Saturday, 23 August 2008

صناعة الموت: كيف بدأت الجماعات المتشددة في بريطانيا؟ كميل الطويل قناة العربية

http://www.alarabiya.net/programs/2008/07/20/53398.html

الأحد 17 رجب 1429هـ - 20 يوليو 2008م

صناعة الموت: كيف بدأت الجماعات المتشددة في بريطانيا؟
كيف بدأت الحركات المتشددة في بريطانيا؟
بيانات ومنشورات التشدد
إمام أزهري معتدل يعيد المسجد إلى الاعتدال
تأسيس الهيئة الاستشارية الوطنية للأئمة والمساجد

اسم البرنامج: صناعة الموت مقدم البرنامج: ريما صالحة تاريخ الحلقة: الجمعة 18-7-2008 ضيوف الحلقة:كميل الطويل (صحفي متابع لقضايا الإرهاب)اللورد أحمد (عضو مجلس اللوردات البريطاني)الشيخ أحمد سعد (إمام جامع فنسبري بارك)مختار البدري (عضو اللجنة الاستشارية الوطنية للأئمة والمساجد بريطانيا)

ريما صالحة: لسنواتٍ طويلةٍ كانت الصحف البريطانية تجد في شخصياتٍ أصوليةٍ مثل أبو قتادة الفلسطيني وأبو حمزة المصري مادة دسمة للهجوم على ما تسميه بالتطرف في مساجد لندن، ورغم أن بريطانيا يوجد بها حوالي ألفي مسجد منهم ألف على الأقل في لندن وحدها وكلها تحمل صورة الإسلام السمحة والمتسامحة غير أن التركيز الإعلامي على مساجد قليلة تعد على اليد الواحدة وتعلو فيها الأصوات المتطرفة أضرّ بصورة المسلمين في بريطانيا، جعلهم هدفاً لحملات إعلامية تزداد حدتها أو تخفّ حسب الظروف، في هذه الحلقة نحاول أن نرفض بوضوح ما يحدث داخل مساجد بريطانيا، حلقة جديد من صناعة الموت أحييكم.

كيف بدأت الحركات المتشددة في بريطانيا؟
أستاذ كميل الطويل أرحب بك في صناعة الموت عبر العربية أنت طبعاً الكاتب في جريدة الحياة والصحفي المتابع لشؤون الجماعات المتشددة ولديك أيضاً العديد من الكتب آخرها القاعدة وأخواتها. عموماً أبدأ معك من هذا المنطلق، من هذا العنوان، ولكن ليس عن القاعدة. سأبدأ معك من حقبة التسعينات لأسألك عن وجود الجماعات المتشددة في لندن، وضعها طبعاً، خطابها في المساجد إذا كنا نتحدث عن أبو حمزة وأبو قتادة وغيرهم؟كميل الطويل: في الحقيقة فترة التسعينات كانت فترة ذهبية لنشاط الجماعات الجهادية أو الجماعات الجهادية السلفية، بعد انتهاء الجهاد الأفغاني الأول ضد الروس.. الاحتلال الروسي الشيوعي صار هناك دفق من الجهاديين من مختلف دول العالم العربي وحتى من أفغانستان وباكستان إلى لندن، حيث وجدوا في يعني مساحة الحرية المتاحة للإسلاميين هنا بفعل القوانين البريطانية المتساهلة جداً في مجال حرية التعبير وجدوا فيها مجالاً رحباً لكي يعبّروا فيها عن آرائهم، وهكذا بدأت لندن تستضيف الإسلاميين الذين جاؤوا من أفغانستان وباكستان، ثم جاءت أحداث مصر عندما بدأ الجهاديون أو الجماعات الإسلامية المسلحة في مصر حرباً ضد السياح وضد الحكومة المصرية في بداية التسعينات وكرت سبحة العمليات لتنتشر في دول العالم العربي خصوصاً في الجزائر بعد إلغاء انتخابات العام 1992، وهكذا صب هناك الكثير من الجهاديين الذين فروا من الأنظمة العربية ومن الحملة التي تعرضوا لها في باكستان خصوصاً في الـ 93 وجدوا أنفسهم في لندن، وبدؤوا ينتشرون لم تكن هناك مساجد أساسية ينشطون منها، بدؤوا يستأجرون قاعات يؤمّون فيها المصلين، كان أبرز الذين ظهروا إلى الساحة الإعلامية في تلك الفترة كان الشيخ أبو قتادة الفلسطيني، كان في الحقيقة زعيم الجهاديين بلا منازع في بريطانيا، خصوصاً عندما بدأ الجزائريون الموالون للجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر في التكتل حوله، وبدأ نفوذه يكبر مع الوقت، تكتلت حوله جماعات عدة، كان الجزائريون أنصار الجماعة الإسلامية المسلحة هم عماد الأشخاص الذين أحاطوا به، لكن كان هناك أيضاً مؤيدون لجماعة الجهاد المصرية، كان هناك مؤيدون للجماعة المقاتلة الليبية وكان هناك مغاربة، وكان هناك يعني طيف معيّن من الإسلاميين الذين التفوا حول أبو قتادة.ريما صالحة: بعد ذلك انقسمت الجماعة الإسلامية في الجزائر هذا الانقسام كيف أثر على أيضاً وضعهم هنا في لندن ووضع مؤيديهم ومن ضمنهم أبو قتادة الذي كان يؤيدهم بشكل كبير؟كميل الطويل: الذي حصل أن الشيخ أبو قتادة كان من أشد أنصار الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر في بريطانيا من خلال إمامته المصلين في في إحدى المصليات في منطقة بيكر ستريت قرب المسجد المركزي، لكن الذي حصل بين 93 و 95 أن الجماعة الإسلامية المسلحة بدأت تكبر وتكبر وتكبر حتى سيطرت إلى حدٍّ كبير على ساحة العمل المسلح داخل الجزائر نفسها. لكن في نهاية الـ 95 حصل هناك انشقاق كبير داخل الجماعة المسلحة عندما لجأ متشددون داخل الجماعة المسلحة يطلقون على أنفسهم أتباع التيار السلفي الجهادي داخل الجماعة المسلحة بالقضاء على صف آخر من الذين انضموا إلى الجماعة المسلحة وكانوا في السابق مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الذي حصل في ترك الفترة أن الجماعة المسلحة قتلت بعد خيرة الشيوخ الذين انضموا إليها، صار هناك نقاش عنيف داخل أوساط الجماعات الإسلامية المؤيدة للجماعة المسلحة في الجزائر داخل لندن، بالطبع..ريما صالحة: حتى أنهم قتلوا يعني كانت الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية تبعث بأيضاً مقاتلين إلى الجزائر وتم تصفيتهم بطريقة غامضة من قبل الجماعة الإسلامية، هل هذا أيضاً شكل نوعاً من رفض هذه الجماعة ولأعمالها هنا في لندن من قبل مؤيديها؟كميل الطويل: هذا الذي حصل، أن النقاش عندما بدأ بدأ كيف يجوز للجماعة الإسلامية المسلحة أن تقتل تحديداً الشيخين محمد السعيد والشيخ رجّام؟ ثم انتقل الحديث إلى: هل يجوز للجماعة الإسلامية المسلحة أن تفعل بالأفغان الليبيين الذين أرسلتهم الجماعة المقاتلة للقتال إلى جانب الجماعة المسلحة، هل يجوز لها أن تعتقلهم أو تقتلهم، صار هناك انشقاق داخل أنصار الجماعة المسلحة في لندن. أبو قتادة كان من بعض أشد المتحفظين على أخذ قرار بفك الارتباط بالجماعة المسلحة ووقف التأييد لها، لكن في حزيران 1996 حصل اجتماع كبير ضم غالبية الجهاديين المؤيدين للجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، اجتمعوا في أحد بيوت الإسلاميين الجهاديين هنا في لندن، صار نقاش دام طوال الليل تقريباً ثم في النهاية قرروا أن يسحبوا البيعة أو التأييد الذي منحوه لقيادة الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر وتحديداً قيادة جمال زيتونة.

بيانات ومنشورات التشدد
ريما صالحة: هنا أرى بيانات، يعني بيانات للجماعة الإسلامية المسلحة، بيان لأيضاً مجموعة تسمي نفسها بالأنصار، هذه المناشير كانت توزّع داخل المساجد ربما الآن تغيّر الوضع أصبح الآن هناك الإنترنت أسرع بالنسبة لهم، ولكن كيف لهذه المناشير كانت تطبع كانت توزع أيضاً من ناحية قبولها لدى المجتمع المسلم في بريطانيا؟كميل الطويل: نعم. فترة التسعينات شهدت مثلما قلت دفقاً للجهاديين إلى بريطانيا، وهؤلاء أرادوا أن يعبروا عن آرائهم وأفكارهم وأن يدافعوا عن مواقفهم من خلال نشرات معينة كان يتم توزيعها أيام الجمعة خصوصاً بعد صلاة الجمعة في بعض مساجد لندن، خصوصاً يعني المسجد الذي يؤمّه الشيخ أبو قتادة، كانت نشرت الأنصار التابعة للجماعة الإسلامية المسلحة أو المؤيدة للجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر توزّع بكثافة في أكثر من مسجد، لكن المعقل الرئيسي لأنصار الجماعة الجزائرية كانت في مسجد الشيخ أو قتادة. لكن ليست الأنصار فقط هي التي كانت توزع في تلك الفترة. كانت هناك نشرات عديدة، كانت هناك نشرات تصدرها جماعة الجهاد المصرية، كانت هناك نشرات للجماعة الإسلامية المصرية، كانت هناك نشرات للجماعة المقاتلة الليبية، إذن كان هناك نشاط كثيف إعلامي للجهاديين العرب في لندن في حقبة التسعينات لكن الذي تغيّر هو تفجير..ريما صالحة: في الـ 95؟كميل الطويل: هو التفجيرات التي..ريما صالحة: بعد تفجيرات باريس.كميل الطويل: صحيح. التي شهدتها باريس.. محطات المترو في باريس في صيف 1995. والذي زاد الأمور تعقيداً صدور نشرت الأنصار حاملةً منظراً لبرج إيفل متفجراً عندما تبنت الجماعة المسلحة تفجيرات باريس. في تلك الحقبة أعتقد أن الحكومة البريطانية باتت واعية لأن النشاط الذي يقوم به الجهاديون على الأراضي البريطانية ليس إعلامياً فقط أو مسانداً للجماعات المسلحة في بلدانها، بل إنه نشاط قد يتجاوز في بعض الأحيان ما يسمح به القانون البريطاني، عند تلك النقطة عندما بدأ البريطانيون يشعرون أن الإسلاميين الناشطين هنا على الأراضي البريطانية يتجاوزون الحدود التي يسمح لهم بها القانون بدأ التضييق عليهم.ريما صالحة: برأيك أستاذ كميل لماذا الحكومة البريطانية تعاملت في حقبة التسعينات بمثل هذا التسهيل مع هؤلاء المتشددين؟ البعض رأى بأن الحكومة البريطانية كانت تطلب منهم أن لا ينفذوا أي أعمال داخل بريطانيا، البعض يقول بأنها لم تكن مدركة لخطورة هؤلاء، البعض يرى بأنه ربما الديمقراطية والحرية التي كانت تتمتع بها بريطانيا أعطت مساحة كبيرة لهؤلاء لينطلقوا بحرية كاملة من دون أن تعلم مدى خطورتهم في أي موقع ترى أنت الأمر؟كميل الطويل: أعتقد أن الحكومة البريطانية لم تكن تعرف في تلك الفترة كيفية التعاطي مع مسألة الناشطين الإسلاميين على الأراضي البريطانية، كان هناك تيار يقول أن على الأجهزة البريطانية أن تقوم بتوجيه رسالة حازمة إلى أنصار الجماعات المسلحة على الأراضي البريطانية بأنه عليهم أن لا يتجاوزوا القانون، هناك تيارات أخرى داخل الحكومة البريطانية كانت ترى أن هؤلاء لا يتجاوزون القانون بل أن ما يقومون به هو لا يمثل خرقاً للقوانين البريطانية.ريما صالحة: يعني هم اعتبروه نوعاًَ من الديمقراطية والحرية أعطوها لهم، كنوع من التنفيس كحال أي شخص موجود على الأراضي البريطانية؟كميل الطويل: أعتقد أن الرأي الذي كان سائداً حتى منتصف التسعينات أن ما يقوم به هؤلاء لا يتجاوز ما يسمح به القانون البريطاني.ريما صالحة: لكن هؤلاء الأشخاص استعملوا هذه الحرية بطريقة خطأ؟كميل الطويل: هذا الذي حصل أن البريطانين اكتشفوا في النصف الثاني من حقبة التسعينات أن بعض الإسلاميين الناشطين على الأراضي البريطانية يتجاوزون بالفعل الحدود المتاحة لهم الذي كشف الأمور أو سلّط الأمور بكثافة على نشاط الإسلاميين على الأراضي البريطانية هي تفجيرات باريس في 95 عندما قال الادعاء الفرنسي قال أن هناك صلة معيّنة لأنصار الجماعة المسلحة الجزائرية في بريطانيا بالتفجيرات التي حصلت في باريس وطلبوا من القضاء البريطاني اعتقال المسؤول عن نشرة الأنصار، عند تلك النقطة..ريما صالحة: ما كان اسمه؟كميل الطويل: اسمه أبو فارس رشيد رنده وبعد عشر سنوات من المعارك القضائية سمح القضاء البريطاني في النهاية بتسليمه للفرنسيين حيث حوكم وأعتقد أنه سجن على ذمة تفجيرات باريس.ريما صالحة: سؤال أخير، الأوضاع أستاذ كميل في حقبة التسعينات بماذا اختلفت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر خصوصاً وبعد 7/7 تحديداً في التعاطي من ناحية هؤلاء المتشددين خطابهم داخل المساجد وأيضاً تعاطي الحكومة معهم؟كميل الطويل: الذي حصل على الأراضي البريطانية أنه في العام 1997 شعر بعض الإسلاميين الجهاديين الناشطين على الأراضي البريطانية بأن السلطات البريطانية لم تعد تستطيع أن تتحمل نشاط الإسلاميين هنا، وبدؤوا يروّجون لأنصارهم بأن عليهم ما اعتبروه الهجرة إلى بلدٍ إسلامي كان تحديداً أفغانستان في ظل بدء حركة طالبان في الانتشار على الأراضي الأفغانية. الذي حصل منذ الـ 97 حتى 2001 أن التضييق البريطاني على نشاط الجهاديين كان يتواصل يوماً بعد يوم، حصلت تفجيرات هجمات 11 سبتمبر 2001، عند تلك الحقبة في الأسبوع الموالي للتفجيرات أعتقد أن الحكومة البريطانية اتخذت إجراءات بأنها لم يعد في استطاعتها أبداً التسامح مع الجهاديين الناشطين هنا، في تلك الحقبة، ذلك اليوم، تلك الساعة، أقفلت ساحة الجهاديين العلنية في بريطانيا من أراد أن يقوم بنشاط جهادي علني أعتقد بعد 11 أيلول سبتمبر 2001 كان عليه أن يلجأ إلى النشاط تحت الأرض وليس في في يعني في شكلٍ مكشوف.ريما صالحة: فاصلٌ قصير نتابع بعده كيف تغيّرت الصورة داخل مسجد فنسبري بارك في لندن والذي كان أبو قتادة يخطب به بعد أن أصبح إمامه الآن شاباً أزهرياً يحمل درجة الماجستير في الفقه الإسلامي. نتابع بعد الفاصل.[فاصل إعلاني]

إمام أزهري معتدل يعيد المسجد إلى الاعتدال
ريما صالحة: في إنجلترا أكثر من ألفي مسجد، وفي لندن وحدها حوالي ألف مسجد، جميعهم يقدّمون صورةً ممتازة للمجتمع المسلم المسالم المعتدل الذي يعد أبناؤه بالملايين ووصل أعضاؤه إلى أعلى المراتب داخل المجتمع البريطاني بما في ذلك عضوية مجلس اللوردات.اللورد أحمد (عضو مجلس اللورادات البريطاني): أعتقد أن معظم الناس يدركون أنه من أصل 1200 لـ 1400 مسجداً الموجود في المملكة المتحدة، هناك 99.5% أو 97.5% منها مسالمة للغاية وتضم مسلمين عاديين الذين يصلون بهدف السلام والانسجام بين الأديان. وهم مواطنون يريطانيون يتمتعون بخصال حسنة. لكن هناك أقلية قامت بأعمال شغب في شوارع لندن وهو أمر مؤسف للغاية وتعلمون أننا شهدنا بعد الثورة الإيرانية ظهور البرلمانات الإسلامية التي أصبحت الصوت الذي يعبر عن المسلمين. ولسوء الطالع بعد أحداث 11/9 أو في أعقاب حرب 1991 وبعد وفاة د. كليم صديقي ظهر لدينا فجأة بعض المتطرفين مثل أبو حمزة وأبو قتادة وعمر بكري الذين أصبحوا صوتاً للمسلمين وهؤلاء تطرفون لا يمتون بأي صلة بالجالية الإسلامية، وكنت قد خاطبت وزير الداخلية قبل أحداث 11/9 وطالبت باعتقال أولئك الأشخاص بسبب التحريض على الكراهية فضلاً عن كونهم يشكلون تهديداً على الأمن القومي، وهذا يعود بالضرر على ديانتي وعلى جاليتي في المملكة المتحدة، وهذا لا يخالف القانون، لكن من المؤكد أن أولئك الأشخاص الذين هم مصدر تهديد لأمننا كما يسببون المشاكل فلابد أنهم يخالفون القانون. ولذا قلت لا بد من اتخاذ بعض الإجراءات، ولم يتم ذلك إلا أنه تم اعتقال هؤلاء الأشخاص بعد أحداث 11/9 و 7/7 وأتمنى أن يكونوا قد استخلصوا العبر الآن. وأعتقد أن غالبية المسلمين يرغبون بمعاقبة تلك المجموعة من المتطرفين لأنهم لا يمثلون الإسلام أو الجالية الإسلامية في بريطانيا.ريما صالحة: ولكن الصحافة البريطانية تختار نجومها، نجوم التطرف وتقدمهم كنموذجٍ للمسلمين في بريطانيا رغم أنهم لا يمثلون أكثر من واحد بالألف. هل الصحافة البريطانية هي التي تتحيز في الاختيار؟ أم أن الممارسات العنيفة التي تورطت بها قلة قليلة أساءت إلى الأغلبية المعتدلة؟ جامع فنسبري بارك في لندن حيث كان أبو قتادة الفلسطيني يؤم الصلاة ويحوّلها إلى تظاهراتٍ صاخبة وتجمّعاتٍ لأنصاره الملثمين. كان هذا الجامع من المساجد القليلة التي يحاصرها باستمرار رجال الأمن ورجال الصحافة. رجال الأمن خوفاً من تطور الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه، ورجال الصحافة بحثاً عن مادةٍ دسمة لملثمين ومتعصبين ومتشنجين تصلح صورهم فيما بعد لعناوين الأخبار والصفحات الأولى وتقدم صورةً مشوّهةً لحقيقة الإسلام. كيف تغيّر الحال في جامع فنسبري بارك بعد أن اختفى أبو قتادة الفلسطيني من على منبره، وأصبح إمام المسجد الآن شاباً أزهرياً يحمل الماجستير ويجمع بين العلم الفقهي والمعرفة بلغة وطبائع المجتمعات الغربية.الشيخ أحمد سعد: أنا تخرجت من كلية اللغات والترجمة قسم الدراسات الإسلامية في الأزهر سنة 2001، وأنهيت الدراسات العليا في 2004، ثم سجلت لدرجة الماجستير في 2004 أيضاً في موضوع التقريب بين السنة والشيعة، الحوار السني الشيعي أو الحوار الإسلامي الإسلامي.ريما صالحة: فضيلة الشيخ هل أنت مبعوث رسمي من الأزهر أتيت إلى هنا؟ أم أتيت بمبادرة شخصية منك، ربما بعد إجراءات معينة أو طلب من أمناء هذا المسجد أن تأتي إلى هنا وتستلمه؟الشيخ أحمد سعد: والله أنا كنت آتي دائماً زيارة إلى لندن في شهر رمضان في مسجد شرق لندن، ومسجد شرق لندن يعتبر من أكبر المساجد في لندن عموماً، يتسع لحوالي 15 ألف مصلٍّ، فمن خلال المسجد هناك بعض الشباب قالوا هناك مسجد يحتاج إلى إمام ولعل في هذا المسجد يعني يكون فرصة طيبة أن تستطيع أن تتواصل مع الناس أو شيء من هذا القبيل، فلم يكن الحقيقة في حسباني أن آتي إلى هذا المسجد، ولكن بعد مداولات طويلة أتيت إلى هنا وألقيت خطبة جمعة في مرة من المرات ثم أتيت مرة ثانية ألقيت درساً في شهر رمضان، وبدأ أمناء المسجد قالوا نعم نحن بحاجة إلى إمام يجيد اللغة العربية والإنجليزية للتواصل مع الناس لتحويل هذا المسجد لأن المسجد كان قد استلموه مما كان فيه من أبي حمزة ومن كانوا فيه وكان المسجد الناس ترهب الدخول إليه.ريما صالحة: صحيح، هذا ما يقودني إلى سؤال آخر وهو بأن هذا المسجد كان إمام فيه وخطيب فيه أبو حمزة وأبو حمزة طبعاً أنت تعلم ما هو وما علاقته بالحكومة والمشاكل التي هو فيها ومحاكماته وأيضاً الآن يريدون أن ينقلوه إلى الولايات المتحدة الأميركية، هذا يعني أنك استلمت المسجد وفيه تركة ثقيلة، ألم يخيفك هذا الأمر ربما من إجراءات أمنية معينة من قبل الحكومة؟ وتخوّف أيضاً من قبل الذين كانوا يأتون ويصلون هنا؟الشيخ أحمد سعد: والله هم يقولون قولاً يقولون:لولا المشقة ساد الناس كلهم/ الجود يفقر والإقدام قتالفدائماً كل شيء ما يستطيع الإنسان أن يحقق نجاحاً إلا إذا مشى من خلال الصعاب أو واجه تجربة صعبة أصلاً. نعم كان المسجد تركه ثقيلة كانت تعترض الإنسان أيام مثلاً يتصل به ناس بعد منتصف الليل لتهديد أو مشاكل أو واحد يتصل بي يشتمني، وكنت أتصل بالبوليس فوراً، كنت دائم التواصل حقيقة مع البوليس، دائماً أخبرهم حدث كذا بالأمس، حتى وصل بي الحال في مرة من المرات أن أخبرتهم وقلت لهم: والله أنا دائماً تأتيني مكالمات من رقم مجهول بعد منتصف الليل ويسبني ويشتمني أو بعضهم يتصل فقط ويسمع بالناحية الأخرى، فلا بد أن تراقبوا هاتفي، هذا رقم هاتفي ولو سمحتم راقبوه حتى لا يحدث مكروه. حدثت بعض الحوادث قليلة جداً، لكن أنا وجدت أن أهل هذه المنطقة لم يكونوا يأتون إلى المسجد، وهذا أحد الأشياء التي شجعتني على المضي قدماً، الناس كانت خائفة مذعورة من المسجد.ريما صالحة: هل كانت تخاف يعني من أن تدخل إلى المسجد وربما توضع أسماؤها ضمن لائحة معينة من قبل الحكومة؟ أم هناك أسباب أخرى كانت تخيفهم؟الشيخ أحمد سعد: هذه واحدة الناس يخافون أن يوصفوا بالإرهاب. هذه واحدة. الأمر الثاني أن الناس لا يحبون وجع الرأس، الناس لا يشجعون هذا النوع من الفكر، هذا الفكر في حقيقة الأمر لا يجد له جمهوراً إلا قلة قليلة بعض وسائل الإعلام تحاول أن تعظّمها وأنا.. يقولون كما يقولون من يعظّم الإنسان ربما الآخرين يعظّموه وهو ليس عظيماً عند نفسه أصلاً. فهذه القلة القليلة ما عظّمتها إلا وسائل الإعلام، ومعظمهم لم يكونوا من أهل المنطقة.ريما صالحة: هل كانت أتباع أبو حمزة يأتون إلى هنا بعد أن استلمته فضيلتك؟ هل شهدت أن أحداً أتى إلى هنا ربما تسبب لك في مشادة معيّنة كان له تعليق معيّن؟الشيخ أحمد سعد: والله لم يعترض طريقي أحد منهم إلا مرة واحدة بعد أحداث جلاسكو بعد الهجوم على مطار جلاسكو الذي حدث في العام الماضي، تحدثت في خطبة من خطب الجمعة عن هذا الأمر، وقلت: كيف نحن كمسلمين يجب علينا أن نحترم قانون هذا البلد، إذا دخلناه سواء بتأشيرة أو دخلناه بإقامة أو دخلناه بجواز سفر بريطاني فعلينا أن نحترم هذا البلد ونحترم هذا القانون. ولعلي شددت في الكلام حتى قام واحد من المصلين فسبّني وأنا على المنبر وانصرف. فأنا وقفت هكذا هادئاً حتى انصرف، ثم قلت والله هذه علامة طيبة أن الإنسان إذا أعطي دواء للكحة وهو يشكو من الكحة فإن الطبيب يخبره أن الكحة ستزيد فترة ثم تهدأ، فهذه زيادة الكحة هذه وخروج واحد من الناس يتحدث مثل هذا الحديث، هذا دليل على أننا نتعافى من السقم والمصاب الذي كان عندنا. وبعدها بيوم وجدت أحد الناس أعطاني صندوق شكولاته وترك لي رسالةً مع الأمن أمن المسجد وشكرني فيها على ما قلت، وقال: هذا المعتوه الذي قام وقال لك هذا الكلام لا تسمع له ولا يروعك منه شيء، وشيء من هذا القبيل. نعم هناك بعض الناس يتحملون أمثال هذا الفكر.ريما صالحة: طيب شيخ أحمد يعني نحن هنا أمام خطين. الشيخ أحمد سعد: نعم. ريما صالحة: خط متشدد وخط معتدل. والحقيقة بأنني حتى عندما تحدثت إلى اللورد احمد قال بأن 99% من المساجد الموجودة في بريطانيا عموماًَ وفي لندن خصوصاً هي مساجد معتدلة، يعني أئمتها معتدلون. ولكن ألا ترى بأن قلة قليلة من هؤلاء إذا ما ذكرنا أبو حمزة وأبو قتادة وعمر بكري وغيرهم يعني هذه الأسماء ربما شوّهت هذه الصورة، شوهت صورة الاعتدال، وبالتالي كان هناك محاولة لاختطاف هذه المساجد من قبل المعتدلين؟الشيخ أحمد سعد: نعم لأنه يا ستي الكريمة الإنسان إذا وجّهت المرآة أو وجهت المنظار على شخص واحد تعظمينه حتى وإن كان قليلاً جداً، وتركت الغالبية العظمى أو السواد الأعظم من الناس دون أن تعطيهم صوتاً أو تعطيهم مايكرفوناً ليتحدثوا إلى العامة بطبيعة الحال كأنهم كثرة منسية، وفي بلادنا الكثرة المنسية معروفة جداً. هذه قاعدة معروفة أنه دائماً القاعدة الصامتة أو الجمهور الصامت. فنعم 99% من مساجد بريطانيا إذا قلنا عندنا في لندن مثلاً ألف مسجد أنا أكاد أقول أنه ربما يكون هناك مسجد أو مسجدين اللي فيهم هذا الفكر وتعدين الأفراد هؤلاء حتى المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية باللغة العربية قرأت في تقرير له قال..ريما صالحة: جون ويلكس.الشيخ أحمد سعد: نعم. قال إنه هناك أقل من واحد بين كل ألفي شخص يحمل بذور لفكر التشدد، واحد بين كل ألفي شخص. وهذا يعني عدد قليل جداً لا نقول واحد بالإلف ولكن واحد بالألفين.ريما صالحة: ولكن فضيلة الشيخ أنت تعلم عندما نتحدث هنا كأننا نعطي مثلاً أن ثمرة موجودة في صندوق كتفاحة مثلاً إذا كانت مضروبة ستضرب الصندوق كله، يعني مثل هذه الأفكار وهذا التشدد من قبل البعض برأيك ألا يمكن أن يكون وينعكس سلباً على بقية المساجد والأئمة والجالية المسلمة الموجودة هنا؟الشيخ أحمد سعد: يعني دائماً أسأل لماذا وسائل الإعلام تتجاهل قصص النجاح وتذهب دائماً إلى قصص الفشل؟ تذهب دائماً إلى من يصرخون دون علم، ودون رسوخ في العلم، تذهب دائماً.. نحن نعظم أناساً ربما لم يتلقى واحد منهم تعليماً أبداً في حياته. يعني مثلاً لو تكلمنا عن بعض الأشخاص الذين يتحدثون باسم الإسلام من التيار المتشدد، هؤلاء لو نظرتِ في خلفياتهم أصلاً تجدين مصائب وبلاوي كثيرة، تجدين بعضهم أصلاً لم يدرس في حياته في مدرسة إسلامية ولا في جامعة إسلامية ولا نال من العلم شيئاً، بل ربما يكون بعضهم عاش حياة الجريمة أو عاش حياة سيئة جداً ثم التزم فانلقب رأساً على عقب كما يقولون من طرف النقيض إلى الطرف الآخر. ودائماً يقولون في علم النفس أن الإنسان إذا كانت عنده تركيبة المجرم مثلاً ثم بدأ يلتزم إسلامياً أو كذا أو كذا تنتقل معه هذه التركيبة، فيكون بنفس عنفه ينقله إلى تطرف، بنفس شدته ينقلها ولكن يصبغها بصبغة جديدة.ريما صالحة: هل تعتبر أن بعض هؤلاء اختطفوا المساجد في بريطانيا؟الشيخ أحمد سعد: لا أقول اختطفوا المساجد لأن المساجد لا تزال معظمها في أيدي المعتدلين، بدليل أن هذا المسجد الآن رجع إلى ساحة الاعتدال والآن الحمد لله نحن نتلقى دعماً كبيراً جداً من الحكومة تساعدنا على أن نخطو بهذا المسجد خطوات واسعة. لكن نعم هناك أبواق تفتح لأمثال هؤلاء، هناك الشباب الصغار الذين لا يعرفون شيئاً عن الإسلام وفقط التزموا حديثاً قد يسمعون لهؤلاء، لأن حمية الشباب تتجاوب مع هذا الخطاب المتشدد أو الخطاب الناري.ريما صالحة: وهنا تكمن الخطورة في شباب اليوم.الشيخ أحمد سعد: طبعاً هنا تكمن الخطورة وهنا يكمن يعني تبرز لنا أهمية وجود دعاة مؤهلين للحديث لهؤلاء الشباب واحتواء هؤلاء الشباب، لا زلنا للأسف ننظر إلى الأئمة إلى هذه البلاد مثل بلادنا يعني شخص كبير في السن لحيته طويلة بيضاء، ليس له صلة بالناس إلا أن يؤمهم في الصلاة وأن يحدثهم في خطب الجمعة عن آداب دخول الخلاء وآداب الخروج منه، الأمور هكذا تنقطع عن حياتهم. بينما الشباب هنا يحتاجون إلى شخص يحتك بهم، يتعامل معهم، يحبهم ويحبونه ويشاركهم في كل شيء، قريب منهم في السن، يجيد لغتهم ويجيد خطابهم.ريما صالحة: فضيلة الشيخ، المشايخ في بلادنا تدرس طبعاً الفقه والشريعة، هل ترى بأنه من الواجب أيضاً إنشاء رابطة أو إنشاء ربما جمعية لتأهيل الأئمة فيما يتعلق بالمجتمعات، معرفة المجتمعات الغربية، طريقة التعامل معها، طريقة تفكيرها لما يتناسب بالتعامل معها وفق الشريعة الإسلامية السمحاء وقبول المجتمعات الأخرى بما يعني قبول الآخر؟الشيخ أحمد سعد: والله أنا أرى أن الطلاب الذين يؤهّلون في بلادنا لأن يصبحوا دعاة في الغرب يجب أن يرسلوا على فترات متقاربة أثناء فترة دراستهم إلى هذه البلاد للتعرف ويمكثون فيها فترات، يخبروا فيها الناس ويعرفوا كيفية طريقة عيشهم، ويعرفوا حتى النظام الذي يتعيّشون به في المستقبل قبل أن يأتوا إلى هذه البلاد، يتعرفوا عليهم، النبي صلى الله عليه وسلم ولنا فيه الأسوة الحسنة أرسل سيدنا مصعب بن عمير إلى المدينة وأرسل كثيرين ليتحسسوا الأخبار ويتعرفوا على البلد قبل أن يهاجر هو إليها. فنعم يجب أن يرسل أمثال هؤلاء أثناء فترة دراستهم ليأخذوا التدريب العملي في هذه البلاد ليتعرفوا على طريق المعيشة بها، بعد أن يأتوا إلى هذه البلاد يجب أن يكون هناك نوع من التنسيق. الآن عندنا نعم جمعيات للتنسيق بين الأئمة لكن للأسف غير مفعّلة على أرض الواقع، هي فقط أسميها جمعيات الموائد المستديرة، الناس يجتمعون يأكلون ويشربون ويتكلمون في أحاديث الأبراج العجيبة ثم ينصرف كل واحد منهم دون وجود مشروع حقيقي على أرض الواقع يجمع بين هؤلاء، فضلاً عن أن هناك حاجة لتخريج أبناء من أبناء هذه البلاد ربما نرسلهم إلى بلادنا لتقوية لغتهم العربية ولوضعهم على المحك مع الثقافة الإسلامية لكن هم أخبر الناس بهذه البلاد، أخبر ممن يأتون من الخارج.ريما صالحة: سؤال أخير فضيلة الشيخ، كيف وضع الجالية المسلمة الآن في بريطانيا؟ كيف تقيّمها؟الشيخ أحمد سعد: أنا أقول الجالية الآن في مرحلة الإفاقة من كسلٍ أو نومٍ طويل، لأن الجالية على فترة طويلة جداً كان نعم عندها أنشطة وكذا وكذا لكن للأسف كان هناك أشياء تغافلت الجالية عنها مثل المشاركة السياسية مثلاً، مثل التنسيق تنسيق الجهود بين المؤسسات الإسلامية الكبرى، كل مؤسسة كانت تعمل على حدة، ولذلك تبعثر الجهود هذا أثّر سلباً على الجالية على المدى الطويل. فالآن الجالية بدأت تدرك أهمية ما يسمونه التنسيق أو اللوبيينج. الآن الجالية أصبحت تهتم بهذا، هناك تنامي رغبة بين الشباب لتبوّؤ المناصب العليا في المؤسسات الإسلامية لأنهم أقدر على إدارتها أقول من الجيل القديم.ريما صالحة: كنت سأختم معك في السؤال السابق. ولكن أيضاً هذا يدعوني إلى سؤال: كأئمة مساجد موجودون الآن في بريطانيا هل أنتم تتعاملون مع الشباب الآن على أساس المساعدة في إيجاد فرص وفي إيجاد حلول خاصةً الشباب الذين كانوا مغرراً بهم لإعادة توعيتهم ولإعادة إرشادهم ولإعادة معرفتهم بالحقيقة والطريق الصواب، كيف يتم التعامل مع هؤلاء؟ إلى ماذا يحتاجون؟الشيخ أحمد سعد: نعم هناك تزايد وتنامي في الوعي بين أوساط الشباب بخطورة هذا الفكر لا شك في هذا. الأئمة دورهم الآن أن يحتووا هؤلاء الشباب. لأن بعض الشباب هؤلاء لم يكونوا يعوا أن هذه الأمور ستتطور بهذه السرعة وسيكون لها هذا الأثر السيئ. الآن ينبغي أن نحتوي هؤلاء الشباب بحيث لا يضيعوا في الاتجاه الآخر، يعني بدلاً من أن يكونوا ملتزمين متشددين لأ يرجعوا وينقلبوا على أعقابهم فيكون واحد منهم مثلاً عضواً في جماعة تحدث الجرائم أو تقوم بجرائم أو مخدرات أو كذا يجب على الأئمة أن يستطيعوا استيعاب هؤلاء الشباب وأن يوجدوا لهم الأنشطة التي تناسبهم وتستفرغ طاقتهم.ريما صالحة: أيضاً نتوقف لفاصل قصير، نتابع بعده كيف قامت المنظمات الإسلامية الأهلية بفضل الاشتباك بين المتطرفين والحكومة البريطانية داخل مساجد لندن.[فاصل إعلاني]

تأسيس الهيئة الاستشارية الوطنية للأئمة والمساجد
ريما صالحة: أستاذ مختار البدري عضو في مكتب التسيير في الهيئة الاستشارية الوطنية للأئمة والمساجد كما تعرّفون عنها "MINAB"، أرحب بك في صناعة الموت من العربية، أبدأ معك السؤال الأول بنشاطات الهيئة؟مختار البدري: بسم الله الرحمن الرحيم، الهيئة من خلال اسمها هي جمعية استشارية تُعنى بتطوير الإدارة وتنظيم شؤون المساجد في المملكة المتحدة. فهذا هو النشاط الرئيسي الذي تقوم به. لكن الهيئة خلال هذه المرحلة هي في طور التأسيس. ما زالت لم تبدأ في أداء المهام الرئيسية التي أسست من أجلها ولكن في طور إعداد الدستور المنظم لعملها والمعايير التي تريد أن تطور المساجد حتى تصل إليها، والمشاركة العامة والواسعة من طرف الأئمة وإدارات المساجد في البلد كلها. هذا هو النشاط الرئسي الذي تقوم به خلال هذه المرحلة.ريما صالحة: طيب. أنت قلت لي الآن أنها بطور التأسيس. ولكن يعني الآن أنتم ألستم على علاقة بالمساجد داخل بريطانيا؟ هل تجتمعون مع أئمة مساجد موجودين مع أيضاً أعضاء بهيئات أخرى؟مختار البدري: الهيئة الاستشارية الوطنية للأئمة والمساجد تتكوّن حالياً من أربع جمعيات رئيسية، نحن طرف فيها الرابطة الإسلامية في بريطانيا مع المنبر الإسلامي البريطاني، المجلس الإسلامي البريطاني، ومركز الإمام الخوئي، هذه الجمعيات الأربعة، عملنا الرئيسي الآن هو التواصل مع الأئمة والمساجد.ريما صالحة: كم عدد المساجد في بريطانيا؟مختار البدري: ليس هناك إحصاء دقيق للمساجد، ولكن هناك ما بين 1800 إلى 2000 مسجد في بريطانيا، نحن نتواصل مع أعداد كبيرة منهم، عقدنا اجتماعات في المدن الكبرى المختلفة، عقدنا أربعة أو خمسة اجتماعات في لندن، عقدنا اجتماعاً في ويلز، اجتماعاً في بيرمنغهام، في ليستر، برادفورد، ليدز، مانشستر، غلاسغو وما زالت هناك اجتماعات أخرى. هناك اجتماعات تمت مع الأئمة مع العلماء، هناك اجتماعات تمت مع الشباب، هناك اجتماعات تمت مع النساء، مع أصناف مختلفة من الفئات الاجتماعية التي تستفيد من المساجد.ريما صالحة: شهدنا في الآونة السابقة وحتى اليوم الكثير من المشاكل فيما يتعلق بموضوع المساجد أو الخطب التي تلقى هناك إذا ما ذكرت مثلاً أبو حمزة وأبو قتادة وحتى عمر بكري، هل هذه حالات استثنائية وجدت في لندن؟ أم أيضاً تتخوّفون من وجود مثل هذه الحالات على المجتمع المسلم هنا؟مختار البدري: أولاً أريد أن أشير إلى أن النظام الذي تدار به المساجد يتسع إلى أن كل صاحب فكرة إذا احترم القوانين المؤدّية إلى بناء مسجد أو تأسيس مسجد مثل التي ذكرتها سابقاً يمكن أن يؤسس مسجداً، ولذلك إذا كان الشخص يحمل فكراً معتدلاً سيكون خطابه معتدلاً، وإذا كان يحمل فكراً متشدداً سيكون خطابه خطاباً متشدداً. وعندها يكتشفه الناس في الميدان في الواقع. فهل المساجد هل أغلبية المساجد الآن تحمل خطاباً متشدداً؟ أنا على يقين وعلى معرفة بأن الغالبية العظمى لمساجدنا تحمل خطاباً معتدلاً.ريما صالحة: يعني هل هذه حالات شاذة؟مختار البدري: وهذه حالات استثنائية، كانت الحالات استثنائية، وهذ لا يستبعد لأنه هكذا طبيعة النظام، لا نستبعد أنه قد يظهر في يوم من الأيام خطيب متشدد في مسجد من المساجد أو خطيب ينحرف حتى على أصول الإسلام نفسها وهو يدعي أنه مسلم، وهناك فرق نحن لا نعتبرها ضمن دائرة الإسلام، ولكن القانون البريطاني يسمح لهذه أن تمارس نشاطها، فلا نريد أن يحمل هذا للإسلام، الإسلام دينٌ معتدلٌ بطبيعته، الإسلام بني في أصل تعريفه الإسلام هو السلم. فكل مساجدنا والنسبة العظمى الغالبية العظمى لمساجدنا تحمل رسالة السلام ورسالة المحبة ورسالة التواصل مع المساجد ولو كانت مساجدنا في غالبيتها متطرفة لكانت حالات العنف والتطرف حالات غالبة في المجتمع.ريما صالحة: صحيح ولكن نحن نتحدث عن حالات استثنائية ربما أيضاً وجدتها بريطانيا بأنها حالات اعتبرتها أنها غير طبيعية. يعني عندما يكون هناك خطيب أو إمام مسجد يطالب بالكثير من الأمور خاصةً في بريطانيا بنوع من التشدد، إلى أي مدى هذا الأمر يسيء إلى بقية المساجد الموجودة ويضرّ بالمسلمين المعتدلين؟ أيضاً يساعد عملياً على خلق جو من الخوف لدى البريطانيين هنا بمعنى آخر الإسلام فوبيا من المسلمين؟مختار البدري: لا شك أن أي خطاب متشدد سيثير الملاحظين ويثير التخوّف والمخاوف لدى الجهات الرسمية، ويثير المخاوف حتى لدينا نحن، ويسيء لسمعة الإسلام. ولكن أنا أريد أن ألفت الانتباه ما الذي جعل هذه المخاوف تنمو؟ ليس كثرة هذا الصنف من الخطباء أو هذا النوع من التفكير، وإنما هناك أجندة إعلامية تنتقي وتسعى جاهدةً للبحث عن هذا النوع من الخطباء لإبرازهم، فيظهر كأن الإسلام في بريطانيا كله هو المسجد الذي كان يخطب فيه الإمام فلان. أو الإسلام في بريطانيا والإفتاء في بريطانيا كله هو المفتي فلان. في حين أن الغالبية العظمى لأن هذه حالة فردية، أنت ذكرت الآن وأنت تعملين في مجال الإعلام، حاولي أن تحصي لي كم من واحد من هذه الأسماء التي ذكرتيها المعروفة بالتشدد، واحد؟ اثنان؟ ثلاثة؟ أربعة؟ خمسة؟ لدينا 2000 مسجد.ريما صالحة: ولكن المشكلة الآن بعد 11 سبتمبر. اسمح لي أستاذ مختار بعد 11 سبتمبر وبعد 7/7 أصبحت الأعين مفتوحة أكثر حول المسلمين في كل الدول الأوروبية وحتى الولايات المتحدة الأميركية. فمعنى أن شخصاً يخرج بهكذا خطاب هو يؤثر سلباً على جميع المسلمين الموجودين، نحن لا نقول بأن جميع الأئمة وجميع المساجد ولكن أنت تعلم بأن شخصاً واحداً يؤثر على كل هؤلاء، والمشكلة أن الغرب يتطلع إلى هذا الشخص وينسى كل المعتدلين.مختار البدري: صحيح. هذا صحيح يعني نحن لما يبرز واحد بخطاب متشدد يجد شهية الإعلام جاهزة لإبرازه وعندها يصبح كأنه هو الذي يمثل الإسلام ويسيء لسمعة المسلمين، ولذلك نحن ندعو أئمتنا من منبر العربية الأئمة والخطباء وندعوا العلماء وندعوا المفتين إلى إبراز صفة السماحة والاعتدال والرحمة في الإسلام وأن رسول الإسلام: "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين" أنّا نحن نقرأ في صلواتنا المساجد جعلت للصلاة، ونحن نقرأ "الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم" في كل يوم في كل صلاة في كل ركعة من ركعاتنا نذكر الرحمة، والرحمة هي للناس جميعاً، ولذلك هي مساجدنا معتدلة وأدعوا أئمتنا إلى أن يبرزوا هذه الصفة والخاصية من خاصيات الإسلام.ريما صالحة: طيب هذه الدعوة الآن لأئمة المساجد هل من ضمن خططكم أن يكون هناك اجتماع للأئمة جميعاً أئمة المساجد لوضع خطاب مباشر وخاص خطاب معتدل، خطاب الإسلام الحقيقي يعني خطاب الاعتدال والرحمة كما ذكرت؟مختار البدري: نحن مثلما ذكرت لك الهيئة الاستشارية الوطنية للأئمة والمساجد لا زالت في مرحلة التأسيس، وقطعاً من خطواتها القادمة ستلتفت إلى الرسالة التي يقوم بها الإمام، إلى تدريب الإمام على أن يكون فاعلاً في مجتمعه، ستكون مساحة واسعة. سندعو كواحدة من المعايير التي تتصف بها المساجد التي تنتسب لهذه الهيئة أن تفتح المجال للشباب، أن تفتح مساحةً واسعة لمساهمة المرأة في إدارة المسجد وتسييره ووضع برامجه والمساهمة في خطابه ودروسه، كل هذه ستكون ضمن البرامج اللاحقة بعد المؤتمر التأسيسي للهيئة وإفراز القيادة الرسمية لهذه الهيئة، سنأتي إلى هذه البرامج وهي بالتأكيد في برامجنا، مع الحذر حتى نحن تجمع لجمعيات ذات مشارب وخلفيات ومذاهب تمثل الإسلام في تلوّنه في مذاهبه المختلفة والثرية والمتنوعة، فنحن لا نريد أن يفهم هذه المجموعة أو تلك من مكوّنات "ميناب" من أنها والله هذه الجهة ستسيطر على توجيه الأئمة أو تلك. ولكن نحن جميعاً سواءً كنا شيعة أو سنة، سواءً كنا صوفية أو سلفية، سواء كنا هذه المدرسة الفكرية أو تلك كلنا ندعو إلى الإسلام المعتدل وأن هذه أمتكم أمة وسطاً، الوسطية بالفهم والوسطية في المنهج والوسطية في العمل هي المنهج الذي نرتقي عليه جميعاً وسنبحث الطريقة التي ندرب بها الأئمة والخطباء حتى يحملوا هذه الرسالة الوسطية.ريما صالحة: إن شاء الله وفقكم الله.مختار البدري: إن شاء الله ريما صالحة: أستاذ مختار البدري عضو في الهيئة الاستشارية الوطنية للأئمة والمساجد شكراً جزيلاً لك وأنت عضو مكتب التسيير فيها.مختار البدري: بارك الله فيكم وأحسن الله إليكم.ريما صالحة: وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام هذه الحلقة مشاهدينا من برنامج صناعة الموت، نشكر لكم طيب متابعتكم. لكم تحيتي وتحية فريق العمل معي. ودائماً سنبقى نقول من هنا من العربية معاً نصنع الحياة.

No comments: