Sunday 15 May 2011

YASSIR AL-SIRI TALKS TO CAMILLE TAWIL

ياسر السري لـ«الحياة»: بعد الثورة لم يعد جائزاً بناء خلايا مسلحة تستخدم العنف في مصر
الأحد, 15 مايو 2011
لندن - كميل الطويل
كشف قيادي إسلامي مصري يعيش في المنفى في بريطانيا منذ مطلع التسعينات، أنه يستعد الآن للعودة إلى بلده. وقال مدير «المرصد الإعلامي الإسلامي» ياسر السري، إنه اتصل بالفعل بالسفارة المصرية في لندن، التي أبلغته أنها تلقت موافقة على منحه «وثيقة سفر لسفرة واحدة للعودة» إلى مصر.
وأعرب السري عن فرحه الشديد لسقوط نظام الرئيس حسني مبارك، الذي كان مارس ضغطاً شديداً على لندن في التسعينات لتسليمه بتهمة التورط في الإرهاب والانتماء إلى تنظيم «الجهاد». وفرَّ السري إلى بريطانيا طالباً اللجوء بعد الحكم بإعدامه في مصر عام ١٩٩٤ بتهمة الضلوع في محاولة اغتيال رئيس الوزراء السابق عاطف صدقي. وهو ينفي الاتهامات المصرية، قائلاً إنها صادرة عن قضاء عسكري.
وقال السري في حوار مع «الحياة»، إنه لم يعد جائزاً الآن القيام بعمل سري أو مسلح، ولا بناء خلايا نائمة أو خلايا تستخدم العنف، لكنه انتقد «مراجعات» قامت بها جماعات إسلامية مصرية، واعتبرها «تراجعات»، وحذّر من أن الولايات المتحدة ستدفع ثمن قتلها زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن ورمي جثته في البحر.
وفي ما يأتي نص الحوار:
> ماذا كان شعورك عندما سمعت بإعلان عمر سليمان تنحي الرئيس حسني مبارك؟
- فرحة غامرة. قمت بالسجود شكراً لله تعالى، ولم أستطع بعدها متابعة أي أخبار، لكثرة المكالمات الهاتفية للتهنئة بالحدث. فيا لها من فرحة أن تعيش فرحة انتصار شعب مصر على الظلم والفساد. لقد تغيّرت نبرة أصوات الناس في مصر بعدما كانت مكبوتة.
> هل تتوق للعودة الآن إلى بلدك بعد هذه الغربة الطويلة في المنافي؟ وهل من اجراءات قمتَ بها لتسهيل هذه العودة، في حال قررتَ أن تعود بالفعل؟
- أشعر بالحنين وأتوق للعودة إلى مصر الحبيبة في أقرب وقت ممكن، فالحياة بعيداً عن أرض الكنانة ليست حياة. إنني بحاجة إلى العودة إلى بلدي وبلدي محتاج لي. بلدي لم يَجُرْ عليَّ، وإنما الجائر هو النظام السابق الذي رحل إلى غير رجعة. قمتُ بمقابلة القنصل المصري في لندن وفوجئت بترحاب شديد ينمّ عن حقيقة المعدن الأصيل للمصريين، وأن النظام السابق هو سبب الأزمة، وأن مصر مازالت بخير. ولذا يجب علينا، كشعب، التلاحم والتعاون مع كافة المؤسسات في الدولة، سواء في الجيش أو الداخلية أو الخارجية، فكلنا نسيج واحد، ولا مفر من أن نتكاتف جميعاً من أجل رفعة مصر وعودتها إلى القيادة والريادة.
أُخبرت من القنصلية المصرية أنه قد وصلت برقية من مصر بأن لا مانع من منحي وثيقة سفر لسفرة واحدة للعودة، وليس جواز سفر. وعلى كل حال، هم مشكورون.
> هل توافق الآن على الرأي القائل إن الثورة الشعبية أثبتت خطأ الجهاديين - أو بعضهم - الذين كانوا يجادلون بأن القوة المسلحة فقط هي القادرة على قلب الأنظمة التي تصفونها بأنها مرتدة؟
- كنتُ دائماً وأبداً في السابق أتبنّى، وعن قناعة، عدم جدوى العمليات العشوائية، التي كانت في الحقيقة تشوِّه صورة العمل الإسلامي وتعوق عملية التغيير، وكنت أدعو إلى تثقيف الشعب وتوعيته للقيام بثورة شعبية، أو حضّ الجيش المصري على القيام بتغيير النظام. ولقد سبق ووجهت نداءات عدة إلى الجيش المصري بهذا الخصوص. يجب العمل على نشر تعاليم الإسلام السمحة، والعمل على إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ونشر مبادئ العدل والحرية والمساواة بين الناس.
إن مصر الحبيبة تحتاج إلى سواعد أبنائها من أجل التعمير والتنمية، ومن لا يؤمن بهذا فلا وجود له بيننا، وليبحث عن كوكب آخر. مصر، بإذن الله ثم بفضل تكاتف الجهود، لا تحتاج إلى المعونة الأميركية ولا إلى المساعدات الدولية التي تمس السيادة. وليكن التعمير والتنمية والحرية شعار المرحلة.
> هل ترى من مبرر الآن للجهاديين كي يستمروا في العمل المسلح بعدما لبّت السلطات المصرية معظمَ ما يريده الشعب، وخصوصاً فتح المجال أمام انتخابات ديموقراطية تعددية حرة؟
- بعد الثورة انتهت مبررات وجود التنظيمات السرية في مصر الحبيبة. وعلى كل مصري القيام بواجب الجهاد التنموي والجهاد الدعوي بالحكمة والموعظة الحسنة، فمصر تحتاج إلى تضافر جهود الجميع من أجل إعمارها والنهوض بها وتوفير سبل العيش الكريم لكل أبناء الشعب المصري، حتى تعود إلى مصر مكانتها وريادتها للأمة.
يجب على أبناء الشعب كافة، أفراداً وجماعات، أن يتحدوا من أجل العمل على النهوض بمصر والعمل على إعادة المجتمع إلى الطريق القويم ومكافحة الجهل والفقر والمرض، فلقد حان وقت العمل، ولا مجال للعمل السري أو المسلح.
ولعل من المفيد الإشارة إلى أن الثورة في مصر ليست ثورة بمفهوم التغيير الشامل، وإنما انتفاضة شعبية، لأن الثورة لم تكتمل، بدليل أن بعض وجوه النظام القديم مازال موجوداً، كما لم يتم إلغاء المحاكم العسكرية بحق المدنيين، وما زال السجناء السياسيون في السجون، وما زال ضباط أمن الدولة أنفسهم متواجدين وإن كان تحت مسمى آخر. كان يجب القيام بعملية اعتقال فوري لجميع عناصر جهاز أمن الدولة ومحاكمتهم على اختلاف رتبهم، من قائد الجهاز وحتى أصغر مُخْبِر، بتهمة الخيانة العظمى. إن أي كلام عن إعادة تأهيل هو بمثابة عملية ترقيع، ومصر لا تحتاج إلى الترقيع بل تحتاج إلى استئصال الخبيث واستبداله بالطيب، عن طريق التطهير وإعادة البناء على أسس سليمة من أجل الحرية والكرامة والعدالة.
> ثمة من يخشى الآن أن سقوط النظام المصري - وغيره من الأنظمة في العالم العربي - قد يفتح المجال أمام الإسلاميين المتشددين لاستغلال الأوضاع ومحاولة إعادة بناء خلايا جهادية تستخدم العنف. هل تعتقد أن مثل هذه المخاوف لها أي مبرر؟
- لا ينبغي استخدام الإسلاميين كفزاعة للتخويف، ولا مبرر مطلقاً لهذه المخاوف. ولتعلمْ أميركا، هي وحلفاؤها، أنها كانت تدعم الأنظمة الديكتاتورية ضد الشعوب. ولا ينبغي التخويف من الإسلاميين في أرض الكنانة، فهم حصن أمان لمصر والمصريين. كما أن لا مجال مطلقاً لخلايا نائمة أو خلايا تستخدم العنف. لا مبرر لذلك، وسنكون أول من يقف ضد هذا إنْ وُجد.
وفي الحقيقة، لا يستخدم هذه الفزاعةَ حالياً في مصر إلا قلة من الأقليات السياسية اليسارية، أو الطائفية، التي تخشى على مصالحها الشخصية ولا تنظر إلى المصلحة العامة. يجب على الجميع أن يتحلى بروح الثورة وعدم إقصاء الآخر والعمل من أجل التفاهم والتوافق والتعاون من أجل مصر.
> قام قادة جهاديون في السنوات الماضية بمراجعات تخلَّوْا بموجبها عن استخدام العنف لقلب الأنظمة. ما هو موقفك من هذه المراجعات - خصوصاً مراجعات «الجماعة الاسلامية» ومراجعات الدكتور فضل -؟ وهل ترى أن أصحابها أصابوا أم أخطأوا، بمعنى أن مصالحتهم مع حكم مبارك قد تكون أساءت إليهم بعد سقوط نظامه؟
- أنا لست عضواً في «الجماعة الإسلامية» أساساً، ولم أبايع أيَّ تنظيم في مصر، وهذه هي الحقيقة التي لا يعرفها كثير من الناس، وكانت فِرْيَةً من نظام مبارك المتنحي، واكَبَها غباءٌ وجهلٌ أميركي - بريطاني. أنا عن نفسي أسمّيها تراجعات، وليست مراجعات. ليس من العيب أنه في حال عدم توافر القدرة لديك، أن تتوقف أو أن تتنحى أو تستقيل وتترك المجال لغيرك من الشباب من أبناء الجماعة ليحمل الراية، ولكن لا يؤدي ذلك إلى الانقلاب على الثوابت الفكرية والعقائدية. وأعتقد أن هذه القيادات أخطأت، وإذا استمرت وتمسكت بذلك بعد خروجها من السجن، وبحالة الإكراه، فبذلك يكونون قد سقطوا بسقوط مبارك ونظامه.
وبالنسبة إلى الدكتور فضل، فكما أعلم هذه اقتناعاته حتى قبل السجن، وهذا موجود في كتاب «الجامع في طلب العلم الشريف».
> هل كنت تتخيّل أن يَمْثُل مبارك نفسُه في يوم من الأيام، هو ومعظم أركان نظامه، أمام المحاكم بتهم الفساد؟
- «ولا تحسبَنَّ اللهَ غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخِّرهم ليوم تشخص فيه الأبصار». إنها قدرة الله الذي يقول للشيء كن فيكون. ما حدث هو عظة وعبرة.
> أود أيضاً أن أسالك عما يحصل في ليبيا: هل تؤيد استعانة الثوار بحلف «الناتو» لقلب نظام معمر القذافي، وما هو موقفك مما يجري حالياً هناك؟
- أرفض تدخل «الناتو» في ليبيا أو أي بلد آخر، فلا مجال للاحتلال ولا للعملاء، والأفضل أن يقوم الشعب الليبي بنفسه بتغيير نظام القذافي ويرسم مستقبله بنفسه، فالغرب لا يريد حماية الشعب الليبي ومساعدته على إسقاط القذافي وزبانيته، بل يريد تدمير مقدرات ليبيا أولاً ومن ثم إسقاط القذافي، حتى يستفيد هؤلاء من مشاريع إعادة إعمار ليبيا وإعادة بناء قدراتها العسكرية وما ستحمله هذه المشاريع من عقود بعشرات البلايين من الدولارات ستفوز بها شركاتهم. موقفي أنه يجب على الشعوب الأخرى، وخاصة دول الجوار، القيام بواجب النُّصْرة ودعم الثورة الشعبية الليبية بكافة الطرق الممكنة.
> وماذا كان شعورك عندما سمعت بنجاح الأميركيين في قتـــل أسامة بن لادن، وماذا تتوقع أن يحصل الآن بعد رحيله؟
- كفى بن لادن شرفاً وفخراً أنه قُتل مقبلاً غير مدبر، ولم يُعتقل، وفاز بأفضل الحُسْنَيَيْن. وأميركا ستدفع ثمن تصرفها الأرعن، بسبب طريقة دفن الشيخ أسامة رحمه الله، فلا تلومَنَّ إلا نفسَها عندما يتعامل معها الناس بالمثل، فطريقة الدفن كانت طبقاً لشريعة الغاب الأميركية وليست الشريعة الإسلامية، كما يزعم الأميركيون.
> ثمة مخاوف من تطور الخلافات التي تحصل بين الفينة والأخرى بين مسلمين وأقباط إلى نزاع طائفي في مصر. فما رأيك في ما يحصل حالياً من مواجهات؟
- لا بد من تطبيق القانون على كل من يحمل سلاحاً أو يحاول الاعتداء على كنيسة أو مسجد، وكذلك الوقوف بحزم وتطبيق القانون على مَن يحتجز أيَّ مواطن في أحد دور العبادة الإسلامية أو المسيحية، وعدم تحويل دور العبادة إلى مخازن للأسلحة. هذا هو السبيل الوحيد لوأد الفتنة الطائفية والدخول في نفق مظلم.
إن الشريعة الإسلامية تحفظ حقوق الأقباط، ولقد عاش الأقباط في كنف المسلمين في أمن وأمان لم ينعموا به قبل دخول الإسلام مصر. ولا ينبغي الخوف من الإسلام، الذي يحمي حقوق غير المسلم، ولن ينعم الأقباط بالأمن في ظل الاستقواء بأميركا أو الغرب. إن حماية الأقباط واجبة على المسلمين، وهذا من الحقوق في الشريعة. والحقوق التي قررها الإسلام ليست مجرد حبر على ورق، بل هي حقوق مقدسة قررتها شريعة الله، فلا يملك أحد من الناس أن يبطلها. وعن كعب بن مالك الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا فُتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيراً، فإن لهم دماً ورحماً». فالرسول يجعل للقبط هنا من الحقوق أكثر مما لغيرهم، فلهم عهد الله وعهد رسوله وعهد جماعة المسلمين، وهو عهد جدير أن يرعى ويصان. ولهم رحم ودم وقرابة ليست لغيرهم، فقد كانت هاجر أم إسماعيل أبي العرب المستعربة منهم.

2 comments:

Anonymous said...

Have you got a translation of that?

C. Tawil said...

I'm so sorry - the story is in Arabic. Hopefully soon it would be in English too.
Camille