سيف الإسلام القذافي ينفي وجود صراع بين حرس قديم وحرس جديد في ليبيا
الخميس, 27 مايو 2010
لندن - كميل الطويل
أكد رئيس «مؤسسة القذافي للتنمية» نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام القذافي استمراره في مشروع الإصلاح الذي بدأه في ليبيا قبل سنوات، مشيراً إلى أن بلاده «حققت خطوات كبيرة» في هذا المجال. ونفى أن يكون في ليبيا حرس قديم وحرس جديد، مؤكداً رداً على سؤال لـ «الحياة» أن والده «داعم للمبادرات الإصلاحية» التي ما كانت لتنفّذ لولا موافقته عليها.
وكان القذافي يتحدث مساء أول من أمس في محاضرة استضافتها كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، حيث شرح بالتفصيل خططه الإصلاحية وتصوره لشكل نظام الحكم في ليبيا في المستقبل. وهذه محاضرته الثانية في هذا الموضوع بعد محاضرة أولى ألقاها قبل أيام في الجامعة الأميركية في القاهرة.
وقال سيف الإسلام إن «كثيرين من المفكرين يدرسون سبب غياب الديموقراطية في العالم العربي، وبعضهم يحاول أن يربط بين هذا الأمر وبين أن الدول إسلامية، لكن الإسلام بالتأكيد ليس المشكلة».
وضرب مثالاً بليبيا التي قال إنها ليست لديها «ثقافة ديموقراطية» نتيجة عوامل تاريخية منذ وجودها تحت حكم العثمانيين ثم خلال حقبة الاحتلال الإيطالي ثم خلال حكم الملك السنوسي الذي أشار إلى أنه حكم بمزيج من تحالف الصوفيين مع القبائل وحظّر قيام الأحزاب السياسية، كما أن الثورة التي قادها والده لقلب النظام الملكي العام 1969 أكلمت في سياسة حظر الأحزاب. وخلص إلى أن هذا الواقع «يجعل من الصعب قيام ديموقراطية حقيقية في ليبيا».
ثم تحدث عن وضع بقية دول العالم العربي، قائلاً إن كثيراً منها يعاني من «لعنة النفط» الذي ساهم في منع قيام أنظمة ديموقراطية، لكنه تابع أن «الديموقراطية الحقيقية يجب أن تعني حكم الشعب»، لافتاً إلى أن الديموقراطية في الدول الغربية نفسها «تعاني من اختلالات تمنع حصول تمثيل حقيقي لرأي المواطنين».
واعتبر أن «ليبيا، نظرياً، تملك أفضل نظام ديموقراطي»، كونها تعتمد على نظام المؤتمرات الشعبية الأساسية التي يُفترض أن تنطلق منها عملية رسم سياسات البلد، لكنه أقر بأن الواقع العملي على الأرض ليس كذلك «فعندنا مجتمع تتم إدارته، واقتصاد مصطنع».
وقال إنه قدّم مجموعة من الاقتراحات للخروج من هذا الوضع، بينها «توزيع الثروة» وتعويض الناس الذين خسروا ممتلكاتهم بعدما صودرت في أعقاب قيام الثورة، كما أشار إلى ضرورة الاستفادة من عائدات ليبيا من النفط، لافتاً أن بلاده استثمرت فعلاً أكثر من 65 بليون دولار في صندوق استثمار سيادي يقوم باستثمارات حول العالم وبدأ أخيراً في القيام بمشاريع استثمارية داخل ليبيا نفسها مثل مشروع تركيب طائرات مروحية بالاشتراك مع إيطاليا.
ثم تحدث عن خططه للإصلاح السياسي، مشيراً إلى «إمكان مزج أكثر من صنف من أصناف الأنظمة الديموقراطية في النظام الجديد في ليبيا». وشدد على ضرورة إصلاح نظام المؤتمرات الشعبية الأساسية، بإقامة «مجلس أعلى» منتخب كمجلس الشيوخ في الولايات المتحدة. وقال: «نحن في حاجة إلى مؤسسات مستقرة وقوانين مستقرة. والقانون يجب أن يُطبّق على الجميع». وأكد ضرورة «سيطرة المدنيين على الجيش».
وقال إن هناك عاملين أساسيين يُفترض توافرهما لنجاح هذه الإصلاحات، الأول هو «تطوير بنية تحتية تكون جاهزة لاستيعاب التغييرات في البلاد»، والثاني إجراء مصالحة وطنية. وأوضح أن ليبيا تنفق بلايين الدولارات من أجل النهوض ببنيتها التحتية التي قال إنها تشهد ثورة في الإنشاءات، أما بالنسبة إلى المصالحة الوطنية، فلفت إلى أن ليبيا أفرجت أخيراً عن مئات من «الإرهابيين السابقين» وعن قادة «الجماعة الإسلامية المقاتلة» بعدما قاموا بمراجعات تخلّوا فيها عن العنف. وقال إن «التعذيب والاعتقال التسعفي صارا شيئاً من التاريخ الآن في ليبيا، ولم يعد ذلك حلماً اليوم. صار واقعاً». واختتم قائلاً إن «التحديات قوية، لكننا نتحرك في الطريق الصحيح».
وسُئل هل ينوي التمسك بالكتاب الأخضر لوالده العقيد معمر القذافي، فأجاب بأن «الكتاب الأخضر ليس قرآناً منزلاً لا يمكن تغييره»، لافتاً إلى أن «ترجمته فيها بعض الأخطاء التي ربما تكون أساءت إلى المعنى المقصود منه». وقال إن «ليبيا ليست مثل إيران حيث يجرى الحديث عن حرس قديم في مواجهة الحرس الجديد... كل الناس في ليبيا تريد الإصلاحات».
ورداً على سؤال لـ «الحياة» عن موقف والده من الإصلاحات التي يروّج لها، قال سيف الإسلام إن «معمر القذافي ليس فقط أبي، إنه أب الأمة الليبية. ولا يمكننا القيام بأي شيء من دون موافقته». وتابع أن والده «مع الإصلاح، ولذلك فإنه لا يعرقل المبادرات الإصلاحية، بل هو داعم لعمليات الإصلاح».
وأشار رداً على سؤال آخر إلى أن المدان الوحيد في اعتداء لوكربي ضابط الاستخبارات الليبي السابق عبدالباسط المقرحي لا يزال «مريضاً جداً» ويعاني من سرطان «في مرحلة متقدمة» بعد مرور تسعة أشهر على إطلاق اسكتلندا سراحه «لأسباب إنسانية».
وقبل بدء محاضرة القذافي، حصلت مشادات بين الشرطة البريطانية ومجموعة من المعارضين الليبيين الذين حاولوا تنظيم تظاهرة احتجاج ضد نجل الزعيم الليبي أمام مدخل جامعة لندن ورفعوا لافتات ضد والده.