Wednesday 27 February 2013

Dakhla story


I have just come back from Western Sahara. Dakhla is very beautiful and it impressed me. 
Below is a story I wrote about my visit.
Camille
alhayat.com/Details/486813



في حي السلام بالداخلة (تصوير كميل الطويل)
الداخلة - كميل الطويلالثلاثاء ٢٦ فبراير ٢٠١٣
المغرب: مشاريع تنموية ضخمة في الصحراء... ودعوات إلى «بوليساريو» لقبول الحكم الذاتي
كانت الشمس قد بدأت في المغيب عندما تجمّع مئات المواطنين أمام مسجد في حي السلام في مدينة الداخلة، كبرى حواضر جهة وادي الذهب الكويرة في أقصى جنوب المحافظات الصحراوية. ارتدى الرجال زيّهم الصحراوي المميّز: دشداشة زرقاء أو بيضاء مطرّزة. أما النساء اللواتي ارتدين عباءات فضفاضة زاهية الألوان، فكنّ بين الفينة والأخرى يتركن العنان لألسنتهن لإطلاق الزغاريد. إعتلى بعض الصبية أعمدة الإنارة ليتمكنوا من رؤية «الحدث» الذي سيشهده حيّهم، وأخذوا يهتفون بلا انقطاع «عاش الملك عاش الملك». ما هي إلا دقائق حتى وصل والي الجهة حميد صبار ليطلق شارة البدء بمشروع ضخم لتحسين البنية التحتية لهذا الحي الذي يقطنه قرابة ثلث سكان الداخلة. لا يكتفي المشروع ببناء مساكن جديدة وتعبيد الطرقات وتبليط الأرصفة وتركيب أعمدة إنارة حديثة، بل يقضي أيضاً بإقامة مساحات مشجّرة تحوّل أجزاء من هذه المدينة إلى جنّات خضراء وسط صحراء قاحلة.
حي السلام، في واقع الأمر، يبدو اليوم وكأنه يلتحق متأخراً ببقية أحياء الداخلة التي تتميّز بهندسة عمرانية راقية مقارنة بغيرها من مدن الصحراء. ففيها مساحات كبيرة تُركت خصيصاً لتكون فضاء أخضر. وفي حين تخلو شوارعها النظيفة من الحفر، ويعج كورنيشها البحري بالمشاة مع حلول ساعات المساء، فقد شيّدت السلطات المغربية في المدينة الكثير من المدارس والمعاهد التعليمية والمساجد وأقامت قاعات رياضية مغلقة وملاعب حديثة لكرة القدم، كما أنجزت للتو صالة حفلات تضم مسرحاً ضخماً يتسع لخمسة آلاف شخص. وشهد مطار الداخلة توسعاً كبيراً في العام 2010 بحيث بات في إمكانه الآن أن يستقبل أكثر من 350 ألف مسافر في السنة، في حين يخضع مرفأها بدوره إلى عملية توسعة مماثلة كي يتمكن من استقبال مزيد من السفن الضخمة.
ويقول الوالي صبار لـ «الحياة» إن السلطات المغربية انتهت عموماً من إنجاز البنية التحتية التي تحتاجها الداخلة بحيث باتت الأرضية جاهزة للقطاع الخاص لإطلاق المشاريع التي توفّر فرص عمل للسكان وتنعش الاقتصاد المحلي، وهو اقتصاد يقوم أساساً على الصيد البحري والزراعة (الفلاحة) والسياحة. ويشدد صبار على مفهوم «المقاربة التشاركية» التي تعني إشراك ممثلي المنطقة المنتخبين في كل الخطط الإنمائية، الأمر الذي يسمح بأن تعكس هذه الخطط ما يريده المواطنون لمنطقتهم.
وجهة وادي الذهب الكويرة كانت آخر مناطق الصحراء التي تسيطر عليها القوات المغربية إثر انسحاب القوات الموريتانية منها عام 1979. وسيطر المغرب قبل ذلك بسنوات (في «المسيرة الخضراء» عام 1975) على بقية الأقاليم الصحراوية التي أخلاها المستعمر الإسباني. وتمثّل جهة وادي الذهب الكويرة نحو 20 في المئة من المساحة الإجمالية للمغرب إذا احتُسبت ضمنه المحافظات الصحراوية المتنازع عليها مع جبهة «بوليساريو». لكن هذه الجهة التي تبلغ مساحتها 142 ألف كلم مربع وتنقسم إلى إقليمين هما وادي الذهب وأوسرد (على الحدود مع موريتانيا)، تُعتبر أغنى مناطق المغرب لجهة الثروة السمكية (60 إلى 70 في المئة من إجمالي الناتج المغربي). وفي حين أن الشريط الساحلي لهذه الجهة يمتد بطول 667 كلم، فإن خليج وادي الذهب وحده يمتد على مساحة 400 كلم مربع ويُعتبر من أكثر المناطق ملاءمة لتكاثر الأسماك والرخويات (الأخطبوط). وتتمتع الداخلة بجو لطيف طوال أيام السنة كونها تقع في شبه جزيرة تفصل المحيط الأطلسي عن خليج وادي الذهب، ما يجعل طقسها مزيجاً من رياح المحيط القاسية وحرارة الصحراء المرتفعة.
ويؤكد الوالي صبّار لـ «الحياة»، في لقاء شارك فيه عشرات المسؤولين المحليين المنتخبين، أن السلطات المعنية «لا تميّز بين المغاربة في قطاع العمل. فالصحراء مثلها مثل بقية أرجاء المملكة ونحن لا نميّز بين المواطنين». لكنه يُقر بأن الصحراويين، مثلاً، ما زالوا غير مقبلين على العمل في بعض المجالات التي يتيحها سوق العمل، وبالتحديد في مجال الفلاحة التي يعتبرونها دخيلة على تقاليدهم، خصوصاً أنها لم تعد تقليدية بل باتت تتطلب تقنيات فنية متطورة كالرّي بالتنقيط. ويقول الوالي، في هذا الإطار، إنه شخصياً تدخل أخيراً لتأمين فرص عمل لصحراويين أعربوا عن رغبتهم في العمل في مزرعة خضار، لأنه يريدهم أن يتعلموا مهنة الزراعة، وإنه طلب من مسؤولي المزرعة التساهل معهم وعدم تكليفهم مهمات شاقة ومكافأتهم في شكل سخي لتشجيعهم على تعلّم هذه المهنة. لكنه يكشف أن من أصل 7 أشخاص التحقوا بالمزرعة لم يبق منهم سوى شخص وحيد في حين غادر البقية بعد وقت قصير من بدئهم العمل.
وفي واقع الأمر، تشهد الداخلة فورة زراعية، وتحديداً في مجال زراعة الطماطم ذات الجودة العالية التي تمكنت من غزو الأسواق الأوروبية. وتوضح ماجدة الإدريسي، المسؤولة في مزرعة تاورطة للطماطم قرب مدينة الداخلة، أن الزراعة تتم في خيم ضخمة تغطي مئات الهكتارات حيث تنمو نبتة الطماطم في جداول ترابية منصوبة فوق رمال الصحراء، ويتم ريّها من طريق التنقيط بالماء. وتشير خلال جولة لـ «الحياة» في المزرعة إلى أن الماء يتم استخراجه من خزانات جوفية على عمق 600 متر، وأن المنتوج بالغ الجودة (قد يصل إلى مئة طن من الطماطم سنوياً في الهكتار الواحد). لكنها تُقر بأن عملية توسيع الأرض الزراعية شهدت بعض التراجع لأن ثمة خوفاً من نضوب المياه الجوفية (يُخشى أنها غير متجددة). ولكن حتى لو كانت الخزانات الجوفية لا تحوي مياهاً متجددة، فإن خبراء قالوا إن في الإمكان اللجوء إلى صناعة تحلية مياه البحر للري، ولكن ذلك سيعني تكاليف إضافية ستقلّص الأرباح. ويعمل في شركة تاورطة 2900 عامل بينهم 560 في الداخلة وحدها، ولكن معظمهم يأتي من مناطق أخرى في شمال المغرب. وتنقل شركة تاورطة الطماطم بالشاحنات المبرّدة إلى أكادير حيث يتم تجهيزها للتصدير إلى الأسواق الأوروبية. وفي الداخلة حالياً 700 هكتار من الأرض المزروعة (المغطاة) التي تنتج 50 ألف طن من الطماطم سنوياً، في حين توجد خطط لاستثمار 2000 هكتار أخرى للزراعة.
لكن الداخلة ما زالت منطقة يتنازع السيادة عليها المغرب و «بوليساريو»، وهو أمر قد يشكّل عائقاً أمام تصدير منتجاتها إلى الأسواق العالمية. ويُقر الوالي صبار، رداً على سؤال، بأن المغرب واجه بالفعل «إكراهات» (صعوبات) نتيجة مواقف بعض دول شمال أوروبا حيث تنشط لوبيات قوية مؤيدة لـ «بوليساريو». لكنه أضاف أن هذه العقبات «تم تجاوزها الآن» ويتم التصدير في شكل عادي إلى أوروبا، بل إن ثمة استثمارات أوروبية باتت الآن تأتي إلى الصحراء خصوصاً في قطاع السياحة البحرية.
ويتولى المركز الجهوي للاستثمار (جهة حكومية) مهمة بارزة في هذا الإطار من خلال درس مشاريع الاستثمار التي يقدمها القطاع الخاص، المحلي والأجنبي، وتسهيل عملية الحصول على التراخيص اللازمة. وتمنح الدولة المغربية اعفاءات ضريبية كبيرة للمستثمرين، كما تقدم لهم حوافز كبيرة، في إطار جهود تنشيط القطاع الاقتصادي وتوفير فرص عمل للسكان.
وقابلت «الحياة» خلال جولة في الداخلة عشرات المسؤولين المحليين من قبائل صحراوية مؤيدة لعرش الملك محمد السادس. واتهم هؤلاء صراحة جارتهم الجزائر بالمسؤولية عن عرقلة تسوية أزمة الصحراء بسبب دعمها جبهة «بوليساريو» التي تتمسك بحق تقرير المصير من خلال استفتاء، في حين يقول المغرب إن الاستفتاء صار أمراً متجاوزاً بسبب تعثّر الوصول إلى اتفاق على من يحق له المشاركة فيه، ويطرح في المقابل حلاً سياسياً يقوم على منح الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً. ودعا الوالي صبار، في هذا الإطار، الجزائر و «بوليساريو» إلى قبول اقتراح الحكم الذاتي، وحض الصحراويين اللاجئين في مخيمات تندوف في الجزائر على «العودة إلى وطنهم للمشاركة في عملية الإنماء الجارية فيه». وأبدى نائبا الداخلة (من «الحركة الشعبية» و «العدالة والتنمية») موقفاً مشابهاً، إذ شددا على رغبة الصحراويين في البقاء جزءاً من المملكة المغربية، وهو موقف ترفضه «بوليساريو» بشدة. وفي حين دعا سيد أحمد بكار، رئيس المجلس الإقليمي لوادي الذهب، الصحراويين في تندوف إلى التخلي عن العيش في مخيمات اللاجئين و «العودة إلى أهلهم في الصحراء»، شدد سيدي صلوح الجوماني، رئيس المجلس البلدي للداخلة، على أن الصحراويين ممثلون في كل المجالس المنتخبة وهم من يشرف على عملية تنمية إقليمهم بالتعاون مع السلطات المعيّنة مباشرة من الرباط (الوالي مثلاً).
في المغرب مقولة مشهورة تبدأ بسؤال عن المدينة التي «تُبكيك مرتين»، ويكون الجواب إنها الداخلة. فهي تُبكيك عندما تعرف أنه وقع الاختيار عليك لتنتقل من مدينتك كي تخدم في هذه المنطقة الصحراوية النائية. وتُبكيك بعد سنوات عندما تتعلق بها وتعرف أن الوقت قد حان لتتركها لتخدم في منطقة أخرى في المغرب.
الوالي صبار ربما مر بمثل هذه المشاعر. فبعدما مثّل بلاده في الأمم المتحدة في نيويورك وشارك في المفاوضات التي أثمرت إعلان خيار الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، وقع الاختيار عليه كي يكون والياً في الداخلة، في عمق الصحراء. فهل سيبكي عندما تنتهي مهمته هناك؟ ربما من المبكر الإجابة عن هذا السؤال الآن، لكنه، كما يقول، سعيد وفخور بـ «الواجب» الذي يؤديه فيها حالياً.