Tuesday 20 July 2010

مسؤولة أميركية لـ «الحياة»: الجزائر ودول الساحل تريد التصدي لـ «القاعدة» بمفردها... ولا مشكلة لنا في ذلك

مسؤولة أميركية لـ «الحياة»: الجزائر ودول الساحل تريد التصدي لـ «القاعدة» بمفردها... ولا مشكلة لنا في ذلك

الاربعاء, 21 يوليو 2010

لندن - كميل الطويل

 
قالت مسؤولة أميركية أمس إن بلادها مستعدة لمساعدة الجزائر وبقية دول الساحل الأفريقي في جهودها لمكافحة نشاط «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، لافتة إلى أن هذه البلدان تفضّل أن تقود المعركة بنفسها ضد «القاعدة» من دون تدخل خارجي و «ليس لحكومتنا مشكلة مع ذلك». واعتبرت أن هناك «فرقاً كبيراً» بين فرعي «القاعدة» في جزيرة العرب وفي المغرب الإسلامي، إذ أن الأول يبدو مرتبطاً مباشرة بقيادة «القاعدة»، التنظيم الأم، ويأتمر بأوامرها، بينما الثاني لا يبدو وكأن له العلاقة ذاتها كالفرع الخليجي.



وقالت نائبة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الخليج العربي وشمال أفريقيا جانيت ساندرسون، في مقابلة مع «الحياة» في لندن حيث أجرت مشاورات مع وزارة الخارجية البريطانية ركّزت على الوضع في اليمن، إن بلادها جاهزة لتقديم المساعدة للدول التي تتصدى لنشاط «القاعدة» في الخليج كما في شمال أفريقيا. لكنها أوضحت رداً على سؤال: «يبدو لي أن هناك اختلافاً صارخاً بين فرعي القاعدة في الخليج وفي شمال أفريقيا. فالقاعدة في جزيرة العرب، وهي في الحقيقة اليوم تنظيم هجين (يضم فرعي التنظيم في اليمن والسعودية)، تبدو وكأنها على صلة وثيقة بالقاعدة (التنظيم الأم في مناطق الحدود الباكستانية - الأفغانية). لا أعتقد أنه يمكن استخلاص الخلاصة نفسها بالنسبة إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. لكن الوضع على الأرض في منطقة المغرب، خصوصاً دول الساحل، يبقى مثيراً جداً للقلق. ولكن، في الوقت ذاته، يبدو أن الجزائريين من خلال جهودهم على مدى سنوات ومن خلال التضحيات المؤلمة التي بذلوها والصعوبات الجمة التي واجهوها قد نجحوا في القيام بعمل جيّد في التصدي لمشكلة الإرهاب عندهم. ما زال هناك بعض الرواسب من الجزائريين الذين التحقوا بالقاعدة في المغرب الإسلامي، ولكن شعوري بصراحة أنهم لا يأخذون أوامر من القاعدة (التنظيم الأم) وليست لديهم النوع نفسه من العلاقة أو الاتصال بالقاعدة، كما هي العلاقة التي يتمتع بها إخوانهم في جزيرة العرب في اليمن. ولكن هذا تكهن من جانبنا».



وأوضحت: «المسار الذي يعتمده الجزائريون (أفراد القاعدة)، بناء على ما يمكن رؤيته من تكتيكاتهم وكيف يقومون ببعض عملياتهم، يبدو مختلفاً (عن نوع عمليات القاعدة في جزيرة العرب). إنهم (الفرع المغاربي) محرومون من مصادر التمويل، ومحرومون من مصادر التجنيد، ولم يتمكنوا في الحقيقة من بناء أنفسهم عبر بلدان الساحل، كما كان الوضع في الجزائر (سابقاً). لكن هذا التنظيم يبقى يمثّل مشكلة ومصدر قلق، ونحن سعداء جداً أن الجزائريين ودولاً أخرى في المنطقة - مثل الماليين والنيجريين وآخرين - يعملون معاً للتصدي لمشكلة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي».



وعن نوع المساعدة التي تقدمها بلاده في هذا المجال، قالت: «لدينا علاقة إيجابية ومثمرة مع الجزائر وبقية دولة المنطقة (المغاربية). إن الجزائريين والماليين والدول الأخرى يعملون للتصدي لمشكلة فرع القاعدة المغاربي، لكنهم يريدون القيام بهذه المهمة بمفردهم. إنهم يعتقدون أن المسار الأفضل هو المسار الذي تنتهجه دول المنطقة من دون تدخل خارجي، وهذا أمر لا مشكلة لحكومة بلادي معه. نحن راغبون في تقديم المساعدة والعون، لكنهم يريدون أن يأخذوا زمام هذا الأمر بأيديهم، وهذا من حقهم بالتأكيد، ونحن نشجعهم في ذلك. لدينا برنامج للتصدي للإرهاب عبر منطقة الساحل (ترانس ساحل)، ومن خلال هذا البرنامج ومن خلال الاتصالات مع القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (أفريكوم)، ومن خلال جهود سفاراتنا في المنطقة نحن نحاول أن نوفّر المساعدة للدول التي تحارب القاعدة في المغرب الإسلامي. لكنهم يريدون القيام بهذه المهمة بأنفسهم، وبصراحة هم يقومون بعمل جيد وعلى رأسهم الجزائر. بالطبع هناك الكثير الذي يجب القيام به أيضاً، ولكن الجزائريين والماليين وبقية دول الساحل يعملون بجهد للتصدي لهذا الموضوع، ونحن ندعمهم».



وقال إن الشعور المتكوّن لديها هو «أن القاعدة في المغرب الإسلامي هي نسيج لخليط من الجماعات المختلفة التي لا تدين بالولاء لبعضها البعض... شعوري أنها ليست منظّمة بالطريقة التي تنظّم القاعدة نفسها بها في أماكن أخرى. ليس واضحاً ما إذا كانوا يأخذون أوامرهم من القاعدة. هناك الكثير من التحركات التي تحصل عبر حدود تلك المنطقة (الساحل)، وهناك الكثير من عمليات الخطف التي تقوم بها جماعات تعمل في شكل مستقل (فري لانس)، كما يحصل في عمليات خطف الرهائن من أجل الفدية، وهو أمر نراه مُقلقاً. وعلى رغم خطورة حالات خطف الرهائن، إلا أننا لا نشجع على دفع فدية للخاطفين. أعتقد أن من الصعب علينا أن نحدد في شكل واضح ما هي القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي حالياً، لأن هناك فرقاً بين الشعارات وبين الواقع».



وعن تجربة ليبيا مع «الجماعة الإسلامية المقاتلة»، قالت: «نحن نتابع هذا الأمر عن كثب لأن البرنامج الليبي حديث نوعاً ما، وقد حقق نتائج مثيرة للاهتمام. ونحن ننظر مع أصدقائنا في المنطقة إلى موضوع كيف يمكن تحقيق تراجع عن انتهاج الراديكالية وكيف يمكن التعاطي مع المتشددين (للتخلي عن أفكار التشدد)، ولذلك فإن التجربة الليبية يمكن أن تكون تجربة مثمرة. لكننا حتى الآن ليس لدينا معلومات كافية عنها، وما رأينا منها قد أثار بالطبع اهتمام كثيرين في واشنطن وفي المنطقة. إن البرنامج الليبي بالتأكيد هو واحد من البرامج التي قد تكون مفيدة جداً (للتعامل مع ظاهرة التشدد)». وأوضحت أن علاقات بلادها مع ليبيا ما زالت علاقات في طور التقدم، كونها كانت مقطوعة لثلاثة عقود تقريباً. وأشادت بتخلي ليبيا عن برامجها النووية وبرامج أسلحة الدمار.



وعن تأثير قضية الصحراء الغربية عن العلاقات المغربية - الجزائرية، قالت: «بالنسبة إلى قضية الصحراء الغربية نحن نرى أنها واحدة من مصادر إثارة الإزعاج في العلاقات بين الجيران، وهذا أمر يدفع جداً إلى الأسف. إننا ندعم بقوة جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة كريستوفر روس للتعامل مع قضية الصحراء الغربية، ولا نعتقد أن الوضع الحالي يخدم أي مصلحة في المنطقة. إن من الأمور المثيرة للإحباط لشخص مثلي خدم في المنطقة المغاربية (كانت سفيرة في الجزائر) أن تعلم كم هي الإمكانات التي تتيحها المنطقة المغاربية اقتصادياً وسياسياً وإقليمياً - يمكن لهذه المنطقة أن تلعب دوراً كبيراً ليس فقط في الإقليم المغاربي بل في العالم بأسره. إن أي شيء يمكن أن يعطّل تحقيق ذلك نأسف له، ولذلك فإننا ندعم جهود الأمم المتحدة ونواصل تشاورنا مع أصدقائنا المغاربة والجزائريين ونتطلع إلى أطراف أخرى كي تشجع حصول تقدم بالنسبة إلى موضوع الصحراء الغربية، لكنها مشكلة صعبة، وهي مشكلة أوقفت للأسف النمو الإقليمي الذي نعتقد إنه لو حصل سيفيد شعوب تلك المنطقة كلها».



وأشادت ساندرسون بـ «التزام الحكومة السعودية برنامج المناصحة وأهمية اتخاذ إجراءات للتصدي لظواهر التشدد وضرورة إيجاد طرق لمعالجة ذلك». وأضافت: «نحن نواجه تحديات كبيرة في الخليج، كما أن هناك الموضوع الإيراني الذي يلوح في الأفق، وهناك الوضع الناشئ في اليمن وهو وضع تركّز عليه حكومتي منذ بعض الوقت - لم نكتشف أن هناك أزمة في اليمن فقط اعتباراً من 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي خلال محاولة تفجير الطائرة (فوق ديترويت والتي حاول القيام بها النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب الذي كان يتدرب لدى فرع القاعدة في اليمن)».



وأضافت «أن اليمن يشغل جزءاً كبيراً من وقتي، كما يشغل وقتاً كبيراً من وقت العديد من المسؤولين في واشنطن، نظراً إلى التحديات الحقيقية الكثيرة التي يواجهها هذا البلد على أمنه واستقراره، ونظراً أيضاً إلى تأثير ما يحصل في اليمن على الخارج بما في ذلك على بلدي. بدأت إدارة الرئيس أوباما مراجعة واسعة لأوضاع اليمن منذ تسلمها السلطة. وقبل محاولة الاعتداء على الطائرة في 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي كنا قد أجرينا بعض التعديلات الجوهرية في المسار الذي نتبعه حيال اليمن. إننا نركّز على الوضع الأمني لنحاول مساعدة الحكومة على التعامل مع القضايا الأمنية التي تواجهها والتعامل مع التهديد الإرهابي الذي لا يؤثر فقط في اليمنيين بل يؤثر أيضاً في المنطقة والعالم. لكننا نُقر بأهمية اعتماد سياسة المسار المزدوج. فمن جهة علينا مساعدة الحكومة اليمنية في التصدي لمباعث قلقها الأمنية، ومن جهة أخرى علينا أن نركّز على تحسين حياة المواطن اليمني. ومن أجل هذه الغاية تقوم وكالة التنمية الأميركية وبقية فروع الإدارة الأميركية ببرنامج بدأ تنفيذه على الأرض في اليمن ويُركّز على الاستقرار ومحاولة تمكين المواطن من الشعور بأن حياته تتغير نحو الأفضل وستتغيّر نحو الأفضل من خلال المساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة».

No comments: