Sunday, 9 December 2007
al-riyad newspaper saudi newspaper on al-qaeda book
http://www.alriyadh.com/2007/11/07/article292096_s.html
د. عبدالله بن إبراهيم العسكر
تاريخ ما يسمى بالقاعدة. وهي أكبر منظمة إرهابية في العصر الحديث، لم يكتب بعد والسبب في ظني أن ما يشاع عن توسع القاعدة الكمي والكيفي قد يكون فيه مبالغات. لأننا نرى كل يوم تقريباً حوادث إرهابية يقوم بها متطرفون نجد أنها تنسب إلى القاعدة. هل يعني هذا أن المتطرفين في العالم أعضاء في القاعدة. هذا القول يحتاج إلى توكيد يستند إلى معلومات دقيقة. وثانياً أن اغلب مصادرنا عن القاعدة إنما جاء من مصادر سياسية بحتة. والسياسة عادة لا تشكل لوحدها مصدرا موثوقا من مصادر التاريخ.
لقد سررت بكتاب قرأته مؤخراً صدر عن دار الساقي بلندن عنوانه: القاعدة وأخواتها: قصة الجهاديين العرب. وهو من تأليف الزميل كميل الطويل. تتبع المؤلف ظاهرة فكرة القتال السياسي عند الشباب العرب. وهو يقول إن هذه الفكرة إنما نبعت من فكرة وظاهرة سابقة وهي: حركة التحرر العربي. وأنا أرى الفكرتين مختلفتين تماماً. فالأخيرة فكرة وظاهرة صحية. والثانية فكرة ظلامية ومرضية.
على أن أخطر ما في الكتاب هو ربط المؤلف بين بروز أعمال القاعدة العشوائية وبين فكرة الجهاد. وأنا أعذر المؤلف في ذلك فأغلب مصادره مصادر غربية لا تفرق كثيراً بين الجهاد وبين أعمال القاعدة. وكان أحرى به أن يفرق بين الأمرين. كما أنني لم أعثر على مصدر موثق يقول ان المقاتلين العرب بقيادة ابن لادن انتصروا على القوات السوفيتية. لم تكن قوات يقودها ابن لادن تشكل رقماً صعباً في الميدان. ابن لادن وكل زعماء الجهاد العرب إنما يستمدون قوتهم من حكومات عربية وإسلامية وغربية وعلى رأسها أمريكا. أزعم أن ابن لادن أعطي زخماً لا يستحقه.
أعتقد بصحة ما ذهب إليه المؤلف من أهمية محطة السودان في فكر القاعدة وتشكيل هيكلية القاعدة. ولا أستبعد أن محطة السودان هي محطة مهمة في تشكيل فكرة مصادمة الغرب وحلفائه في المنطقة تحت مسمى الجهاد وبوشاح ديني. لقد لعب بعض المفكرين السودانيين آنذاك دوراً فكرياً لصياغة فكر الجهاديين العرب. وكان لبعض قادة العمل الإسلامي في السودان وتونس ومصر فضل تأسيس محطة أخرى لا تقل أهمية عن محطة السودان. هي محطة لندن، خصوصاً في مسجد فنسيري بارك. في محطة لندن توسع فكر القاعدة بأن أصبحت الهيكلية عالمية. لقد لعبت بريطانيا لعبة خطيرة عندما غضت الطرف عن معارضين سياسيين، وسمحت لهم أن يتبنوا فكر القاعدة. ويقوموا بأعمال تضر بالإسلام والمسلمين تحت غطاء الحرية البريطانية. لقد كانت لندن كما يقول المؤلف تستعمل ورقة الجماعات الجهادية في لندن للضغط على الحكومات العربية والإسلامية. لكنها فشلت.
لقد تعرضت بريطانيا لتبعات أمنية خطيرة مما اضطرها إلى تقييد حركات الأصوليين الإسلاميين. كما أنها عرفت مؤخراً أن بعضاً من الملتحقين بالجماعات الإسلامية لهم أجندتهم الخاصة. وهي أجندة تختلف عن أجندة الجماعات الإسلامية الحركية. أما حكومة السودان التي ساندت فكر القاعدة فهي الأخرى اضطرت لطرد أعضاء القاعدة من البلاد. رغم أن ابن لادن ضخ ميراثه من أبيه في استثمارات كبيرة في الخرطوم وغيرها من المدن السودانية. وكان على الفصيلين الجهاديين في السودان ولندن مغادرتهما إلى أفغانستان حيث بدأ التشكيل الرسمي لمنظومة القاعدة.
في كابول لعب فكر الأخوان المسلمين دوراً بارزاً جنبا على جنب مع فكر حزب الدعوة الإسلامي وأحزاب دينية أخرى. يقول مؤلف الكتاب: حاز الجهاديون المصريون في هذا المجال قصب السبق بسبب موروثهم الثقافي المتقدم على الآخرين وبسبب تجربتهم الميدانية في مصر. وهذا صحيح فلدينا زعيمان فكريان جهاديان أحدهما يمثل الفكر الأخواني وهو أيمن الظواهري والآخر يمثل الفكر الجهادي الدعوي وهو عبدالله عزام صاحب مكتب الخدمات في بيشاور. لكن أثر الظواهري على فكر القاعدة وتأسيسها لا يقاس بأثر عبدالله عزام.
كان فكر الأخوان المسلمين ولا يزال يركز على فكرة قتال العدو البعيد وهو هنا أمريكا قبل قتال العدو القريب وهو الأنظمة العربية الكافرة على حد تعبير سيد قطب. هذه النقلة غير المحسوبة هي التي جعلت فكر القاعدة دولياً ووسعت من أعداء القاعدة. وهي التي أدت إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر أو كما يدعوها ابن لادن والظواهري بغزوة نيويورك. أما لماذا اختيرت أمريكا تحديداً فهي في نظر القاعدة المسؤولة عن صمود الأنظمة العربية الكافرة.
مع نشاط القاعدة ومع تصدي دول العالم الحرة لها انكشفت القاعدة على حقيقتها. وبالتالي انكشفت الجماعات الجهادية في مصر والجزائر وليبيا وتونس والسودان وباكستان. لم يعد الأمر كما خطط له قادة القاعدة. أصبح لدى الجهاديين قضية واحدة وهي إشاعة القتل والتدمير. لم يعد لديهم برامج سياسية أو اقتصادية أو غيرهما. وبالتالي أضحت تلك الجماعات تعمل تحت الأرض ولا تملك قاعدة جماهيرية ذات بال. مما سهل على الحكومات العربية من التصدي لإرهاب تلك الجماعات. كان انتصار السعودية على جماعات الإرهاب، خصوصاً ما له ارتباط بالقاعدة انتصاراً حاسماً وعظيماً. ولم يبق لتلك الجماعات أو لفصائل القاعدة إلا أرض العراق المستباح فنشطت فيه تحت مسمى محاربة أمريكا أو في شن هجمات عشوائية تحت شعار مذهبي بغيض.
نشطت القاعدة في ظل حكومة طالبان وأصبحت كما يقول مؤلف الكتاب أشبه بدولة داخل دولة. ومع تزايد الضغط على حكومة طالبان طلبت الأخيرة من ابن لادن وقف مخططات القاعدة انطلاقاً من أفغانستان. وافق ابن لادن مع تحفظ واحد هو مهاجمة محتملة ضد أمريكا في عقر دارها، غزوة نيويورك وواشنطن هما رأس الجهاد حسب قول القاعدة. لقد أعدت الغزوتان بشكل جيد وبسرية تامة. وكانت الأوامر تنص على تنفيذ المخطط لو أدى الأمر إلى اسقاط الطائرات في شوارع نيويورك. هذا ما أفاد به خالد الشيخ محمد الكويتي من أصول باكستانية. لقد كانتا غزوتين مدويتين. وكانت ردة الفعل الأمريكية غزو أفغانستان وطرد طالبان. ثم طرد القاعدة من باكستان وهي المكان الآمن لها. ثم غزو العراق.
يسأل المؤلف: هل بات العالم على أبواب معادلة سياسية هادئة؟ ويجيب: بات العالم على مداخل سلبية.. بمعنى أن أمريكا تهزم في العراق وهو يرى عودة محتملة لطالبان. أما أنا فأقول إن الجهاديين في الجانب الإسلامي الحركي وفي الجانب الأمريكي المتشدد هما من يدير حلبة الصراع. قد يحدث انفراج. لكن المؤكد أن عموم الشعوب العربية والإسلامية مثلما ترفض الغطرسة الأمريكية، ترفض أيضا وبشدة فكرة القاعدة والتطرف الإسلامية. لم يعد للقاعدة من قبول. ولم يعد لحركات الإسلام السياسي من قبول. الشعوب الإسلامية ترفض أدلجة الدين. لقد تضرر الدين الإسلامي أكثر بكثير من تضرر المسلمين. أما القاعدة وأخواتها فهما لا يهمهما الدين ولا يهمهما المسلمين. لأننا نرى بأم أعيننا أن المستهدف الأول من خطط القاعدة وأخواتها هي الشعوب الإسلامية. كتابة تاريخ القاعدة وأخواتها لم يحن بعد. هناك أسرار كثيرة ستخرج يوماً ويعلم المتشدد أين كان مصرعه.
--------------------------------------------------------------------------------
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة اليمامة الصحفية 2007
تصميم وتطوير وتنفيذ إدارة الخدمات الإلكترونية
Labels:
camille tawil,
كميل الطويل
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment