجنسيات في القيام بعمل عسكري، فإنها تتوقع أن يوجّه الإسرائيليون ضربة (للعراق)».
Saturday, 31 December 2016
Friday, 30 December 2016
ALHAYAT - My story today (on the Iraqi invasion of Kuwait, 1990) http://www.alhayat.com/Articles/19333979
«الشاويش» علي صالح حاول «رشوة» مبارك لخدمة صدام
النسخة: الورقية - دولي الجمعة، ٣٠ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث: الجمعة، ٣٠ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) لندن - كميل الطويل
أعادت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرية في الأرشيف الوطني اليوم الجمعة، نكء جروح كانت اندملت إلى حد كبير في العلاقات العربية– العربية، لا سيما على خلفية الانقسام الذي سببه الاجتياح العراقي للكويت في 2 آب (أغسطس) 1990، إذ تنقل الوثائق كمّاً ضخماً من الاتهامات التي كالها زعماء عرب بعضهم إلى بعض، بسبب وقوفهم إلى جانب الرئيس العراقي السابق صدام حسين أو إلى جانب معارضيه.
ولعل أشد الاتهامات الواردة في المحاضر السرية البريطانية كانت تلك التي أطلقها الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي اتهم صدام بمحاولة رشوته بملايين الدولارات من أجل ضمان تأييد العراق.
وإضافة إلى صدام، شن مبارك هجوماً لاذعاً على العاهل الأردني الراحل الملك حسين، واتهمه بالعمل لمصلحة صدام. وشن هجوماً مماثلاً ضد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي قال إنه جاء إلى مصر حاملاً 25 مليون دولار «رشوة» من صدام. ومعلوم أن مبارك كان أطلق مثل هذه الاتهامات علناً بُعيد الاجتياح العراقي للكويت، لكن كلامه هنا جاء في إطار أحاديث خاصة مع مسؤولين غربيين.
وبحسب الوثائق البريطانية، استخدم مبارك في انتقاده علي صالح، وصْفَ «شاويش»، في إشارة إلى أن الرئيس اليمني السابق كان متدني الرتبة عندما التحق بالقوات المسلحة اليمنية قبل أن يصبح رئيساً في العام 1978.
وتنقل الوثائق أيضاً عن مبارك قوله إن صدام مصاب بهوس أن يكون العراق «دولة عظمى إقليمية» مؤكداً انه لن يخرج من الكويت إلا بالقوة، كما تتحدث عن «اختلاف» في المواقف من العدوان العراقي على الكويت بين الملك حسين وولي عهده الأمير حسن، لافتة إلى أن مواقف الأخير كانت «ناضجة» وأقرب إلى مواقف دول الخليج وأكثر تفهماً للأوضاع الخطيرة التي سيواجهها الأردن نتيجة تداعيات الأزمة والظهور بمظهر المؤيد لصدام.
وتنقل الوثائق في الوقت ذاته عن الملك حسين تأكيده أنه لا يقف إلى جانب صدام في اجتياح الكويت، بل يريد أن يكون في وضع يسمح له بلعب دور وساطة في الأزمة. وتكشف أن بريطانيا قالت في اتصالاتها آنذاك مع دول المنطقة، إنها لا تريد أن يسقط العرش الهاشمي، وإنها سعت إلى إقناع المستائين من موقف الأردن بمساعدته لئلا تهدد الأوضاع استقرار الحكم.
وتنقل الوثائق أيضاً عن صالح أنه حاول أمام وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيرد، أن يبرر لصدام احتجازه رهائن غربيين لمنع حصول ضربات تستهدف العراق لإرغامه على الانسحاب من الكويت، قائلاً إن صدام لم يفعل أكثر مما فعله اليابانيون خلال الحرب العالمية الثانية، فرد عليه الوزير البريطاني بأن اليابانيين فعلوا ذلك حقاً لكن مصيرهم كان الاعتقال وحبل المشنقة.
وفي الوثائق أيضاً، معلومات مفصلة عن الجهود التي قامت بها حكومة مارغريت ثاتشر لحشد التأييد الدولي ضد صدام، بما في ذلك الطلب من الأميركيين تحضير الأساس القانوني الذي يمكن اللجوء إليه لشن عمل عسكري يُرغم صدام على الخروج من الكويت. وتنقل المحاضر عن ثاتشر قولها إنها مقتنعة بأن صدام لن يترك الكويت إلا إذا تم «رميه خارجها»، في حين جادل وزيرها للخارجية (هيرد) بضرورة إعطاء فرصة للحصار الدولي الذي فرضته الأمم المتحدة، على أمل أن ينجح في دفع الرئيس العراقي إلى إعادة النظر، سلماً، في موقفه. وقالت ثاتشر إنه إذا عجز المجتمع الدولي عن إرغام صدام على ترك الكويت فإنها تعتقد أن الإسرائيليين سيوجهون إليه ضربة عسكرية.
ومن ضمن الوثائق واحدة توضح أن عسكريين بريطانيين يُعتقد أنهم من الاستخبارات، رصدوا حشد العراق قواته قرب الحدود الكويتية في الشهر السابق للغزو، وتحدثوا عن مشاهدتهم قوافل تبدأ ولا تنتهي من قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وهي تتجه جنوباً نحو الكويت، من دون أن يتضح هل هذه الحشود هدفها إخافة الكويتيين فقط أم القيام بعمل عسكري ما. لم تمر أيام على التقرير الأمني البريطاني حتى كانت القوات العراقية تعبر الحدود الكويتية بعد منتصف الليل في 2 آب (أغسطس)، وتسيطر على العاصمة وبقية أرجاء الدولة، حيث اضطرت الحكومة الكويتية للجوء إلى المملكة العربية السعودية. لم يكتف صدام بما فعل، بل لجأ إلى إعلان ضم الكويت إلى العراق وجعلها «المحافظة 19». ولا تغطي الوثائق مرحلة التحرير الذي بدأ في كانون الثاني (يناير) 1991.
Sunday, 25 December 2016
مقالتي في الحياة اليوم
http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/19250992
النسخة: الورقية - دولي
الأحد، ٢٥ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
بعد خمسة أيام، وتحديداً في 30 كانون الأول (ديسمبر)،
تمر الذكرى العاشرة لإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. جاء إعدامه،
آنذاك، تنفيذاً لحكم أصدره القضاء العراقي بعدما دانه بـ «مذبحة الدجيل»
التي راح ضحيتها 148 شيعياً في العام 1982. ولو أتيح مزيد من الوقت قبل
تعليقه على حبل المشنقة، لكان القضاء العراقي بالتأكيد قد دانه أيضاً
بعشرات الحروب العبثية والمذابح واستخدام السلاح الكيماوي وانتهاكات أخرى
لا تُحصى ضد شعبه وجيرانه على مدى سنوات عهده منذ 1979 وحتى إطاحته في
العام 2003.
هل نال الرجل ما يستحق؟ سيقول كثيرون إنه
نال أقل مما يستحق، لكن هناك أيضاً من لا يزال يؤمن أنه كان شخصاً وطنياً
ويعتبر رحيله خسارة. سيجادل أصحاب هذا الرأي الأخير بأن صدام، على رغم
أخطائه الكبيرة، منع ظهور الانقسام الطائفي الحاد الذي يشهده العراق حالياً
بعد رحيله، سواء من خلال بروز الجماعات الشيعية المتشددة (وبعضها مرتبط
صراحة بالاستخبارات الإيرانية ويعمل تحت إشرافها) وأيضاً الجماعات السنيّة
المتشددة، كـ «داعش» وإخوته. وسيشير هؤلاء أيضاً إلى أن رحيل صدام كرّس
«تفكك» العراق بعدما بات الكيان الخاص بالأكراد على شفا الاستقلال الكامل.
سيردّ معارضو صدام، بلا شك، بالقول إن ديكتاتوريته هي التي انتجت كل هذه
المصائب في العراق، وإن الانقسام الطائفي كان موجوداً وإن غير ظاهر علناً،
بينما الأكراد ما كانوا ليسعوا إلى الانفصال لو قدّم لهم العراق ما يشجعهم
على البقاء في إطاره.
لن يعجز طرفا الجدال عن إيجاد
أدلة تبرهن صحة مواقفهم من الرئيس الراحل، سواء لجهة شيطنته وإثبات إجرامه
أو لسبغه بثوب ملائكي يعكس مدى حبه وولائه لوطنه.
لكن
الطرفين، على رغم تناقضهما، لا بد أن يتفقا على أن العراق اليوم يفتقد
رجلاً قوياً، كصدام، يستطيع أن يفرض سلطة الدولة - بطشها، في الواقع - على
أنحاء البلاد. كانت أجهزة الأمن العراقية في أيامه تحصي أنفاس المواطنين
وتزرع الرعب في قلوبهم. كانت تقتل أو تسجن أي شخص يُشتم منه رائحة
المعارضة. لكنها، في المقابل، نجحت وإلى حد كبير في فرض درجة كبيرة من
الأمن والاستقرار الداخلي، الأمر الذي عجزت الحكومات العراقية المتعاقبة،
منذ إطاحته في العام 2003، عن تحقيق ولو جزء يسير منه.
وهنا
بيت القصيد. هل يفضّل العراقيون اليوم أمناً واستقراراً في ظل نظام سلطوي
يديره حزب واحد، أم يفضّلون فوضى واقتتالاً أهلياً في ظل نظام تعددي
الأحزاب؟ وما يُطلب من العراقيين أن يقرروا فيه هنا ليس حكراً عليهم.
فمواطنو دول ما يُعرف بـ «الربيع العربي»، المجهض، يبدون حائرين،
كالعراقيين، في التفضيل بين أنظمتهم السلطوية السابقة وبين وضعهم الحالي
المزري. الليبيون، مثلاً، لا بد من أنهم يعيدون التفكير في ما إذا كان
وضعهم في أيام حكم العقيد الراحل معمر القذافي أفضل، في بعض نواحيه على
الأقل، من وضعهم حالياً في ظل ثلاث حكومات متنافسة وعشرات الميليشيات
المتناحرة على السلطة. والمصريون لا بد من أنهم أيضاً يقارنون بين أيام
الرئيس السابق حسني مبارك ووضعهم بعد «ثورة يناير» التي أطاحته من حكمه
المديد. التونسيون يستذكرون أيام بن علي، بحلوها ومرّها، واليمنيون
يترحّمون على أيام علي صالح. بعض السوريين، على الأقل، لا بد من أنه يحن
إلى ما كان عليه بلدهم قبل انطلاق الثورة على الأسد وقمعه الدموي لها … سيل
عربي لا يتوقف من المقارنات المحتملة.
عقارب الساعة،
بالتأكيد، لا تعود إلى الوراء. لكن ما نشاهده اليوم في بلدان الربيع
المنكوب يعكس، كما يبدو، رغبة ما في استيلاد نظام سلطوي جديد بديلاً للفوضى
التي حلت بعد رحيل الأنظمة السلطوية السابقة. مصر عبدالفتاح السيسي ليست
بعيدة من هذا الإطار، وكذلك ليبيا المشير خليفة حفتر. بعض اليمنيين يتمسك
بعلي صالح بديلاً للفوضى والتفكك، ومؤيدو الأسد يروّجون لفكرة مماثلة.
هل
«الرجل القوي» هو الخيار الأفضل للبلدان العربية، حتى ولو كان ديكتاتوراً
سلطوياً؟ بعد الربيع العربي سيقول كثيرون إنهم يفضلون هذا الخيار بالطبع
على الاقتتال الأهلي. لكن هذا الخيار، بالتأكيد، لا يجب أن يكون الوحيد
والأبدي، وإلا لاستحق العرب ما يُقال عنهم من أنهم غير جاهزين للحكم
الديموقراطي، كغيرهم من بلدان العالم المتحضّر!
Monday, 23 May 2016
interview with a leader of the syrian opposition
أنس العبدة لـ «الحياة»: مطلب الابتعاد عن «النصرة» هدفه الاقتتال الداخلي
النسخة: الورقية - دوليالإثنين، ٢٣ مايو/ أيار ٢٠١٦ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث: الإثنين، ٢٣ مايو/ أيار ٢٠١٦ (٠٤:٥٠ - بتوقيت غرينتش)الدوحة – كميل الطويل
حذّر رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أنس العبدة من محاولات روسية لدفع فصائل المعارضة إلى الاقتتال، معتبراً أن التداخل الموجود على جبهات القتال لا يسمح بالفصل بين عناصر «جبهة النصرة» وبقية الفصائل، وهو المطلب الذي يقدمه الروس بهدف بدء توجيه ضربات للطرف الأول على أساس أنه تنظيم إرهابي على غرار «داعش». لكن العبدة انتقد في الوقت ذاته بعض تصرفات «النصرة»، مشيراً بالخصوص إلى «فتاوى بعض شرعييها» الذين أهدروا دم فصيل «جيش الإسلام».
وجاء كلام العبدة في مقابلة مع «الحياة» على هامش مشاركته في منتدى الدوحة. وكشف أن الروس يسعون إلى عقد «صفقة شاملة» مع الأميركيين في خصوص سورية وقضايا أخرى لكن الإدارة الأميركية وتحديداً وزارة الدفاع (البنتاغون) ترفض تقديم «التنازلات» التي يسعى إليها الرئيس فلاديمير بوتين من الرئيس باراك أوباما في آخر عهده الذي وصفه بأنه بات بمثابة «بطة عرجاء» لا تستطيع اتخاذ قرارات استراتيجية، ما يعني أن الملف السوري مؤجل إلى ربيع العام المقبل عندما تكون الإدارة الجديدة قد بدأت في ترتيب أوضاعها بعد وصول الرئيس الجديد إلى سدة البيت الأبيض، سواء كان دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون.
وقال العبدة: «اعتقد بأن الأميركيين والروس يعملون حالياً على شيء شبيه بما فعلوه في الهدنة (التي بدأت في 27 شباط/فبراير)، أي أن يتوصلوا إلى شيء في ما بينهم ويأتوا لإبلاغه لنا والنظام على أساس أنه لو جلسنا مع النظام للتفاوض فلن نتوصل معه إلى شيء. إنني مقتنع بأن الروس والأميركيين عندهم (اتفاق) إطار عام يعملون عليه».
وسئل إذا كانوا يقبلون وفق هذا الإطار العام المفترض بأن يبقى الرئيس بشار الأسد في الفترة الانتقالية، ما يعني التنازل عن التمسك برحيله في بداية المرحلة الانتقالية؟ فأجاب: «موقفنا واضح. سياسياً ومبدئياً وإجرائياً ومنطقياً لا يمكن القبول بالأسد ولا ليوم واحد في المرحلة الانتقالية، والذي حصل في اليمن دليل على صحة هذا الموقف. فقد ترك علي عبدالله صالح الرئاسة في شكل كامل واستقال منذ اليوم الأول للمرحلة الانتقالية، لكن فقط لأنه موجود داخل اليمن خرّب كل الجهد وقلب المرحلة الانتقالية ودمرها. وفي اعتقادنا أن الأسد لو بقي في المرحلة الانتقالية ليس لستة شهور بل لأسبوع سيدمّر العملية السياسية. والذي يتكلم عن عملية سياسية بوجود الأسد لا يكون جدياً في هذا الموضوع. لأنه لن يلعب دوراً سوى الدور السلبي». وتابع: “وعلى هذا الأساس فإن موقفنا واضح، وبيان مؤتمر (المعارضة في) الرياض واضح والذي هو المرجعية السياسية للوفد التفاوضي: الأسد لا يكون يوماً واحداً في المرحلة الانتقالية. وهذا لا يمكن أن نتخلى عنه. هذا خط أحمر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى».
لكن العبدة كشف «محاولات للخروج من هذه المسألة بشيء اسمه الفترة التحضيرية أي أنهم يسمونها فترة تحضيرية وليس فترة انتقالية. فإذا أرادوا أن يعتبروا الفترة التحضيرية جزءاً من المفاوضات فنحن أصلاً موافقون على المفاوضات حالياً. لكن ليس في اعتقادي أن هناك إمكانية لأن تبدأ مرحلة انتقالية بالأسد بأي شكل من الأشكال. وأي كلام آخر غير مقبول وهم يعرفون هذا الأمر».
وتابع: “قناعتي أن الروس عندهم تفويض في الملف السوري والذي يجري الآن هو أن هناك مرحلة من تثبيت خطوط التماس، أي تجميد القتال والاعتماد على السلطات المحلية، سواء كانت عند النظام أو المعارضة، حتى مجيء الإدارة الأميركية المقبلة. طبعاً خلال هذه الفترة سيحاول الروس أن يحصلوا على صفقة متكاملة مع الأميركيين، والآن هم يطلبون سعراً عالياً لا يستطيع الأميركيون تقديمه. الخيار الآخر بالنسبة إلى الروس هو أن يعملوا محددات أمر واقع على الأرض تمنع الإدارة المقبلة من أن تتحرك كثيراً خارجه، ما يعني أنه لا يكون عندها هامش مناورة. هذا هو الخيار الثاني الأفضل للروس – أي أن يعملوا واقعاً على الأرض لا يمكن للإدارة الأميركية الجديدة أن تتجاوزه. وبالتالي إذا أرادت أن تقوم بأي صفقة حقيقية مع الروس فإنها تكون على أساس هذا الواقع الموجود. وبالنسبة إليهم (الروس) أوباما الآن أفضل ما هو موجود وهم يرون أمامهم خيارين: إما كلينتون أو ترامب. هم يعرفون أن كلينتون لن تكون بليونة أوباما، كما أن ترامب لا يمكن أن تقرأه سياسياً في شكل واضح الآن لكنه على الأرجح لن يكون أيضاً بليونة أوباما. فبالنسبة إليهم (الروس) هناك مخاطرة في أن يذهبوا إلى الإدارة الجديدة. وبالنسبة إلى أوباما باعتبار أن فترته باتت بمثابة بطة عرجاء فإنه لن يستطيع اتخاذ قرارات استراتيجية سياسية تُلزم الإدارة الأميركية في هذا الوقت المستقطع. فنحن إذاً سائرون في اتجاه أن تسير الأمور بهذا الشكل حتى آذار (مارس) من العام المقبل»، أي عندما تكون الإدارة الجديدة قد شكّلت طاقمها. وشرح: “إننا نتكلم عن وقف العمليات القتالية أي الهدنة والمفاوضات والملف الإنساني. وهذه الملفات يفترض أن يستمر العمل عليها حتى تتسلم الإدارة الجديدة وتعاود الانخراط في شكل جدي».
وسُئل عن الضغط الروسي للفصل بين الفصائل «المعتدلة» و «جبهة النصرة»، فأجاب: «الروس يقومون بشيء قريب من الاستراتيجية التي اتبعوها في الشيشان. ففي المناطق التي هم قريبون منها أو الموجودون فيها يحاولون أن يستغلوا موضوع الهدنة العامة للتوصل إلى هدن محلية. الآن معظم الهدن المحلية التي تحصل في دمشق وريف دمشق يكون فيها ضباط روس من رتب عالية. يحاولون أخذ هذه الهدن من أجل تثبيت حماية مواقعهم، لكن في الوقت ذاته يحاولون أن يوسعوا النفوذ. محاولة واضحة لتفتيت الفصائل ومحاولة التعامل معها على أساس كل فصيل على حدة. في الجنوب الأمور هادئة في شكل عام، لكن في دمشق وريف دمشق تحصل محاولات لعقد هدن محلية. واضح جداً أن الروس حصّلوا من الملف السوري ما يمكن تحصيله حتى الآن وفي شكل أساسي أن يتم التعامل معهم بندية، بنفس المستوى كما الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تثبيت مصالحهم في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط. الآن يتم التعامل معهم فعلاً بندية كاملة في ما يتعلق بالملف السوري. بمعنى أن في الديبلوماسية الدولية الآن أصبح هناك ندية واضحة ما بين الولايات المتحدة وروسيا. فعندما نتكلم عن المجموعة الدولية لدعم سورية تكون الرئاسة مشتركة، والبيانات الرئاسية التي تصدر فإنها تصدر في شكل مشترك، ومجموعتا العمل (الإنسانية والهدنة) أيضاً تكون الرئاسة فيهما مشتركة. هذا بالنسبة إلى الروس والأميركيين وهو موضوع في غاية الأهمية وله أبعاد خارج سورية. ويأمل الروس من خلال هذا الملف أن يستطيعوا الوصول إلى حل شامل مع الأميركيين والغرب في ما يتعلق بالملفات الأخرى، لذلك فإن الثمن الذي يطلبونه الآن هو ثمن مرتفع لا يستطيع الأميركيون دفعه، فهناك داخل الولايات المتحدة بعض الممانعة لهذه التسهيلات أو التنازلات التي تعطى للروس، وتحديداً هذه الأمر يأتي من قبل وزارة الدفاع الأميركية، بينما وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) تسير على الأرجح مع البيت الأبيض في خصوص السياسة مع روسيا. لا ترى وزارة الدفاع، من جهتها، أن من الحكمة تقديم هذه التنازلات ويقولون لهم: أنتم تعطون لبوتين ما لم تعطوه لستالين في وقت كان الاتحاد السوفياتي يشكل 14 في المئة من اقتصاد العالم بينما اقتصاد روسيا اليوم لا يتعدى 2,6 في المئة. فعلى أي أساس يتم تقديم هذه التنازلات؟ هذا كان أحد الأسباب في أن لا يأخذ الروس كل ما يريدونه من الولايات المتحدة لأن وزارة الدفاع وبعض المؤسسات الأخرى تبدي نوعاً من الممانعة لهذه التسهيلات التي تعطى للروس».
ورداً على سؤال عما إذا كان ممكناً فعلاً الفصل بين «النصرة» وبين «المعتدلين»، أجاب: «اتفاقية الهدنة تقول إنه يتم استهداف المناطق التي هي تحت سيطرة المنظمات الإرهابية. هناك مناطق تحت سيطرة داعش في شكل واضح ولكن ليست هناك مناطق تحت سيطرة حصرية للنصرة، وبالتالي فليست هناك منطقة تحت سيطرة النصرة مماثلة لمناطق سيطرة داعش. دائماً هناك عملية تداخل ما بين النصرة وما بين الفصائل الأخرى. تداخل بمعنى أن يكون في نفس الموقع الجغرافي أكثر من فصيل. نتحدث عن إدلب وربما أيضاً عن حلب، في الخندق المقاتلون لا تستطيع التفريق بينهم وهل هم من النصرة أو الأحرار أو الجيش الحر. المقاتل مقاتل وهم نفس المقاتلين السوريين الذين يتعرضون للهجوم ويردون عليه، فيصير هناك تنسيق ميداني بينهم. هذا معروف وليس سراً. لذلك فإن من الصعوبة بمكان أن تتم عملية الفرز». وتابع: «طبعاً المقصود من خلال عملية الفرز أن تصير عملية اقتتال داخلي ضمن الفصائل. فاللحظة التي تبتعد فيها عن النصرة وتتركهم وحدهم وتفرز نفسك عنهم فكأنك تقول: تعالوا واضربوهم، فيكون رد الفعل من طرفهم سلبياً للغاية».
وسُئل إن كان يعتقد أن هذا هو هدف الروس؟ فرد: «طبعاً هذا ما يريده الروس. من الواضح أنهم يضعون ملف النصرة لأنه من خلاله يستطيعون أن يدمروا الفصائل الموجودة في الشمال. بالمقابل هم لا يستهدفون داعش التي يعتبرونه مشكلتنا نحن. يقولون اذهبوا ودبروا أموركم مع داعش باعتباره استولى على المناطق المحررة فيعتبرون أنها مسؤوليتنا أن نسترجعها منهم، أما موضوع النصرة فيعتبرون أنه يجب أن يركزوا عليه لأنه من خلاله يمكنهم أن يدمروا الفصائل الأخرى التي هي تمثل التهديد الحقيقي للنظام سواء في حلب أو دمشق أو في الجنوب مثل أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الشام والجبهة الشامية وجيش المجاهدين وكل الفصائل الأخرى التي هي موجودة في مناطق جغرافية معينة… ففي الغوطة الشرقية عندك جيش الإسلام بحدود 15 أو 16 ألف عنصر وفيلق الرحمن بحوالى ستة آلاف عنصر وقد يكون هناك نحو ألف عنصر من النصرة وهؤلاء الألف إذا وزعتهم على خطوط القتال في دمشق قد يكون عددهم 50 في هذه الجبهة أو 100 في جبهة أخرى، فماذا يمكنك أن تفعل؟ فبحجة قتال النصرة تذهب لاستهداف الكل، ومعروف أن الروس عندما كانوا يضربون كانوا يضربون النصرة وغير النصرة. إذاً هي فرصة لهم كي يتخلصوا من هذه الفصائل التي تشكل التهديد الحقيقي للنظام وهي العمود الفقري للثورة”. وتابع: “بالنسبة إلى الروس الأمور واضحة: الجنوب ساكتون عنه، وهم يشتغلون حالياً على دمشق وريف دمشق، وللأسف هناك قتال بين الفصائل هناك، والنصرة تلعب دوراً في هذا الموضوع من خلال الفتاوى التي تصدرها من خلال شرعييها الذين يقولون إن قتال جيش الإسلام أولى من قتال النظام. ولك أن تتخيل ما معنى هذا الكلام.
والمشكلة أن هذا يعطي انطباعاً أن الفصائل ستتقاتل بين بعضها البعض بعد إسقاط النظام. فإذا كنتم تتقاتلون قبل إسقاط النظام فإنكم لا بد وستتقاتلون بعد سقوطه. ونحن رأينا مثل هذا الأمر في أفغانستان قبل سقوط النظام (الشيوعي بقيادة نجيب الله عام 1992)”.
وسُئل عما إذا كان دعم الدول العربية للمعارضة بالسلاح زاد فعلاً في الفترة الماضية، فأجاب: «في قناعتي ليست هناك مشكلة سلاح. مشكلتنا هي التنسيق بين الفصائل وأن تكون لدينا غرف عمليات أكثر للتنسيق بين الفصائل. ليس هناك سلاح نوعي من النوع الذي كنا نأمل به أي الصواريخ المضادة للطائرات، ولكن هناك صواريخ مضادة للدروع. صواريخ التاو. قناعتي أن هناك سلاحاً يحرر سورية 3 أو 4 مرات. لا مشكلة في السلاح».
وسُئل عن الجولة المقبلة من المفاوضات، فقال: «ليس هناك تصور متى ستحصل الجولة الجديدة. وفي قناعتي أن (ستيفان) دي ميستورا ليس راغباً في الدعوة إلى جولة مفاوضات جديدة تكون كالمرة الماضية لأنه يدرك تماماً أنه لو صار مثل هذا الشيء فعلى الأغلب إننا ذاهبون إلى نفس النتيجة التي حصلت المرة الماضية أو شيء قريب منها، أو بالحد الأدنى لن يكون هناك تقدم».
Friday, 6 May 2016
my report on the IISS Armed Conflict Survey - alhayat today
http://www.alhayat.com/Edition/Print/15437452
ثلث ضحايا نزاعات العام الماضي سقطوا في الحرب السورية
آخر تحديث: الجمعة، ٦ مايو/ أيار ٢٠١٦ (٠١:٠)
لندن – كميل الطويل
اعتبر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، في تقرير أمس، أن
العام 2015 كان «عام الهجوم المضاد» الذي قامت به حكومات عديدة حول العالم،
رداً على تصاعد نفوذ جماعات المعارضة المسلحة. وأشار المعهد في تقريره
السنوي «مسح النزاعات المسلحة» إلى أن سورية لوحدها شكّلت أكثر من ثلث
الخسائر البشرية في كل النزاعات في العالم، إذ بلغ عدد الضحايا فيها خلال
العام الماضي 55 الف قتيل من بين 167 ضحية في العالم كله. وأضاف أن رقم
الضحايا هذا في سورية أقل من ضحايا العام 2014، لكنه «يشكّل 66 في المئة من
مجموع الضحايا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و33 في المئة من مجموع
الضحايا عالمياً».وقال المدير العام للمعهد الدكتور جون تشيبمان في تقديمه للتقرير، خلال مؤتمر صحافي في لندن أمس، أن 2015 كان العام الذي ردت فيه الحكومات - بهجمات مضادة - «على المكاسب في الأراضي التي حققها تنظيم داعش». وأضاف: “2015 كان العام الذي ردت فيه الحكومات – للأحسن أو الأسوأ – في كثير من النزاعات المسلحة حول العالم، محققة مكاسب في الأرض في مواجهة مقاومة لا يُستهان بها». وسمى تشيبمان سورية والعراق ونيجيريا والصومال واليمن كأمثلة على هذا الرد العسكري من الحكومات على الفصائل المسلحة. لكنه لفت إلى أن مكاسب الحكومات في «هجماتها المضادة» لم تكن لتتحقق لولا «الحلفاء الأجانب»، مشيراً إلى التدخل الروسي في سورية، ودور القوات الإيرانية في العراق، والهجوم الذي تشنه قوات الاتحاد الأفريقي في نيجيريا (ضد بوكو حرام) والصومال (ضد حركة الشباب).
وقال تشيبمان أن «إحدى نتائج الضغط العسكري المتزايد على داعش في سورية والعراق» تمثّلت في دفع التنظيم إلى البحث عن مكان آخر، مشيراً تحديداً إلى ليبيا «حيث بات داعش يحظى بموطئ قدم متزايد». لكنه قال أن التنظيم لم يستطع أن يحقق في ليبيا نتائج كتلك التي حققها في سورية والعراق، مضيفاً أن المجتمع الليبي لا يعاني من انقسامات طائفية كتلك الموجودة في سورية والعراق والتي يستغلها التنظيم لمصلحته. وأشار إلى أن «داعش» تعرض أخيراً لانتكاسة عندما طردته جماعات جهادية محلية من مدينة درنة في الشرق الليبي، على رغم أنه ثبّت أقدامه في مدينة سرت التي باتت بمثابة «رقّة ثانية»، في إشارة إلى العاصمة الفعلية لـ «داعش» في شمال شرقي سورية.
وجاء في تقرير المعهد أن «حزب الله» اللبناني لعب دوراً فاعلاً في القتال الذي ساعد القوات الحكومية السورية في استعادة جزء لا يستهان به من الأرض، من جماعات المعارضة العام الماضي. لكنه قال أن «حزب الله» مُني «بخسائر بشرية ضخمة وواجه انتقادات متزايدة في بلده، ما تركه منهكاً». وتابع أن التدخل العسكري الروسي لمصلحة النظام بدءاً من أيلول (سبتمبر) الماضي جاء عند «تقاطع مهم» في مراحل النزاع و «أراح حزب الله».
ولاحظ التقرير أن فصائل المعارضة السورية شهدت توحيداً لافتاً في قواها خلال العام 2015 بعدما كانت تعاني في السابق انقسامات كبيرة في ما بينها وانعداماً للتنسيق، معتبراً أن الانتصارات التي حققها «جيش الفتح» في إدلب خلال النصف الأول من العام الماضي كرّست هيمنة الفصائل الإسلامية على شمال غربي سورية. وضم «جيش الفتح» فصائل اسلامية عدة أبرزها «أحرار الشام» و «جبهة النصرة». لكنه لفت إلى سيطرة فصائل «معتدلة» أو علمانية على «الجبهة الجنوبية»، وبروز فصائل «الجبهة الشامية» في الشمال السوري. كما تحدث التقرير عن بروز الأكراد كقوة عسكرية رئيسية في مواجهة «داعش» في شمال وشمال شرقي سورية، مع إقراره بأن دعم الغرب للأكراد يثير مشكلة كبيرة مع تركيا، وفق ما قال البروفسور لورانس فريدمان.
أما الباحثة هبة الله طه والتي شاركت في تقديم «مسح النزاعات المسلحة» فقالت أنه لا يمكن تحقيق انتصار على «داعش» من دون الأخذ في الاعتبار ضرورة إشراك المكوّن السنّي في السلطة، متحدثة تحديداً عن العراق. وقالت أن الاعتماد على «الحشد الشعبي» في العراق يثير حساسيات كونه يضم عناصر شيعية، بينما المناطق التي يسيطر عليها «داعش» والتي يُعمل على طرده منها هي مناطق سنية. وأعربت هبة الله في حديث مع «الحياة» عن تشاؤمها من إمكان تحقيق ما يسعى إليه الروس من «فصل» بين فصائل المعارضة السورية «المعتدلة» وبين «جبهة النصرة» من أجل تحقيق الهدنة في حلب. وقالت أنه حتى ولو تحققت هذه الهدنة فعلياً فإنها لا يمكن أن تدوم من دون حل «المشكلة الأساسية» في سورية والتي تتمثل في رأيها في «عقدة رئاسة بشار الأسد» للبلد. وتابعت أن «ليس هناك أي فصيل سمعنا أنه يقبل بأن يبقى الأسد رئيساً... ولذلك فإن الحل للأزمة لا يمكن أن يتحقق طالما بقي الأسد في السلطة».
Saturday, 6 February 2016
مؤتمر لندن للمانحين يبحث عن تعهدات «طويلة الأمد»
مؤتمر لندن للمانحين يبحث عن تعهدات «طويلة الأمد» ... لأن الأزمة السورية «لن تنتهي قريباً»
النسخة: الورقية - دولي
الجمعة، ٢٩ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث:
الجمعة، ٢٩ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
لندن - كميل الطويل
تستضيف بريطانيا الخميس المقبل مؤتمراً للمانحين الدوليين بهدف تقديم
الدعم إلى ملايين السوريين المتأثرين بالأزمة التي تعصف ببلادهم منذ خمس
سنوات، وسط مخاوف من أن هذه الأزمة لا تبدو في طريقها إلى حل قريب ما يعني
أن التعهدات الدولية بالمساعدات يجب أن تكون أيضاً «طويلة الأمد»، على ما
قال وزير التنمية الدولية البريطاني ديزموند سواين أمس.وقبل أيام من عقد المؤتمر الذي ترعاه المملكة المتحدة والكويت وألمانيا والنروج والأمم المتحدة ويُعنى بمساعدة سورية ودول الجوار التي تستضيف اللاجئين السوريين، قال الوزير سواين في لقاء مع مجموعة من الصحافيين في لندن أنه لا يمكن الآن التعامل مع الأزمة السورية على أنها «حالة طارئة تحصل في شكل عارض، مثل الزلازل، بحيث تُخصص المساعدات للتعاطي مع هذه الحالة فقط وينتهي الأمر. الأزمة السورية تقترب من عامها السادس الآن ولا يبدو أنها ستنتهي في المدى القريب» حتى في حال نجاح مؤتمر جنيف بين النظام والمعارضة السوريين.
وتحدث سواين خصوصاً عن موضوعي التعليم والعمل، قائلاً أنه يأمل بأن ينتج من مؤتمر لندن تعهدات بتقديم مساعدات للسوريين، لا سيما في دول الجوار التي ترزح تحت أعباء استضافة ملايين النازحين منهم. ولفت، مثلاً، إلى أن بريطانيا تقدم مساعدات للبنان من أجل توفير التعليم للأطفال السوريين النازحين في المدارس اللبنانية، قائلاً أن هذه المساعدات بدأت بعشرة ملايين جنيه لوزارة التعليم اللبنانية قبل أن تتم مضاعفتها بناء على طلب رئيس الوزراء ديفيد كامرون إثر زيارته مخيمات النازحين في لبنان العام الماضي. وأشاد بالجهد الذي قام به وزير التربية اللبناني الياس بوصعب، قائلاً أنه قام «بأكثر مما كان يُتوقع منه»، وأن عدد الأطفال السوريين الذين يدرسون في لبنان تجاوز الآن 200 ألف. لكن سواين أضاف أنه «سيكون من حق بوصعب أن يسأل عن الضامن لوصول المساعدات في الأعوام المقبلة من أجل مواصلة التعليم للنازحين السوريين... وهذا يوضح ضرورة أن تكون التعهدات بالمساعدات طويلة الأمد». وزاد أن بريطانيا لن تقبل بأن يكون هناك «جيل ضائع» من السوريين بسبب الحرب الدائرة في بلدهم.
وشدد الوزير البريطاني أيضاً على ضرورة فتح سوق العمل أمام السوريين النازحين في دول الجوار، مقرّاً بأن مثل هذا الأمر سيزيد الضغوط التي تواجهها هذه الدول، لا سيما لبنان والأردن، إذ إن فتح سوق العمل أمام السوريين سيعني تقليل الفرص القليلة المتاحة أمام أبناء البلد. وقال أن الوصول إلى هذه الغاية يتطلب تقديم «حوافز» اقتصادية للدول المضيفة، وهو ما يؤمل بأن يتم الاتفاق عليه في مؤتمر لندن.
وقدّمت بريطانيا منذ عام 2012 قرابة 1.1 بليون جنيه استرليني كمساعدات إنسانية للسوريين، لكن سواين رفض أن يكشف المبلغ الذي ستتعهد بلاده تقديمه خلال مؤتمر لندن، علماً أن مؤتمر المانحين السابق الذي عُقد في الكويت في آذار (مارس) 2015 قدّم تعهدات بـ3.8 بليون دولار لمساعدة السوريين ودول الجوار التي تستضيف النازحين منهم (بعض الدول لم يقدّم كل المبالغ التي تعهد بها). وتقول الأمم المتحدة أن وكالاتها المختلفة تحتاج هذه السنة إلى 7.73 بليون دولار للتعاطي مع تداعيات الأزمة السورية، كما تحتاج إلى 1.2 بليون دولار لمساعدة دول الجوار. وليس واضحاً ما إذا كان مؤتمر لندن سيستطيع جمع تعهدات بمثل هذا المبلغ، خصوصاً في ظل تدهور أسعار النفط واضطرار الدول المانحة التقليدية في العالم العربي لتقليص إنفاقها.
وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن هناك 13.5 مليون سوري في حاجة إلى مساعدات، بينهم 6.5 مليون شخص من النازحين داخل بلدهم و4.59 من اللاجئين في دول الجوار.
وتتوقع بريطانيا أن تشارك الدول المدعوة إلى مؤتمر لندن «على أرفع مستوى»، لكنها لم تكشف أسماء الذين سيحضرون. ومن المرتقب أن تشارك روسيا وإيران في أعمال المؤتمر بعدما وجّهت لهما دعوات، لكن المسؤولين البريطانيين يشددون على أن هذه المؤتمر هو للتعاطي مع أزمة إنسانية و «ليس مؤتمر سلام».
سلام: السوريون النازحون في لبنان مسألة موقتة ... لن تتحوّل توطيناً
سلام: السوريون النازحون في لبنان مسألة موقتة ... لن تتحوّل توطيناً
النسخة: الورقية - دولي
السبت، ٦ فبراير/ شباط ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث:
السبت، ٦ فبراير/ شباط ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
لندن – كميل الطويل
شدد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام على أن لا خوف من «توطين»
السوريين النازحين في لبنان على رغم إقراره بأن فترة بقائهم قد تطول في ظل
تعذّر إيجاد حل سياسي للأزمة في بلدهم.وقال في لقاء مع إعلاميين على هامش زيارته لندن التي اختتمها أمس، إن لبنان يسعى إلى الحصول على استثمارات غربية لإنعاش اقتصاده وإيجاد فرص لعمل اللبنانيين والسوريين النازحين، لكنه شدد على أن «الأولوية لتشغيل اللبناني، ثم السوري».
وقال إن لبنان لم يحصل من مؤتمر لندن للمانحين سوى على وعود بتسديد «جزء من المطالب التي رفعها من أجل مساعدته في تحمل عبء استضافة النازحين السوريين والبالغة 11 بليون دولار على مدى خمس سنوات». وأوضح: «طلبنا لم تتم تغطيته في شكل كامل في المؤتمر، لكننا نأمل بالحصول على جزء من التعهدات التي قُدّمت فيه». ومعلوم أن الدول المانحة قدّمت أول من أمس تعهدات تبلغ 11 بليون دولار ويُفترض أن تغطي السنوات 2016– 2020 وتشمل تقديم مساعدات للسوريين ودول الجوار التي تستضيف ملايين النازحين منهم.
وأوضح سلام أن لبنان «لم يعد يستطيع تحمل عبء استضافة النازحين السوريين» البالغ عددهم قرابة 1.3 مليون شخص، وأنه بحاجة إلى مساعدات كي يتمكن من مواصلة القيام بدوره في هذا المجال. وأعطى مثلاً على الأعباء التي يتحملها لبنان في مجال التعليم، قائلاً إن هناك 250 ألف تلميذ لبناني في المدارس اللبنانية في مقابل 200 ألف تلميذ من أبناء النازحين السوريين. وشرح سلام أن حصة لبنان من تعهدات مؤتمر لندن ليست معروفة حالياً، موضحاً أن لبنان لم يعرف سوى قبل فترة وجيزة كم بلغت حصته من مؤتمر المانحين السابق الذي عُقد في الكويت وقدّمت خلاله تعهدات قدرها 3.8 بليون دولار لم يُسدد سوى جزء منها.
وقال سلام أيضاً إنه «إذا لم يكن هناك قرار دولي فاعل بتسوية الأزمة السورية، فإن المسألة (قضية النازحين) ستطول». لكنه زاد إن وجود السوريين على الأرض اللبنانية «مسألة موقتة ... وليست توطيناً»، مؤكداً أنه لم يسمع خلال اللقاءات التي جمعته بمسؤولين دوليين على هامش مؤتمر المانحين «أيَّ كلام عن توطين السوريين في لبنان». لكنه أقر بأنه ناقش مع مسؤولين غربيين قضية تعليم السوريين في لبنان وإيجاد فرص عمل لهم، وهو أمر كان مسؤول بريطاني قد أثاره قبل أيام على أساس أن تعليم السوريين في دول الجوار –مثل لبنان والأردن- وفتح سوق العمل لهم هناك سيساعدهم على البقاء قرب سورية والعودة إليها لاحقاً بدل الانتقال لطلب اللجوء في الدول الأوروبية. وشدد سلام، في هذا الإطار، على أن الوفد اللبناني هو الذي أثار مسألة التعليم والتشغيل للسوريين مع الدول الأجنبية على هامش مؤتمر لندن، موضحاً أن لبنان يبحث عن أي استثمارات أجنبية «تساعد أبناءه في إيجاد فرص عمل لهم أولاً وللسوريين النازحين ثانياً».
وقال سلام: «الأولوية دائماً لتشغيل اللبنانيين»، مضيفاً أن هناك مجالات عمل «تقليدية» للسوريين في لبنان، مشيراً بالتحديد إلى قطاعي الزراعة والبنى التحتية حيث كان يأتي آلاف السوريين للعمل فيهما منذ سنوات ما قبل الحرب الأهلية (قبل 1975).
وفي معرض نفيه إمكان توطين السوريين في لبنان، قال سلام رداً على سؤال لـ «الحياة»، إن «النازحين السوريين جاؤوا إلى لبنان مرغمين بسبب الأوضاع التي يمر بها بلدهم، ولو أتيحت لهم الفرصة للعودة عند تحسّن الأحوال، فإنهم سيعودون بالتأكيد. هم يحبون بلدهم وسيعودون إليه بلا شك». لكنه أقر بأن فترة بقائهم قد تطول، في تعليق على تقدير العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أن «معدل» بقاء اللاجئ في بلد اللجوء يدوم 17 سنة، بناء على أرقام الأمم المتحدة. وقال سلام: «السوريون النازحون في لبنان حالة موقته لن تتحوّل إلى توطين. عندنا حالة الفلسطينيين، الذين مرَّ عليهم عندنا 60 سنة، ولم نقل يوماً إننا نقبل بتوطينهم».
وعن الوضع الداخلي اللبناني، شدد سلام على «أننا بحاجة إلى رأس– رئيس للنظام السياسي اللبناني»، مقراً بأن مواقف «حزب الله» تثير امتعاضاً لدى الخليجيين، وأنه يحاول «تصحيح» الموقف اللبناني من خلال اتصالاته مع دول الخليج. لكنه شدد على أن لا خطر على وظائف عمل اللبنانيين في دول الخليج على رغم استيائها من مواقف الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله. وشرح أنه كان في زيارة للمملكة العربية السعودية وخلال اجتماعه مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سمع منه مباشرة أن المملكة لن تتوقف عند كلام جهات لبنانية تعرضت فيه للسعودية، في إشارة إلى موقف كان صدر للتو عن نصرالله. وأضاف سلام أن الملك سلمان أشاد وقتها باللبنانيين العاملين في المملكة ومساهمتهم في نهضتها ونموها. وعلى هذا الأساس، خلص تمام إلى التأكيد أن لا خوف على وظائف اللبنانيين العاملين في الخليج.
Wednesday, 20 January 2016
الاسكندرية في «فوضى جميلة» تطوي «تظاهرات الإخوان»
الاسكندرية في «فوضى جميلة» تطوي «تظاهرات الإخوان»
http://www.alhayat.com/Articles/13532078
النسخة:
الورقية - دولي
الأربعاء، ٢٠
يناير/ كانون الثاني ٢٠١٦ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر
تحديث: الأربعاء، ٢٠ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٦
(٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) الاسكندرية – كميل
الطويل
كانت السيارات تقف في طوابير لا نهاية لها في شوارع
الاسكندرية الساحلية شمال مصر،
فيما الأرصفة مكتظة إلى آخرها بالمارة. عشرات الآلاف، على أقل تقدير، كانوا يسيرون يميناً ويساراً في فوضى عارمة. هذه منقّبة، وتلك سافرة، وبينهما محجّبة. رجال ملتحون بهندام يوحي بانتمائهم السلفي الأكيد، أو بـ «زبيبة» «تزيّن» جباههم وتؤكد «التزامهم» الإسلامي، فيما التحف
آخرون بزيّ شعبي «بلدي»، وارتدى غيرهم ملابس «على الطراز
الغربي». كان شرطي المرور يحاول جاهداً تنظيم
حركة السير، فيما المارة يتنقلون من ضفة شارع إلى
الضفة المقابلة بالقفز بين سيارات رابضة في أماكنها بلا حراك.
على رغم هذه
الفوضى الواضحة، كان المشهد جميلاً في الواقع. فالمدينة تضج بالحياة.
الشرطي يقوم بواجبه (المستحيل!) في تنظيم السير. رجال أمن آخرون ينظّمون محاضر ضبط في حق سيارات متوقفة في شكل مخالف في شوارع رئيسية.
الباعة يعرضون سلعهم بينما آلاف المتسوّقين يجولون في
الأسواق بحثاً عن مبتغاهم، في
حين يتكدّس الموظفون والطلاب والمسافرون في القطارات أو
«الترامواي» أو سيارات النقل للوصول إلى مقرات عملهم أو
مدارسهم وجامعاتهم.
ولكن لماذا هذا الوصف، وأين «الجمال» فيه؟
ربما كانت هذه
المقدمة، في الواقع، ضرورية، لأنها تصف الحياة في شوارع وأحياء مهمة في الإسكندرية مثل سيدي بشر والرمل وسيدي جابر. و «جمال» الحياة في هذه الأحياء مرتبط تحديداً باكتظاظ الحركة فيها – حتى الجنون – كونها كانت قبل شهور فقط «ساحات حرب» يتقاتل فيها مناصرو جماعة «الإخوان المسلمين»
المحظورة حالياً مع معارضيهم من أنصار قائد الجيش السابق
الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي. والحقيقة
أن ليس من المبالغة في شيء الحديث عن أن تلك الشوارع
في الإسكندرية كانت فعلاً ساحة قتال بين الطرفين، فأشرطة الفيديو ما زالت متاحة وبسهولة على موقع «يوتيوب» لمن يريد استعادة ذكريات تظاهرات
«الإخوان» عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في صيف 2013،
وهي تظاهرات شاركت فيها في
البداية حشود ضخمة من مناصري الجماعة، وتخللها إطلاق نار وعمليات حرق واتلاف للمتاجر والسيارات، وحتى جرائم قتل.
قال سائق التاكسي: «هنا حصلت الجريمة»، مشيراً إلى عمارة في ضاحية سيدي جابر قتل فيها مناصرون لـ «الإخوان» مشتبه بهم صبيين مراهقين برميهما من
على سطحها (فيديو الجريمة ما زال موجوداً على «يوتيوب»). ثم أضاف: «نقف
الآن في ساحة الحرب السابقة. من هذا الاتجاه كان
مناصرو الإخوان يأتون ليجدوا أمامهم أنصار السيسي،
فتدور المواجهات بينهم، وتشتعل المدينة».
على رغم أن هذه الأحداث لم يمر عليها زمن طويل، إلا أن آثارها اختفت كلياً- أو تكاد– من شوارع الإسكندرية اليوم. فالمدينة تعج بالحياة، وتظاهرات «الإخوان» لم يعد لها وجود، بل إن الجماعة نفسها تبدو مفككة، بل هناك من يقول صراحة إنها تكاد تختفي كجماعة منظمة في الساحة المصرية. فآلاف من قادتها ومناصريها في السجون، وقلة من عناصرها البارزة انتقلت إلى المنفى، في حين أن جموعاً لا بأس بها من المناصرين- كما هو واضح من الحياة العادية التي تشهدها شوارع
«ساحات المعارك» السابقة في الإسكندرية– اختاروا طي صفحة
«مرسي رئيسي» والتعايش مع واقع جديد يتمثل في حكم «مدني»
… يقوده «عسكري». ولا شك أيضاً في أن هناك
آخرين من «الإخوان» ممن اختاروا الرد على عزل مرسي بالانخراط في أعمال عنف مسلح، وهو مجال تهيمن عليه حالياً تنظيمات أكثر تشدداً مثل فرع
«داعش» المصري (وتحديداً «ولاية سيناء» التابعة لتنظيم «الدولة
الاسلامية» في العراق وسورية).
كانت هذه القضية – التطرف والإرهاب المرتبط بجماعات مسلحة تنشط تحت مسميات إسلامية – محور
نقاشات مستفيضة شهدتها «مكتبة الإسكندرية»
العريقة، وشارك فيها عشرات المفكرين والباحثين والمتخصصين من دول عربية وأجنبية. لم يتوان كثيرون من المشاركين، وتحديداً من مصر، في اتهام «الإخوان» بأنها الجماعة التي خرجت من رحمها جماعات
العنف على اختلافها، مستندين إلى كتابات مؤسسي «الإخوان» وقادتهم
البارزين – مثل الراحلين حسن البنا وسيد قطب – وفيها دعوات تبدو
صريحة إلى تغيير المجتمع بالقوة، وفق ما قال الدكتور
رفعت السعيد (حزب «التجمع» اليساري). في المقابل،
أكد عدد من مشايخ الأزهر، مثل الشيخ أحمد تركي، أن عنف الجماعات المسلحة ينطلق من فهم خاطئ لتعاليم الدين الإسلامي، مشددين على دور الأزهر في إظهار تسامح الإسلام ووسطيته والتصدي للأفكار التي يروجها معتنقو الأفكار المتشددة، لا سيما تنظيم «داعش». أما مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين فقدم، من جهته، رؤية معمقة لكيفية التصدي لـ
«صناعة التطرف» شرحها في كتاب من 314 صفحة بعنوان «التحدي».
وجادل سراج الدين في رؤيته هذه بأن
الجماعات المتطرفة يمكن أن تواجه بسلاح الثقافة، مشيداً
بدور الشباب في ثورات «الربيع العربي» في العام 2011، لكنه انتقد الجماعات الدينية المنظمة لسيطرتها على هذه الثورات، ما ساهم في نشوء
أزمات في بلدان عدة وصلت إلى حد الحرب الأهلية.
وعلى رغم أن شريحة واسعة من المتحدثين في النقاشات حمّلت تيار الإسلام السياسي عموماً جزءاً كبيراً من المسؤولية عما تشهد الدول العربية من أزمات ونكبات، إلا أن هناك عدداً آخر– مثل عُريب الرنتاوي (مركز القدس– عمّان)- أصر على أن لا حل على المدى الطويل لمشكلات الدول العربية إذا تمسكت الأنظمة الحاكمة بإغلاق الباب
أمام تيارات «الاسلام السياسي». كما جادل آخرون بأن
الأنظمة هي التي تتحمّل مسؤولية «صناعة التطرف» نتيجة
«سياسات التعذيب في سجونها التي تفرّخ إرهابيين». كما جادل بعضهم
بأن مواجهة التطرف والإرهاب لا يمكن أن تعتمد فقط على
أسلوب القمع الأمني، بل هي «مواجهة سياسية وتنموية، قبل أن تكون أمنية فقط»، على ما قال الدكتور عماد عبدالغني. وفي الإطار ذاته، جادل الدكتور محمد أبو حمّور الأمين العام لـ «منتدى الفكر العربي» في الأردن، بأن «التشدُّد يُنتج تشدداً، والتطرف يفرز تطرفاً، وكلاهما صانع للإرهاب والعنف».
لكن، بين خيار أنظمة صارمة يهيمن عليها العسكر وقد لا
تكون ديموقراطية تماماً، وبين خيار
الفوضى التي تحل محل هذه الأنظمة عندما تسقط – كما ظهر من ثورات «الربيع العربي»- تبدو شرائح واسعة من الشارع العربي-
والمصري تحديداً- ميالة إلى تفضيل وجود دولة، وإن كانت
بوليسية، على ألا تكون هناك
دولة بالمرة أو دولة تعاني نزاعات وحروباً أهلية و «جماعات تكفيرية»،
كما يحصل حالياً في ليبيا وسورية.
ويشارك في هذا الرأي إسلاميون بارزون، كالدكتور ناجح إبراهيم الذي قضى سنوات طويلة في السجون المصرية على خلفية دوره في قيادة «الجماعة الإسلامية» التي شنت حرباً
دامية في الثمانينات والتسعينات لإطاحة حكم الرئيس السابق
حسني مبارك. يقول إبراهيم إن إحدى المشكلات الأساسية التي يعاني منها
العالم العربي والإسلامي حالياً هي مشكلة تفشي «التكفير»، موضحاً
إن «القاعدة وداعش وأنصار بيت المقدس وأنصار
الشريعة يكفّرون بالجملة … لكن داعش هو أكثر المجموعات
تكفيراً». ويعزو ذلك إلى «سوء فهمهم للنص الشرعي».
شارك إبراهيم في
جلسات مؤتمر «صناعة التطرف» في مكتبة الإسكندرية، وعلى هامشها قرر أن يأخذني في جولة سيراً على الأقدام في المدينة، حيث كان المارة يُلقون عليه السلام كلما التقوا به. بدا في الواقع كأنه أشهر من نار على علم. فالجميع يعرفه. طلاب الجامعات، رواد المساجد، الباعة والمتسوقون
… وحتى ضباط الشرطة. جميعهم صافحه، وهو رد على التحية
بمثلها، مع الجميع. فصفحة العنف
المسلح، كما يبدو، باتت شيئاً من الماضي لديه. سنوات السجن الطويلة– بما فيها جلسات تعذيب لا تُحصى، كما يقول– غيّرته إلى غير رجعة.
لم يتغيّر، كما يؤكد، بسبب التعذيب، بل نتيجة مراجعته
للنصوص الدينية فاقتنع بخطأ
منهج استخدام العنف كوسيلة لتغيير النظام في بلد كمصر. وهو يعبّر
علناً، حالياً، عن مواقف تدين الإرهاب والعنف، وبالخصوص ما يقوم به تنظيم «داعش» وفرعه المصري الناشط في سيناء على وجه الخصوص.
Subscribe to:
Posts (Atom)