Monday 4 January 2010

UK AND THE SHAH OF IRAN - 1979


Below is a story based of National Archives paper in Kew on the late Shah of Iran and his attempt to settle in the UK in 1979
Camille Tawil

بريطانيا فضّلت مصلحتها القومية على استضافة حليفها السابق شاه إيران


الإثنين, 04 يناير 2010

لندن - كميل الطويل
تروي وثائق رسمية بريطانية رُفعت عنها السرية أخيراً تفاصيل خطة حاكتها وزارة الخارجية البريطانية في العام 1979 لإقناع شاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي بعدم اللجوء إلى بريطانيا. وتكشف الوثائق أن الحكومة المحافظة بقيادة مارغريت ثاتشر التي وصلت إلى السلطة في أيار (مايو) من ذلك العام إثر هزيمة حكومة العماليين بقيادة جيمس كالاهان، قررت إرسال موفد سري للقاه الشاه في مقر إقامته آنذاك في جزر الباهاماس وإقناعه بالبقاء هناك و «عدم إحراج» المملكة المتحدة بالمجيء للإقامة فيها.



وتُسلّط تلك الوثائق الضوء على طريقة أخذ الحكومة البريطانية آنذاك قراراً صعباً كالقرار الذي اتخذته في حق الشاه والذي تطلب تقديم أولوية «المصلحة القومية» للبلد على التعامل بشرف مع شخص كان حتى فترة قصيرة مضت من أشد الحلفاء الإقليميين للحكومات المتعاقبة في لندن. وقررت بريطانيا في نهاية المطاف أن مصلحتها تقضي بعدم توتير العلاقة مع الحكم الإسلامي الجديد في طهران بقيادة آية الله الخميني، وطلبت من حليفها المخلوع عدم المجيء للإقامة على أراضيها.



وفي ما يأتي ملخّص لبعض الوثائق المتعلقة بالشاه الراحل الذي كان آنذاك مريضاً بالسرطان ويفتش عن بلد يقبل استضافته من دون أن يخشى غضب النظام الإيراني الجديد. ولم يجرؤ على مثل هذه الخطوة آنذاك سوى الرئيس المصري الراحل أنور السادات.



تظهر الإشارة الأولى إلى رغبة الشاه بالمجيء للإقامة في بريطانيا في رسالة «تلغرام» مؤرخة في 22 نيسان (أبريل) 1979 وموّجهة إلى الدكتور ديفيد أوين وزير الخارجية في حكومة حزب العمال برئاسة جيمس كالاهان. تفيد هذه الوثيقة السرية وزير الخارجية بأن «عضواً في حاشية الشاه» - الذي كان غادر بلاده للمرة الأخيرة في 16 كانون الثاني (يناير) 1979 قبل عودة الخميني إلى طهران في 1 شباط (فبراير) - بعث برسالة تستوضح إمكان مجيئه إلى بريطانيا «بعدما أبلغته أميركا رسمياً بأنها لن تستطيع المحافظة على وعدها له بمنحه ملجأ». ولا تسمي الوثيقة من هو هذا الشخص في حاشية الشاه الذي قدّم طلب الاستفسار، علماً أن الزعيم الإيراني المخلوع كان يملك آنذاك مزرعة كبيرة قرب غودالمينغ في مقاطعة ساري جنوب غربي لندن.



وتلفت الرسالة الموجّهة إلى الدكتور أوين إلى أن العضو في حاشية الشاه ذكّر في «رسالته الخاصة» بأن بريطانيا قد تقبل استضافة الشاه كما فعلت في الماضي القريب عندما وافقت على «استقبال آلاف الماركسيين من تشيلي والأرجنتين»، في إشارة إلى المعارضين اليساريين الذين كانوا يعانون آنذاك الإضطهاد على يد الحكومات العسكرية اليمينية في أميركا الجنوبية. وتشير وثيقة أخرى إلى أن صحافياً يعمل في شكل مستقل (فري لانسر) هو من فاتح البريطانيين بإمكان استضافة الشاه وأفراد أسرته.



وعندما نُقل هذا الطلب إلى رئيس الحكومة كالاهان، كتب بخط يده على مذكرة داخلية: «أكره لأسباب إنسانية أن أردّ طلب الشاه - لكنه شخصية مثيرة جداً للجدل في إيران وعلينا أن نفكّر في مستقبل (علاقتنا) مع هذا البلد». وسأل كالاهان مسؤولي حكومته: «هل يمكن أن ننتظر لنرى كيف ستستقر الحكومة الجديدة (في طهران) ثم نتقدّم منهم لمعرفة رد فعلهم». وتابع أن على الشاه في الوقت الحالي اللجوء إلى «ترتيبات موقتة» قبل أن يبت موضوع مكان إقامته.



وتُظهر وثيقة أخرى رُفعت عنها السرية أن الدكتور أوين كان لديه تحفّظ مماثل على استضافة الشاه. إذ تقول الوثيقة: «لا يرى الدكتور أوين أن هناك مبرراً لتعريض حياة البريطانيين في إيران للخطر، ولذلك يعتقد أن علينا أن نواصل عدم تشجيع الشاه (على المجيء للإقامة في بريطانيا). إذا تم تقديم طلب رسمي أو إذا أعلن الشاه أنه سيأتي (إلى بريطانيا)، فسنواجه إذ ذاك قراراً أكثر صعوبة سيؤثر في قضايا أساسية في مجال الحريات العامة».



وتوضح وثيقة أخرى مدى حساسية موضوع الشاه آنذاك في العلاقات بين لندن والحكم الجديد في طهران. إذ تفيد وثيقة سرية أن «سفارة الجمهورية الإسلامية» في لندن قدّمت احتجاجاً إلى وزارة الخارجية البريطانية على طريقة استقبال إيرانيين في «قاعة كبار الضيوف» (في آي بي) في مطار هيثرو يوم 15 نيسان (أبريل). وتسمّي الوثيقة هذين الشخصين على أنهما عضوان سابقان في العائلة الملكية الحاكمة هما شاهرام بهلوي وزوجته، وكانا في طريقهما من لندن إلى جزر سيشل. وجادلت السفارة الإيرانية بأن استقبال الشخصيات الإيرانية المهمة في قاعات الضيوف في الخارج مسألة تتم بالتنسيق مع وزارة خارجية «الجمهورية الإسلامية» التي يحق لها أن تحدد من يتمتع بصفة تتيح معاملته في شكل مميّز.



وتتناول مراسلة أخرى منفصلة من الحكومة البريطانية ومرتبطة بالمراسلة السابقة موضوع من يحق له من أفراد أسرة الشاه أن يُستقبل في قاعات الـ «في آي بي» في مطار هيثرو. وتشير تحديداً إلى إخوة الشاه وأخواته، وتسمّي من بينهم الأمير عبدالرضا والأمير محمود رضا. كما تشير وثيقة أخرى إلى الأميرات أشرف وشمس وفاطمة.



حكومة ثاتشر



ومع وصول المحافظين إلى السلطة، بدا أن الشاه الراحل كان يعوّل على أن تأخذ حكومة مارغريت ثاتشر موقفاً أكثر ليونة من حكومة العمال إزاء موضوع لجوئه إلى بريطانيا. ولم يكن الشاه، كما هو واضح، بعيداً جداً عن طريقة تفكير ثاتشر التي عبّرت عن رأيها بضرورة استقبال الزعيم المخلوع من منطلق إنساني، قبل أن تُضطر إلى تغيير رأيها وانتهاج موقف يأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض و «المصالح القومية» لبريطانيا.



ففي 16 أيار (مايو) 1979، نفى وزير الخارجية الجديد اللورد كارينغتون، في مذكرة داخلية، خبراً أوردته صحيفة «ديلي إكسبرس» بتاريخ 11 أيار (مايو) ومفاده أن الشاه يعلّق أمالاً كبيرة على حكومة المحافظين الجديدة. ودحض كارينغتون أيضاً ما أورده تقرير الصحيفة عن «اتصالات سرية» جرت مع الحكومة الجديدة بقيادة ثاتشر و «تتعلق برغبة الشاه في الاستقرار في بريطانيا». ولفتت الصحيفة إلى أنه في حين تم رفض هذا الاحتمال من قبل طاقم جيمس كالاهان، فإن «المتوقع أن تأخذ ثاتشر موقفاً مغايراً». ويورد التقرير أيضاً إسم أحد الذين يعملون على إقناع الحكومة باستضافة الشاه وهو السير شهبور ريبورتر الذي منحته الملكة إليزابيث لقب فارس، علماً أنه كان وسيطاً في صفقة تسلّح إيرانية من بريطانيا بقيمة 800 مليون جنيه استرليني.



لكن على رغم نفي كارينغتون، إلا أن الوثائق تُظهر بما لا يقبل الشك أن ثاتشر كانت في البداية ميّالة إلى استضافة الشاه. إذ كتبت بخط يدها كلمة «لا» على مذكرة داخلية تسأل هل يمكن أن تكون بريطانيا تتصرف بطريقة شريفة وترفض في الوقت ذاته أن تستقبل الشاه.



لكن الواقع السياسي على الأرض سرعان ما دفع ثاتشر إلى تغيير رأيها، فنزلت عند رأي وزارة الخارجية في خصوص ضرورة عدم استقبال الشاه لأن ذلك يمكن أن يجر ردود فعل ضد البريطانيين في إيران.



ويكشف تقرير خاص لوزارة الخارجية الأسس التي بنت عليها بريطانيا قرارها رفض استضافة الشاه. وجاء في التقرير الذي يحمل تاريخ 17 أيار (مايو) 1979:



«اذا جاء الشاه إلى بريطانيا، فسيكون من المستحيل على بريطانيا أن تقيم علاقة ذات معنى مع النظام الجديد (في طهران). سيكون هناك احتمال كبير لحصول رد فعل يطال، مثلاً، إمدادات النفط، والعقود الممنوحة لشركات بريطانية، وقدرة الشركات البريطانية على مواصلة العمل في ايران، وربما قطع العلاقات الديبلوماسية. لكننا سنكون مستعدين أن نتحمّل تبعات كل ذلك من أجل صديق قديم لبلدنا. لن يكون من تقاليدنا أن نقوم بشيء مختلف عن ذلك.



لكن الصعوبة (هنا) تكمن في نوع آخر (من العواقب) وتتعلق بالأمن. أولاً، لا يمكننا أن نضمن أمن الشاه في بريطانيا، ولن يكون أمراً مشرّفاً أن نأخذ سياسة تقضي بأن يأتي إلى هنا على أن يتولى هو تأمين حماية نفسه - خصوصاً أن قوانينا تقول إنه لا أحد يمكنه أن يحمل أسلحة سوى القوات المسلحة والشرطة (البريطانية). إن حماية شخص في بلد مثل بريطانيا أمر صعب جداً. مثلاً، حصلت عندنا حادثتا اغتيال سياسيتان في الشهور الأخيرة - اغتيال رئيس وزراء عراقي سابق واغتيال السيد آيري نيف. لا بد أن هناك ما لا يقل عن 50 ألف إيراني في بريطانيا الآن، بينهم 20 الف طالب. وفي ظل هذه الخلفية، فإن خطر حصول عملية اغتيال ضد الشاه وعائلته كبير ولا يمكننا أن نضمن سلامته مئة في المئة، على رغم كل الجهود التي يمكن أن نقوم بها.



إننا مقتنعون أن الشاه لو جاء إلى بريطانيا فسيكون هناك رد مادي ضد أشخاص بريطانيين في إيران. البلد ما زال في حال فوضى، والحكومة لا تمارس سلطة فعلية، وليس هناك وجود لقوات أمن منضبطة. نعتقد أن سفيرنا أو أعضاء في طاقمه سيؤخذون رهائن في محاولة لمقايضتهم بإعادة الشاه إلى إيران. نعتقد أن السفارة سيتم إحراقها مجدداً. السفارة حالياً لا تخضع للحماية، والحراس هم المجاهدون الذين سيكونون في الواقع الاشخاص انفسهم الذين سيقومون بأخذ الرهائن. نعتقد أن بعضاً من البريطانيين الـ 400 الموزعين في إيران سيتعرضون لهجمات من قبل متعصبين محليين، وليس هناك من وسيلة لدى الحكومة (الإيرانية) لمنع حصول ذلك.



سيكون صعباً على وزراء الحكومة البريطانية أن يأخذوا قراراً في شأن مجيء الشاه إلى بريطانيا في ضوء علمهم بأن ذلك سيؤدي إلى تعريض حياة بريطانيين وممتلكاتهم للخطر (في إيران). كما أن أمن الشاه سيكون أقل حماية في بريطانيا نظراً إلى وجود الجالية الإيرانية الكبيرة ... ونظراً إلى أن توفير حماية أمنية سيكون أسهل في دول أخرى.



لذلك، فإننا نأمل أن يفهم الشاه أنه سيكون من الأفضل أن لا يسعى إلى المجيء إلى بريطانيا في الوقت الراهن. ما أن تتحسن الأوضاع في إيران وتكون هناك حكومة تمارس سلطتها على الوضع عموماً، كل هذه العوائق ستزول وسيكون الشاه وعائلته موضع ترحيب في هذا البلد».



ولعب السير أنتوني بارسونس الذي كان آخر سفير لبريطانيا في طهران عندما أطيح الشاه، دوراً أساسياً في ترتيب خطة إقناع الشاه بعدم مغادرة مقر إقامته في جزر الباهاماس. واستقر رأي بارسونس الذي تولى في عهد ثاتشر منصب السفير الجديد لدى الأمم المتحدة وكان واحداً من «المستعربين» البارزين في الخارجية البريطانية وكان يتكلم أيضاً الإيرانية والتركية، على شخصية بريطانية يكن الشاه احتراماً كبيراً لها بهدف إيفادها إليه لإقناعه بأن لا يلجأ إلى بريطانيا. وكانت تلك الشخصية هي السفير السابق في طهران (بين 1963 و1971) السير دنيس رايت الذي بنى علاقة صداقة متينة مع الشاه خلال السنوات الثماني التي امضاها سفيراً في طهران.



وتكشف وثيقة داخلية صادرة عن وزارة الخارجية البريطانية ومؤرخة بتاريخ 21 أيار (مايو) تفاصيل لقاء بين ثاتشر واللورد كارينغتون في 14 أيار (مايو) تم فيه بت طريقة التعامل مع موضوع لجوء الشاه وقرار إرسال السير رايت للتوسط لديه. وتقول الوثيقة: «بعد دراسة مستفيضة للبدائل المتاحة أمامنا في محاولة الاتصال في شكل فاعل مع الشاه، تقرر أن السير انتوني بارسونس سيتصل بالسير دنيس رايت، السفير السابق في طهران والذي يعرفه الشاه معرفة جيّدة ويكن له احتراماً. وافق السير دنيس على أن يكون موفداً يذهب (إلى الباهاماس) ليتحدث في شكل انفرادي مع الشاه ويشرح له الصعوبات التي سيسببها مجيئه إلى بريطانيا. نظراً إلى ضرورة تفادي أي خطر لتسرّب نبأ زيارة السير دنيس علناً الى الباهاماس، تقرر أن يقوم بالزيارة تحت اسم مستعار. لقد وفرنا له الوثائق المطلوبة. إن مفوضنا السامي في ناسو، السيد دنكن، في صورة الأمر في شكل تام، ويحاول أن يمهّد الطريق للقاء. لقد قررنا أن نُبقي حكومة الباهاماس بعيدة عن هذا الأمر. سيبقى السير دنيس مع السيد دنكن. غادر السير دنيس لندن يوم السبت ومن المقرر أن يعود الى بريطانيا غداً. على رغم الاحتياطات التي أخذناها، لا يمكننا أن نضمن عدم تسرب القصة. ليس فقط (الخطر من) الصحافيين الذين يغزون الباهاماس (حالياً)، بل إن حكومة الباهاماس - إذا عرفت بالأمر - قد تضغط على الشاه للمغادرة أو إنها ستشركنا في خططه المستقبلية. كما أن أعضاء في طاقم الشاه قد يسرّبون الخبر بدورهم. لذلك قررنا أنه في حال تسرب الخبر خلال وجود السير دنيس رايت في الباهاماس، فإننا سنقول حقيقة مهمته. وإذا تفاعلت القصة أكثر، كما يمكن أن يحصل، فإننا سندرس كيف يمكن أن نتعامل مع هذه القضية بطريقة أفضل».



وكان السير بارسونس أبلغ في رسالة سرية وجّهها باسم وزير الخارجية اللورد كارينغتون المفوض السامي لبريطانيا في ناسو، عاصمة جزر الباهاماس، بخطة إرسال موفد سري للقاء الشاه، طالباً عدم كشف الأمر لأي جهة بما في ذلك حكومة الباهاماس نفسها. وجاء في الرسالة التي تحمل تاريخ 16 أيار (مايو):



1- بعد دراسة مستفيضة، قرر الوزراء، مع بعض التحفظ، أن مجيء الشاه إلى بريطانيا سيشكل لنا صعوبات خطيرة جداً. تم الاتفاق على أن نشجّعه على عدم المجيء، وبطريقة نزيهة، من خلال ارسال موفد سيصل إليه قريباً للتحدث معه على انفراد ويشرح له الصعوبات (التي سنواجهها في حال استضافته). الموفد يجب أن يكون شخصاً يعرفه الشاه ويحترمه، ولا تثير زيارته للباهاماس انتباه الصحافة. وافق السير دنيس رايت على القيام بهذه المهمة.



2- اتفقنا على أن يقوم السير دنيس بالزيارة، ويصل إلى ناسو (السبت) في 19 أيار (مايو) ويلتقي الشاه الأحد ويعود الثلثاء. ترتيب الرحلة يتطلب السرّية.



3- سنكون ممتنين إذا قمت بالآتي: انقل رسالة إلى الشاه تقول له إن موفداً من الحكومة البريطانية (لا يتم الإفصاح عن الإسم في هذه المرحلة) سيصل من بريطانيا في 19 أيار، ويود أن يلتقيك على انفراد في اليوم التالي. سنترك لك ترتيب أمر الإتصال بالشاه. نعتقد أن مستشاره الخاص هو أصلان أفشار، الرئيس السابق لديوان البلاط. ربما يمكن الحصول على طريقة الاتصال (بالشاه) من خلال ضابط الشرطة البريطاني المتعاقد لدى (حكومة) الباهاماس». وشرحت الرسالة للمسؤول آنذاك للمفوض السامي في ناسو «السيد دنكن» كيف يجب أن ينقل السير دنيس من المطار ويحجز له غرفة في فندق ويُرتب له طريقة الانتقال للقاء الشاه شرط أن لا يعرف أحد من الموظفين المحليين لديه بحقيقة ضيفه.



ورد المفوض دنكن برسالة سرية فورية قال فيها إنه سيواجه صعوبة «في ظل القدرات المحدودة» المتاحة لديه في ترتيب مثل هذه الزيارة. وقال إن ليس في جهاز الأمن الباهامي سوى رجل شرطة بريطاني واحد، وسيكون بالتالي من الصعب «اختراق» المنظومة الأمنية التي تحيط بالشاه والوصول إليه لنقل رسالة إبلاغه بنية حكومة ثاتشر إرسال موفد سري للقائه. وأشار المفوض إلى أن موضوع استضافة الشاه في جزر الباهاماس تحوّل أزمة سياسية في البلاد بين الحكومة والمعارضة، وأن الأمر يتم مناقشته في البرلمان. ونصح الحكومة البريطانية بأن تتصل برئيس وزراء الباهاماس مباشرة لإبلاغه بنيتها ارسال الموفد، وعرض أن يتوسط هو في ترتيب الاتصال بين الحكومتين. لكنه حذر في الوقت عينه من أن هناك احتمالاً لأن يتسرب خبر الموفد إلى وسائل الإعلام.



لم تقتنع الحكومة البريطانية بجواب المفوض السامي، إذ بعث إليه السير بارسونس برسالة عاجلة تحمل توقيع اللورد كارينغتون تقول: «النصحية المهنية من هنا (وزارة الخارجية) تقضي بأن من الأفضل أن تتولى أنت كامل العملية - أي أن تستقبل السير دنيس رايت في المطار وتأخذه إلى مقر اقامتك في شكل غير لافت ... كما يجب أن تتولى ترتيب تنقله إلى اللقاء (مع الشاه) وعودته منه في شكل يقلل إلى حد كبير إمكان حصول تدخل خارجي في الموضوع. في الحقيقة، نحن نطلب منك أن تدوّر الزوايا الصعبة كي لا يظهر سوى الجزء القليل منها إلى السطح. إذا قام رايت بترتيب تنقلاته لوحده، فسيكون من الصعب المحافظة على غطائه. غطاؤه سيكون إنه يمضي إجازة من العمل لقضاء عطلة نهاية أسبوع لدى صديقه القديم - أي أنت. إسم صديقك القديم إدوارد ويلسون. سيصل على متن الخطوط البريطانية الرحلة 261 الساعة 1950 السبت، 19 أيار، وسيغادر على الرحلة 266 الثلثاء، 22 أيار. سري».



ومثلما بات معروفاً، قام «ويلسون» - أي السير رايت - بزيارته السرية لناسو والتقى الشاه من دون معرفة وسائل الإعلام بهويته. تقبّل الشاه على مضض طلب صديقه القديم ولم يلجأ إلى بريطانيا. ذهب بدل ذلك إلى الولايات المتحدة لكنه لم يمكث سوى وقت قصير (للعلاج من مرض السرطان)، ثم رحل إلى بنما، ومنها إلى مصر حيث توفي في تموز (يوليو) 1980 ودُفن هناك.


No comments: